منح الألقاب بين الواقع والوهم

كتب: نصر الجوبعي*

مانشاهده اليوم من طفرة في منح الألقاب والمسميات والوجاهات القبلية وعلى وجه الخصوص في مجتمعاتنا العربية، يجعلنا امام ظاهرة تتنامى بشكل لافت وكبير ويسعى لها الكثير من الأشخاص بغرض الوجاهة الاجتماعية المفرغة من محتواها الحقيقي ورسالتها السامية التي تتواكب مع الواقع وممارستها الجادة والمسؤولة.
فإذا عدنا لتاريخنا الإسلامي الطويل لن نجد هذا الكم من الألقاب إلا ماندر حيث كانت الألقاب تتطابق مع توصيفها الصحيح كأن يقال: هذا شيخ جليل، وهذا قاضي، وذاك عالم، وغيرها من الألقاب التي ترتبط بمكانتهم أو مهنتهم أو ارتباطهم بعشيرتهم.
وللحديث عن هذا الأمر لابد لنا التفريق بين الاستحقاق العلمي والعملي و المكانة الاجتماعية وبين من يلهث ورى المظاهر المعلقة على جدران التباهي كأن يقال على سبيل المثال: هذا سفير النوايا الحسنة وفي حقيقة الأمر حسنته الوحيدة لنفسه حين اجتهد بماله وعلاقاته لنيل هذا اللقب .
ولهذا نقول إن الإستحقاق الحقيقي لهذه الدرجات من الألقاب والمسميات ناتج عن اجتهاد وعلم ومعرفة وإلمام بواقع حقيقي وممارس.
فصاحب المعالي الذي لا يتعالى على الناس ولا يصيبه الغرور و يزداد تواضع وصاحب السعادة الذي يتوجب عليه إسعاد غيره كما يسعد نفسه وصاحب السيادة الذي يسود العدل والقانون في عهده وصاحب العمامة الذي ينشر السلام ويحارب الأفكار الهدامة.
تلك هي الألقاب الحقيقة التي يتوجب أن تعم مجتمعاتنا العربية بعيداً عن الشطط المتصنع ومظاهر الوجاهة المفرغة من محتواها.
لكننا في حقيقة الأمر امام ظاهرة متفشية وواقع مؤلم يتاجر بها الكثير دون مراعاة للأمانة العلمية والأخلاقية، ومن وجهة نظرنا نجد أن هؤلاء الأشخاص يعانون من فراغ مجتمعي يقتاتون على فرص الآخرين وينسبون ماليس فيهم من القاب.
وختاماً لابد أن نشير للجوانب القانونية حيال هذه الظاهرة كما هو متعارف أن الألقاب العلمية لها ضوابط ولوائح داخلية تختص بها كل جهة وتمنح وفق الدرجات المستحقة ولكن بالمقابل ليس هناك تنظيم قانوني خاص يشمل تنظيم هذه المسألة ولازالت القواعد العامة هي المرجعية للإخلال بقواعد المسؤولية.
ونأمل أن تكون هناك عقوبات رادعة لكل من يصنف نفسه أو يضع امام أسمه أو بطاقته لقباً لايستحقه بحكم منصبه أو طبيعة عمله أو وظيفته الشرعية أو القبيلة.

*باحث قانوني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى