التنظيمات الإرهابية.. تكتيك تقليدي ل «الإخوان» لاستعادة النفوذ في اليمن”تقرير”

عدن24 ـ الخليج

عاد شبح الإرهاب والعنف المتطرف، ليخيم بتداعياته القاتمة في سماء العاصمة عدن، وليمثل الظهور المتجدد لتنظيمي «القاعدة»؛ و«داعش»، وتبني الأخير لعملية إرهابية استهدفت القوات الأمنية بالمدينة، تطوراً متوقعاً، يدحض افتراءات الحكومة اليمنية، وادعاءاتها غير الموضوعية والباطلة، الموجهة ضد الإمارات، التي نفذت طائراتها المقاتلة ضربات استباقية؛ لإحباط مخطط إرهابي، يستهدف قوات التحالف العربي، طبقاً لبيان وزارة الخارجية الإماراتية.

واعتبر الباحث في تاريخ الحركات الأصولية في اليمن، سعيد عبد الرحمن سفيان، في تصريح ل«الخليج»، أن المحافظات الجنوبية، عانت كثيراً ظهور أنشطة التنظيمات الأصولية المتطرفة؛ مثل: «القاعدة» و«داعش»، التي انبثقت من عباءة «الإخوان»، ومثلت الورقة الأكثر فاعلية لحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، الذي يعد الفرع اليمني من تنظيم «الإخوان» الإرهابي الدولي لافتعال الأزمات والتصعيد الأمني؛ كوسيلة لمواجهة ضغوط سياسية أو لتحقيق مكاسب ذاتية.

وأشار سفيان، إلى أنه من المستغرب أن تصعّد الحكومة اليمنية من حملاتها ضد الإمارات؛ بعد قيام سلاح الجو الإماراتي بتنفيذ هجمات استباقية؛ لإحباط مخطط إرهابي، يستهدف قوات التحالف؛ كون الإمارات أسهمت بفاعلية في مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في المحافظات الجنوبية، في مبادرة جسّدت حرصها على تجفيف منابع الإرهاب؛ من خلال القضاء على البؤر الإرهابية في محافظات؛ مثل: حضرموت وشبوة وأبين؛ حيث أنشأ هذه البؤر الإرهابية بشكل غير معلن حزب «الإصلاح الإخواني».

ونوّه إلى أن الهجمات الإرهابية التي استهدفت عدن، يوم الجمعة الماضي، ومحاولة اغتيال قائد قوات الحزام الأمني في منطقة الشيخ عثمان، واستهداف قوات الحزام الأمني بتفجير عبوة ناسفة في دوار الكراع بمديرية دار سعد، لا يمكن التعاطي معها إلا باعتبارها أنها تعد جزءاً من التكتيك التقليدي، الذي يلجأ إليه حزب «الإصلاح» كعادته دوماً كلما شعر بانحسار نفوذه، واتجهت الأوضاع في المدينة إلى الاستقرار الأمني، بإشراف وإدارة مكونات ليست خاضعة لسيطرته.

وأضاف: «كلما شعر «الإخوان» بأن الأوضاع تخرج عن سيطرتهم، وبانحسار نفوذهم في المحافظات الجنوبية، سارعوا إلى ورقة الإرهاب والعنف المتطرف؛ لإحداث تغيير في موازين القوى؛ وفرض معادلة جديدة لمصلحتهم، وهو ما تكرر في الوقت الراهن.

وأكدت مصادر في جهاز مكافحة الإرهاب بعدن ل«الخليج»، أن حملة أمنية نفذت قبيل سيطرة قوات الحزام الأمني على الأوضاع الأمنية بعدن، تمكنت من مداهمة مقار ومنشآت تابعة لقيادات من «الإخوان»؛ حيث عثرت القوات الأمنية على كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات التي أُخفيت في أماكن محصنة داخل مقر حزب «الإصلاح» في حي القلوعة بعدن، وفي مبنى ملحق بمسجد خاضع لسيطرة الجماعة في نفس الحي.

ولفتت المصادر إلى أن تغلغل نفوذ «الإخوان» داخل الحكومة الشرعية، مثل أبرز المعوقات أمام استتباب الأمن بعدن والمحافظات الجنوبية؛ حيث كرّس «الإصلاح» نفوذه؛ لقطع الطريق على كل مساعي وجهود فرض الاستقرار والحد من الاختلالات الأمنية، الناجمة عن تصاعد أنشطة التنظيمات الإرهابية، منوهة إلى أنه تم اعتقال ستة من العناصر الإرهابية، التابعة لحزب «الإصلاح»، قبيل أن يتم إطلاق سراحهم قبل استكمال التحقيقات معهم؛ بسبب ضغوط مارستها قيادات «إخوانية» على الحكومة، وإصدار الأخيرة توجيهات مشددة بالإفراج عنهم، ووقف التحقيقات معهم، وهذا يمثل جزءاً من مشاهد العبث الأمني الذي حول عدن إلى ساحة للفوضى والاضطرابات والاختلالات الأمنية المتصاعدة.

نشر الفوضى وافتعال الاختلالات الأمنية؛ من خلال إطلاق العنان للتنظيمات الإرهابية ولأعمال التخريب الموجه؛ مثّل سلوكاً ارتبط ومنذ سنوات طويلة بحزب «الإصلاح» الذي حول مناطق نفوذه الاستراتيجية؛ مثل: مأرب والجوف وبعض المديريات والقرى القبلية بمحيط صنعاء كأرحب والعصيمات الكائنة في شمال اليمن، إلى مناطق نفوذ مغلقة، منحت قيادات وعناصر التنظيمات الإرهابية كتنظيم «القاعدة» ملاجئ آمنة.

واعتبر الأكاديمي اليمني المتخصص في دراسة ظاهرة التنظيمات الأصولية في اليمن عبد الكافي أحمد شيبان، في تصريح ل«الخليج»، أن حرب صيف 1994، التي شنها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح بدعم ومشاركة فاعلة من حزب «الإصلاح»، لفرض الوحدة بين الشمال والجنوب باستخدام القوة؛ أبرزت ولأول مرة بشكل سافر وعلني علاقة «الإصلاح» بالتنظيمات الأصولية؛ حيث حشد الحزب ما يقدر ب100 ألف مقاتل، وهو ما اعترف به رئيس الهيئة العليا للحزب الراحل عبد الله بن حسين الأحمر، الذي قال: إن المقاتلين خاضوا إلى جانب القوات الموالية لصالح الحرب في الجنوب، منوهاً إلى أن أعداداً كبيرة من هؤلاء كانوا ممن اصطلح على تسميتهم ب«الأفغان اليمنيين».

وأشار شيبان، إلى أنه بعد انتصار الرئيس الراحل وحليفه حزب «الإصلاح» في الحرب بالجنوب، دخل الأخير مع حزب «المؤتمر الشعبي العام» الذي كان يرأسه صالح في ائتلاف حكومي، وهو ما مثل التطور الأخطر الذي أفرد مساحة غير مسبوقة ل«الإخوان»؛ لاستيعاب أعداد كبيرة من القيادات والعناصر الأصولية التي شاركت في القتال تحت لواء حزب «الإصلاح» في المؤسستين (الأمنية والعسكرية)، وحتى في جهازي الاستخبارات العسكرية والأمن السياسي، الأمر الذي ساعد «الإخوان» على تعزيز نفوذهم، ومكنهم من السيطرة على دوائر صنع القرار السياسي والأمني في اليمن، قبيل أن تتفاقم الخلافات بين هرم النظام السابق وقيادات «الإصلاح» الذين وجدوا فيما يُسمى ب«الربيع العربي» فرصة سانحة؛ للتخلص من الرئيس الراحل والانفراد بالسلطة المطلقة، وبخاصة أن المكونات السياسية، الممثلة بالساحة اليمنية تفتقد لمقومات القوة والشعبية، باستثناء حزب «المؤتمر» الذي سيتوارى بشكل قسري عن المشهد السياسي، بمجرد إسقاط النظام الحاكم، وهو ما حدث؛ لكن تدخل دول مجلس التعاون في فرض تسوية سياسية؛ عبر المبادرة الخليجية أدى إلى سيناريو مغاير لما رتب له «الإخوان»، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لمجاراة مسار التسوية مع ممارسة ضغوط على الرئيس الانتقالي؛ لمنح «الإصلاح» تمثيلاً في الحقائب الحكومية تجاوز فعلياً العدد المفترض

ووصف شيبان التنظيمات الأصولية، بأنها ليست أكثر من «بيادق» يحركها «الإخوان» في اليمن، كلما استدعت الضرورات من قبيل استعادة السيطرة على مناطق نفوذ مهددة أو فرض أجندات سياسية على السلطة الحاكمة، باستخدام مثل هذه التنظيمات؛ لخلق أزمات أمنية طارئة، معتبراً أن ما شهدته مدينة عدن من تجدد ظهور مثل هذه التنظيمات؛ مثل: «داعش» ليس مفاجئاً؛ بل يبدو متسقاً مع السياق التاريخي للمنهجية التي اعتمدها «الإصلاح» منذ ظهوره.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى