الدور الإماراتي في الجنوب.. مشاريع تنموية على الأرض ومواقف راسخة لم تتزحزح

تقرير / سالم لعور:

محطات عديدة مرَّ بها الصراع السياسي الدموي منذ سيطرة ما يسمى بجماعة “أنصار الله” الحوثية المدعومة من إيران على صنعاء اليمنية في 21 سبتمبر  2014م بعد مواجهات مع القوات الحكومية سقط خلالها ما يربو عن 300 شخص.

وفي 22 سبتمبر 2014، وقع الفرقاء السياسيون اتفاقًا عُرف باسم “السلم والشراكة” برعاية أممية، وأفرز عن تشكيل حكومة كفاءات، إضافة إلى تعيين مستشارين للرئاسة من الحوثيين والحراك الجنوبي مع استمرار حكومة محمد سالم التي استقالت ثم كُلفت بتصريف الأعمال في البلاد.

وتحالف الحوثيون مع الوحدات العسكرية الموالية للرئيس المخلوع السابق، علي عبد الله صالح، واستولوا في أكتوبر  2014، على ميناء الحديدة على البحر الأحمر، والذي يمثِّل نقطة دخول حيوية للواردات والمساعدات الإنسانية إلى المدن الشمالية من البلاد.

وتصاعد الصراع في اليمن عام 2015، عندما بدأ التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات شنَّ ضربات جوية لمنع الحوثيين من السيطرة على المزيد من المدن اليمنية، واستعادة سلطة الحكومة المعترف بها دوليا.

وفي يناير من العام 2015، استولى الحوثيون على القصر الرئاسي في صنعاء، وحاصروا مقر إقامة الرئيس هادي والتحفظ عليه، إلا أنه لجأ إلى العاصمة الجنوبية عدن .

وتمكن أبناء الجنوب ومقاومتهم البطلة وبدعم عسكري ولوجستي إماراتي في يوليو  2015 من إخراج الحوثيين وقوات الهالك صالح من مدينة عدن، في العملية العسكرية المسماة بـ”السهم الذهبي”.

هذا الانتصار الذي جسد روح الأخوة العربية ووفاء دولة الإمارات العربية المتحدة وانتصارها للعروبة والإسلام ، وجسد روح الثورة وقيمها النضالية والتحررية في رفض الغزاة والمحتلين وأذناب المجوس والرافضة والصفويين.

 جاء ذلك قبل 8 سنوات، حين شارك غالبية شباب عدن في الانتفاضة الشعبية ضد التوسع والغزو الإرهابي الحوثي، وتحولت فجأة كل شوارع المدينة عدن إلى جحيم قلب موازين المعركة، وكشف هشاشة المليشيا التي سعت لاعتماد تكتيك حرب العصابات لفرض سطوة الانقلاب، لكنها سرعان ما تهاوت تجر أذيال الهزيمة ، حدث ذلك بعد أن تشكلت مجاميع من أبناء الجنوب  تحت راية الجنوب أطلق عليها “المقاومة الجنوبية” للتصدي للغزو الرافضي الحوثي المدعوم من إيران وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ومشاركة من القوات البرية الإماراتية بوحدات نوعية وغطاء جوي سعودي ساهم في قلب موازين المعارك الميدانية والتحكم بمسرح العمليات بخطة عسكرية محكمة قطعت أوصال الحوثيين وكبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وفاء دولة الإمارات:

وسجل التاريخ في أنصع صفحاته وفاء دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها وشيوخها الأكارم وشعبها الأبي وقواتها المسلحة البطلة حين امتزجت في عملية تحرير العاصمة الجنوبية الدماء الجنوبية بالدم الإماراتي أثناء توجيه ضربات حاسمة ضد الإرهاب الحوثي، وهو ما تُوِّج بكسر المخطط الإيراني المشبوه الذي عمد إلى إخضاع الجنوب وإسقاط عاصمته عدن، وقد كان التحرير في ليلة رمضانية مباركة، وهو الأمر الذي أضفى طابعًا مُتميزًا لذلك الانتصار الجنوبي الخالد والتاريخي، بعدما ضرب الجنوبيون دروسا في النجاح والبطولة، كما ضربت القوات المسلحة الإماراتية درسا في التضحية والوفاء من أجل مكافحة ومقاومة الإرهاب الجاثم، وكان أول شهيد يرتقي في تلك المواجهات من القوات المسلحة الإماراتية الباسلة هو الضابط عبدالعزيز الكعبي وقد كان ذلك قبيل ساعات من حسم معركة مطار العاصمة عدن.

الدعم الإماراتي قلب موازين المعارك:

جاءت مساندة الإمارات العربية المتحدة في الجنوب في 2015م، عندما انقلبت جيوش وألوية الهالك “عفاش” ، وعددها 45 لواءً عسكريًا لتقاتل في صفوف الحوثيين.

انقلبت هذه الجيوش وهذه المعسكرات والألوية الشمالية، ولبست لباس الحوثيين التقليدي الشعبي، ورددت شعارات وصرخة الحوثي، وأعلنت انضمامها إلى ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران .

التركيز على الدعم الإنساني:

دعمت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة كل مجالات الحياة في الجنوب العربي خلال مواجهات أبناء الجنوب ومقاومتهم البطلة لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، إلا أن التركيز الأساسي للدعم الإغاثي لدولة الإمارات العربية المتحدة هو “الجانب الإنساني” ومنع انتشار الأمراض، مثل الكوليرا، من خلال توفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي؛ لتوصيل الإمدادات والمعدات الطبية اللازمة للمستشفيات والمراكز الصحية، وكذلك الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وتنفيذ برامج لدعم التعليم والتنمية الاقتصادية للمجتمعات الضعيفة. بالإضافة إلى ذلك، تولي دولة الإمارات اهتمامًا خاصًا بصحة وسلامة السكان النازحين، حيث توفر المأوى والمواد الأساسية الأخرى للمحتاجين.

بدعم إماراتي.. المحافظ لملس يوقع مشاريع المياه والصرف الصحي:

ومؤخرا  وقّع معالي وزير الدولة محافظ العاصمة عدن الأستاذ أحمد حامد لملس، عقود 10 مشاريع تطويرية لقطاع المياه والصرف الصحي بدعم وتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، وشملت المشاريع: تأهيل محطة المعالجة لمياه الصرف الصحي الحسوة، وإنشاء خط ناقل للمياه من محطة إعادة الضخ في البرزخ بخورمكسر إلى خزان التوزيع في باب عدن، وإنشاء خط تموين ناقل لمديرية صيرة بطول ألفي متر، وتوريد محولات كهربائية لمنظومات الطاقة في الحقول، ومضخات الصرف الصحي بعدد 28 مضخة، و30 مضخة غاطسة للآبار مع ملاحقاتها كاملة، وكذا توريد حفار بعمق 6 متر، وغرافتي بوب كات صغيرة، ومضخات شفط متحركة لمياه الأمطار، إضافة إلى توريد قطع غيار ذات الاستخدام الدائم.

وتأتي حزمة المشاريع هذه، ضمن المرحلة الأولى لتدخل الأشقاء في دولة الامارات العربية، لدعم البُنية التحتية في العاصمة عدن .

كما وقعت السلطة المحلية بمحافظة شبوة ممثلة بأمين عام المحافظة أ. عبدربه هشلة اتفاقية تعاون مع مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ممثلة بمحمد خوري المدير التنفيذي للمؤسسة لتجهيز وتشغيل وإدارة هيئة مستشفى شبوة العام بمركز المحافظة عتق، وتم توقيع مجموعة من العقود مع شركات الأدوية والمستلزمات الطبية والمعدات لتوريد مختلف الأجهزة والمعدات والأثاث للمستشفى، ودشن العمل في المستشفى على عدة مراحل أولها بتجهيز 100 سرير بجميع التخصصات الطبية المختلفة كما سيتم تجهيز 250 سريرًا في المرحلة الثانية.

الإمارات تجسد روابط وحدة الإخاء في الدين والعقيدة والدم:

مما لا شك فيه أن دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن شراكتها في التحالف العربي مثلت وجسدت روابط وحدة الإخاء في الدين والعقيدة والدم, فكانت السباقة في تلبية وتقديم الدعم اللوجستي والأمني والإغاثي والصحي والإنساني وجوانب التدريب والتأهيل للجنوب منذ بدء اجتياح الغزاة الحوثيين للعاصمة الجنوبية عدن وعدد من محافظات الجنوب، بل امتد دعم الإمارات إلى أكثر من ذلك، وقدمت كوكبة من فلذات أكبادها وخيرة رجالها واختلطت دماء شهدائهم بدماء شهدائنا، فلا ينكر ما قدمته الإمارات إلا جاحد حاقد لئيم.

ناشطون جنوبيون يثمنون سخاء دعم الإمارات للجنوب:

ناشطون جنوبيون قالوا إن الدعم التنموي السخي من دولة الإمارات للجنوب، يجسد المواقف الصادقة للدولة مع أشقائها.

وأضافوا أن “الإمارات العربية المتحدة بدعمها السخي وغير المشروط لبلادنا عمَّق الروابط الأخوية التي تربطها بمحيطها العربي ككل والجنوب العربي خاصة بأننا كنا في موقف سليم في الانفتاح على هذا البلد وإنزاله منزلة الحليف الصادق والشقيق الوفي والسند الذي لا يخذل”، متابعا: “الإمارات وفرت بدعمها السخي الأمن الغذائي للجنوب في الزمن الصعب ووقت الشدائد والمحن”.

دعم لوجستي وعسكري لطرد الحوثيين وإعمار عدن:

بدأت الإمارات العربية المتحدة، دعمها السخي بالتزامن مع إنزال قواتها العسكرية لمساندة القوات الجنوبية في طرد الحوثيين من العاصمة عدن ومدن الجنوب الأخرى، الأمر الذي ساهم إعادة اعمار المرافق الحكومية والتعليمية والشرطوية وتأسيس الأجهزة الأمنية الاحترافية التي ساهمت في تطهير عدن من الإرهاب.

دراسات تؤكد حقيقة وسخاء الدعم الإماراتي للجنوب:

وقد أكدت دراسة حديثة صدرت قبل عدة شهور عن مركز المسبار للدراسات والبحوث إلى أن الدور الإماراتي لا يقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية، إذ أنه يشمل المساعدة في إعادة بناء وإعمار ما خلفته الحرب. وقد بلغ نصيب قطاع البناء والتنمية المدنية قيمة (125) مليوناً و(100) ألف درهم (“34” مليون دولار)، إضافة إلى التطوير القضائي والقانوني بقيمة (466) مليون درهم (“126″ مليوناً و”900” ألف دولار)، إلى جانب الخدمات الاجتماعية العامة التى وصل نصيبها من المساعدات قيمة (483) مليوناً و(600) ألف درهم (“131″ مليوناً و”700” ألف دولار)، والمساعدات السلعية التي بلغت (1.6) مليار درهم (“436″ مليوناً و”100” ألف دولار). وفي جانب التنمية قامت دولة الإمارات ضمن مشاريعها الإنسانية في أرخبيل سقطرى بتأهيل وإنشاء عشرات المدارس مجهزة بالحواسيب، وصيانة وتأهيل 44 مسجداً وإنشاء شبكة مياه بطول 75 كيلومتراً، إضافة إلى إنشاء حاجز بحري لحماية مركز الإنزال السمكي بالعاصمة، وتوفير 100 قارب للأهالي الذين يمتهنون صيد الأسماك، ويعتبر من مصادر الدخل الرئيسية في الأرخبيل . .

 هذا جزء لا يتجزأ من دعم الإمارات الذي وصل كل المدن والقرى في المناطق المحررة عدن ولحج وابين وشبوة والضالع وحضرموت وسقطرى والساحل الغربي والحديدة ومهما عددنا تفاصيل الدعم الإماراتي السخي لا نستطيع أن نحصيه في حيز موضوعنا المتواضع ، الدعم الإماراتي لم يكن وليد الحاضر باندلاع الحرب في مطلع العام ٢٠١٥م ، بل أنها قدمت دعمها السخي للجنوب منذ سبعينات القرن الماضي في كل مناطق ومدن بلادنا وفي كل المجالات والجوانب كالتعليم والصحة والطرقات وغيرها.

لن ينسى الجنوبيون دور القوات الإماراتية في تحرير عدن:

لن ينسى الجنوبيون حجم الدعم الذي حصلوا عليه من قِبل دولة الإمارات على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، ويُخلِّد التاريخ الجهود الضخمة والتضحيات العظيمة التي بذلتها القوات الإماراتية في تحرير عدن من براثن الإرهاب والاحتلال الحوثي.

تنسيق مشترك لدك أوكار الإرهاب:

وشنت القوات الجنوبية عدة حملات لمكافحة الإرهاب واستهدفت معاقل تنظيم القاعدة وداعش في عدد من محافظات الجنوب  بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة، التي تعد شريكًا رئيسيا في التحالف العربي لقتال الحوثيين والقوى الإرهابية المتخادمة معهم .

وخلال العام الماضي، نجحت القوات الجنوبية وبدعم لوجستي لها من الشقيقة الإمارات العربية المتحدة في طرد متشددي القاعدة من المناطق الرئيسية في محافظتي أبين وشبوة  .

وفي العام 2016 بدعم من الإمارات، تمكنت القوات الجنوبية من استعادة مدينة المكلا الساحلية وغيرها من المناطق من قبضة القاعدة .

الدعم الإماراتي للجنوب وموسوعة جينيس:

لو قدر لنا حساب الدعم الإماراتي للجنوب في العاصمة عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى لسجل هذا الدعم رقماً قياسياً عالمياً ودخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية.

ما تناولته في هذا التقرير جزء يسير من الدعم وما خفي كان أعظم والذي لم يساعدنا حيز هذا التقرير لذكر تفاصيل الدعم في كل محافظات الجنوب والتي تحتاج إلى مجلدات عدة لتسليط الضوء عليها، ولكن يبقى الأثر الطيب ليسجله تاريخ الشعوب في أنصع صفحاته، ويظل دعم الإمارات لجنوبنا العربي تاجًا على رؤوسنا، لنفخر بالإمارات قيادة وشعباً وحكومة وقوات مسلحة ولهم الشكر والتقدير والعرفان بالجميل.

مسك الختام:

نقول شكراً إمارات الخير وشكرا أولاد زايد لن ننسى جميلكم وصنيعكم ودعمكم السخي بالمال والسلاح والعتاد والإغاثة ولن ننسى دماء شهدائكم الأبرار الذين رووا أرضنا بدمائهم الزكية، ولولا فضل الله ودولة الإمارات وقادتها وشيوخها الاوفياء لكان الحوثي ومليشياته تعيث في أرض الجنوب فسادا وفي أهله تنكيلا وتعذيبا وإذلالا.

(نقلا عن صحيفة الأمناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى