صحيفة دولية: تذبذب الموقف الأمريكي يشجع الحوثيين على استمرار هجماتهم الإرهابية ضد السعودية والإمارات

عدن24|العرب

 أثارت تصريحات الجنرال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، خلال جولته الشرق أوسطية الكثير من التساؤلات، وخاصة استهانته بخطر الهجمات الحوثية باعتبار أنها هجمات طائشة، ولاحقا تقديمه إلى إيران معلومات مجانية عن حال المنظومة الدفاعية الأميركية التي تستعملها الإمارات.

وخلال تصريحات أدلى بها في أبوظبي قال الجنرال ماكينزي “إن موضوع تصنيف المتمردين اليمنيين منظمة إرهابية متروك للدبلوماسيين الأميركيين، لكنني سأقول إن الحوثيين يتصرفون بشكل طائش وغير مسؤول وهم يهاجمون الإمارات ويستمرون في مهاجمة المملكة العربية السعودية”.

وبدا واضحا حرص ماكينزي على تجنب وصف الهجمات التي تعرضت لها الإمارات وقبلها السعودية بالإرهابية، حيث اختزلها الجنرال الأميركي في التصرفات “الطائشة”، وهذا الموقف يتضمّن دلالات كبيرة لجهة استمرار التردد الأميركي الذي بالتأكيد ستكون له انعكاسات على العلاقات الأميركية – الخليجية.
واعتبر مراقبون أن التردد الأميركي هو الطريق الذي يُمهَّد أمام إيران للاستمرار في المناورة وأَمْر أذرعها بضرب مواقع حساسة داخل دول الخليج، وهي واثقة من أن الولايات المتحدة لن تقْدم على اتخاذ أي خطوات ردعية ضدها، ما يفسر مواصلة المتمردين الحوثيين هجماتهم بالرغم من التهديد الأميركي وحديث واشنطن عن إرسال مقاتلات متطورة إلى المنطقة.

لكن ما أثار الاستغراب في تصريحات المسؤول العسكري الأميركي خلال الزيارة التي قام بها إلى مصر هو إيحاؤه بوجود ثغرات في المنظومة الدفاعية التي تعتمدها الإمارات في عملية التصدي للهجمات الحوثية، ما اعتبره المراقبون تبرعا مجانيا لإيران بمعطيات حساسة تشجعها على التمادي في لعبة استهداف أمن الخليج.

وقال ماكينزي في مقابلة مع رويترز إن “الولايات المتحدة ستساعد الإمارات على تجديد الصواريخ الاعتراضية التي تستخدمها لإسقاط الصواريخ القادمة بعد تعرضها لسلسلة من الهجمات لم يسبق لها مثيل شنها مقاتلو الحوثي في اليمن”.

وأضاف قائد القيادة المركزية الأميركية، الذي يشرف على العمليات في الشرق الأوسط، بعد زيارة إلى أبوظبي هذا الأسبوع “سنساعد على تجديد الصواريخ الاعتراضية. وسنبذل كل ما في وسعنا لمساعدة الإمارات على الدفاع عن نفسها”.

ولم يقدم ماكينزي المزيد من التفاصيل. وقال مصدر مطلع، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن “الإمارات طلبت بشكل خاص من الولايات المتحدة تجديد صواريخ أنظمة الدفاع الاعتراضية، ومنها نظاما ثاد وباتريوت”.

وأشار المراقبون إلى أن الإيحاء بوجود مشاكل في منظومات ثاد وباتريوت يهز صورة الولايات المتحدة لدى حلفائها وكذلك لدى خصومها. كما أن مهمة التأشير على هذه الثغرات لا تتم بشكل علني ولا تقدم إلى الأعداء خدمات مجانية، بل تُرصد هذه الثغرات ويتم إعلام الجهات المعنية لتلافيها.

ويرى هؤلاء المراقبون أن تزامن هذه الاعترافات مع زيارته الشرق أوسطية يثير الشكوك؛ فماكينزي حل في المنطقة من أجل طمأنة قادتها بأن الولايات المتحدة لن تتركهم يخوضون المواجهة وحدهم، وأن واشنطن مستعدة لإظهار الحزم، فإذا بتصريحاته تحقق العكس تماما، حيث أرسل إشارات تشجع إيران على مواصلة الاستهداف واستغلال الفرصة إلى حين تجاوز هذه العيوب.
كما أرسل قائد القيادة المركزية الأميركية إشارات سلبية عن قدرة بلاده على الرصد والمراقبة في أجواء اليمن، ما يمنح إيران فرصة تكييف هجمات أذرعها في اليمن على ضوء هذه المعطيات المهمة، وقد تقود “اعترافات ماكينزي المجانية” إلى تصعيد حوثي جديد وبأساليب مختلفة.

وأقر ماكينزي -الذي عبر أيضا عن القلق تجاه هجمات الحوثيين على السعودية الدولة الحليفة- بأن الولايات المتحدة تعاني من محدودية قدرات الاستطلاع الأميركية فوق اليمن في ظل حجم هذا البلد.

وقال “نحن محدودون للغاية من حيث قدرات الاستطلاع ‘آي.إس.آر’ فوق اليمن”، مشيرا إلى أن هناك قدرات للاستخبارات العسكرية والاستطلاع تشمل استخدام الطائرات المسيرة. وتابع “هذا بلد كبير الحجم ويتعين عليك اتخاذ قرارات حسب الأولويات”.

ويقول خبراء إنه قد يكون من الصعب مساعدة الحلفاء على رصد وتدمير مواقع إطلاق الصواريخ الحوثية دون توفر قدرات “آي.إس.آر” مناسبة، وخاصة في حال التعامل مع منصات الإطلاق المتحركة.

وإدراكا لأهميتها يستهدف الحوثيون الطائرات المسيرة الأميركية، وأسقطوا طائرتين مسيرتين تديرهما الولايات المتحدة -منذ أن تولى ماكينزي القيادة في مارس 2019- وعددا كبيرا آخر من هذه الطائرات يديره حلفاء إقليميون.
ومع احتدام التوتر في مناطق مختلفة من العالم، من كوريا الشمالية إلى أوكرانيا، تجد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نفسها مضطرة إلى التعامل مع أولويات مختلفة في ما يتعلق بتوفير قدرات الاستطلاع التي تشمل أيضا صور الأقمار الصناعية.

وقال ماكينزي “أتواصل مع شركاء في اليمن. أتواصل مع وزير (الدفاع الأميركي لويد أوستون) طوال الوقت بشأن الموارد التي نحتاج إليها”، دون أن يحدد أي طلب. وأضاف “إنه حوار يدور داخل وزارة الدفاع”.

وامتنع ماكينزي عن التكهن بما إذا كان البنتاغون سيخصص قدرات استطلاع إضافية لليمن، وقال “كلّ شيء ممكن”.

ورغم أن الحوثيين يستهدفون السعودية منذ فترة طويلة، تقول مصادر إن حركة الحوثي ردت الشهر الماضي على خسائرها في ساحة القتال بالهجمات على الإمارات.

وتطالب الإمارات الولايات المتحدة باتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الاعتداءات التي تعرضت لها، ومن بين هذه المواقف والإجراءات إعادة الحوثيين إلى لائحة الإرهاب، بيد أن واشنطن لا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، في موقف ربطه مراقبون بحرصها على عدم إثارة أي توترات مع إيران، لاسيما بعد بلوغ المفاوضات النووية مرحلة متقدمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى