تعزيز اللحمة الجنوبية

كتب / نصر هرهرة :

كان لانتشار الأفكار القومية والأممية تأثير سلبي على الهوية الوطنية الجنوبية، كما أن النزاعات والصراعات ودورات العنف بين أبناء الجنوب، وبمسميات مختلفة، وغياب الحوار كقيمة حضارية لحل الخلافات وتحقيق التوافقات، تسببت بتمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وإضعاف الجنوب.

كل ذلك سهل على نظام صنعاء وقواه القبلية والمذهبية والمتطرفة في حرب صيف 1994م – التي قادها نظام صنعاء ضد شعبنا – وقوع الجنوب تحت الاحتلال اليمني الذي تدثر بالوحدة زورًا وبهتانًا.

وقد عانى شعبنا – ولا زال يعاني حتى اليوم – المآسي والآلام من جراء ذلك، حتى استدرك أن من أبرز أسباب معاناته هي النزاعات والصراعات البينية، واهتدى إلى الحل للخلاص من ذلك من خلال مبدأ التسامح والتصالح الذي تم التوافق عليه في جمعية ردفان في 7/7/2006م لإيجاد حد لتأثير تلك الصراعات وترميم النسيج الاجتماعي وتوحيد الجنوبيين وتعزيز لحمتهم كمصدر لعزتهم وقوتهم في مواجهة التحديات ووضع قطيعه مع ماضي تلك الصراعات وتحريم العنف والإرهاب وانتهاج مبدأ التسامح والتصالح كسلوك عام لأبناء الجنوب، ولنا مثال ما حصل في جنوب أفريقيا وفي رواندا من تسامح وتصالح وإكماله بقانون العدالة الانتقالية وجبر الضرر، ولكن هذا القانون بالنسبة لنا يحتاج إلى دولة تسنه وتحميه وتستطيع تنفيذه، لهذا بإمكان الجنوبيين تأجيل هذا القانون إلى بعد استعادة الدولة الجنوبية.

لقد بنى شعب الجنوب على مبدأ التسامح والتصالح ثورته السلمية وفيما بعد مقاومته المسلحة للغزو الحوثي، وتحددت أهداف حراكه السلمي ومقاومته المسلحة في استعادة الوطن بحدوده المتعارف عليها وسيادته على كامل ترابه الوطني ومياهه الإقليمية واستعادة الهوية الوطنية الجنوبية وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة، وحقق شعبنا نجاحات على طريق إنجاز تلك الأهداف الوطنية ولا زالت أمامه جملة من التحديات من أهمها التوافق على ميثاق وطني لتعزيز مبدأ التسامح والتصالح وتعزيز اللحمة الوطنية والشراكة في استكمال التحرير الوطني وتنظيفه من الإرهاب وبناء المؤسسات وتطوير وتحسين الخدمات والمستوى المعيشي للشعب وتسييج حدود الجنوب وبناء الدفاعات على حدوده لتأمينه من أي اعتداءات جديدة والذهاب إلى العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة ووطنا بأيدينا ونحن أقوياء على طاولة المفاوضات لتحقيق استقلالنا الناجز.

وحتى يطمئن الناس على مستقبلهم فإنه لا بد من التوافق على ملامح الدولة الجنوبية المنشودة كدولة فيدرالية مستقلة كاملة السيادة ونظامها السياسي وما إذا كان شكل الحكم برلمانيا أم رئاسيا يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه بطريقة مباشرة من خلال الانتخابات وبطريقة غير مباشرة من خلال الاستفتاءات واعتماد اقتصاد السوق (الاقتصاد الحر) وتحقيق الأمن والاستقرار في الجنوب وإطلاق المجال للحريات العامة والدفاع عن حقوق الإنسان سيادة النظام والقانون والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية باعتبار الجنوب جزءًا من الأمة العربية والإسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى