من المستفيد من إفشال اتفاق الرياض؟

كتب| عيدروس النقيب

رغم كل التسريبات التي مثلت بصيصاً ضئيلاً من النور في نهاية نفق الشرعية اليمنية المحاط بالظلام، فيما يخص اتفاق الرياض، ورغم البشائر التي تسربت على مدار الثمانية وأربعين ساعة الماضية (١٧-١٩ نوفمبر ٢٠٢٠م) بشأن إعلان ما سُمّي (بحكومة المناصفة)، أقول رغم كل هذا لم يتمخض جبل التسريبات لا عن فأر ولا حتى عن صرصار، بل لقد جرى تسريب أخبار أخرى تقول برفض بعض الأطراف لقائمة ما سمي بوزراء الوزارات السيادية، كما أنزلت بعض القنوات الإخوانية خبراً يتيما يتحدث عن قرب سيطرة القوات الجنوبية على مدينة شقرة (وهو أمرٌ ممكنٌ، لكن زمن التسريب وموقعه هو موضع التساؤل) ، وفي تصوري أن كل هذا يأتي لصنع مبررات لتعطيل اتفاق الرياض من قبل ممثلي “الشرعية”.

لنعد إلى السؤال التقليدي المألوف المتكرر كثيراً: من المستفيد من اتفاق الرياض؟

شخصياً كنت قد عبرت مراراً من خلال لقاءات متلفزة وبث مباشر ومنشورات عبر فيس بوك عن رأيي الشخصي، الذي قلت فيه إن المستفيد الرئيسي من تنفيذ إتفاق الرياض هو سلطة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وعند ما تسأءل البعض: فلماذا وقعتم اتفاق الرياض وماذا استفدتم منه؟ قلت لكل من سألني إن المكسب الوحيد للجنوبيين، وهو للشعب الجنوبي وليس للمجلس الانتقالي الجنوبي كجسم سياسي، يتمثل في تطبيع الحياة المدنية وتوفير الخدمات ودفع مستحقات موظفي الدولة الموقوفة في إطار حرب التجويع، ثم نزع فتائل التوتر من حياة المواطنين الجنوبيين.

ذلك هو ما لا يريده معرقلو اتفاق الرياض لأن عودة الحياة إلى طبيعتها في محافظات الجنوب تحرمهم من واحدة من أدوات الحرب على الجنوب، وستتيح لقوى المقاومة الجنوبين فرصة لالتقاط الأنفاس من أجل الذهاب للدفاع عن الحدود الشمالية في الضالع ويافع وعقبة ثرة ومكيراس والازارق وكرش والصبيحة. 

المعرقلون لإتفاق الرياض ليسوا ضد الإتفاق كاتفاق، لكنهم ضد وجود شركاء ممن لا يقبلون بأجندتهم، إنهم يريدون الاتفاق الذي يمنحهم الهيمنة على الجنوب ولو بدون جنوبيين، بعد أن فقدوا الهيمنة على الشمال واقتراب سقوط مأرب بيد الحوثيين باتفاق أو بدون اتفاق مع الحوثيين.
المعرقلون لاتفاق الرياض لا يخسرون شيئا من هذه العرقلة، فلا شيء يهمهم، لا معاناة المواطنين الجنوبيين، ولا الأرواح التي تزهق في حربهم العبثية على الجنوب في أبين وشبوة، ولا الفشل المتواصل في جبهات المواجهة (إن كانت هناك مواجهة) مع الحوثي في مأرب والجوف والبيضا، ولا انهيار الحياة المدنية في تعز وخضوع المدينة ومعظم مديريات المحافظة لعصابات القتل والسطو والنهب والترهيب (الشرعية)، . . إنهم يعيشون قمة الاسترخاء والرفاهية في مقرات استضافاتهم في الخارج ولا يرغبون في العودة لا إلى عدن ولا إلى صنعاء.
والفرق بينهم وبين الطرف الجنوبي الذي قدم تنازلاتٍ مرةً من أجل رفع المعاناة عن المواطنين الجنوبيين، أن الأخير حريص على تقديم مصلحة المواطنين الجنوبيين على كل اعتبارات والشراكة الجادة مع التحالف العربي في ردع وهزيمة المشروعين الإيراني والتركي في اليمن، وهو ما لا يكترث له المعرقلون بل ويسعون إلى خدمته بما أوتوا من وسائل بما في ذلك ما يتلقونه من دول التحالف من دعم وعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى