الإمارات: عام التسامح رسالة للبشرية

كتب | الحبيب الأسود

جاء قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بإعلان العام 2019 عاما للتسامح ليؤكد ثبات هذا البلد العربي الناهض على ذلك المبدإ النبيل السامي الذي لا تنمو أوطان ولا يعلو بنيان ولا تسعد مجتمعات ولا تأمن شعوب دون تكريسه قولا وفعلا، ويقينا راسخا في عقل السلطة وضمير الإنسان.

وكما ورد في نص القرار الإماراتي الصادر عن رئيس الدولة الشيخ خليفة بن سلطان آل نهيان، فإن عام التسامح يرسخ دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح وتأكيد قيمة التسامح باعتبارها عملا مؤسسيا مستداما من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة خصوصا لدى الأجيال الجديدة بما تنعكس آثاره الإيجابية على المجتمع بصورة عامة.

كما أن عام التسامح هو امتداد لـ”عام زايد” كونه يحمل أسمى القيم التي عمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على ترسيخها لدى أبناء الإمارات، إذ أن “ترسيخ التسامح هو امتداد لنهج زايد.. وهو قيمة أساسية في بناء المجتمعات واستقرار الدول وسعادة الشعوب”.

وعندما تتحدث الإمارات عن التسامح، إنما تتحدث عنه من منطلقات الواقع، وهي الحاضنة لقيم السلم والحوار والأمان والتعددية الثقافية، حيث تضم أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام حيث كفلت قوانين الدولة للجميع العدل والاحترام والمساواة، وجرمت الكراهية والعصبية وأسباب الفرقة والاختلاف.

وتعتبر دولة الإمارات شريكا أساسيا في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، وأصبحت عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة.

وتأكيدا على هذا التمشي، تحتضن الدولة عدة كنائس ومعابد تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، بل أن من الأمثلة العملية لروح التسامح التي تتمتع بها دولة الإمارات، توجيه ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإطلاق اسم مريم أم عيسى “عليهما السلام” على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقه المشرف، وإطلاق جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمية، التي تنطلق من التعاليم الإسلامية السمحة، وتتجلى فيها معاني التسامح والاعتدال، فضلا عن دورها في خلق قنوات للتواصل مع الشعوب كافة، تعزيزا للعلاقات الدولية وتحقيقا للسلام العالمي.

وفي فبراير القادم سيكون البابا فرنسيس أول بابا يقيم قداسا في شبه الجزيرة العربية، وذلك خلال رحلته المقررة لأبوظبي والتي يزور خلالها أيضا جامع الشيخ زايد الكبير.

وكان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ترأس في مايو 2014 أول قداس في دولة عربية بكاتدرائية الأنبا أنطونيوس بأبوظبي، كما قام بتدشين كنيسة السيدة العذراء بإمارة الشارقة، وزيارة مسجد الشيخ زايد، مشيدا بقيمة التسامح الراسخة في الإمارات قيادة وشعبا.

والتسامح عند الإماراتيين هو أسلوب حياة كرسه الأب المؤسس الشيخ زايد، ويسير عليه أبناؤه، والناهلون من نور مدرسته التي تحولت إلى نموذج ثقافي وحضاري وإنساني، حيث أن دولة الإمارات، هي عنوان التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر. كما أكد الشيخ محمد بن زايد أن المجتمعات التي تؤسس على قيم ومبادئ التسامح والمحبة والتعايش هي التي تستطيع تحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية بجميع جوانبها وترتقي بطموحات وإنجازات أوطانها في مسيرتها نحو المستقبل، مشيرا إلى أن النموذج الإماراتي في التسامح يرتكز على قيم حب الخير للجميع والتآلف والتعاون والعطاء والمساواة بين البشر جميعا.

وقوة النموذج الإماراتي تتأكد في ظل صراع إقليمي ودولي بات يرتكز على العصبية القومية والدينية، وهو ما يبرز بالخصوص من خلال المرجعيات المعتمدة لدى دول لا تخفي ركوبها صهوة الإثنيات في تنفيذ أجندات أطماعها، أو من خلال الأصوات التي تندفع بقوة لبث الفتنة ونشر الفوضى على أسس طائفية أو مذهبية أو قبلية أو جهوية (محلية) بهدف إحياء نعرات الماضي لتمزيق الدول والمجتمعات وضربها من الداخل.

كما أن النموذج الإماراتي يجد صداه الواسع في العالم، من خلال احتضان الدولة لجاليات تمثل أكثر من 200 جنسية، تحمل وراءها ثقافات وعقائد وخصوصيات حضارية، وتجد الفضاء مناسبا داخل هذا البلد لتعيش بسلام، ولتمارس طقوسها، وتحافظ على أمنها الروحي والنفسي، في ظل الاحترام المتبادل، وتحت طائلة القانون الذي يحميها.

ولعل بعث وزارة التسامح سنة 2016، في بادرة هي الأولى من نوعها على صعيد العالم، خير دليل على تلك المعاني التي عبر عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حين شدد على ضرورة إرساء قيم التسامح ونبذ التطرف والانفتاح على الثقافات والشعوب كتوجه مجتمعي عام تنخرط فيه فئات المجتمع كافة بما فيها القطاعان الحكومي والخاص.

ودعا الشيخ محمد بن راشد إلى ضرورة أن تقود دولة الإمارات حركة الإنتاجات الفكرية والثقافية والإعلامية التي ترسخ قيم التسامح والانفتاح على الآخر في العالم العربي وفي المنطقة، حيث قال “إن أكثر ما نفاخر به أمام العالم ليس ارتفاع مبانينا ولا اتساع شوارعنا ولا ضخامة أسواقنا بل نفاخرهم بتسامح دولة الإمارات”.

كما جاء إرساء المعهد العالمي للتسامح ليفتح أفقا واسعا في هذا الاتجاه، وهو ما عبر عنه أعضاؤه بالقول إن الإمارات حريصة على ترسيخ ونشر ثقافة التعايش والتسامح والإخاء والقيم الإيجابية التي تحقق سعادة المجتمعات، مشيرين إلى أن المبادرة جاءت في توقيت مثالي في ظل ما تعانيه دول العالم من موجات الكراهية والصراعات الإثنية والدينية والعرقية، والتي أدت إلى تراجع قيم التسامح بين البشر.

إن إعلان العام 2019 عاما للتسامح بعد عام زايد، وقبلهما عام القراءة، يؤكد على قيمة التعايش السلمي ليس داخل هذا البلد وإنما في العالم بأسره، فأن تعمل من أجل تعميم السعادة والرفاه، وأن تقود مسيرة البناء والنماء، فمعنى ذلك أن تؤمن بالوئام والسلام وبالمحبة بين الأفراد والجماعات، وبالتكامل والتكافل بين الشعوب والمجتمعات، تحت راية التسامح التي لا تبنى الحضارات دونها.

فالتسامح شعار الأقوياء، والإمارات أثبتت قوتها، لذلك تبني الحضارة تحت راية تسامح ينبذ الإقصاء ويؤمن بأن الأرض تتسع للجميع، وأن الحديقة الأثرى والأجمل هي الأكثر تنوعا بأزهارها وأشجارها وثمارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى