احتواء أم حرب إقليمية واسعة؟ الهجوم الإيراني يدق جرس إنذار

بإطلاق إيران طائرات مسيّرة وصواريخ باتجاه إسرائيل مساء السبت، ردا على قصف قنصليّتها في دمشق، ترددت أصداء الهجوم في جنبات الشرق الأوسط، مما أثار مخاوف من تصعيد محتمل في المنطقة.

ورغم أن الهجوم الإيراني كان متوقعًا، إلا أنه يعد أول هجوم على الإطلاق يتم إطلاقه على إسرائيل من الأراضي الإيرانية، بحسب شبكة «سي إن إن» الأمريكية التي قالت إن الدولتين العدوتين، لم يسبق لأي منهما أن شنت هجومًا مباشرًا وعلنيًا على أراضي الدولة الأخرى.

ولمدة 12 يومًا، تعهد النظام الإيراني بالانتقام، حيث ظهر المرشد الأعلى علي خامنئي أمام حشد من الناس وهو يحمل بندقية وتعهد بالانتقام.

فكيف يؤثر الهجوم على المنطقة؟

توقع المسؤولون الأمريكيون أن يكون رد فعل إيران محسوبا لتجنب حرب شاملة، لكن طهران تسعى أيضا إلى إعادة تأكيد نفسها كقوة إقليمية – وهو حبل مشدود سعت إلى السير عليه منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي حين أن الأضرار الناجمة عن ضربات ليلة السبت لم يتم تحديدها بعد، فإن حجم الإطلاق ومساره العابر للحدود قد دفع المنطقة بالفعل إلى حافة الهاوية، ما يعني أن أي خطأ يمكن أن يكون له عواقب كارثية، بحسب الشبكة الأمريكية.

وقد تعهدت إسرائيل بالفعل بالرد؛ فقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء السبت بينما كانت الطائرات بدون طيار في طريقها نحو بلاده: «لقد حددنا مبدءا واضحا: من يؤذينا نؤذيه».

فما احتمالات الانزلاق لحرب إقليمية واسعة؟

يقول المفكر الاستراتيجي المصري، اللواء الدكتور سمير فرج، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن احتمالات الانزلاق لتصعيد أكبر في المنطقة، ستتضح من نوعية الأهداف وحجم الضحايا من البشر والبنية التحتية في إسرائيل، مشيرًا إلى أنه إذا استهدفت إيران مدنا سكنية ومواقع، ستقوم إسرائيل بالتصعيد، لكن إذا ضربت مستعمرات فارغة سيتوقف الموضوع عند ذلك.

وفي وقت سابق، قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) إنّ أهمّ قاعدة جوّية في النقب في جنوب إسرائيل تعرّضت «لأضرار جسيمة» بعدما أصابتها صواريخ إيرانية.

في الوقت نفسه، نفّذ حلفاء لإيران في المنطقة هجمات ضدّ إسرائيل، حزب الله اللبناني عبر صواريخ كاتيوشا أطلِقت في اتّجاه هضبة الجولان، والمتمرّدون الحوثيّون في اليمن عبر مسيّرات في اتّجاه الأراضي الإسرائيليّة.

بدوره، قال الخبير في الشأن الإيراني الدكتور عارف نصر، إنه إن لم ترد تل أبيب على الهجوم الإيراني فإنه سيتم لملمة الأوراق واحتواء الموقف سريعا، لكن مع رد تل أبيب فإن جميع الاحتمالات مفتوحة بما فيها اتساع رقعة الحرب.

توازن الرعب

لكن نصر أشار في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن الرد الإيراني لن يؤدي لحرب إقليمية شاملة، مرجحًا أن يكون الرد «عبر تنسيق ما».

وحول توقيت الرد الإيراني، قال الخبير في الشأن الإيراني، إنه يمكن اعتبار رد طهران، ضمن سياسة توازن الرعب التي انتهجتها إيران مع إسرائيل طوال العقود الأربعة الماضية؛ بمعنى أن هناك بعض الخطوط الحمراء جرى رسمها لدى البلدين.

لكن مع استهداف القنصلية الإيرانية، والحديث لنصر، فقد خرجت الأمور عن قواعد الاشتباك بين الطرفين، لذا أرادت إيران الحفاظ على ماء وجهها، وعلى سياسة توازن الرعب التي جعلت من الصراع الإسرائيلي الإيراني صراعا تحت السيطرة نسبيا ولا يتعدى الخطوط الحمراء. وتابع : «إذا لم ترد طهران فربما هذه المعادلة يتم خلطها وترسيم قواعد اشتباك جديدة».

وأكد أن الرد الإيراني جاء لسببين؛ أولهما، أن المكان المستهدف هو القنصلية وهو يعتبر بمثابة أرض إيرانية، أما الثاني فيعود إلى أن القادة الذين تم استهدافهم لهم ثقل ودور كبير جدا.

أمريكا تتدخل

الأمر نفسه، أشار إليه الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور بشير عبد الفتاح، مؤكدًا أن «الولايات المتحدة لن تسمح بانزلاق الأمور إلى حرب إقليمية ومواجهات أوسع».

وأوضح في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن «الوسط الإقليمي والمحيط الدولي، غير مستعد أو مؤهل في الوقت الحالي لنشوب حرب جديدة، لعدة عوامل؛ بينها الحرب على غزة، والحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة الطاقة، وارتفاع أسعار النفط».

وأكد أن «الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل عدم الرد دون الرجوع إليها أولا»، مشيرًا إلى أن «الأمور جرى هندستها بين إيران وإسرائيل وأمريكا بشكل لن يسمح بتصعيد الموقف».

وبحسب الخبير السياسي المصري، فإن الهدف الإيراني من هجماتها، يتمثل في استعادة الردع المفقود، والحفاظ على ماء وجه النظام بالداخل وأمام وكلائها، وفي المحيط الإقليمي، لكن دون التورط في حرب غير مستعدة لها، مضيفًا: «الأمور تدار بهندسة وتنسيق بما يضمن عدم وصول الأمور إلى التصعيد والمواجهة الشاملة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى