عندما يرتدي القلم ثوبَ الألم

بقلم / د . سميرة المشجري :

في عصورٍ حالكاتٍ وأزمانٍ بالياتٍ دَقَّتْ الأقلامُ أجراسَ الوهنِ ، وأُسدلتْ على أفواه المحابر الأسدال ، وضاعتْ القيم ، وبلغتْ القلوب الحناجر ،وسُدَّتْ الطُّرق ،واحتفلَ الجهلُ بيومه الأغر ، ما ضاعتْ في أزماننا إلا القيم ، وما جفَّ فيها إلا القلمُ ، وما أصعبَ أنْ نشعرَ بحجم الألم ، وما أنكرَ من جاء يداوي العِلل، ويبعثُ الهمم ، ويفك  أسرَ الأُسودَ  ، ويُحَلي الأيامَ السُوُد  في بلدٍ مأسور  ، لا حاكم حر ، ولا شعب بالعيش مسرور ، وبالحال مجبور ، كم نسأل العالم ، هل نحن راضون ؟ وهل  نبتسم ليشاهد الأخرون ابتسامة في وجه مشحوب ، أم نبتسم  لأننا فرحون بنواجد عربية تحاكي حضارة جدنا المدفون ، أم نحن يا أرباب القلم  من خلق الحاكم ورباه في حجرٍ بالضعف مرهون ، وبالذل  موصوف .

 نرددُ يا سادةَ  القلمِ في اليوم خمس وعشرون ساعة ، إننا تحت وطأة حاكم مغلوب ، هل يُعقل يا سادة بإننا شعب بالسذاجة والجهل مكتسون ، أم إننا كالملوك نعيش عيشة الأحرار ننام ونصحو كما نشاء .

      يا سادة : نحن شعب لنا ساعة ميقات إذا  دقَّتْ نجر الجحافل بلا سيف ولا فرس ولا رمح ولا قوس ، نكسب المعارك بالأفواه ، ونحدُّ أسيافنا بالمبراة ،ونشعل فتيلنا بالأحبار ، ولنا صحائف بيض بين دفتيها غضبٌ ولهبٌ يملئ الأرض ويعانق السماء .

     عندما يرتدي القلم ثوب الألم ، لا يخاف المِحن ، ولا يخشى الجهل والذوات الرِّمم ، لا يركع لحاكم ولا متسلط متسلق وهن ، ولا يخضعُ لبائعِ المروءة والقيم ، لا يناشد متملقًا فسد ،ولا يُحابي جارًا وقت الشدائد هرب .

        أنا القلم يا سادة القلم : هل تعلمون بحالي والألم ، هل لديكم من العِبر عني وعن أسلافي في عصور الوهن ، هي عصور اليوم يا أرباب القلم ، هل لديكم قصة عن  عصورٍ حالكاتٍ و أزمان باليات ضاع فيها القلم ،  هي عصور اليوم يا أمَّة العرب ، لدينا غصة  أوجعت الأمم ، وسالت على أجفان الورق  عبارات الألم ، ودُفِنَتْ في صدورنا ثوراتٍ وهمم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى