الجنوب والقضية الفلسطينية

كتب/أحمد راشد الصبيحي :

القضية الفلسطينية قضية عربية إسلامية, وليست قضية الشعب الفلسطيني وحده، وخلال المراحل السابقة, وما رافقها من موقف عربي موحد, وخوض حرب وقتال عربي إسرائيلي في فترات متفاوتة, وكان هناك دعم قومي للقضية الفلسطينية، من كل  الدول العربية, وخاصة مع وجود المد القومي, في عهد الزعيم جمال عبد الناصري وزعماء الدول العربية حينها، وللعودة للماضي فإن الجنوبي العربي, أو بما يسمى سابقا جمهورية اليمن الديمقراطية, لم تكن يومًا بخيلة تجاه القضية الفلسطينية, فقد قدمت الرجال والسلاح لنصرة  القضية الفلسطينية, وبشهادة ممثل منظمة التحرير الفلسطينية الأخ عباس زكي, وكيف ذكر نقل السلاح من اليمن الديمقراطي إلى سوريا، وأن عدن كانت محطة لتجميع السلاح من الدول التي تساند الشعب الفلسطيني,  ليصل إلى منظمة التحرير الفلسطينية  في العقود السابقة ابتداء من السبعينيات إلى الثمانينيات, وكيف تم نقل 600 مقاتل جنوبي أيضا إلى سوريا, في بداية الثمانينيات لمشاركة إخوانهم الفلسطينيين في لبنان، للتصدي للعدوان الإسرائيلي من استهداف الأشقاء من قادة المنظمة ومقاتليها الذين كانوا في مخيمات فلسطينية في لبنان، واستشهد وجرح الكثير من المقاتلين الجنوبيين.

 ولم تكن الجنوب داعمة للقضية الفلسطينية بالرجال والسلاح فقط بل فتحت لإخواننا الفلسطينيين معسكرات خاصة لتدريبهم، بعد نزوحهم من لبنان عام 83م، وكان في مقدمة استقبالهم الرئيس علي ناصر محمد، استقبلهم استقبالا رسميا وشعبيا، وتخصيص مدينة سكنية  خاصة لهم ، وفتحت لهم الجامعات والمدارس والمستشفيات، ومعاملتهم كأي مواطن جنوبي، وكانت لهم الأولية في كل احتياجاتهم وتوفير العيش الكريم لهم.

  وقد أثار هذا حفيظة إسرائيل، كما ذكر ذلك الرئيس السابق لليمن الجنوبي بأنه تلقى اتصالا من الرئيس صالح يحذره من ضربة إسرائيلية على عدن، وقال ناصر: “كان أول سؤال وجهته إليه: هل هذه المعلومات مؤكدة؟” أجاب بأنه استسقى  معلوماته من خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبد العزيز، وكذلك من الرئيس المصري حسني مبارك، على أن الطائرات الإسرائيلية قد تخرق أجواء البلدين لتوجيه الضربة القادمة إلى عدن والفلسطينيين، وهو ما تراجعت عنه إسرائيل لمعرفتها بجاهزية الجيش الجنوبي وما يمثل الجنوب للاتحاد السوفيتي سابقا.

إن الشعب الفلسطيني يدرك اليوم مخططات الدولة العبرية برعاية أمريكية لتهجير الشعب الفلسطيني، ففي عام  2008 روجت إسرائيل بزعامة إيهود أولمرت مشروعا صهيونيا قائما على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، من أجل تغيير الطابع الديموغرافى للقطاع وضمه، وهو ما يظهر جليا على الأرض، من قصف مروع بدعم من أمريكا وبريطانيا وهي ترسل حاملات الطائرات وبالمثل بريطانيا ترسل بوارج لنجاح  المخطط المرسوم على واقع التهجير الثاني للشعب الفلسطيني من القطاع.

وأما الموقف العربي فإنه موقف موحد وهو الذي شكل إجماعًا عربيًا على رفض التهجير، وخاصه الأردن والسعودية ومصر، وهو ما صرح به الرئيس السيسي أنه لا يمكن تهجير الشعب الفلسطيني (الغزاويين) وهو خطر عليه وخطر على الأمن القومي المصري، وكما أوقفه الرئيس حسني مبارك سابقا، وأخبر الاسرائيليين: هل تريدون حربا مع المصريين؟ وإن حصل هذا التهجير فهو سيكون أكبر تهجير منذ الحرب العالمية الثانية، وكيف يهجر مليون ونصف؟ وهو أمر لا تستوعبه العقول..!

 سيبقى الشعب الجنوبي داعما للقضية الفلسطينية بكل السبل المتاحة، وهو ما توارثه الأبناء عن الآباء وما قدموه للفلسطينيين في حقبة اليمن الديمقراطي، وكيف لعبت عدن دورا فعالا  ومحطة لوصول السلاح، وكل ذلك لنصرة القضية الفلسطينية وتاجها الأقصى الشريف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى