لماذا لا يعلن الجنوبيون الإستقلال اليوم ؟

كتب/د. حسين لقور
سؤال نواجهه كثيرا من قبل المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي , بعضاً منهم في الجنوب يريدون الخلاص عاجلا من معاناة الوحدة والبعض الآخر من اليمن و يسألون السؤال هذا إما بسخرية كما ينشرون في صفحاتهم “انفصلوا وعلينا البراميل”, او كنوع من التحدي مع شيء من التحريض للتسرع في قرار لم تستوفى كل شروطه حتى الآن.

للإجابة على السؤال :

بتواضع أقول إن هذا رأي شخصي قد لا يعجب كثيرين, ساحاول فيه ان أخذ الأمر بطريقة موضوعية.

بعد إن إستطاع الجنوبيون بحراكهم السلمي من وضع القضية الجنوبية في موقع لا يمكن تجاوزها و بعد ان فرضت المقاومة الجنوبية بصماتها على الإنتصارات التي تحققت في هذه الحرب ضد الحوثيين، و بعد قيام المجلس الانتقالي الجنوبي ونجاحه سياسيا و عسكريا من بسط نفوذه على الأرض الجنوبية و مواجهة الحملات العسكرية التي قادتها جماعة الإخوان و العناصر الإرهابية على شبوة و عدن و كذا الحرب الحوثية المستمرة على الحدود الدولية بين الجنوب و اليمن في الضالع و يافع و في بيحان وغيرها من الأعمال الإرهابية قد أحدثت تغييرا مرحليا على الأرض وحقق الجنوبيون أهم انجاز وهو إخلاء الجنوب من القوات اليمنية وعصابات الحوثة( عدا وادي حضرموت و المهرة) كما بدأت كثير من الاجراءآت مثل توطين الوظائف وإعادتها للجنوبيين, كما تم و يتم بناء قوات أمن وجيش افراده من الجنوب, و اختتمت هذه النجاحات بعقد اللقاء التشاوري للحوار الوطني الجنوبي.

مع هذا كله أقول إن خيار فك الارتباط بين اليمن والجنوب لن يكون الآن لأسباب عديدة،

أهمها وأخطرها وهو سياسي صرف، إن فك الارتباط بين اليمن والجنوب أو خروج الجنوب من الوحدة يجب ان يكون مرتباً بشكل رسمي و تحت اشراف دولي وأقليمي ملزم للأطراف ومضمون من دول الاقليم و العالم, هذا الاتفاق يجب أن يكون شاملا ولا يستثني أي قضية خلافية يمكن ان تكون مصدر نزاع مستقبلي بين الدولتين.

حقوق الانسان و جرائم الحرب،
هذا الامر من اهم ما يجب الإستعداد له جنوبيا و إعداد كل الملفات الخاصة بالجرائم التي ارتكبتها طغمة المركز المقدس بدءا من الاغتيالات في صنعاء بعد اعلان مشروع الوحدة الى اخر عدوان قامت به مليشيات الحوثة، و هذا يشمل المجازر التي ارتكبت من حرب ٩٤م مرورا بجرالم الإرهاب التي ادارتها صنعاء و اغتيالات القادة العسكريين في حضرموت و عدن و حتى جرائم الحرب الاخيرة.

اصول الدولة،
يتم في هذا الاتفاق تحديد حقوق كل طرف من الطرفين ومن ضمنها تحديد أصول الدولة الجنوبية التي تم نهبها وبيعها لأشخاص متنفذين في اليمن ونصيبها من املاك الدولة الحالية في الداخل والخارج و كذلك حصة كل طرف من الدين العام الخارجي والداخلي وفقا للمشاريع التي صرف فيها.

السكان و اللاجئين اليمنيين في الجنوب.
من الامور المهمة والشائكة التي يجب أن يتم الاستعداد لها هو الوضع السكاني، حيث ان هناك تداخل سكاني قد حصل خلال ربع قرن وتزاوج وانتقال أسر من هنا وهناك وهذا امر يحتاج ان يتم البت فيه وتحديد حقوق الاشخاص في الدولتين وضمان هذه الحقوق من خلال إعادة صياغة الجنسية في الدولتين بشكل لا يقبل اللبس.

حقوق الموظفين.
هناك أيضا حقوق المواطنين العاملين في الدولتين وتشمل حقوقهم في التأمينات العامة ونقل خدماتهم ووضع أسس كاملة لكيفية التعامل معها حتى لا يتم التلاعب بها وتتسبب في ظلم او إستغلال من قبل اي جهة كانت فردية او عامة.

الثروات الطبيعية.
من الامور الهامة جدا والتي كانت سببا رئيساً في انحراف الوحدة المفترضة عن طريق السير لصالح الجميع هناك الثروات المشتركة على الحدود التي أغرت قوى النفوذ المقدس في صنعاء ودفعته لارتكاب جريمة الحرب على الجنوب في 94م و 2015 م حتى يتسنى لهم احكام سيطرتهم على هذه الموارد الطبيعية من نفط وغاز وتقاسمها بينهم هذا الملف يجب ان تكون العلاقة فيه واضحة ومحددة تحددها القوانين الدولية التي تنظم حقوق الدول في هذا المجال وذلك لكي لا تشتبك المصالح وتتعقد وتصبح مشروع حروب جديدة بين الدولتين.

لذلك و لهذه الأسباب جميعها وأسباب اخرى لا يتسع المجال لذكرها هنا، فان توقيت الاستقلال لا بد من التحضير له و لمرحلة مفاوضات صعبة ستكون أكثر وطأة علينا من المعركة العسكرية و فيها المعركة القانونية والسياسية و الحقوقية و الاقتصادية التي يعتمد انتصارنا فيها قائم على قدرتنا على إدارتها بشكل فاعل و إحترافي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى