ما هي أبرز الأزمات التي شهدتها العاصمة عدن؟ وكيف استطاع المحافظ لملس إدارتها وتجاوز تداعياتها؟

شهدت العاصمة عدن سلسلة من الأزمات، ومرت بأوقات عصيبة كادت فيها الأوضاع أن تنحرف عن مسارها، وتنزلق إلى مآلات غير محمودة.

فما هي هذه الأزمات التي جعلت العاصمة عدن تعيش على صفيح ساخن ؟ وكيف استطاع المحافظ أحمد حامد لملس إدراتها، وتجاوزها، وتجنيب العاصمة عدن وأهلها آثارها، وتداعياتها المحتملة؟
هذا ما ستوضحه السطور التالية:

أزمة اعتصام العسكريين أمام ميناء عدن وتوقف النشاط التجاري بالعاصمة
بعد توقيع اتفاق الرياض تأخر تشكيل الحكومة وظلت البلاد في حالة فراغ حكومي، وقامت السلطة المحلية بالمحافظات بتسيير الأمور، فبرزت في تلك الفترة دعوات العسكريين المطالبه بصرف مرتباتهم والتي تحولت لاحقا إلى احتجاجات، ومن ثم الدعوة للاعتصام أمام بوابة موانئ عدن، وشل الحركة التجارية عن العاصمة.
تحد صعب وأزمة ستؤدي إلى توقف الشريان التجاري الرئيسي بالعاصمة عدن، البنك المركزي عاجز عن وضع المعالجة لافتقاره للسيولة النقدية، والسلطة المحلية بالعاصمة عدن في وضع حرج ومخيرة بين خيارين أما تجنب نفسها التدخل باعتبار ملف المرتبات العسكريين من اختصاص السلطة المركزية، وبالتالي ترك الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد، أو أن تتحمل المسؤولية وتنظر في المعالجات والتدابير الممكنة التي من شأنها إنقاذ الموقف وتجاوز التداعيات الخطيرة، وهنا برز موقف الأستاذ احمد حامد لملس في التعامل وادارة هذه المعضلة الكبيرة، فقادته بصيرته إلى الاستعانة برؤوس الأمول الوطنية من أصحاب شركات الصرافة، الذين كان لهم موقفا مشرفا بالاستجابة لدعوة المحافظ في تأمين السيولة المطلوبة لتغطية مرتبات المنطقة العسكرية الرابعة والبالغة للشهر الواحد 16 مليار ريال يمني، مقابل استلامهم إشعارات من البنك المركزي تضمن أموالهم، فأتت الانفراجة وتم صرف مرتب شهرين، وتم رفع الاعتصام وتجاوزت العاصمة إحدى أهم الأزمات.

أزمة وقود محطات الكهرباء وعدن مهددة بالانطفاء الكلي

شكلت أزمة تأمين وقود كهرباء محطات العاصمة عدن إحدى أهم المشكلات التي واجهت قيادة السلطة المحلية في عدن، حيث تسلم المحافظ لملس مهامه في أغسطس من العام 2020م أي في ذروة فصل الصيف، حيث أطلقت إدارة الكهرباء انذارا بخروج محطات الكهرباء عن الخدمة لتعذر تأمين الوقود، وعدن بات مهددة بوضع ملتهب وساخن، دعوات تبرز تدعو للخروج في تظاهرات واحتجاجات، وأطراف عدة تتربص بالعاصمة عدن وتريد لها أن تدخل في مربع الفوضى، موقف صعب وتحد جديد أمام المحافظ لملس، كهرباء عدن تحتاج إلى مايقارب 1300 طن من مادتي الديزل والماوزات في اليوم الواحد، وبقيمة مالية تصل لحدود مليون دولار، والبنك المركزي عاجز عن تغطية نفقات استيرادها، وهنا برز دور وموقف المحافظ الذي استشعر خطورة الأمر، فقاده إلهامه إلى الاستعانة بكبار مستوردي المشتقات النفطية الذي كان لهم موقفا مشرفا بالاستجابة لدعوة المحافظ وتغطية احتياج المحطات بالوقود في تلك المرحلة الصعبة مقابل تعهد شخصي من المحافظ بمتابعة سداد مستحقاتهم لدى الحكومة حال تشكيلها وعودتها للعاصمة، فأتت الانفراجة وتم تزويد جميع محطات الكهرباء من وقود التجار ولعدة أشهر متتالية وباجمالي تجاوز 147000 طن وتجاوزت العاصمة تداعيات وتبعات ذلك المنعطف الخطير.

أزمة التدهور الاقتصادي وانهيار قيمة العملة المحلية في تداولات الصرف
من الأوقات العصيبة التي عاشتها العاصمة عدن، كانت تلك التي بلغت فيها الأوضاع الإقتصادية أسوأ مستوياتها، انهيار متسارع للعملة المحلية التي تخطت حاجز 1000 ريال لكل دولار، والذي واصل انهياره ليصل في اعلى مستوى إلى 1700 للدولار الواحد، فارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية لأعلى مستوياتها، فبات شبح المجاعة يهدد الجميع والأمور تنذر بخروج الاوضاع عن السيطرة، أصوات عديدة تعلن ثورات للجياع، احتجاجات واسعة وإضرابات وعصيان مدني عمت أغلب المحافظات حضرموت، وشبوة ولحج، وأبين، ووضع مرشح لامتداد الاحتجاجات نحو عاصمة الدولة، سيناريو خطير كانت فيه عدن على المحك، فبرز هنا موقف المحافظ لملس الذي استشعرا مبكرا خطورة المنحى الذي سارت عليه الأوضاع الاقتصادية، فقادته حكمته وبصيرته إلى اتخاذ إجراءات وتدابير من شأنها أن تطمئن المواطنين وتهدئ من روعهم،حتى تتجاوز الدولة ذلك المنعطف الاستثنائي والحساس، فعمد إلى دعم رغيف الخبز ” الروتي ” الذي يعد القوت والغذاء الأساسي عند المواطنين فوضع آليه عمل مؤقتة ولمدة ثلاثة أشهر تم بموجبها الاتفاق مع 80 فرن ومخبز ببيع الخبر ” الروتي” بسعر 30 ريالا مقابل التزام المحافظة بتأمين الدقيق باسعار مخفضة.
هذه الخطوة حظيت برضى وارتياح المواطنين، إضافة إلى خطوة دعم ومساندة طلاب الجامعات من خلال تخصيص حافلات النقل التابعة لموسسة النقل بنقل الطلاب مجانا، فتجاوزت العاصمة عدن هذه الأزمة واستعادة الدولة لاحقا تماسكها وثباتها.

أزمة إضراب المعلمين وتوقف العملية التدريسية
شكلت أزمة توقف التعليم وإغلاق جميع المدارس الحكومية لمدة عام كامل في العاصمة عدن أهم المشكلات التي واجهت المحافظ لملس عند توليه إدارة العاصمة عدن، فكان موقف وتحد صعب، فاستمرار إضراب المعلمين للعام الثاني سيكون كارثة في حق أجيال المستقبل، كما سيكون وصمة خزي بحق سلطة الدولة محلية ومركزية، فعمد إلى دعوة نقابة المعلمين، ودعاهم إلى استشعار المسؤولية الأخلاقية تجاه طلابهم والعمل على رفع الإضراب واستئناف العملية التدرسية، متعهدا بالعمل على متابعة السلطة المركزية لوضع المعالجات لمطالبهم مع تعهد والتزام السلطة المحلية بالتكفل بتلبية تلك المطالب فيما لو تنصلت الحكومة، فأتت الانفراجة ففتحت جميع المدارس أبوبها للعام 2020م / 2021م، وظلت مستمرة للعام التالي بعد أن تكفلت السلطة المحلية بالايفاء بتعهداتها والتزامها وتلبية مطالب المعلمين من صرف علاوة وطبيعة عمل ، فتجاوزت عدن بذلك أهم الازمات التي كادت أن تقود لتجهيل أجيال المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى