هل ينجح غروندبرغ في تمديد الهدنة من دون فتح الطرقات؟

عدن24| الشرق الأوسط

قبل نحو أسبوعين من انتهاء التمديد الأول للهدنة اليمنية الهشة، يسود الشارع السياسي الموالي للحكومة الشرعية شعور بالإحباط، لجهة عدم استكمال تنفيذ بنود الهدنة فيما يخص فتح المعابر بين مناطق التماس، وبالدرجة الأساس فك الحصار عن مدينة، تعز، مع شعور بخيبة الأمل من جهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الذي أخفق حتى الآن في إقناع الميليشيات الحوثية بالموافقة على مقترحه.

وفي حين يواجه مجلس القيادة الرئاسي ضغوطاً شعبية قد تحول دون الموافقة على تمديد الهدنة للمرة الثانية لفترة أطول، بعد الثاني من أغسطس (آب) المقبل، يراهن غروندبرغ على الضغوط الأوروبية والأميركية لمساندته في انتزاع التمديد، حتى وإن لم يتوصل مع الحوثيين إلى اتفاق بخصوص إنهاء حصار تعز.

ولم يُخفِ غروندبرغ خيبة أمله هو أيضاً جراء رفض الحوثيين لمقترحه المحدث في شأن فتح الطرقات، إلا أنه يرى أن الهدنة القائمة؛ خصوصاً فيما يتعلق بوقف إطلاق النار يجب ألا يتم التفريط فيها للبناء عليها لاحقاً لإطلاق مسارات متزامنة من النقاشات حول الملفات الأمنية والاقتصادية، كما صرح بذلك في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن. وفي ظل حالة عدم اليقين حول ما ستؤول إليه الأمور بعد انتهاء التمديد الثاني للهدنة التي بدأت في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، يتكهن عديد من السياسيين الذين تحدثوا مع «الشرق الأوسط» بأنه ستتم الموافقة على تمديد جديد لها؛ لكن ستظل الأولوية لإيجاد اتفاق لإنهاء الحصار المفروض منذ 7 سنوات على تعز، قبل الولوج في أي نقاشات في ملفات أخرى، وهو الحد الأدنى من التنازلات التي يمكن أن يقدمها مجلس القيادة الرئاسي.

في هذا السياق، يرى وكيل وزارة العدل اليمنية في الحكومة، فيصل المجيدي، أنه لا يوجد ضغط كافٍ من الأمم المتحدة ومن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عامة على الميليشيات الحوثية، لإلزامها بفتح الطرق وإنهاء حصار تعز.

ويرى المجيدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حماساً من قبل غروندبرغ للهدنة، وفي تقاريره المنتظمة لمجلس الأمن يعد ذلك إنجازاً يستحق المحافظة عليه؛ بل إن الرئيس الأميركي يعتبره منجز إدارته، وبالتالي فهناك حرص على تمديد الهدنة من المجتمع الدولي الذي يبشر بعملية سلمية كأثر مباشر لها. ويقول المجيدي إن المبعوث تعرض «لنكسات كبيرة جراء تعمد الحوثي تهميشه ورفض مبادراته، رغم أنها لم تلبِّ طموحات الشرعية التي قبلت بشروط مجحفة وتنازلت عن اختصاصات تُعد سيادية لأي دولة، مثل مطار صنعاء وميناء الحديدة، وأخيراً جوازات السفر الصادرة من مناطق الحوثيين، حتى أحرجت المجتمع الدولي بهذه المواقف؛ لكن ردة فعل الأمم المتحدة لم تكن بالمستوى» وفق تعبيره.

وبحسب وكيل وزارة العدل اليمنية، كان من المتوقع «أن يتم حشر الحوثيين في الزاوية، ويتم اتخاذ عقوبات، إلا أن الأمر لم يتعدَّ خطابات إنشائية ومطالبات للحوثي بفتح الطرقات دون أي مخالب، والأغرب من كل ذلك أن المبعوث نكص عن اقتراحاته، وتبنى أخيراً رؤية الحوثي، وهو ما عقَّد المسألة».

ويعترف المجيدي بأن المجلس القيادي لم تعد لديه خيارات كثيرة، ولا ما يقدمه في هذا الشأن، وبالتالي فهو متمسك بفتح الطرق؛ لكن الضغوطات متوجهه إليه فقط، ويعتقد في الوقت نفسه أن زيارة بايدن للسعودية ستؤثر؛ خصوصاً أنه يريد استخدام الملف اليمني في انتخابات التجديد النصفي في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبالتالي فإنه سيضغط باتجاه تجديد تمديد الهدنة.

ومع هذه التعقيدات، يؤكد المجيدي أن الناس لم يشعروا بأي استفادة مباشرة من الهدنة، وأن إقدام المجلس القيادي على التمديد سيكون مغامرة لن تكون مقبولة شعبياً؛ لكنه في الوقت نفسه يتوقع التمديد بسبب الضغوط التي يصفها بالكبيرة. من جهته، يعتقد المحلل السياسي اليمني محمد المخلافي، أن الموضوع برمته «يعود إلى المزاج الدولي المتصاعد بخصوص السعي إلى إنهاء الحرب في اليمن بأي حال من الأحوال».

ويضيف المخلافي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «محلياً في البداية، كانت الهدنة احتياجاً مزدوجاً؛ لكن عدم إبداء أي بوادر لحسن النية من قبل الحوثيين، ورفضهم فتح الطرق إلى محافظة تعز كجزء من صفقة الهدنة ذات الرعاية الدولية والإقليمية، ربما قد يسهم بشكل أو بآخر في إتاحة المجال أمام المجلس الرئاسي للمناورة، وعدم الرضوخ لضغوط المبعوث الأممي ومن يقف وراءه».

الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل، يرى – من جهته – «أن يبقى الموقف المعلن من الرئيس رشاد العليمي في أنه لا انتقال إلى أي خطوة قادمة ما لم تفتح معابر تعز، ثابتاً وحازماً، حتى تجد الأمم المتحدة حلاً مع هذه الميليشيا؛ لأن الاستمرار في مسلسل التنازل من الحكومة دون أن تجد ما يقابل مواقفها من طرف الميليشيا، يعد أمراً مؤلماً لكل مناهضي الحوثي» وفق تعبيره.

ويحذر الدكتور فارس البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن تكون الهدنة ومعابر تعز هي البؤرة التي ستلتهم جهود المبعوث الأممي لسنوات، كما التهمت قضية الحديدة وموانيها مهمة سابقه غريفيث، دون تحقيق أي سلام في اليمن.

أما الصحافي اليمني عبد الله السنامي، فيرى أنه على الرغم من إيجابية الهدنة، فإن المخاوف تكمن في مناورات الحوثيين لكسب الوقت قبل العودة مجدداً إلى القتال، استناداً إلى تاريخ الجماعة الانقلابية.

ويقول السنامي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من خلال إحاطة المبعوث الأممي الأخيرة، يتضح أنه راضٍ بالهدنة فيما يخص وقف الاقتتال فقط، متجاهلاً بقية بنوده، مثلما عمل سلفه غريفيث مع اتفاق استوكهولم، حين اكتفى بوقف الاقتتال وغض الطرف عن بقية بنود الاتفاق المعلقة إلى اليوم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى