الحوار الوطني الجنوبي.. كقيمــة وطنية سياسية إنسانية وأخلاقية

كتب/ منصـور الحـوشـبي

بمناسبة إطلاق الدعوة الثانية للرئيس القائد (عيدروس قاسم الزُبيدي) بشأن الحوار والاصطفاف الوطني الجنوبي في الدورة الخامسة للجمعية الوطنية يونيو/2022م بعد ان كان قد اطلقها أولا اثناء انعقاد الدورة الرابعة لذات الجمعية في أغسطس من العام 2021م وفي ضوئها بدأـ عجلة القطار تتحرك خارجيا وببطيء كما كانت قد سبقتها حوارات داخلية جزئية خاطفة ومحدودة ثم توقفت لأسباب غير مفهومة وما نأمله هذه المرة هوجدية الامر والذهاب لتشكيل لجان مقتدرة لإدارة هذه المهمة النبيلة بسهلها المُمتنع بعض الشيء لتأتي أُكلها فتشمل كل المكونات والفئات والشخصيات الاجتماعية والسياسية والحزبية الجنوبية وبما يهدف للتوصل الى إجماع او توافق وطني لمجابهة أي استحقاقات قادمة
إن من يهمه وطنه وشعبه وقضيته لزاماً عليه القبول بالحوار باعتباره قيمة سامية ومبدأ حياة والتعاطي معه بإيجابية بهدف تقرير مصير وطن وشعب ودوله
إنه لا يجب ان يكون للحوار سقف محدد وانما سقفه السماء فقُل ما تشاء بما في ذلك العودة لبيت الطاعة او تمزيق الجنوب لكنه ليس من حقك الممانعة لمجرد الممانعة لأنه بالنهاية لابد من الحور وسيخضع الكل له والتسليم بنتائجه
إن أصوات الممانعة المبكرة التي بدأت عند إطلاق الدعوة الأولى نجزم بانها لا تحمل أي اجندات وطنية فهي لم تجروا على الإفصاح عن موقفها بما فيه الكفاية برغم كل محاولاتها لوأد فكرة الحوار في مهدها وتحويله الى خوار وصراع ثيران،،، السبب لشعورها ان الذهاب لأي إجماع او توافق سيقضي بالنتيجة على مصالحها الخاصة في التكسب الغير مشروع
إن الحوار وان شارك فيه الجميع او الغالبية لا يمكن ان يرتقي الى مستوى الإجماع برغم أهمية وطموح ذلك،،، لكنه دعونا نتوافق ونقف عند القواسم المشتركة كمرحلة أولى لنمضي بأكثر قوة وهمة وأمان صوب الهدف المنشود،،،هذا يتطلب الإخلاص والترفُع فوق الصغائر وفاءً لدماء الشهداء والجرحى وتقديراً لمعاناة شعبنا الصابر
أن وضع العراقيل امام ذلك التوجه الوطني امراً متوقعاً لكنه من غير المتوقع أن يأتي من أبناء جلدتنا ممن كنا نعدهم هامات وقيادات وطنية لها وزنها برغم سيئات اعمال بعضهم طوال المرحلة الماضية،،، لكنه يبدو أن كُفرهم بالوطن أزلي ويجري مجرى الدم في العروق،،، علموا ذلك او جهلوه فهم لا يزالوا يستجروا ماضيهم وليذكرونا به بين الفينة والأُخرى فيالها من مفرقات عجيبة حين يغفر لهم شبعهم فيكفروا به ويجحدوه
إن الواجب يقتضي الاستماع لصوت العقل يكفينا شطحات وشعارات ودماء،،،فلقد شَبِعنا وهرمنا منها ومعنا هُزمت أُمة وضاع وطن بأكمله بحماقات أولئك البعض فمتى سيفيقون!!! أيها المرجفون قفوا امام حقيقة أنفسكم واذهبوا للتكفير عن سيئات اعمالكم ولو لمرة واحدة لتحسنوا بها خواتيم اعماركم
نعلم ان المجلس الانتقالي الجنوبي لا يدعي الوصاية على الجنوب برغم حمله لقضيته وبقوة منذ إعلانه في مايو/2017 فلم يقل يوماً إنه الممثل الشرعي والوحيد برغم امتلاكه للقوة وثباته على الأرض كمكون سياسي جنوبي معترفا به فذهب يدعو للحوار الجامع للتراص والاصطفاف الوطني في إطار جبهة وطنية متوافقاً عليها مستجيبا لكل النداءات المخلصة فلم يكابر فتمثلت خلاصة دعوته تلك بـ (تعالوا الى كلمة سواء لإنقاذ شعبنا ووطننا واستعادة دولتنا) فماذا بعد هذا؟؟ بصريح العبارة نقول لهؤلاء ومن اليهم ومن يتبعون كفوا عن إيذائكم وعنادكم وحماقاتكم ومشاريعكم الصغيرة فعلى رسلكم،،، فالأصل ان لا نختلف على الوطن واستعادة دولته كهدف أسمى وأن لا تذهبوا بجميل خطابكم لتذروا الرماد على العيون وهي تحمل في ثناياها السم الزُعاف في وقت أنتم تدوروا حيث تدور الزُجاجة،،، اعلموا يقيناً أن الحرة تموت جوعاً وتأبى أن تأكل من ثدييها،،، وان الشرفاء كثيرون فهم مشاعل الحق والقضية وسياجها وحصنها الحصين يحيون ويموتون دونها
نتطلع لوطن ودولة يسودها النظام والقانون والعدالة والمساواة،،،فيا هؤلاء إن شعرتم أن لكم ثقل وتمثيل في الساحة وهي قد تكون بعدد أصابع اليد الواحدة فاستثمروها لمصلحة وطنكم وشعبكم بدلاً من استخدامها لتعطيل كل ما هو جميل،،، لذلك اسديها نصيحة مخلصة اذهبوا للتصالح مع أنفسكم أولا وجمعوا أمركم على أن تتفقوا وحينذاك التحقوا بقطار الحوار بنفوس راضية حتى لا يفوتكم،،، وضعوا كل مشاريعكم على طاوله البحث بغتها وسمينها،،،لكنه بالمقابل اخرجوا وانتم اكثر قوة ووحدة وجمِعوا على (وثيقة الشرف الوطني) ليتفرغ الجميع لما هواهم،،، وليس الذهاب لمراكمة الأحقاد والخلافات العقيمة التي دوماً ما يدفع ثمنها البسطاء وأنتم تأكلوا بها لحوم بعضكم واهلكم وتمزقون بها نسيجكم ووطنكم
إن الانبطاح للغير كانت تسميته وتحت أي ذريعة او مبرر مرفوض ولعبة سمجاء وما سَيُعريه هو الموقف من الحوار الوطني
لكل ذلك ندعو الجميع في الداخل والخارج للتفاعل الإيجابي والقبول بالدعوة دون أي تحفظات او شروط او سقوف أرضية قد تكون سببا في اجهاض المشروع الوطني بأكمله فالجنوب لكل وبكل أبنائه
دعونا نذهب لاستعادة دولتنا المُعترف بها أولا او على الأقل إقليم مزمن بعينه وان لا نضع العربة قبل الحصان حتى لا تتعثر المسيرة،،، بعدها على شعب الجنوب تقرير ما يريد من نظام وأسلوب حكم،،،فمتى ستستفيقون أُيها الساسة لنستقر
ونعيش كبقية خلق الله أم انه كُتب علينا الشقاء والدماء،،،كما إن المواقف النصف كُم لا تبني الأوطان بل تدمرها ولا تحل قضية بل تؤججها
إن الحوار كقيمة وطنية وإنسانية وسياسية واجتماعية وثقافية واخلاقية بالمقام الأول علبنا إتباع سبله فهو من سيقول كلمة الفصل وليس هناك بديل عنه إلاّ الدماء والدمار والتشظي والغربة والشتات،،، لذلك دعونا نسلكه ونخوض غماره بدلاً من أن نخوض غمار الحروب البينية التي يُخطط لها أعداء الجنوب وقضيته فهم المستفيدون في محصلتها النهائية،،،وأن نتعامل مع بعضنا بشفافية وحضارية ونفوس مطمئنة ومؤمنه بعدالة قضيتها مُترفعه تنظر للأعلى والبعيد وليس الى مواقع الأنوف والأقدام
أُيها الممانعون ما هو البديل المتاح والمناسب هاتوه لو سمحتم وضعوه على طاولة البحث وان ثبتت فائدته سنبصم عليه،،،افهموا سئمنا صراعاتكم فلقد أخذتوا زمانكم وبزيادة،،، فاتركوا للأجيال القادمة زمانها لتعيشه بطريقتها دعوهم يقرروا أسلوب حياتهم بأنفسهم كما يريدونها هم لاكما تريدوا انتم الى هنا يكفي زعامات بعقول صدئة خارجة عن نطاق التغطية لا تجيد الزارع الشقاق بدل الوفاق فقولوا خيراً او فأصمتوا ودعوا القافلة وشأنها فلهارباً وشعباً يحميانها
كلمة أخيرة (من كان يعلم ان له وطناً مُحتل ومدمراً ويؤمن بعدالة قضيته وينتمي اليه والى شعب ينشد وطن وامن وسلام ودولة ،،،فأن مكانته الحقيقة قاعات الحوار الوطني،،،ومن كان يعلم انه يسير ضد إرادة شعبة لا يؤمن بقضيته وعدالتها وانما يراوغ ويداهن،،،وانه ليس له وطن ينتمي اليه ويُسبح بحمد أولياء نعمته فليدع الناس وشأنهم يقرروا مصيرهم بما يرونه لخلاصهم وحل قضيتهم،،،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى