صحيفة دولية: الأمم المتحدة تنتهج سياسة تجزئة الملفات هربا من استحقاق فتح الطرقات

عدن24| العرب

أعلن الحوثيون الخميس مغادرة وفدهم الخاص بالتفاوض حول فتح الطرقات في مدينة تعز إلى العاصمة الأردنية عمان، لاستئناف المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة لتنفيذ بنود اتفاق الهدنة، في الوقت الذي نفى فيه فريق التفاوض التابع للحكومة المعترف بها دوليا وجود أي جولة جديدة من المفاوضات أو تلقيه أي دعوة من مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن لعقد لقاءات جديدة حول هذا الملف.

ويأتي الحديث عن إحياء مسار الحوار حول فتح الطرقات في تعز والمحافظات الأخرى في أعقاب جولة قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، شملت الرياض ومسقط، جرى خلالها عقد لقاءات مع مسؤولين في السلطة الشرعية والتحالف العربي، إضافة إلى الاجتماع بوفد التفاوض الحوثي ومسؤولين في وزارة الخارجية العمانية.

وفشل المبعوث الأممي حتى الآن في إقناع الحوثيين بتقديم تنازلات حقيقية في ملف فتح طرقات تعز التي تحولت إلى محور رئيسي للجهود الدولية والأممية، في ظل حالة قلق متزايدة من انهيار الهدنة الهشة نتيجة لتعنت جماعة الحوثي، وتعثر كل مسارات الوساطة التي اتبعتها الأمم المتحدة عبر مسقط وطهران للضغط على الجماعة.

وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن تقديم غروندبرغ مقترحات جديدة للهرب من أزمة الحصار الحوثي لتعز، تمثلت في الحديث عن خيارات تمديد الهدنة لفترة ثالثة وفتح ملف الهدنة الاقتصادية وتبادل الأسرى.

وحرص المبعوث الأممي في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي على تجنب الكشف عن نتائج مباحثاته مع الحوثيين حول فتح الطرقات في تعز، وترك الباب مواربا أمام تحولات اللحظات الأخيرة، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر متطابقة رد الحوثيين الحاسم برفض مقترحات المبعوث المتعلقة بفتح الطرقات في المدينة على مراحل، والبدء بفتح طريق رئيسي.

وذكرت المصادر لـ”العرب” أن المبعوث التقى في زيارته الأخيرة لصنعاء لأول مرة بقادة حوثيين يمثلون الجناح العسكري المتشدد مثل يوسف المداني وأبوعلي الحاكم، ما يمثل تحولا في أسلوب التعاطي الحوثي الخشن مع الجهود الأممية.
وقالت المصادر إن الحوثيين اشترطوا مقابل فتح بعض الطرقات في تعز فتح طريقين رئيسين في مأرب، ويعني فتحهما وفقا للمعايير العسكرية السماح بسقوط آخر محافظات الشمال.

وجاءت زيارة المبعوث الأممي للرياض ومسقط بعد فشل كل الوساطات التي قامت بها سلطنة عمان، بطلب من المبعوثين الأممي والأميركي إلى اليمن، وكذلك فشل الاتصالات التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة بالقيادة الإيرانية للتوسط في هذا الملف، وإقناع الحوثيين بتقديم تنازلات لإنقاذ اتفاق الهدنة.

وقام الرئيس الإيراني  إبراهيم رئيسي بإجراء أول اتصال معلن مع رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، ووفقا لوكالة الأنباء الحوثية، فقد دعم إبراهيم رئيسي موقف الحوثيين المتصلب من الهدنة.

وتأتي التحركات الأممية الأخيرة في ظل ضغوط شعبية وسياسية وإعلامية يتعرض لها مجلس القيادة الرئاسي، رفضا لما يعتبرونه تنازلات أحادية من طرف الحكومة، مقابل استغلال الميليشيات الحوثية لحرص المبعوث الأممي والمجتمع الدولي على عدم انهيار الهدنة، لوضع المزيد من الاشتراطات.

ويقول الباحث السياسي  فارس البيل إن استراتيجية الأمم المتحدة ومبعوثها تقوم على محاولة تحميل الحكومة اليمنية المسؤولية الأخلاقية والسياسية في ما يتعلق باستمرار الهدنة.
ويشير البيل في تصريحات لـ”العرب” إلى أن متغيرات كثيرة وظروفا ملائمة فرضت الهدنة على الأطراف، ولم تعمل الأمم المتحدة القواعد والضمانات الكاملة لضمان استمرار الهدنة، فلا فرق مراقبة، ولا ضمانات تطبيق، ولا آليات ضغط، ولا وسائل تنفيذ، سوى ما اعتمدته الأمم المتحدة من أحاديث الأطراف والتزاماتها الشفهية.

ويلفت المحلل السياسي إلى أن الأمم المتحدة تسعى لجعل الهدنة مدخلا كاملا لما تعتبره نجاحا في إيقاف الحرب أو فتح المجال للإنقاذ الإنساني، وإن لم تؤطرها بما يضمن بقاءها.

ويرى البيل أن زيارة المبعوث الأممي إلى مسقط بعد زيارته الفاشلة إلى صنعاء، تبدو كما لو أنها محاولة للضغط على الميليشيا لتقديم ولو جزء من التنازل، بعد موقف رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي أمام المبعوث في آخر لقاء بقوله “لا تقدم في أي خطوة ما لم تفتح معابر تعز”.

وتابع “في الوقت الذي تبعث ميليشيات الحوثي بفريقها مجددا إلى الأردن، كنوع من الظهور بمظهر المتعاطي مع الجهود، إلا أن موقف الجماعة وتصريحات قياداتها يؤكدان أنها بعيدة تماما عن فتح المعابر أو التنازل لأجل السلام بأي خطوة، وبالتالي فالمحادثات القادمة عبثية، ولا يمكن الاطمئنان إلى أن أدوارا حقيقية أو أساليب جديدة سيمارسها المبعوث أو المجتمع الدولي لتسجيل نجاح ولو جزئي في هذه المسألة الجزئية أصلا من المشكلة اليمنية الكبيرة”.

ويخشى اليمنيون من أن يقود فشل التحركات الأممية في انتزاع أي تنازلات من الحوثيين، إلى تركيز الضغوط الدولية على الحكومة الشرعية لتقديم المزيد من التنازلات في مسارات أخرى، للحيلولة دون انهيار الهدنة التي يتم وصفها بالهشة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى