صحيفة دولية: تركيبة متوازنة للمجلس الرئاسي تجمع القوى الفاعلة على الأرض

عدن24| العرب اللندنية

 قالت مصادر سياسية يمنية إن تركيبة المجلس الرئاسي الذي تم الإعلان عنها الأربعاء رُوعيَت فيها التوازنات في الساحة اليمنية لضمان نجاح المجلس وحصوله على دعم مختلف القوى؛ إذ جمع هذا المجلس بين حلفاء عسكريين أقوياء عملوا طويلا مع الحضور العسكري للإمارات في اليمن وحلفاء محسوبين على حزب الإصلاح وقريبين من السعودية.

وأضافت المصادر أن التشكيلة الحالية للمجلس تضم كافة الأطراف الفاعلة على الأرض في معسكر المناوئين للحوثي، وهو الأمر الذي يجعل الشرعية في شكلها الجديد أكثر قوة وتماسكا في مواجهة استحقاقات أي تسوية سياسية قادمة أو أعباء وتحديات الحرب في حال رفض الحوثيون الجلوس إلى طاولة الحوار.

وكشفت مصادر “العرب” عن مشاورات موازية غير معلنة تجري في العاصمة العمانية مسقط بإشراف المبعوثين الأممي والأميركي إلى اليمن وبمشاركة الحوثيين والتحالف العربي بهدف التوصل إلى صيغة لوقف دائم لإطلاق النار والانخراط في حوار سياسي لترتيبات المرحلة الانتقالية.

وبرّرت المصادرُ المسارعةَ إلى تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بالرغبة في توحيد صوت الأطراف المناوئة للانقلاب قبيل الجلوس إلى طاولة الحوار النهائي مع الحوثيين.

وقال مصدر يمني مطلع لـ”العرب” أن الترتيبات الأخيرة تمت بإشراف سعودي كامل، وأن الإمارات آثرت في الأشهر الأخيرة أن تترك التنسيق بين القوى اليمنية المؤثرة والفاعلة عسكريا بالكامل للرياض لقطع الطريق على أي إيحاء بأن هناك معسكرين في التحالف.

ويرى مراقبون أن تركيبة المجلس صالحة لخوض حوار سياسي طويل مع الحوثيين ككتلة واحدة متماسكة، كما أنه سيكون مهيأ لأن يتحول إلى مجلس عسكري في حال تلاشت خيارات السلام وعاد شبح الحرب ليخيم على المشهد اليمني بعد انقضاء الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة.

ويرأس المجلس رشاد العليمي، وهو قيادي في حزب المؤتمر ووزير سابق للداخلية في زمن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ويحظى بدعم الرياض، ولا تحفظات عليه من قبل حزب الإصلاح النافذ في الحكومة، بوصفه شخصية سياسية ظلت تتجنب الاصطفافات التي شهدها معسكر الشرعية خلال السنوات السبع الماضية.

ويضم المجلس تمثيلا جهويا بالمناصفة بين الشمال والجنوب، كما يمثل حزب المؤتمر الشعبي العام في المجلس الشيخ القبلي وعضو البرلمان ووزير الزراعة السابق عثمان مجلي الذي ينحدر من محافظة صعدة شمال اليمن وعرف بمواجهاته السابقة مع الحوثيين منذ وقت مبكر.

كما يشرف مجلي بشكل غير مباشر على عدد من الألوية العسكرية التي تتمركز في محافظة صعدة على الحدود اليمنية – السعودية، وهو خصم لدود لكل من الحوثيين وجماعة الإخوان الذين أجهضوا تعيينه وزيرا في الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض، ويتمتع مجلي بعلاقات قوية مع السعودية.

ويمثل حزب الإصلاح في المجلس الشيخ القبلي سلطان العرادة محافظ محافظة مأرب والقائد البارز في المقاومة الشعبية في المحافظة التي تتصدى للحوثيين، إلى جانب عبدالله العليمي مدير مكتب الرئيس المتخلي عبدربه منصور هادي والذي سعى خلال الآونة الأخيرة لتقديم نفسه إلى التحالف والمكونات اليمنية كشخصية توفيقية.

ويضم المجلس رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، وهو شخصية تحظى بدعم دولة الإمارات، كما بات يتمتع بثقة السعودية بعد التوقيع على اتفاق الرياض.

ويشارك في المجلس كذلك القائد العسكري البارز وقائد ألوية العمالقة الجنوبية أبوزرعة المحرمي، وهو شخصية سلفية متدينة ويكره الظهور في وسائل الإعلام وتربطه علاقات قوية بالإمارات التي دعمت تأسيس ألويته.

ويمثل أسرة الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح ابن شقيقه العميد طارق صالح الذي يقود قوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي ويرأس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، وقد ارتفعت أسهم طارق كسياسي وعسكري نتيجة موقفه الحاد من الميليشيات الحوثية في الوقت الذي لجأ فيه أحمد علي عبدالله صالح إلى الاعتزال وعدم الظهور الإعلامي أو السياسي والاكتفاء بالمطالبة برفع اسمه من قائمة العقوبات.

وفي المجلس السياسي يمثل حضرموت -أكبر محافظة يمنية- اللواء فرج البحسني محافظ حضرموت وقائد المنطقة العسكرية الثانية الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع السعودية ويحاول عدم خوض أي صراع سياسي.

وحصلت التغييرات -التي أُعلن عنها الأربعاء- على دعم خارجي، خاصة من القوى الدولية المعنية بالملف اليمني.

ورحبت واشنطن على لسان سفيرتها في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بتشكيل المجلس الرئاسي، وحثته على “الالتزام بالهدنة والتعاون مع الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع”.

كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن دعمه هذه الخطوة التي وصفها بأنها مشجعة للهدنة الأخيرة، مشيرا إلى أنها “يمكن أن تخلق المزيد من الزخم لتسوية سياسية شاملة للصراع”. ودعا “جميع الفاعلين، وعلى وجه الخصوص الحوثيين” إلى “احترام الهدنة والتعاطي مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ دون شروط مسبقة”.

وكان البيان الختامي للمشاورات اليمنية التي رعاها مجلس التعاون الخليجي في الرياض خلال الفترة الممتدة من التاسع والعشرين من مارس الماضي حتى السابع من أبريل الجاري قد رحب بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي لإدارة الدولة سياسيّا وعسكريّا وأمنيّا خلال الفترة الانتقالية، واستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض كامل صلاحيات رئيس الجمهورية إليه.

وعبر البيان الصادر في ختام المشاورات عن “الدعم الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات المساندة له لتمكينه من ممارسة مهامه في تنفيذ سياسات ومبادرات فعّالة من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن”.

كما دعا البيان المجلس إلى الشروع في التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل، في إشارة إلى أولوية المرحلة القادمة في معسكر الشرعية.

وأكد البيان على أولوية الحل السياسي بعد ما وصفه بـ”فشل الحلول العسكرية التي أدت إلى قتل وجرح الآلاف من اليمنيين، وتهجير الملايين، كما أدت إلى تدمير البنية التحتية في اليمن”، مشيرا إلى ضرورة “الانخراط في الحل السياسي، والجلوس إلى طاولة المفاوضات لمناقشة كافة نقاط الخلاف، والتخلي عن الحلول العسكرية، بدءًا بتعزيز الهدنة الحالية والدخول في مباحثات سلام تحت رعاية الأمم المتحدة”.

ودعا البيان الختامي لمشاورات الرياض إلى استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وسرعة تنفيذ ما تبقى فيه من خطوات، وتشكيل فريق لمتابعة تحقيق ذلك. كما نصّ البيان على اتفاق المتشاورين على إدراج قضية شعب الجنوب في أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار تفاوضي خاص لها في عملية السلام الشاملة، في استجابة لمطالب المجلس الانتقالي الجنوبي وطمأنة قاعدته الشعبية.

وترك البيان الختامي الباب مواربا أمام استمرار المشاورات اليمنية – اليمنية كإطار غير رسمي، في تأكيد على استمرار دور الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في متابعة تنفيذ مخرجات المشاورات والتنسيق مع الأطراف المشاركة فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى