ميليشيات قطر في طرابلس

كتب | نورا المطيري

العورة التي لا يمكن سترها، هي تلك الدسائس التي تكشفت، والفضائح التي انتشرت، كالنار في الهشيم، ولم يعد ممكناً لملمة دخانها المتصاعد، أو حجب نارها الممتدة، إلا بإخمادها للأبد.

ومنذ اغتيال العقيد معمر القذافي في أكتوبر 2011، بفتوى صدرت عن شيخ الفتنة يوسف القرضاوي على قناة الجزيرة، قال فيها: «أنا هنا أفتي.. من يستطيع أن يطلق رصاصة على القذافي أن يقتله ويريح الناس من شرّه»، بدأت تتكشف فضائح قطرية لا تنتهي، وعلى مدار سنوات، تجمعت في العاصمة طرابلس، آخر معاقلها، بدعم ميليشيات إرهابية إجرامية، هدفها الوحيد هو إبقاء ليبيا في حالة فوضى وانقسام.

ليست عشرات الدسائس والمكائد القطرية فحسب، بل مليارات الريالات القطرية، التي تم سرقتها من قوت الشعب القطري، ودُفعت كلها لإضرام تلك النار في طرابلس، ودعم جماعات مسلحة كثيرة، لا يهمها الوطن ولا وحدته ولا أمنه، همّها الوحيد هو أن تظل طرابلس في حالة غليان دائم، بما يخدم مصالحها الشخصية.

وبعد سنوات طويلة وثقيلة من التشرذم، يتجه الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، نحو العاصمة الليبية طرابلس، ليس لقتال حكومة «الوفاق الوطني» هناك، بل لتخليص طرابلس، بشكل أو بآخر، من جماعات إرهابية وميليشيات مدعومة من قطر وتركيا.

صحيح أن حكومة الوفاق في طرابلس قد حظيت بدعم دولي، لكنه في الحقيقة، يشبه الدعم الذي حصل عليه محمد مرسي في مصر عام 2012، حين سارعت دول، ومنها أمريكا، بإعلان دعمها تلك الحكومة التي أنشأها تنظيم الإخوان الإرهابي، والذي يبدو أنه مجرد دعم لقلب الصفحة أو لمآرب أخرى.. لكن دولاً عربية، تعرف الطريق جيداً، لن تتوقف عند تغطية الجرح الكبير بقطعة شاش صغيرة، بل تريد أن ترى ليبيا، مرة أخرى، دولة واحدة قوية، لديها جيش واحد قوي، وحكومة واحدة قوية غير مخترقة.

أما الحديث الذي تتبناه جميع وسائل الإعلام التابعة لقطر، عن سيطرة عسكرية للجيش الوطني الليبي على طرابلس، بمعزل عن الحل السياسي، فهو مجرد خلط للأوراق، فهي تحاول طمس أعمال قطر التخريبية، وكذلك إخفاء نوايا الجيش المعلنة والمخلصة، وتحاول تصوير هذا الزحف، بزحف العقيد معمر القذافي قديماً من طرابلس نحو بنغازي!

هل يمكن نجاح العملية السياسية في ليبيا، من خلال عقد مؤتمرات ولقاءات، في ظل وجود ميليشيات عسكرية إرهابية، وعمى سياسي عن مصادر تمويلها؟ بالطبع لن يحدث ذلك، ولهذا، يبدو معقولاً أن الجيش الليبي يريد التمهيد، بشكل عملي، لأي مصالحة ليبية شاملة، بتحييد تلك الجماعات، أو انضوائها تحت راية واحدة.

في مصر، ثم في الجزائر مؤخراً، أثبتت التجربة أن الجيش الوطني هو الدرع الحصين الذي يمكنه إنقاذ البلاد، حتى في اللحظات الأخيرة، فلماذا لا يسمح للجيش الوطني الليبي أن يقوم بمهمته الكبرى، ووضع البلاد تحت مظلة واحدة كبيرة حصينة؟، خاصة أن الجيش الوطني الليبي لا يريد العنف، بل أعلن أن العملية هي لتطهير طرابلس من الميليشيات الإرهابية فقط، وقال في بيانه «من ألقى سلاحه ورفع الراية البيضاء، فهو آمن».

الجميع يشعر بالقلق، ولا أحد يريد جر ليبيا نحو الفوضى، ولكن الخلاف الدامي بين ميليشيات قطر في طرابلس، ومنها «قوات حماية ليبيا»، والتي تضم ثوار ليبيا ولواء النواصي، وقوة الردع والتدخل المشتركة محور أبو سليم وميليشيا باب تاجوراء، وغيرها، هي ميليشيات وعصابات تمثل الإرهاب فقط، وتجعل من مهمة كبح الفوضى مهمة صعبة، لن يقدر عليها سوى الجيش الوطني الليبي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى