خطورة الارتداد في صرف الريال وسلبيات ممارسة شركات الصرافة لوظائف البنوك
كتب / د. وليد أحمد العطاس :
الهبوط المفاجئ والغير مبرر لسعر صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني يعتبر أمر محير خصوصاً في ظل عدم تدخل البنك المركزي بأي إجراء من شأنه التأثير بهذا القدر في الهبوط، على الرغم من (محمودية) ما يحدث حالياً في سوق الصرف إلا أن الواضح تلاعب أيادي خفية في السوق من مصلحتها حالياً أن يصل سعر الصرف إلى هذه المستويات.
لن يسكت المتضررين على هذا الهبوط ويجب على البنك المركزي أن يستغل الفرصة التي سنحت أمامه ويتدخل بقوة من خلال تحجيم دور شركات الصرافة في الاقتصاد الوطني والزامها بتطبيق ما حدده قانون شركات الصرافة، مع إعادة النظر في تحديث ما يسمح لشركات الصرافة بمزاولته من وظائف تبعا للمستجدات الاقتصادية وإعادة الدور الرئيسي للبنوك.
تتبع شركات الصرافة حالياً نمط جديد وهو محاولة استغلال ما في حوزتها من سيولة نقدية ضخمة للتحول إلى بنوك، وهو ما سنوضح سلبياته، وتجاوزاته باختصار.
من المعروف أنه منذ العام 2015 فقدت البنوك القدرة على التأثير في الاقتصاد اليمني مع ملاحظة دورها المحدود قبل هذا التاريخ. وأصبحت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها.
وفي نفس الوقت تضخم عدد شركات الصرافة المرخصة وغير المرخصة وأصبحت تمارس وظائف لم يتضمنها قانون شركات الصرافة الصادر عن البنك المركزي اليمني، وفي نفس الوقت غض المركزي النظر عن تجاوزات شركات الصرافة بل أنه أقرها أحيانا من خلال السماح للمؤسسات الحكومية بفتح حسابات لدى شركات الصرافة، وعدم الزامها بالاحتفاظ بالحد الأعلى من السيولة وإيداع ما يفيض عن هذا الحد لدى المركزي وفتح حسابات للعملاء وتقديم خدمات مصرفية إلكترونية.
ومع قيام الإدارة السابقة للمركزي بإصدار بيانات ضعيفة أحيانا من خلال التلويح بفرض عقوبات على الشركات المخالفة إلا أنها لم تقم بأي إجراء من شأنه ردع هذه الشركات عن التلاعب في سعر الصرف أو في الالتزام بما حدده لها القانون أو بفرض تطبيق للحوالات في محاولة منه للسيطرة على كمية ونوعية الحوالات وأوكلت لشركات الصرافة إدارته، واستمر في منح تراخيص جديدة لشركات صرافة حتى أصبحت تنافس محلات المواد الغذائية في عددها. وظهرت ظاهرة جديدة وهي تحول شركات الصرافة إلى بنوك وهي ظاهرة غير محمودة الآثار، فإذا كانت البنوك القائمة غير قادرة على القيام بوظائفها فهل بمقدور شركات الصرافة التي تحولت إلى بنوك التأثير على الوضع الاقتصادي القائم. مع التذكير بتجربة مصارف تحولت من شركات صرافة إلى بنوك، حيث أنها لم تقدم جديد يذكر، بل أنها تتعامل بنظام شركات الصرافة مع حصولها على امتيازات البنوك وباتت تثقل كاهل العملاء بالعمولات بحجة نفقات التشغيل الكبيرة التي تتحملها حسب قولها.
ان الحلول العملية لاستقرار الدورة النقدية تكمن في إعادة الاعتبار لدور البنوك. وتحجيم دور شركات الصرافة والزامها بتطبيق القانون. فلا انتعاش اقتصادي بعيداً عن البنوك في أي اقتصاد.
وإذا ما صدقت الاخبار المتداولة عن قدوم وديعة بمبلغ ضخم للمركزي عليه أن يعود إلى التعويم المدار ولكن بعد سحب الكتلة النقدية الضخمة التي تمتلكها شركات الصرافة. مالم فإن الارتداد سيتسبب في كوارث لا يحمد عقباها على الاقتصاد الوطني.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن قرار مجلس الوزراء القاضي بقيام شركة النفط بتسويق المشتقات النفطية هو قرار منقوص. والسؤال المحير لماذا لم يعطي القرار لشركة النفط صلاحية القيام باستيراد المشتقات النفطية طالما وأن البنك المركزي هو من سيقوم بتوفير العملة الأجنبية لعملية الشراء لصالح التجار. فهذا القرار سيقلل الضغط على الطلب الدولاري ولكنه سيبقي جانب إيرادي مهم من الدولة لصالح أشخاص بعينهم سيستفيدون من توفير العملة الأجنبية من قبل المركزي وسبيبعون المشتقات لشركة النفط التي ستقوم بعملية توزيعها فقط.
*أستاذ العلوم المالية والمصرفية المساعد بجامعة حضرموت