فيروس كورونا الجديد: ما هي سلالات الفيروس الجديدة وما مقدار الحماية التي توفرها اللقاحات ضدها؟

تتحَّور كل الفيروسات بشكل طبيعي بمرور الوقت، ولا يُعد سارس كوف 2 استثناءً، فمنذ أن تم التعرف على الفيروس لأول مرة أوائل عام 2020، ظهرت آلاف الطفرات منه.

وتسمى الفيروسات المتحورة بالسلالات، ولمعظم التغييرات تأثير ضئيل أو معدوم على خصائص الفيروس، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، والكثير منها يختفي بمرور الوقت.

ولكن من حين لآخر يكون الفيروس محظوظا من خلال التحور بطريقة تساعده على البقاء والانتشار.

وقد عثر مؤخرا على فصيل جديد شديد التحور من فيروس كورونا يقول العلماء إنه يبعث على “القلق الشديد”.

والسؤال الملح الآن هو ما إذا كانت اللقاحات المستخدمة حاليا فعالة مع المتحور الجديد؟

ما هو المتحور الجديد؟
هناك آلاف الأنماط المختلفة والتحورات من فيروس كورونا في أنحاء العالم، وهذا متوقع لأن الفيروسات تتحور طوال الوقت.

لكن هذا المتحور الجديد يقلق العلماء لأن هناك اختلافات كبيرة جدا بين خواصه وخواص الفيروس الذي اعتمد حين صممت اللقاحات المتداولة حاليا.

إذ أن هناك 50 طفرة إجمالية أكثر من 30 بينها طرأت على البروتين الشوكي الذي يحيط بالفيروس، وهو الجزء الذي تستهدفه معظم اللقاحات والمفتاح الذي يستخدمه الفيروس للوصول إلى خلايا الجسم.

لكن من السابق لأوانه التنبؤ بمدى التهديد الذي يشكله المتحور الجديد والذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم “أوميكرون”.

هل ستكون اللقاحات فعالة في مواجهته؟
يقول الخبراء إن اللقاحات المستخدمة حاليا ليست مصممة بناء على خواص المتحور الجديد، لكن هذا لا يعني أنها لن توفر أي درجة من الحماية.

لنتذكر أن اللقاحات ما زالت فعالة في تقليل حالات المرض الشديد مع متحورات أخرى من الفيروس.

وينصح الأطباء الناس بأخذ كافة جرعات اللقاح الموصى بها من السلطات للحصول على أقصى حماية من الفيروس وما يظهر من متحورات.

سيجري العلماء تجارب كثيرة لمعرفة ما إذا كانت اللقاحات المستخدمة حاليا فعالة ضد المتحور الجديد.

ما زلنا في مرحلة مبكرة، لكن الخبراء سوف يدرسون الخواص المهمة التي قد تجعل عدوى الفيروس شديدة، وتجعله قادرا على مقاومة اللقاحات.

وسوف يفحصون ما إذا كان يسبب عدوى أشد من تلك التي تسببها المتحورات الأخرى.

كم من الوقت يلزم لإنتاج لقاحات ملائمة ؟
يجري تصميم لقاحات محدثة لتلائم المتحورات الجديدة من فيروس كورونا، في حال كانت هناك حاجة لها في المستقبل.

وعندما يحل وقت الحاجة يكون اللقاح الجديد جاهزا خلال أسابيع من أجل فحصه.

وبإمكان القطاع الصناعي تسريع وتيرة الإنتاج، بينما ناقش المشرعون فعلا كيفية تسريع عملية إجازة اللقاح.

لن يجري اختصار مراحل في عملية إجازة وتصنيع اللقاح، لكن العملية قد تكون أسرع مما كانت عليه حين جرى إنتاج اللقاح الأول المضاد لفيروس كورونا.

ماذا عن خطورة المتحورات الأخرى المعروفة ؟
لا دليل على أن ايا منها سبب أعراضا أشد خطورة لدى معظم الناس.

وكما في حال الفيروس الأولي، يحدق بالمسنين والذين يعانون من أمراض خطر أشد.

وبالطبع إذا كان متحور جديد أشد خطورا فإن خطرا اشد سيحدق بمن لم يحصلوا على اللقاح، حيث أن اللقاحات تعطي مناعة ضد الأعراض الشديدة الناجمة عن كوفيد-19، بما فيها العدوى التي تسببها المتحورات الجديدة المقلقة. كذلك فإن اللقاحات تقلل احتمال الإصابة بالعدوى، لكنها لن تلغي الخطر بشكل كامل.

وتبقى النصيحة لتجنب العدوى كما هي في حال المتحورات الجديدة: إغسلوا أيديكم، حافظوا على التباعد، استخدموا القناع في الأماكن المزدحمة وانتبهوا للتهوية.

وكانت قد اكتشفت سلالة منحدرة من تحوّر دلتا لفيروس كورونا المسبب لوباء كوفيد 19، وهي سلالة تتسبب في أعداد متصاعدة من حالات الإصابة في بريطانيا وغيرها من الدول.

تتميز هذه السلالة (التي أطلق عليها اسم AY.4.2 أو “دلتا بلاس”) بتغيّرات أو طفرات قد تساعد الفيروس على الديمومة بشكل أكثر فاعلية.

ما هي السلالات الرئيسية؟
يهتم الخبراء بأربعة سلالات مختلفة من فيروس سارس كوف 2 وهي ألفا (تم العثور عليها لأول مرة في بريطانيا)، وبيتا (جنوب إفريقيا)، وغاما (البرازيل) ودلتا (الهند)، هذا إضافة إلى السلالة الجديدة التي من المتوقع أن يتم منحها رقم لاتيني من قبل منظمة الصحة العالمية قريبا.

وتم تصنيف جميع هذه السلالات على أنها مثيرة للقلق من قبل منظمة الصحة العالمية لأنها تشكل خطرا متزايدا على الصحة العامة من خلال جعل الفيروس أكثر قدرة على العدوى، أو التسبب في مرض أشد، أو تمكين الفيروس من مقاومة اللقاحات في نسبة أكبر من الحالات.

ما هي سلالة دلتا؟

تم تركيز الكثير من الاهتمام مؤخرا على سلالة دلتا والتي ثبت أنها تمثل تهديدا أكبر على الصحة العامة مقارنة بالسلالات السابقة.

أولا، معدل العدوى بهذه السلالة أعلى بحوالي 60 في المئة من معدل عدوى بسلالة ألفا، والتي لديها بالفعل معدل عدوى أعلى بنسبة 50 في المئة مقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا.

وتسببت سلالة دلتا بالفعل في موجة ثانية قاتلة من الإصابات في الهند في أبريل/نيسان ومايو/آيار الماضيين، وأصبحت أيضا السلالة المهيمنة في بريطانيا.

وتم رصد هذه السلالة في أكثر من 90 دولة حول العالم، مع تأكد تفشيها في الولايات المتحدة والصين وإفريقيا والدول الاسكندنافية ومنطقة المحيط الهادئ.

هناك الآلاف من الأنواع – أو التحوّرات – المختلفة لكوفيد منتشرة في أرجاء العالم. ويبدو أن واحدة من هذه التحوّرات، والتي طلق عليها اسم دلتا أو B.1.617.2 والتي تم التعرف عليها في الهند للمرة الأولى، تنتشر بشكل سريع في العديد من البلدان.

وفي شهر تموز / يوليو 2021، تعرّف الخبراء في بريطانيا وحددوا سلالة جديدة للفيروس أطلق عليها اسم متحوّر AY.4.2 (أو دلتا بلاس).

وتُظهر بيانات بريطانيا أن المصابين بسلالة دلتا ولم يتلقوا اللقاح أكثر عرضة للدخول إلى المستشفى بمرتين من أولئك الذين أصيبوا بسلالة ألفا.

وأظهرت الدراسات أيضا أن سلالة دلتا مرتبطة بأعراض مختلفة مقارنة بالسلالات السابقة لفيروس كورونا.

وأعراض كوفيد-19 الكلاسيكية المقرة من قبل خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا هي السعال المستمر والحمى وفقدان حاسة الشم أو التذوق.

ويقول البروفيسور تيم سبيكتور، الذي يدرس أعراض كوفيد من خلال تطبيق زوي كوفيد، إنه على الرغم من أن الحمى لا تزال شائعة جدا في سلالة دلتا، إلا أن فقدان حاسة الشم لم يعد من بين أبرز عشرة أعراض لها.

ويعد الصداع والتهاب الحلق وسيلان الأنف من أكثر الأعراض المرتبطة بالعدوى بهذه السلالة في بريطانيا.

ويوضح البروفيسور سبيكتور إن ذلك يجعل الفيروس يبدو وكأنه “نزلة برد شديدة” بالنسبة للشباب مما يزيد من خطر حملهم للفيروس دون أن يدركوا ليواصلوا نقل العدوى لأشخاص آخرين.

ماذا عن سلالتي دلتا بلاس ولامدا؟

وأدرجت الهند في 23 يونيو/حزيران الماضي تحور دلتا بلاس، وهو من أشكال سلالة دلتا الحالية، من بين السلالات المثيرة للقلق.

وقد تم وصفها لأول مرة من قبل هيئة الصحة العامة في انجلترا بأنها مماثلة لدلتا ولكن مع طفرة إضافية في البروتين الشوكس الذي يمكن الفيروس من ربط نفسه بالخلايا المصابة.

وتم العثور على دلتا بلس في 9 دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبرتغال وسويسرا واليابان وبولندا ونيبال وروسيا والصين.

وتقول وزارة الصحة الهندية إن سلالة دلتا بلس تنتشر بسهولة أكبر، وترتبط بسهولة أكبر بخلايا الرئة، ويحتمل أن تكون مقاومة لنوع من العلاج يسمى العلاج بالأجسام المضادة أحادية النسيلة.

لكن علماء الفيروسات البارزين يقولون إنه لا توجد بيانات كافية لدعم هذه الاستنتاجات ولم تصنفها منظمة الصحة العالمية على أنها مصدر قلق أو اهتمام.

تقول منظمة الصحة العالمية إن سلالة لامدا مسؤولة عن زيادة كبيرة في انتقال العدوى في بيرو وتشيلي والأرجنتين والإكوادور

ومع ذلك، فقد أضافت منظمة الصحة العالمية مؤخرا سلالة لامدا إلى قائمة السلالات ذات الأهمية.

وقد ارتبطت هذه السلالة بحالات كوفيد في العديد من البلدان لا سيما في أمريكا الجنوبية ومنطقة الأنديز (بيرو وتشيلي والأرجنتين والإكوادور).

وتم العثور على هذه السلالة في 29 دولة، وفقا للمبادرة العالمية لمشاركة بيانات أنفلونزا الطيور التي تتبادل أيضا البيانات حول فيروس كورونا.

وقال بابلو تسوكاياما، عالم الجراثيم من جامعة كاييتانو هيريديا في بيرو وأحد الباحثين وراء تحديد السلالة الجديدة، لبي بي سي: ” إنه من المرجح أن سلالة لامدا أكثر قابلية للعدوى فهذه هي الطريقة الوحيدة لشرح نموها السريع”.

وأضاف قائلا: “إن الحقيقة البسيطة المتمثلة في أن هذه السلالة أكثر قابلية للعدوى تعني المزيد من الحالات التي تدخل إلى المستشفيات والمزيد من الوفيات”.

ويقول البروفيسور تسوكاياما إن الأدلة تشير إلى أن هذه السلالة قد تسبب المزيد من المشاكل المعوية، ولكن الأدلة محدودة فيما يتعلق بما إذا كانت أكثر مقاومة للقاحات.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم تأثيرها الكامل.

هل توفر اللقاحات الحماية من السلالات؟
لحسن الحظ، أظهرت الدراسات أن اللقاحات المتوفرة مازالت فعالة ضد السلالات الجديدة لسارس كوف 2.

لكن فعاليتها تقل ضد السلالات الأحدث مقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا، خاصة بعد جرعة واحدة فقط من اللقاح.

ففي دراسة أجرتها هيئة الصحة العامة في إنجلترا، قدمت جرعة واحدة من لقاح فايزر أو أسترازينيكا 33 في المئة فقط من الحماية ضد سلالة دلتا، مقارنة بـ 50 في المئة ضد سلالة ألفا. ومع ذلك، ارتفعت هذه المعدلات بعد الجرعة الثانية إلى 88 في المئة للقاح فايزر، و 60 في المئة للقاح أسترازينيكا.

وأكدت دراسة منفصلة أجرتها جامعة أكسفورد أن لقاحي فايزر وأسترازينيكا كانا فعالين ضد سلالتي دلتا وكابا اللتين تم رصدهما في الهند.

وأشار الباحثون في مجلة سيل إلى السلالتين برمز النسب المشترك بينهما، قائلين: “لا يوجد دليل على عدوى واسعة النطاق، مما يشير إلى أن الجيل الحالي من اللقاحات سيوفر الحماية ضد سلالة بي1.617”.

ولكن نظرا لأن اللقاحات ليست فعالة بنسبة 100 في المئة، فإن السلالات ستؤدي أيضا إلى حالات دخول المستشفيات وحتى الوفيات بين الأشخاص الذين تم تلقيحهم، كما تقول المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) خاصة بين الأشخاص الذين أخذوا جرعة واحدة فقط من اللقاح.

كيف يمكننا مكافحة السلالات الجديدة؟
استجابة للانتشار السريع لسلالة دلتا في بريطانيا، تعمل الحكومات في إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا الشمالية على تقليص الفجوة الزمنية بين الجرعتين الأولى والثانية من اللقاح للمجموعات الأكبر سنا.

فقد أصبح بإمكان من تجاوز من العمر 40 عاما الآن حجز المواعيد بعد 8 أسابيع، وهي فجوة زمنية أقصر من الأسابيع الـ 12 السابقة، مع إجراء التلقيح أيضا في عطلة نهاية الأسبوع.

لكن زيادة وتيرة التلقيح تمثل تحديا خاصة بالنسبة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

في الهند، على سبيل المثال، حصل أقل من 4 في المئة من السكان على اللقاح الكامل، مع 18 في المئة فقط حصلوا على جرعتهم الأولى، وفقا للنشرة العلمية “عالمنا في بيانات”.

لذلك، يؤكد الخبراء هناك على أهمية مراقبة الفيروس من خلال تسلسل الحمض النووي مما يعني فحص عينات من الفيروس لتحديد الطفرات الجينية.

كما يؤكد البعض على الحاجة إلى اتخاذ تدابير لخفض الإصابات والتعامل مع الوباء على المدى الطويل.

ويقول عالم الأوبئة الدكتور لاليت كانت: “نحتاج إلى بذل المزيد من الجهد في رصد التسلسل لتحديد السلالات الخطرة مبكرا وتطبيق إجراءات الاحتواء”.

وقد بدأت الهند في الانفتاح ويعتقد الدكتور كانت أن موجة ثالثة أمر لا مفر منه.

ويقول الدكتور كانت: “لكن يمكننا تأخير الموجة الثالثة واحتواءها بإجراءات مناسبة مثل رصد التسلسل لمراقبة الطفرات، والتطبيق الصارم لإجراءات الأمان”.

ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنه تم تطعيم أكثر من 144 مليون شخص بشكل كامل في الولايات المتحدة حتى 14 يونيو/حزيران الماضي، كما شهدت نفس الفترة 3729 حالة إصابة بالعدوى و 671 حالة وفاة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى