اللغة المهرية.. إرث تاريخي عمره 3 آلاف عام


على مدى الأسبوع الجاري تحتفل مدارس وقبائل محافظة المهرة، بوابة اليمن الشرقية، بيوم اللغة المهرية والتي تعد من أقدم وأعرق اللغات السامية.

وتزخر اللغة المهرية بموروث ثقافي وأدبي غني خاصة في مجال الشعر والقصص القديمة التي نقلت من جيل بعد جيل، لكنّها ظلت محصورة على المتحدثين بها دون أن يتمكنوا من نقل ذلك الثراء الثقافي إلى لغات أخرى.

ويصادف يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام يوم اللغة المهرية، حيث يحتفل به سكان المحافظة اليمنية الواقعة على بحر العرب ويدعو الشيوخ جميع أبناء المهرة إلى التفاعل وإحياء هذا اليوم، للحفاظ على لغتهم الأم كما حافظ عليها أجدادهم منذ قديم الزمان.

ويعود تاريخ اللغة المهرية المكونة من 31 حرفاً (28 حروف اللغة العربية) إلى ما قبل أكثر من 3 آلاف عام، فيما يضع باحثون تاريخاً أقدم يمتد إلى 5 آلاف عام.
الكيبورد المهري
واللغة المهرية شفهية في المقام الأول، لكن مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث وضع لها أبجدية خاصة بها باستعمال الرموز العربية، ويوجد على متجر جوجل “الكيبورد المهري” الخاص بها كإحدى الوسائل التي تعمل للحفاظ عليها.

وبحسب رئيس مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث، الدكتور عامر بلحاف، فإنّ عمر اللغة المهرية يقدر بـ3 آلاف سنة استناداً إلى آراء بعض المستشرقين، وهناك من يرجع تاريخها إلى 5 آلاف عام.

وقال الباحث اليمني إن اللغة المهرية من اللغات المهددة بالانقراض بسبب عوامل عدة، منها تداخلها مع لغات أخرى وغلبة اللغة العربية عليها، أيضا عدم استخدام وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لهذه اللغة.

وأضاف بلحاف أن اللغة المهرية هي لغة أبناء المهرة في منازلهم وفي أسواقهم وفي تعاملاتهم كافة، إلا في المواقف التي تستدعي التحدث بغيرها كاللغة العربية.

وأوضح أن اللغتين المهرية والسقطرية أختان تنتميان إلى اللغات العربية الجنوبية القديمة، لكن نتيجة للتباعد الجغرافي والثقافي في الفترة الأخيرة حصل هناك بعد لغوي، فالمهري لم يعد يفهم في أيامنا هذه السقطرية.

احتفاء وفعاليات

يقيم مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث، أسبوعاً ثقافياً للاحتفال باللغة التي تعد أقدم اللغات السامية، والتي يتحدث بها نحو 200 ألف شخص داخل اليمن وخارجها.

ويقدم خلال الأسبوع الذي يقام في مدينة ‎الغيضة عاصمة المحافظة، أنشطة وفعاليات ثقافية، إضافة إلى بحوث ودراسات جديدة حول اللغة المهرية.

ويشير بلحاف إلى أن إقامة الأسبوع الثقافي هو من أجل التذكير بيوم اللغة المهرية الذي يوافق 2 أكتوبر من كل عام وتحتفي به معظم مدارس المحافظة الواقعة أقصى شرقي اليمن.

يحتوي الأسبوع الثقافي على أنشطة ثقافية عدة، من بينها التعريف ببعض إصدارات مركز اللغة المهرية وتوثيق عرس جماعي في إحدى البوادي، والتي تتمسك بالتراث المهري واللغة المهرية كلغة أساسية في حياتها اليومية، بحسب الدكتور فائل.

كما يتم تقديم إذاعات مدرسية باللغة المهرية في مدارس المحافظة لتذكير الأجيال الجديدة بأهميتها وتشجيعهم على تعلمها، فضلا عن تنظيم احتفالات تراثية وفنية وكرنفالية، ومحاضرات باللغة المهرية .

ودعا الباحث إلى ضرورة الحفاظ عليها والمحافظة على تاريخها وتراثها وشعرها، لأنها بالنسبة لمحافظة المهرة، تمثل الهوية، وهي أيضاً امتداد لإرث إنساني عريق.

دراسات عدة تشير إلى أن المهرية أصبحت تواجه خطر الانقراض، وأن “يونسكو” منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، تضعها من بين اللغات المهددة بالفناء.

والمهرة هي محافظة يمنية تقع في قلب الجزيرة العربية وتمتد على 93 ألف كيلومتر ويحدها من الشرق سلطنة عُمان، والسعودية شمالاً، ومحافظة حضرموت غرباً، فيما يحدها من الجنوب بحر العرب.

وتنتمي قبائل المهرة إلى “مهرة بن حيدان بن عمرو بن لحاف بن قضاعة والذي يمتد نسبه إلى مالك بن حمّير” إبان مملكة حمير التي حكمت اليمن سنة 110 قبل الميلاد وفقا للمراجع التاريخية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى