مليشيا الحوثي تستبق جهود المبعوث الأممي الجديد بتصعيد عسكري

اعتبر مراقبون يمنيون التصعيد العسكري الحوثي محاولة لاستباق جهود المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن هانز غروندبرغ الذي من المتوقع أن يباشر مهام عمله خلال الأيام القليلة القادمة، مؤكدين وجود ارتباط وثيق بين هذا التصعيد وبين الانسحاب الأميركي المرتبك من أفغانستان.

وأعلن التحالف العربي الثلاثاء عن اعتراض هجمات حوثية بالطائرات المسيرة استهدفت مطار أبها جنوبي السعودية ما تسبب في إيقاع ثماني إصابات وتضرر طائرة مدنية، واصفا الهجمات بأنها “جريمة حرب”.

وتزامنت الهجمات الحوثية على مطار أبها الدولي مع هجوم عنيف شنته الميليشيات الحوثية في مدينة مأرب شرقي صنعاء، كما أعقبت هجوما صاروخيا على قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج شمالي عدن تسبب في سقوط العشرات من القتلى والجرحى.

وعن دلالات التصعيد الحوثي أشار المحلل العسكري اليمني وضاح العوبلي في تصريح لـ”العرب” إلى أن الحوثي يدرك أهمية هذا التوقيت على أعتاب تدشين المبعوث الأممي الجديد لمهامه. وأضاف “كمراقبين عسكريين كنا ندرك بأننا أمام تصعيد حوثي قادم إن لم يكن شاملا، فعلى الأرجح سيقتصر على الجبهات التي يريد الحوثي أن يبرزها على طاولة المبعوث الأممي، ولهذا كان لا بد من تسخين وتصعيد الموقف العسكري من طرف الحوثي باتجاه جبهات مأرب وكذلك باتجاه الجنوب باعتبار الحديدة أصبحت محكومة باتفاق ستوكهولم الذي أصبح في جيب الحوثي”.

ولفت العوبلي إلى أن تحركات الحوثي في شق منها رسائل للمبعوث الأممي الجديد بأن الجماعة المدعومة من إيران تسعى لعقد اتفاقات مشابهة باتفاق السويد مع قوى فاعلة مع الأرض تهدف لتحييدهم مثل المجلس الانتقالي الجنوبي من جهة، ومع قوى الشرعية والأحزاب البارزة المنضوية فيها من جهة أخرى، في سياق تكتيك حوثي يهدف لتجزئة الحلول وفتح مسارات منفصلة مع كل مكون على حدة ومن ثم عقد اتفاقات منفردة مع كل طرف من الأطراف المناهضة للانقلاب.

وعن الخلفيات الإقليمية والدولية المحتملة لهذا التصعيد تابع “لا أستبعد كذلك أن الحوثي يريد إرباك وخلط عناوين النقاشات القادمة مع المبعوث الأممي وجعلها في إطار المطالب الأممية بوقف التصعيد ووقف إطلاق النار في هذه الجبهات التي تشهد تصعيدا مستجدا. ودلالات هذا التوجه الحوثي واضحة حيث يسعى إلى أن تبقى المفاوضات المزمع عقدها مع المبعوث الأممي حول ‘القشور’ وألا تتعمق المفاوضات نحو جوهر المشكلة اليمنية وذلك بإيعاز إيراني للحوثيين لتأخير أي مفاوضات للحل بحيث تمضي بشكل متواز أو متزامن مع مفاوضات إيران حول ملفها النووي، ولا يمكن أن تقبل طهران بضياع أو إهمال ورقة اليمن قبل أن تنتهي من مفاوضاتها النووية”.

ويربط مراقبون بين توقيت التصعيد العسكري الحوثي وبين تداعيات الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وهو الأمر الذي عكسته تصريحات عدد من قادة الجماعة الحوثية أشارت إلى أن الانهيار القادم لمن تصفهم حلفاء واشنطن سيكون في اليمن في إشارة إلى التحالف العربي بقيادة السعودية.

وفي هذا السياق كتب رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي في تغريدة على تويتر “مع خروج آخر مستعمر أميركي من أفغانستان أدعو الولايات المتحدة وحليفتها السعودية إلى الخروج من اليمن وإعداد خطة الانسحاب من الجمهورية اليمنية حتى يعيش الشعب اليمني الاستقرار بعيدا عن الاحتلال والوصاية التي لن يقبل بها الشعب اليمني وإن طالت المواجهات”.

وقال عضو وفد المفاوضات الحوثي عبدالملك العجري إن دول التحالف العربي في اليمن أمام خيارين “إما أن ترحل باتفاق كما فعلت الولايات المتحدة في أفغانستان أو مكسورة الناموس كما في فيتنام”.

وفي تفسيره لدلالات وتوقيت التصعيد الحوثي قال رئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى إن ميليشيا الحوثي تلجأ عادة إلى زيادة استخدام سلاح الصواريخ والمسيرات في الحرب عندما تواجه انسدادا في حربها البرية وهو ما تواجهه على الأرجح عملياتها الهجومية باتجاه مدينة مأرب.

وأضاف “من ناحية تحاول الميليشيات الحوثية تهيئة المسرح العملياتي على الأرض عبر المزيد من الإرباك لمجمل المشهد وإحداث جلبة إعلامية تزحزح من خلالها الانسداد لصالح قواتها على الأرض. فمن الناحية العسكرية عادة ما تتسبب هذه الضربات في صدمة مؤقتة للحالة المعنوية في الجبهة المقابلة لها، إضافة إلى الضغط الشعبي الذي تواجهه القيادات العسكرية كما لاحظنا بعد الاستهداف الأخير للّواء الثالث عمالقة في قاعدة العند بلحج. ومن الناحية السياسية فهذه الأعمال تدفع المجتمع الدولي إلى تجديد الدعوة لخفض التصعيد العسكري وفسح المجال للتسوية السياسية وهو ما يقيد ردة الفعل على السلوك الحوثي”.

واعتبر مصطفى في تصريح لـ”العرب” أن “استهداف الحوثيين لمطار أبها جنوبي السعودية مرتبط بمحاولة الميليشيا الحوثية الضغط على الرياض لتحييد الضربات الجوية للتحالف عن معركة الميليشيا باتجاه مأرب، إذ من الواضح أن الغطاء الجوي أسهم بفعالية في معركة الدفاع عن مأرب وإسناد القبائل المدافعة عن المدينة وبعض المديريات المحيطة بها وكبد الميليشيا الحوثية خسائر كبيرة في محاولات استماتتها لاجتياح مأرب. كما تحاول ميليشيا الحوثي باستهداف مأرب بالصواريخ إلى زعزعة الجبهة الداخلية المدافعة عن مأرب وخفض معنوياتها”.

وعن دلالات استهداف الحوثيين لقاعدة العند جنوبي اليمن تابع مصطفى “يحمل استهداف قاعدة العند في لحج أكثر من دلالة؛ فهو مرتبط بشكل غير مباشر بحرب الحوثيين تجاه مأرب والتنسيق بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين المسيطرة هناك ضمن اتفاق مأرب مقابل الجنوب. ما يعني أن تهدئة الحوثيين تجاه مأرب مشروطة بضرورة رفع الإخوان وتيرة حربهم ضد الجنوب باتجاه عدن وخاصة من جبهة شقرة – أبين وقد تشير الضربة الحوثية في العند إلى تنسيق أعلى بين الحوثيين والإخوان في الفترة القريبة القادمة باتجاه الجنوب قد يفضي إلى اشتراكهم في عملية واحدة باتجاه عدن من ثلاثة محاور: الإخوان في محوري شقرة وطور الباحة والحوثيون من محور كرش ويطوق الإخوان عدن بكماشة ويتقدم الحوثيون باتجاهها كرأس حربة، خاصة وأن دلالات التنسيق المخابراتي الحوثي الإخواني باستهداف قاعدة العند كان له أكثر من مؤشر دال وكل احتمالات تطور الحالة العسكرية وتعقيدها هي جزء من خطط تقاسم الجغرافيا قبل أي تسوية سياسية محتملة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى