مليشيا الحوثي ترد على المبادرة السعودية بتصعيد هجماتها ضد المملكة

في غير اكتراث لمبادرة السلام التي أعلنتها المملكة العربية السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية، استفحلت ميليشيا “الحوثي” في هجماتها الإرهابية ضد المملكة خلال الساعات القليلة الماضية، دون أن تعبأ بالفرصة السانحة التي منحتها الرياض لإحلال السلام في اليمن وإنهاء سنوات الحرب الدامية التي أنهكت الشعب اليمني، وأزهقت أرواح أبنائه وسلبت مقدرات وطنه على مدار الأعوام الماضية.

وعلى الرغم من أن المبادرة السعودية الأخيرة جاءت لتعطي مساعًا طيبًا حول إمكانية إنهاء الأزمة اليمنية، إلا أن ميليشيا الحوثي آثرت خيارًا غير منشود ترنوا به إلى مواصلة الحرب وتأجيج الصراع وذلك بعد هجماتها الأخيرة ضد المملكة.
“هجمات متوالية”
عند الساعة التاسعة وثمان دقائق من مساء أمس، تعرضت محطة توزيع المنتجات البترولية في جازان لاعتداءٍ تخريبي بمقذوف، ونتج عن الاعتداء نشوب حريق في أحد خزانات المحطة، دون وقوع أي إصابات أو خسائر في الأرواح.

وأكد مصدر مسؤول في وزارة الطاقة السعودية، إدانة المملكة لهذا الاعتداء التخريبي الجبان، الموجه ضد المنشآت الحيوية، مشددًا على أن هذا الاعتداء لا يستهدف المملكة فحسب، وإنما يستهدف أمن الصادرات البترولية، واستقرار إمدادات الطاقة للعالم، وحرية التجارة العالمية.

من جانبه، صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع السعودية العميد الركن تركي المالكي، بأن القوات السعودية تمكنت من اعتراض وتدمير 8 طائرات دون طيار أطلقتها المليشيا الحوثية بطريقة ممنهجة ومتعمدة لاستهداف الأعيان المدنية والمدنيين بالمملكة في انتهاك صارخ للقانون الدولي والإنساني وقواعده العرفية.

وأوضح أن المليشيا الحوثية قامت بإطلاق 3 صواريخ بالستية تجاه المملكة، حيث سقط أحدها بعد إطلاقه من صنعاء بمحافظة الجوف، كما سقط صاروخان بالستيان بمنطقتين حدوديتين غير مأهولتين.

“مبادرة السعودية”
الهجمات الحوثية الأخيرة، جاءت بعد أيام معدودة من إعلان المملكة العربية السعودية عن مبادرة جديدة لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل لحل سياسي شامل، والتي تضمن وقف إطلاق النار تحت مراقبة الأمم المتحدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة.

وحظت المبادرة السعودية بترحيبٍ عارم على الصعيدين العربي والدولي على حدٍ سواء، إلا أن الهجمات الحوثية الأخيرة ضد المملكة، تعد تأجيجًا داهم في خطورته يهدد مسار الحل السياسي في اليمن.

“رفض المبادرة”
اغتنام مكاسب المبادرة السعودية كان مرهونًا بموقف جماعة الحوثي المتغطرسة في خصومتها مع الحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية إذعانًا لظهيرها الإيراني، وفي الوقت ذاته، بدت المبادرة اختبارًا حقيقيًا للأطراف الجانحة للسلام والقوى الموالية للحرب.

وأكد العميد المالكي، أن هذه الاعتداءات جاءت لتؤكد رفض المليشيا الحوثية الإرهابية لكافة الجهود السياسية لإنهاء الأزمة اليمنية، لاسيما بعد إعلان مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة والوصول إلى حل سياسي شامل، كما تثبت استمرار الوصاية الإيرانية على القرار السياسي والعسكري للمليشيا بما يحقق أجندتها التخريبية لنشر الفوضى وتقويض الأمن الإقليمي والدولي.

“اختبار حقيقي”
وسارعت الحكومة الشرعية باليمن، لإبداء ترحيبها بالمبادرة السعودية فور إعلانها، مشيرة إلى أن ذات الموقف عبرت عنه الحكومة اليمنية مع كل نداءات السلام وفي كل محطات التفاوض حرصًا منها على التخفيف من المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني.

وأوضحت “الخارجية اليمنية” في بيانها، أن هذه المبادرة أتت استجابة للجهود الدولية الهادفة لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية، وهي اختبار حقيقي لمدى رغبة المليشيات المدعومة من إيران بالسلام، واختبار لمدى فاعلية المجتمع الدولي المنادي بإنهاء الحرب واستئناف المسار السياسي.

وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، أن موقف النظام الإيراني السلبي من مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة في بلاده يهدف إلى إطالة أمدها لاستنزاف دول المنطقة، مشيرًا إلى أهمية ما تمثله المبادرة من فرصة لإنهاء الأزمة وتحقيق السلام، ونوه إلى الترحيب الدولي الواسع بها.

“مبادرة شاملة”
وفي سياق متصل، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، عن ترحيبه بالمبادرة السعودية، مثمنًا حرص وجهود دول التحالف العربي تجاه إحلال السلام الدائم، وتثبيت الاستقرار في الجنوب واليمن.

وأكد المجلس في بيانٍ له، أهمية مبادرة المملكة العربية السعودية من حيث شموليتها لجميع الأطراف كضمان حقيقي للتقدم تجاه حل دائم، بما يضمن تمثيل جميع الأطراف، وفي أولوية ذلك التطلعات الوطنية المشروعة لشعب الجنوب، وحقه في استعادة وبناء دولته وهويته وسيادته.

“مماطلة الحوثي”
لم تبدِ جماعة الحوثي، موقفًا إيجابيًا حيال المبادرة السعودية فور إعلانها، الأمر الذي يرجع بطبيعة الحال إلى الموقف الإيراني إزاء المملكة، واستئثار طهران بسلطة قرار “الحوثي” التي لا تذكر إلا مقرونةً بـ”المدعومة من إيران”، ومن ثَّم، فإن الحوثيين لا يمتلكون سيادة قرارهم بيدهم وإنما هي بيد النظام الإيراني بما يخدم أجندته الخارجية وأهدافه التوسعية في المنطقة.

واتباعَا لنهج التعنت والمماطلة، أعلن القيادي في جماعة الحوثي، محمد علي الحوثي، عدم تلقي الجماعة أي مبادرة رسمية من قبل السعودية، معتبرًا أن ما تم الإعلان عنه هو عبارة عن دعوة إعلامية فقط.

وعلى الرغم من تصريحات المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام، حول استعداد الحوثيين لعلاقات جيدة مع السعودية، وإبلاغ الوسيط العُماني بملاحظاتهم على المبادرة السعودية، إلا أن هذه التصريحات بدت إدعاءًا لا يدعمه الواقع بعد توالي الهجمات الأخيرة ضد المملكة.

“ورقة ضغط”
شهدت الآونة الأخيرة تصاعدًا حادًا في الهجمات الحوثية الإرهابية التي استهدفت المملكة العربية السعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية في عدة محافظات، خاصة جازان وخميس مشيط، فضلًا عن استهداف منشآت النفط والأحياء المدنية ومن بينها؛ مصفاة تكرير البترول في الرياض، ومطار أبها السعودي، واستهداف ميناء رأس تنورة وشركة النفط السعودية “أرامكو”.

ويرى المراقبون أن طهران تريد استخدم نفوذها في اليمن كورقة ضغط خلال أية مفاوضات مقبلة بشأن الملف النووي الإيراني، وهو ما يفسر تصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية التي نفذتها ميليشيا الحوثي لاستهداف المملكة العربية السعودية خلال الأشهر الماضية، لا سيما بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية بإلغاء تنصيف جماعة الحوثي ضمن قائمة التظيمات الإرهابية.

وقياسًا على ما جرى، باتت الاعتداءات الأخيرة دليلًا دامغًا وحقيقة لا ريب فيها، تبرهن خنوع ميليشيا الحوثي تحت وطأة النظام الإيراني، ومواصلة التعنت والتبعية الإيرانية ومن ثَّم، إعلان جولة جديدة من الحرب الدائرة في البلاد وربما العودة إلى مربع الصفر بعد استنفاذ كافة الفرص الممنوحة إليهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى