الجوع مصير الآلاف الصيادين نتيجة مواجهات البحر الأحمر

يواجه الآلاف من الصيادين اليمنيين وأسرهم، مخاطر الجوع، في ظل توقف مصادر دخلهم من مهنة اصطياد الأسماك على مدى قرابة الشهر، نتيجة العمليات العسكرية المتصاعدة في البحر الأحمر.

ولم يعد بإمكان شريحة الصيادين في مياه البحر الأحمر، ممارسة أعمالهم على نحو اعتيادي، إذ باتت مخاطر الموت تحيط بهم من كل جانب، فضلًا عن الظروف الأمنية وتداعيات الحرب المندلعة منذ 2015، بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي، إضافة إلى الصدمات المناخية المتلاحقة التي أثرت على الشعب المرجانية، وجرفت البيئة الملائمة للأسماك.

وقال وكيل محافظة الحديدة الساحلية المطلّة على مياه البحر الأحمر وليد القديمي، إن “القطاع السمكي تعرّض لكثير من الخسائر والاستنزاف والتدهور الخطير، طيلة السنوات الماضية، نتيجة الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثيين في البلاد، ويزداد الأمر سوءًا نتيجة التوتر العسكري الجاري في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، ما يهدد آلاف الصيادين بالجوع والموت، وينذر بانهيار هذا القطاع الاقتصادي الحيوي والعاملين فيه”.

وأضاف القديمي ان “الصيادين في الحديدة، يشكون، اليوم، من انعدام الأمان في البحر، وأن تحركاتهم أصبحت محدودة بالقرب من السواحل ولأوقات قصيرة جدًا، خاصة بعد نشر ميليشيات الحوثيين، ألغامًا بحرية مجددًا، في محاولة لمنع اقتراب قوات البحرية الأمريكية والبريطانية من السواحل اليمنية في نطاق سيطرتهم، ما يهدد أكثر من 200 ألف من الصيادين بالبطالة والجوع”.

ويمتلك اليمن شريطًا ساحليًا يصل طوله إلى 2252 كيلو مترًا، يطلّ الجزء الأكبر منه على مياه خليج عدن والبحر العربي، جنوب وشرق البلاد، فيما يبلغ طول الجزء الغربي من السواحل اليمنية المشرفة على مياه البحر الأحمر، نحو 770 كيلو مترًا، يقع معظمها تحت سيطرة ميليشيات الحوثيين.

وبدوره، كشف مدير عام مكتب الإعلام بمحافظة الحديدة علي الأهدل، أن غالبية سكان الحديدة يعتاشون على مهنة الاصطياد، بواقع أكثر من 300 ألف صياد، موزعين على مختلف مناطق المحافظة الساحلية”.

وأضاف الأهدل أن “قرابة 60% من هؤلاء الصيادين، يعانون البطالة والتوقف عن ممارسة أعمالهم، نتيجة وضع ميليشيات الحوثيين ألغامًا بحرية بشكل عشوائي في معظم المناطق الساحلية الخاضعة لسيطرتهم، إلى جانب تثبيت ألغام بحرية قبالة الأماكن المهمة، مثل ميناء الحديدة، وميناء رأس، عيسى، وأمام ميناء الصليف، في حين تنتشر الفرقاطات والسفن الحربية الدولية في الطرف الآخر من المياه الدولية”.

ولفت إلى أن “نحو 40% من صيادي الحديدة، يمارسون مهنة الاصطياد في أطراف المياه، ولا يستطيعون الدخول إلى عمق البحر، فيما فضّل عدد منهم مغادرة الحديدة، بحثًا عن فرص عمل أخرى في مهنتهم التي يجيدونها”.

وأشار الأهدل، إلى أن صيادي الحديدة، أصبحوا وأسرهم التي يعيلونها بين “مطرقة الجوع في المنازل، وسندان الموت جراء العمليات العسكرية المتصاعدة، ولم يعد أمامهم سوى بعض المناطق التي تخضع لسيطرة قوات خفر السواحل اليمنية الحكومية”.

وذكر أن المناطق المتاحة “ليست كافية لاستيعاب كل هذا العدد الكبير جدًا من الصيادين، وبالتالي فإن المسألة بحاجة إلى تدخل عاجل لإنقاذ حياة هذه الشريحة من اليمنيين”.

وقال الأهدل، إن “ميليشيات الحوثيين، تُجبر من يذهب من الصيادين إلى البحر، على إبلاغها حول أماكن تواجد السفن وتحركاتها، في حين تقوم باستئجار القوارب المتوقفة للقيام بمهمات استطلاعية، مهددة مصادر دخل هذه الأسر المكافحة”.

وعثر مواطنون يمنيون في محافظة الحديدة، الخميس قبل الماضي، على جثامين 8 صيادين قُتلوا رميًا بالرصاص من قبل جهة مجهولة، بعد فقدانهم، خلال الأسابيع الماضية، عقب رحلة صيد.

بدورها، اتهمت ميليشيات الحوثيين “قوات دولية” في مياه البحر الأحمر، دون الإشارة إلى جنسيتها، بإطلاق النار على الصيادين الثمانية أثناء مزاولة عملهم في المياه الإقليمية.

ومن جهته، أشار وكيل قطاع خدمات الإنتاج والتسويق السمكي، في وزارة الزراعة والريّ والثروة السمكية لدى الحكومة الشرعية غازي لحمر، إلى أن “أضرار القطاع السمكي تعود إلى العام 2014، وتزداد وطأتها مع مرور كل عام”.

وقال لحمر ان “الأحداث الأخيرة زادت الأوضاع سوءا بالنسبة للصيادين والقطاع السمكي بشكل عام في البحر الأحمر”.

وأكد أن “القطاع السمكي، تعرّض جراء حرب انقلاب ميليشيات الحوثيين لدمار شبه كامل، خاصة فيما يتعلق بالبنى التحتية، وتعرضت أجزاء كبيرة من أعمال وأنشطة القطاع لتوقف تام”.

وأضاف أن أعداد الصيادين اليمنيين في البحر الأحمر، تبلغ 62 ألف صياد، يمتلكون أكثر من 10 آلاف قارب، ويصيدون ما تصل نسبته إلى حوالي 35% من إنتاج الأسماك، ويصدرونها إلى الخارج بما يفوق 120 مليون دولار، لكن كل هذا يتعرّض الآن لصعوبات جمّة”.

وبيّن لحمر، أن “الوزارة بدأت في التنسيق، مؤخرًا، مع قوات خفر السواحل، التي تسيطر على أجزاء من الساحل الغربي للبلاد، لإيجاد آلية عمل مشتركة بهدف ضمان سلامة الصيادين”.

وذكر أن وزارة الزراعة اليمنية، “تعمل مع الجهات ذات العلاقة لتقديم أوجه الدعم للصيادين، سواء من المنظمات الدولية أو من المانحين الذين يقدمون قوارب ومعدات ومستلزمات الاصطياد، على أمل التخفيف من معاناتهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى