صحيفة دولية : الحرس الثوري الإيراني يكسر جدار السرية ويكشف علنا تحكّمه بصنعاء

عدن24 | العرب اللندنية
أثار الظهور الإعلامي المتكرر لسفير إيران لدى الميليشيات الحوثية في صنعاء حسن إيرلو، العديد من التساؤلات حول توقيت هذا النشاط الإيراني العلني في اليمن، وطبيعة الرسائل التي تريد طهران إرسالها إلى المجتمع الدولي، بعد أن ظلت تنكر لسنوات تقديمها أي دعم للجماعة الحوثية التي انقلبت على مؤسسات الدولة اليمنية وسيطرت بقوّة السلاح على مساحات شاسعة من البلاد منذ أكثر من ستّ سنوات.
وقالت مصادر سياسية يمنية إن إيرلو، الضابط في الحرس الثوري الإيراني الذي لم تعرف حتى الآن تفاصيل وصوله إلى اليمن وتنصيبه من قبل الحوثيين سفيرا للنظام الإيراني لدى السلطة الانقلابية، يحاول الظهور كحاكم عسكري إيراني في صنعاء، في الوقت الذي تتصاعد فيه الضغوط الدولية لإنهاء الحرب في اليمن.

واعتبر مراقبون يمنيون أن ظهور إيرلو في احتفال أقيم في مسجد الصالح بصنعاء، في الذكرى الأولى لمصرع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بحضور قيادات حوثية بارزة، مثّل استفزازا لقطاع عريض من اليمنيين، خصوصا وأنّ الاحتفال الذي أقيم في مسجد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح جاء بعد تقارير إعلامية غربية تحدثت عن صدور أمر تصفية صالح عن سليماني نفسه.

وتسعى إيران للانتقال إلى مرحلة جديدة في الملف اليمني من خلال إظهار نفوذها على صنعاء كرابع عاصمة تسيطر عليها بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين إيرانيين، غير أن مصادر سياسية أكدت ارتباط النشاط الإيراني المتزايد في مناطق سيطرة الحوثيين بالتحولات الإقليمية والدولية ورغبة طهران في استثمار نفوذها الإقليمي لانتزاع مكاسب سياسية واقتصادية في فترة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن.

ويؤكد مراقبون أن النظام الإيراني يحاول حصد ثمار دعمه العسكري للميليشيات الحوثية في اليمن خلال السنوات الماضية، بالتزامن مع تزايد المؤشرات على التوجه الدولي لإغلاق ملف الحرب في اليمن والتوجه المتوقع للإدارة الأميركية الجديدة التي يبدو أنها ستعيد العمل بالاتفاق النووي مع طهران، وما سيتبع هذه الخطوة من مكاسب للنظام الإيراني.

وفي تصريح لـ”العرب” وصف الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي إحياء الحوثيين لمقتل سليماني في صنعاء بأنّه دليل على ما كان يمثله هذا الشخص بالنسبة إلى هذه الجماعة، وعلى الدعم القوي الذي كان يقدَّم لها عن طريقه باعتباره كان أقوى الأذرع الإيرانية في الخارج، إضافة إلى أن هذا الاحتفال “يعكس شعورا حوثيا بنوع من الاستقرار وبأنه لم يعد هناك من خطر على النظام الذي يسعون لإقامته في صنعاء، وتأكيدا على أنهم باتوا يعتقدون أن المجتمع الدولي ودول الإقليم استسلما للواقع الجديد بشكل أو بآخر، لذلك لم يعودوا بحاجة إلى إخفاء علاقتهم الوثيقة بإيران”.

وأشار البخيتي، وهو قيادي سابق في الجماعة الحوثية، إلى أن أكثر ما يلفت الانتباه في الاحتفال الذي أقامه الحوثيون في ذكرى مقتل سليماني، هو احتقار الحوثيين لأنفسهم أمام إيران لأنه لم يلاحظ بالمقابل أيّ احتفاء مماثل في إيران أو حتى لدى حزب الله أو لدى الطوائف الشيعية الموجودة في العراق بذكرى مقتل صالح الصماد الذي كان بمثابة “رئيس جمهورية” من وجهة نظر الحوثيين وليس مجرد قائد عسكري.

وأضاف البخيتي قوله “باعتقادي أن مثل هذه الاحتفالات لتمجيد قيادي عسكري إيراني تعد تعبيرا عن التبعية الشديدة لإيران وشكلا من أشكال تقديم الولاء والطاعة لها بشكل مبتذل”.

ولفت البخيتي إلى أن ما يفعله الحوثيون في صنعاء إهانة لليمن ولليمنيين وإهانة لكل مفاهيم الحرية والاستقلال والسيادة التي يزعمون أنهم يدافعون عنها، مستدركا “لكن الإيجابي من هذه الاحتفالات أنها تظهر حركة الحوثيين على حقيقتها وأنها مجرّد جزء من كل الجماعات التي تموّلها وتدعمها إيران وتديرها بشكل مباشر”.

ومن جهتهم يربط مراقبون يمنيون بين زيادة الهجمات الحوثية التي تستهدف مصالح حيوية سعودية، باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية والقوارب المفخخة، وبين الإعلان الرسمي عن وجود القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو في العاصمة اليمنية صنعاء.

واتهمت الحكومة اليمنية رسميا الميليشيات الحوثية ومن خلفها إيران باستهداف مطار عدن الدولي بالصواريخ لحظة وصول الطائرة التي تقل الحكومة اليمنية الجديدة المعترف بها دوليا إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وقال السياسي اليمني ومستشار وزارة الإعلام اليمنية فهد طالب الشرفي في تصريح لـ”العرب” إن الاحتفال الذي أقامه الحوثيون في صنعاء بحضور السفير الإيراني في ذكرى مقتل سليماني رسالة تحمل عدة دلالات، أولاها أن “صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي تحدثت عنها إيران من قبل كانت تحت إشراف سليماني”.

وأضاف الشرفي “الدلالة الثانية تكمن في ما يحمله تدشين إيرلو لهذه الفعالية بتلك الطريقة الفجة والسافرة في عاصمة اليمن من انتهاك صارخ للسيادة اليمنية المهترئة على أيدي الجماعة الحوثية التي سوّقت إيرلو كحاكم فارسي لصنعاء، إضافة إلى ما بعثه هذا الاحتفال من رسالة لأعضاء وأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام تذكّرهم بمقتل علي عبدالله صالح وتتحداهم بتأبين من أمر بقتله في مسجده، وبأن نهج الحرس الثوري مستمر بعد أن أمسك إيرلو بزمام حكم صنعاء”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى