اليوم الأسود.. الرواية الكاملة للهجوم الإرهابي على مطار عدن

عدن24-العين الإخبارية

من فرحة إلى حزن، تبدلت مشاعر السكان خلال اليوم الأسود في عدن تحت هجمات دموية هي الأكثر وحشية في بلد موغل بحرب حوثية منذ 6 أعوام.

روايات هذا اليوم العصيب على اليمن والدول العربية المساندة لبلد يقع في مرمى مشاريع الخراب الإيراني ووكلائه والكيد القطري والتركي وأدواتهما، تتعدد بين مأساة وقوف الحوثيين خلفها، ومؤامرات الإخوان والتنظيمات الإرهابية واستماتتهم في نسب الحادثة لأطراف في الصف المناهض للانقلاب.

“العين الإخبارية” تقف على حيثيات ذلك في المطار المدني الذي يعد بمثابة البوابة الرئيسية لعبور اليمنيين إلى العالم، وتداعيات صواريخ الهجوم على جوهرة المدائن عدن.

وبات واضحاً أن هجمات مطار عدن تحتفظ بشواهد كثيرة غابت عن وسائل الإعلام في أعقاب فاجعة الضحايا من مراسلي الأنباء، وباتت الآن بيد السلطات اليمنية بعد التحقيق من بقايا الأدلة.

ويعتقد أن استخدام الصواريخ في الهجوم المروع دليل دامغ أنها من ترسانة مليشيا الحوثي لأنها الطرف المحلي الوحيد الذي تغذي طهران آلة موته العابرة للحدود وليس حواجز تفتيش تحيط مطار مدني وترتيبات أمنية تتخطى محافظة واحدة خصوصا مساحات عدن المفتوحة.

هذا ما حدث؟
كانت “العين الإخبارية” مثلها مثل الكثير من وسائل الإعلام اليمنية والدولية تضع في خارطة يومياتها مواكبة حدث عودة الحكومة الجديدة إلى عدن باعتبارها بارقة الأمل في مآسي هذا البلد المثقل بالأوجاع، وهو حدث يأمل منه اليمنيون والمجتمع الدولي أن يكون مرحلة جديدة نحو السلام على عتبات العام الجديد لطي سجل 6 أعوام عنف.

كان صباح الأربعاء أكثر إشراقا، ومطار عدن الدولي يضج بالحياة، الناس تتجمع أمام البوابة الرئيسية وآخرون جنود مناضلون شهدوا أشرس الحروب وأعنفها، وأرادوا أن يسجلوا في ذاكرة مسيرتهم في مكافحة الإرهاب وهزيمة الانقلابيين “احتفاء” يليق بـ”قاهر الإرهاب”، اللواء شلال شائع القادم مع رئيس وأعضاء الحكومة الجديدة متشحا بزيه العسكري لتسليم راية أمن عدن لقائد آخر.

كما كان هناك مسافرون يتزاحمون ضمن 4 رحلات على جدول طيران اليمنية وهم مرضى وجرحى تقطعت سبل أنفاسهم وغدا السفر للعلاج خلاصهم الوحيد، فيما آخرون هم مسافرون عاديون بين عدن والقاهرة بعضهم من موظفي البعثات الدولية.

وعلى مقربة من مهبط الطائرات، اصطف جنود في خطين موازيين على امتداد بساط أحمر يصل إلى سلم الطائرة التي تقل رئيس وأعضاء الحكومة الجديدة، فيما كان يتقدم كبار الشخصيات لاستقبال حكومة الكفاءات وخلفهما فرقة موسيقية تعزف لحن السلام.

في الخلف بين مبنى صالة الاستقبال؛ حيث يجلس الحشود والجنود والمسافرون، فيما انتشر المصورون الصحفيون ومراسلو قنوات البث المباشر لنقل صورة بدأت بتجمع محبي شلال بهتافات ترحيبية لـ “قاهر الإرهاب” وأخرى للحكومة في العاصمة.

وفيما كانت آليات التحالف تتأهب لنقلهم إلى قصر معاشيق دوّى انفجار هائل في صالة الانتظار وتدافع المئات إلى الخارج فيما قُضي آخرون جثثا هامدة.

انفجار آخر، أكثر دويا، ناتج عن ارتطام صواريخ في طرف مهبط الطائرات محدثا هزة عنيفة امتدت إلى الأحياء السكنية المتاخمة للمطار المدني والتي شاهدت “العين الإخبارية” خروج العشرات منهم يهرعون تحت ضغط التفجير الهائل، وكان الجميع لا يعرف بعد تداعياته لا سيما عقب إطلاق الجنود الرصاص للسماء طلبا للنجدة.

ولأن مراسلي الأنباء تدافعوا إلى الخارج وآخرين بين 72 روحا وقعوا ضحايا، اختلطت الروايات بالدماء وغابت التوصيفات الصحيحة بين تفجيرات من الداخل وآخرين عدوها هجمات مقذوفات ومع تدخل الأمن والإسعافات لم يكن ليتنبه أحد أن حمما حوثية أرسلت عبر السماء جحيما لتصفيةٍ جماعية.

ويروي المسؤول الإعلامي في مطار عدن، عادل الحمران، المشهد القاسي والانفجار الضخم وذلك عندما “هرول الجميع باحثين عن حياتهم التي قد يفقدونها بدون أي سبب ولا ذنب”.

وأضاف: “كنت أهرول مثلهم ولا أدري أين أذهب كان المشهد كله دماء وأشلاء للناس، لوث الدم هندام الناس وبزاتهم العسكرية، أحدهم عاجز أصيب لكنه عجز عن الوقوف والهروب”.

وتابع: “كانت أصوات الرصاص صغيرة كألعاب نارية ووحدها رشاشات المدرعات من كانت توقظ مسامعنا، لم يمنحنا القتلة فرصة أخرى بين الرعب والدم حتى اهتز المطار مجددا بانفجار آخر، كان يوما مخيفا بمعنى الكلمة”.

إفك الإرهاب
يذهب البعض إلى الإشارة لتنظيم الإخوان الإرهابي بالتنسيق مع مليشيا الحوثي لاغتيال هذه الحكومة في مهدها الأول، إلا أن التناول القطري والإخواني وأبواقهم للحادثة يكشف أن المهمة كانت أيضا بعد الجريمة ضمن مخطط إعادة صراع الشرعية كأحداث أغسطس/آب 2019 واغتيال العميد منير أبو اليمامة مجددا.

وحسب الباحث اليمني، حسام ردمان، فإنه “بدون أدنى شك أن الطرف الرئيسي الذي يقف خلف هذه العملية هو مليشيات الحوثي، لسببين أولا بالنظر إلى الإسهابات حيث تنظر المليشيات لاتفاق الرياض أنه تهديد وجودي يقوض انقلابها، وآخر بالقدرات التسليحية وهو السبب الأهم لأن المليشيا تعد الطرف الوحيد الذي يمتلك هذا بين كل القوى في الساحة اليمنية”.

وقال في تصريح لـ”العين الإخبارية”، إنه “سبق أن قام الحوثيون بشن عمليات مماثلة في 2019 بقصف عرض عسكري واغتيال العميد أبو اليمامة، وهجوم العند وكذا في انعقاد أولى جلسات البرلمان في سيئون، وكذا في مأرب في محاولة استهداف وزير الدفاع، وقبل محاولة تصفية حكومة بحاح عبر أذرعهم تنظيم القاعدة الإرهابي والتي تستخدم كورقة نشطة لإيران وقطر في الساحة الإقليمية”.

أما رئيس مؤسسة بنا حياة للتنمية والحقوق والحريات، كامل الخوداني، فيؤكد أن ما حدث بمطار عدن أسقط الأقنعة عمن يدعون محاربة الحوثي وهم بصفه يعملون لأجندته من خلال سعيهم الحثيث لتبرئة الانقلابيين ورمي التهمة نحو الانتقالي الذي كان معظم قياداته ووزرائه وجنوده ورجاله معرضين لموت محقق.

ويقول خبراء عسكريون إن هناك روايات متطابقة بين شهود العيان في مناطق تعز الخاضعة للحوثيين في عدد الصواريخ والتوقيت مع مشاهد السقوط في مطار عدن من زاوية الاتجاه والسقوط، وهو تأكيد دامغ على أن المليشيات هي الجهة المنفذة لا سيما بعد محاولة تكرار الهجوم عبر طائرة بدون طيار اعترضها التحالف فوق سماء قصر معاشيق.

وعن العقل المدبر للجريمة يشير الخبراء إلى أن بصمات الهجوم الإعلامي ومحاولة دفن تفاصيل الجريمة عبر آلة ضخمة تؤكد أن طرفا إقليميا استخدم خلايا إرهابية في إدارة التوقيت وتنسيق إفك التشكيك مع قطب الإرهاب الآخر المتمثل بإيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى