تقرير خاص يستعرض انتهاكات مليشيا الحوثي في الحديدة

عدن 24| خاص

لا صوت يعلو فوق صوت الجُرم والاعتداء، هذا هو المشهد الذي يسود محافظة الحديدة، التي باتت مسرحاً لإرهاب متفاقم تمارسه المليشيات الحوثية.

ودأبت المليشيات الحوثية على ارتكاب العديد من الجرائم التي استهدفت ترويع المدنيين بغية إطالة أمد الحرب، وتعميق الأزمة الإنسانية، المصنّفة في الأساس بأنّها الأشد بشاعة على مستوى العالم أجمع، ففي أحدث الاعتداءات الحوثية، قصفت المليشيات المدعومة من إيران، القرى السكنية بالقذائف المدفعية والأسلحة المتوسطة، وزرعت الألغام واعتقلت المواطنين، وروعت الأطفال والنساء، وشردت الكثير من الأسر واجبرتهم على النزوح.

    جرائم الحوثي بعيون زائر أجنبي

في زيارة سابقة لها لبعض مناطق محافظة الحديدة، عبّرت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “أونهما”، دانييلا كروسلاك، عن تأثرها العميق بما شاهدته من جرائم ميليشيا الحوثي.

وقالت كروسلاك، خلال زيارة ميدانية إلى مدينة حيس جنوب الحديدة برفقة الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، للاطلاع على حجم معاناة السكان، إن هذه المعاناة كبيرة خصوصاً عند الأطفال.

وأضافت أن وجودها في الحديدة هو للتعبير عن القلق فيما يتعلق بالقتال الدائر فيها، مضيفةً: “يجب أن نعالج هذا الأمر بشكل مشترك ضمن الإطار المتفق عليه والآليات المتفق عليها بغية تحقيق تقدم بين الطرفين، وذلك بحسب ما نقله عنها الإعلام العسكري للقوات المشتركة.

    انتهاكات حقوق الإنسان

لم تتوقف جماعة الحوثي عند حد معين للانتهاكات، بل يتوصل الأمر بها إلى احداث مجازر وقتل جماعي للمواطنين، وقد أدانت وزارة حقوق الإنسان بأشد العبارات المجزرة والجريمة البشعة التى ارتكبتها مليشيا الحوثى، بحق المدنيين فى ميناء الاصطياد وبوابة مستشفى الثورة فى مدينة الحديدة، في حينه، والتى أسفرت عن سقوط 14 قتيلا وأكثر من 30 جريحاً أغلبهم مدنيين.

وقالت الوزارة فى بيانها “إن هذه الجريمة البشعة تشكل انتهاكاً خطيراً وجسيماً للقانون الدولى الإنسانى واتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكولين الملحقيين وتعد جريمة حرب ضد الإنسانية والتى لا تسقط بالتقادم، وإذ تشير الوزارة بأن هذه الجريمة متعمدة كونها جاءت متزامنة مع اجتماع مجلس الأمن وقبل تقديم إحاطة المبعوث الأممى بساعات، فى استعطاف زائف للمجلس، ومحاولة وقحة لخلط الأوراق من قبل هذه الميليشيا”.

وطالبت وزارة حقوق الإنسان، المجتمع الدولى، وعلى رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالتحرك العاجل لحماية المدنين وإدانة واضحة لهذه الجرائم والضغط بكل الوسائل على المليشيا الإنقلابية لإيقاف إجرامها، والإسراع بوقف كافة أشكال الانتهاكات والجرائم الممنهجة بحق المدنيين الآمنين.

كما دعت الوزارة اللجنة الوطنية للتحقيق فى إدعاءات انتهاكات حقوق الإنسان التحقيق فى مثل هكذا وقائع بحسب النظم والإجراءات المتبعة لديها كما دعت فريق تقييم الحوادث إلى التحقيق فى هذه المجازر وفضح أساليب مليشيا الحوثى الانقلابية.

        خروقات الهدنة الانسانية

تصاعدت وتيرة خروقات مليشيا الحوثي للهدنة الإنسانية في محافظة الحديدة، وسجلت رقماً قياساً جديداً خلال أسبوعين فقط.

يأتي ذلك في تصعيد يهدد بنسف قرار وقف إطلاق النار المدعوم من الأمم المتحدة.

وكشفت القوات المشتركة، عن حصيلة صادمة للعدد الإجمالي لخروقات وانتهاكات مليشيا الحوثي خلال 13 يوماً، فقد وصلت لأكثر من 5702 خرق وذلك في الفترة الممتدة من 17 إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وخلافاً لمئات الضحايا المدنيين الذين يعيشون تحت رحمة نيران مليشيا الحوثي، سيما سكان المدن والقرى الواقعة على خطوط النار، بيّن التقرير أن عنف العمليات العسكرية بلغت أعلى ذروتها وأن حرب ضروس تجري على الأرض بشكل غير مسبوق منذ دخول التهدئة الأممية حيز التنفيذ.

وشنت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا، منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي نحو 204 عمليات عسكرية برية على مواقع القوات اليمنية المشتركة لقطع خط إمدادها في الساحل الغربي، وشملت العمليات الحوثية،  محاولات التسلل والتفاف وزحف المباشر لفرض سياسة الأمر الواقع.

وبحسب تقرير حكومي، فإن العمليات العسكرية للحوثيين رافقها استخدام مكثف للطائرات بدون طيار للهجوم على مرافق حيوية بالساحل الغربي، غير أن دفاعات التحالف العربي نجحت في اعتراض وتدمير أكثر من 13 طائرة مسيرة مفخخة.

وقال التقرير، إن المليشيات الحوثية الإرهابية شرعت في تشييد تحصينات جديدة بلغت خلال هذه الفترة القصيرة 99 عملية استحداث وذلك ضمن تصعيدها العسكري الكبير والتحضير لتوسيع دائرة العنف في مختلف بلدات الساحل الغربي.

وفي صعيد استخدام الصواريخ، وثق التقرير، إطلاق مليشيا الحوثي أكثر من 41 صاروخ كاتيوشا لاستهداف قرى وبلدات آمنة تبعد أكثر من 20 كيلومترا عن خطوط التماس في تطور لافت يشير لاستقدام المليشيات قاذفة صواريخ لإسناد عملياتها العسكرية في المحافظة الساحلية المطلة على البحر الأحمر.

كما سجل التقرير، إطلاق مليشيا الحوثي لأكثر من ألف و749 قذيفة مدفعية من طراز “هاون” ذات الآثر المميت في المناطق السكنية وذلك في هجمات استهدفت عشوائيا المدن الحضرية في مسعى لبث الهلع والرعب اوساط السكان وحملهم على النزوح القسري.

وطبقاً للتقرير، فإن 176 عملية قنص ارتكبتها مليشيا الحوثي، وسقط إثرها العشرات من المدنيين قتلى ومصابين، فيما انفجرت 13 عبوة ناسفة عن بعد استخدمتها المليشيات ضمن حرب متعمدة خلف الخطوط الملتهبة.

ونص اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة أواخر ديسمبر 2018 على وقف شامل لإطلاق النار وانسحاب الحوثيين من موانئ ومدينة الحديدة وفتح الممرات الإنسانية. 

وكان الاتفاق يقضي بتحييد “الحديدة” وموانئها الحيوية، لكن مليشيا الحوثي لم توقف خروقاتها منذ توقيع الاتفاق وطالت هجماتها 6 مديريات، ما أسفر عن تهجير 16 ألف أسرة، خلافاً عن مئات القتلى وآلاف الجرحى.

وقد أتهمت القوات المشتركة مليشيا الحوثي بارتماب 13 ألف انتهاك حوثي للهدنة الأممية في الحديدة.

وقال المتحدث باسم القوات المشتركة، إن فرص التوصّل إلى تسوية سياسية “قد أُجهضت… لاسيّما أن الخروقات الحوثية لبنود اتفاق السويد، وأكد، في تصريحات صحافية، أن تلك الانتهاكات “قوبلت بصمت أممي” اعتبره “مشاركة في الجُرم الحوثي الفتاك، الذي فشل في إيجاد حل لوقف تمدد الحوثية”.

كما اتهم الحوثيين باستغلال الهدنة لتنفيذ عمليات تصفية حسابات في الداخل، باختطافات واعتقالات وتصفيات ضد المعارضين والناشطين، وصل عددها إلى 310 حالات.

وأشار المتحدث باسم القوات المشتركة، إلى أن من بين هذه الخروقات كانت هناك عمليات هجوم واشتباكات مباشرة أشبه بالحرب المكتملة تجاوز مسماها “الخروقات”، وكانت الدريهمي وحيس والجبلية والتحيتا من أكثر المحاور التي شهدت هجوماً مباشراً.

وأشار إلى أن عدد الاستحداثات الحوثية امتداداً من 18 ديسمبر 2018 حتى ديسمبر 2019م، وصلت إلى 16.516 توزعت على مناطق حيس والدريهمي والجبلية والتحيتا والجاح والفازة وكيلو 16، ومنطقة منظر وساحة العروض.

ولفت إلى أنه من ضمن الخروقات الحوثية، 1576 هجوم واشتباك وصفها بـ “حرب مكتملة الأركان تجاوزت مسمى الخروقات”، و3,950 تسللا، و1,356 عملية قصف مباشر على الأملاك الخاصة المواطنين بمختلف أنواع الأسلحه الثقيلة.

تضاف هذه الاعتداءات إلى سجل دموي تملكه المليشيات الحوثية التي دأبت على ارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين عملًا على إطالة أمد الحرب.

ويمكن القول إنّ التصعيد الحوثي المتواصل يساهم في تحقيق الهدف الذي تبتغاه المليشيات وهو إطالة أمد الحرب، باعتبار أنّ هذا الأمر يُحقّق الكثير من المكاسب للحوثيين، أهمها استمرار نفوذهم على الأرض بالإضافة إلى استغلال الوضع الإنساني المتردي وغياب سلطة القانون في تكثيف أعمال النهب، عملًا على تكوين ثروات ضخمة.

وهناك حاجة ملحة لمنح الحرب اليمنية استراحة طال انتظارها، لا سيّما أنّ الأرقام توثّق حالة إنسانية مأساوية يعيشها السكان، ووفقًا لأحدث الإحصاءات أدت الحرب إلى مقتل أكثر من 112 ألف شخص بالإضافة إلى 24 مليون نسمة بحاجة لشكل من أشكال المساعدات الإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى