انهيار اتفاق السويد بتصعيد حوثي في الحديدة

عدن24 / العرب اللندنية

أجمعت أوساط سياسية ودبلوماسية يمنية وعربية على اقتراب انهيار اتفاقات السويد وخصوصا الجزء المتعلق بمدينة الحديدة وموانئها، بالرغم من المساعي الدبلوماسية البريطانية التي تحاول تثبيت الهدنة الهشة التي لم تتوقف الميليشيات الحوثية عن اختراقها منذ دخولها حيز التنفيذ في 18 ديسمبر الماضي.

وصعّد الحوثيون من خطابهم الإعلامي تجاه كبير المراقبين الدوليين في الحديدة الجنرال باتريك كاميرت، بالتزامن مع تصعيد عسكري جديد تمثل في استهداف ممثلي الحكومة اليمنية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار من خلال طائرة مفخخة من دون طيار تم إسقاطها من قبل التحالف العربي والجيش اليمني بحسب وزير الإعلام في الحكومة الشرعية معمر الإرياني.

وقال الإرياني في تغريدة على تويتر إن قوات الجيش اليمني بدعم من التحالف أحبطت عملية إرهابية استهدفت الفريق الحكومي في اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار برئاسة اللواء صغير بن عزيز عبر طائرة حوثية مسيرة مصنعة في إيران، مضيفا أنه تم اعتراض الطائرة الحوثية وهي محملة بمواد شديدة الانفجار وتفجيرها قبل وصولها إلى مقر سكن الفريق الحكومي باللجنة المشتركة في الدريهمي الساعة السابعة والنصف من صباح الأحد.

ووصف وزير الإعلام اليمني الممارسات والانتهاكات والخروقات الحوثية بأنها تأكيد على عدم جدية الميليشيات الحوثية في السير في طريق التسوية السياسية وسعيها لاستغلال محطات الحوار السياسي فقط لالتقاط أنفاسها والاستعداد لخوض جولة قادمة من المواجهات العسكرية.

وأكد الإرياني في تصريح لـ”العرب” أن الميليشيات الحوثية تسعى لإفشال اتفاق السويد المتعلق بالحديدة على وجه التحديد من خلال عدد من الممارسات من بينها مهاجمة رئيس فريق المراقبين الدوليين في وسائل الإعلام الحوثية وتجاوز ذلك إلى استهداف الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار من خلال طائرة مفخخة من دون طيار.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي بعدم منح الميليشيات الحوثية المزيد من الوقت لاستكمال تجهيزاتها، لما قال إنها معركة قادمة في الحديدة قد تكون كلفتها المادية أكبر في ظل المعلومات التي تؤكد استمرار الميليشيات في حفر الأنفاق وبناء المتارس وتلغيم المباني.

وأعلنت الحكومة اليمنية مقتل رئيس الاستخبارات والاستطلاع في الجيش اليمني اللواء محمد صالح طماح متأثرا بالجروح البليغة التي أصيب بها في الهجوم الحوثي بطائرة مسيرة على منصة العرض العسكري في قاعدة العند العسكرية، الخميس الماضي، وهو الهجوم الذي أدانته الأمم المتحدة وعدد من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ووصفته بأنه مهدد للعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن.

وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بعدم الجدية في الانسحاب من الحديدة وموانئها، ومحاولة تغيير خارطة القوة في الحديدة من خلال هجمات مستمرة على مواقع المقاومة المشتركة، مستفيدين من تحييد سلاح الجو التابع للتحالف العربي بسبب الهدنة.

وقال الصحافي اليمني سياف الغرباني في اتصال هاتفي مع “العرب” إن الميليشيا الحوثية تخوض حربا شاملة، على مسارين في الحديدة، الأول يستهدف القوات المشتركة، والثاني يستهدف المدنيين، ويضع المزيد من الكمائن في طريق إفشال اتفاق ستوكهولم.

وأضاف الغرباني “خلال الساعات الماضية فقط، أطلق الحوثيون أربعة صواريخ باليستية من مواقع مدنية بعضها مدارس داخل أحياء من أكثر الأحياء اكتظاظا بالسكان في مدينة الحديدة، فضلا عن أن العشرات من القذائف المدفعية تتساقط بلا توقف على مربعات سيطرة المقاومة المشتركة، بالتوازي مع هجمات متواصلة، وفي مناطق ريف الحديدة، وتحديدا في المديريات الجنوبية أحبطت قوات المقاومة المشتركة هجوما كبيرا للحوثيين استمر نحو 10 ساعات واستهدف قطع خطوط قوافل الإغاثة في الطريق الساحلي جنوب المدينة”.

وتتضاءل فرص نجاح اتفاق ستوكهولم مع تجدد الاشتباكات في محيط مدينة الحديدة وبشكل متصاعد، في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الوطني اليمني عن رصد 464 خرقا ارتكبتها الميليشيات الحوثية منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

ويشير الباحث السياسي اليمني منصور صالح إلى أن الكثير من المعطيات السياسية والعسكرية باتت تؤكد أن اتفاق ستوكهولم في طريقه للانهيار حتى في حال اعتقد العالم أنه قد تم تنفيذ هذا الاتفاق، إلا أن الوقائع تعزز كونه مجرد محاولة للهروب إلى الأمام دون تحقيق مكسب حقيقي على الأرض.

ويعتقد صالح أن المعضلة في اتفاق السويد تكمن في كونه بني على أساس هش وغير واضح في ما يتعلق بالآلية، الأمر الذي دفع الأطراف الموقعة عليه إلى أن تطالب بتفسيره. مضيفا أن تفسير الشرعية للاتفاق كان قاصرا ولا يخدم أهدافها في استعادة المحافظة والموانئ، حيث لم تأخذ في الحسبان التغيرات العميقة التي حدثت في قيادة المحافظة وأجهزتها الأمنية منذ الانقلاب وحتى اليوم، وهذا ما كان يدركه الحوثيون وعملوا باتجاهه.

ويلفت صالح إلى وجود معضلة أخرى ساهمت في الإخلال باتفاق السويد والمتمثلة في موقف المجتمع الدولي الذي بدا مساندا للمشروع الحوثي من خلال الضغط على التحالف وقوات العمالقة والقوات المساندة لها لوقف التقدم وحسم المعركة في الحديدة، بالتوازي مع ممارسة أساليب الاسترضاء حينا والتغاضي حينا آخر على تجاوزات الميليشيات الحوثية بالقرارات الدولية والاتفاقات الموقعة من قبل الجماعة ذاتها.

ويصف مراقبون سياسيون يمنيون الموقف البريطاني إزاء اليمن بأنه الأكثر إثارة للشكوك، نتيجة لحالة التناقض اللافت بين التصريحات الرسمية البريطانية التي تؤكد دعمها للحكومة الشرعية والتحركات البريطانية في مجلس الأمن الدولي أو من خلال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يعتبره العديد من الخبراء اليمنيين رأس الحربة في مشروع بريطاني للعودة إلى المنطقة من خلال الملف اليمني.

وتتبنى بريطانيا مشروعا جديدا في مجلس الأمن الدولي يوسع من نطاق صلاحيات الفريق الأممي الذي يشرف عليه مواطنها مارتن غريفيث، وهو الأمر الذي يخشى سياسيون يمنيون من أنه سيوسع من دائرة النفوذ الغربي في اليمن وسيتسبب في تعقيد المشهد اليمني وتكريس حالة اللاسلم واللاحرب التي تعززها القرارات الدولية.

واعتبر الباحث والسياسي اليمني أحمد الصباحي أن هناك الكثير من الغموض الذي يكتنف الموقف البريطاني من الأزمة اليمنية، وهو ما عززته التحركات البريطانية قبل مشاورات الحديدة، ومحاولتها إنقاذ الميليشيات الحوثية.

ويؤكد الصباحي في تصريح لـ”العرب” أنه من غير المستبعد أن تكون لبريطانيا أطماع جديدة لعودة دورها الكبير داخل اليمن، خصوصا أن لها ارتباطا تاريخيا في جنوب اليمن، مضيفا “تعيين البريطاني مارتن غريفيت مبعوثا للأمم المتحدة إلى اليمن شجع بريطانيا للعب هذا الدور، الذي بلغ ذروته من خلال وزير خارجية بريطانيا جيرمي هانت الذي استطاع إنقاذ الحوثيين في مدينة الحديدة بعد أن كانت القوات المشتركة على وشك السيطرة عليها عسكريا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى