قطر وصراع النساء على العرش

بقلم: خالد الزعتر

لم يعد الصراع في الداخل القطري محصوراً بين الديوان الأميري بقيادة الأمير تميم مسنودة بالقوات التركية، وبين الدولة العميقة بقيادة حمد بن جاسم، الذي يمسك بمفاصل الدولة القطرية الاقتصادية والإعلامية، والذي تطوّر هذا الصراع بشكل لم يعد بالإمكان التغطية عليه، ليخرج إلى السطح بأدوات جديدة وصلت حدّ “الصدام العسكري”، والذي شاهدناه في رمضان الماضي بالحادثة التي سميت، آنذاك، بالانقلاب في قطر. قطر 

بل برز في قطر صراعاً من نوع جديد “صراع النساء على العرش والنفوذ” بين العهد القديم الذي تقوده الشيخة موزة المسند، وبين العهد الجديد الذي بدا واضحاً أنّ هناك قيادة جديدة تحاول الهيمنة على المشهد الداخلي، وهي زوجة الأمير تميم “الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني”، وتبلغ من العمر 36 عاماً، وتعتبر من جيل الشباب الذي بدأ في الصعود إلى واجهة المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي في الدوحة.

لا يخفى على أحد حالة التراكمات النفسية التي تعيشها موزة المسند، والتي بدأت منذ سقوط مشروع ما يسمى بالربيع العربي، ومشروع تمكين الإخوان من مفاصل الدولة المصرية، والذي بلا شك كان ضربة قاصمة لطموحات موزة المسند في إرضاء طموحاتها الشخصية، التي نشأت عن حقد وكره للسيدة سوزان مبارك، والتي كانت موزة المسند تصارع من أجل الحصول على لقب السيدة الأولى في العالم العربي، ولكن كل هذه الطموحات تبخرت بعد ثورة الـ30 من يونيو، والتي دفنت طموحات الإمارة الصغيرة، قطر، وقياداتها الطامحة في الخروج من عقدة المساحة التي تعيشها.

وبالعودة إلى الوضع الداخلي في قطر، نجد أنّ الحالة النفسية لموزة المسند أخذت في التدهور نتيجة بوادر التهميش لشخصيتها في الداخل القطري، فمع صعود جيل الشباب إلى واجهة المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي، وانحسار نفوذ وتأثير الدولة العميقة التي تعد موزة المسند أحد مؤسسيها، نجد أنّ ذلك كان له انعكاسة كبيرة على الحالة النفسية لموزة المسند، التي تخشى من تصاعد حالة التهميش لشخصيتها، والتي لم يعد بالإمكان التغطية على ذلك، والمحافل الداخلية والخارجية شاهدة على الغياب الواضح لحضور موزة المسند، والتي ظل اسمها مجرد عنوان في الصحف القطرية يفتقد للحضور الفعلي في النشاطات الداخلية والخارجية.

مهندس عملية التهميش لشخصية موزة المسند، هي “الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني” زوجة الأمير تميم، الذي بدا واضحاً بروز حضورها في المحافل الداخلية والنشاطات الاجتماعية، والتي تحاول التسويق لشخصيتها مستغلّة حالة التغيير الذي تعيشه قطر على الصعيد الداخلي، مع بروز وتصعيد جيل الشباب، حيث تلعب الشيخة جواهر على وتر تمكين المرأة وحقوقها وهو البوابة العريضة لتحقيق الحضور الداخلي والخارجي.

وبالتالي أظهرت اهتماماً بدعم مختلف الرياضات النسائية، حيث أطلقت عام 2010 بطولة لكرة القدم النسائية تحمل اسمها، كما تعمل على تقديم الدعم للنهوض بالمواهب النسائية وتحضر شخصياً لتكريمها، وتحرص على حضور ودعم مختلف الفعاليات الرياضية المقامة في قطر، محاولة الصعود في كل مرة، والصعود على أكتاف الحضور الداخلي للشيخة موزة المسند التي تراجع حضورها بشكل لافت، وهذا الأمر كان له انعكاسه على الحالة النفسية لموزة المسند، التي تخشى أن ينتهي بها الحال إلى ما تعيشه زوجات الأمير حمد بن خليفة من حالة من التهميش وعزل تام عن الحضور في المشهد الداخلي.

ربما المتابع للسياسة التي تنتهجها “الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني” يجد أنّها لا تختلف تماماً عن سياسات الشيخة موزة المسند في بدايات ظهورها، فهي استطاعت أن تضمن لنفسها موقعاً في الصدارة برغم أنّ للأمير تميم ثلاث زوجات، إلا أنّها نجحت في تصدّر المشهد لتصبح بذلك المقربة منه، كما فعلت الشيخة موزة المسند من قبل حمد بن خليفة، وكما هو الحال مع مخطط موزة المسند لتصعيد ابنها تميم للحكم، تحاول الشيخة جواهر أن تلعب بذات الطريقة، عبر تحجيم فرص تصعيد أبناء تميم من زوجته الثانية وهما “عبد الله وجاسم”، من الوصول لولاية العهد، وليصبح حمد نجل جواهر الوحيد هو الأمير المرتقب.

وبالتالي فإنّ النار من تحت الرماد في الحالة القطرية أصبحت مؤهلة للاشتعال في أي لحظة، بخاصة في ظل تعدّد حالة الصراعات الداخلية، وحالة التنافس للسيطرة على المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي، بين العهد الحالي والدولة العميقة، وبين جيل الشباب والجيل القديم، وحالة الصراع تجاه رسم ملامح المرحلة المقبلة حول موضوع الخلافة الذي تتجاذبه أطراف عديدة من جهة الشيخة جواهر التي تحاول تصعيد ابنها، بينما هذا الأمر قد لا يروق لأطراف عديدة ترى في صعود نجم الشيخة جواهر وتعاظم حضورها الداخلي والخارجي خطراً عليها، كما هو الحال مع موزة المسند التي أصبحت في مرمى مخططات التهميش التي تقودها “الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني” زوجة الأمير تميم. قطر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى