دراسة ميدانية تبين الدور المحوري للانتقالي والإمارات في مكافحة الإرهاب

عدن 24 / اليوم الثامن:

قدمت “مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات”، مقرها العاصمة الجنوبية عدن، دراسة ميدانية حول عملية سهام الشرق التي نفذتها القوات المسلحة الجنوبية بدعم من القوات المسلحة الإماراتية بمحافظة أبين، والتي توجت بتطهير كامل المحافظة من التنظيمات الإرهابية.

وتسلُّط الدراسة الضوء على الجهود السياسية والعسكرية التي بذلها المجلس الانتقالي الجنوبي وبدعم من دول التحالف العربي في سبيل مكافحة التنظيمات الإرهابية الدولية باليمن، منذ بداية المواجهة مع التنظيمات الإرهابية العابرة للقارات، خصوصاً بعد التطورات التي رافقت الصراع في صنعاء وما لحقها من توظيف سياسي لتلك التنظيمات نتج عنها عددًا من الأنشطة الإرهابية بمدن الجنوب.

وتناولت الدراسة الدور العسكرية والأمنية الذي قدمته القوات المسلحة الجنوبية في مكافحة التنظيمات الإرهابية الدولية باليمن، وإبراز التحديات التي تواجهها في سياق مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الإمكانيات العسكرية والتدابير التشريعية التي تعتمدها الدول عن طريق تعزيز المبادرات الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى الإرهاب واتخاذ تدابير لمكافحة التطرف العنيف.

مقدمة

إن الإرهاب ظاهرة إجرامية دولية تهدد العلاقات الطبيعية بين الدول وتمثل تهديدًا مباشرًا للنظام العالمي وساهم التطور العلمي والتقني الذي صاحب المجتمع الدولي في العصر الحديث بتسهيل الاتصال والتواصل بين الشعوب ووضع وسائطها المتعددة بمتناول الجميع مما أفاد المجرمين وخبثاء النفوس بتنفيذ مخططاتهم الإجرامية في مختلف بقاع الأرض وأصبحت الجريمة غير محصورة بدولة معينة بل صارت تهدد الجميع، مما دعا إلى محاربة تلك الظاهرة بكل السبل.

ويؤكد الاستقراء التاريخي لظاهرة العنف في التفاعل البشري، أن الأعمال الإرهابية كظاهرة ترويع وترهيب ليست بالحدث الجديد على ساحة أحداث المجتمع الدولي، فقد عُرفت منذ العصور القديمة، لكونها مرتبطة بظاهرة العنف السياسي التي هي من أقدم الظواهر بالمجتمع الإنساني والعلاقات الدولية عموما، غير أن تنامي وتزايد مخاطر الأعمال الإرهابية، سواء من حيث مظاهرها أو مداها أو من حيث الوسائل المستخدمة فيها، أو حتى بالنسبة للقائمين عليها، والدوافع والأسباب التي تقف وراءها هو ما شكل حدثًا بارزًا وغير اعتيادي بالتعاطي مع الظاهرة وجعلها نتيجة المتغيرات السابقة محل دراسة وجدل، لم يكن فيما سبق بنفس الحدة والثراء.

وبلغت معدلات غير مسبوقة خلال السنوات القليلة الماضية (نهاية القرن الماضي وبداية القرن الجديد)، ولم تعد هذه الأعمال مقتصرة على تهديد أمن هذه الدولة ونظامها، أو تلك، بل أصبحت تهدد المجتمع الدولي ككل بجميع كياناته وأشخاصه، سواء في بنياته الداخلية، أو الاقتصادية أو الاجتماعية او السياسية، أو حتى قيمه الروحية.

وصارت أعمال الإرهاب حربًا معلنةً على كل شيء، وأصبحت أشد ضراوة على الدول والشعوب من الحروب التقليدية؛ لأن في الحروب التقليدية العدو واضح، ووسائله بيَّنة، وأهدافه معلنة، بعكس أعمال الإرهاب، بل وأصبح لها واقع سياسي واجتماعي في كثير من الدول، مستمدًا مصدره من جوهر المفاهيم السائدة بالمجتمع الذي يعيش فيه.

وأثار انتشار الأعمال الإرهابية بالعقدين الأخيرين وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية إلى زيادة الاهتمام بمواجهة هذه الظاهرة، حيث أجمع المجتمع الدولي بمخاطر الأعمال الإرهابية، وعنايته بمواجهتها بعديد الاتفاقيات الدولية التي بلغ عـددها (13) اتفاقية فضلا عن القرارات والتوصيات الصادرة عن المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة.

لم يكن الوطن العربي بمنأى عن هذه الظاهرة، بل أصبح مأوى لكثير من تلك التنظيمات الإرهابية لا سيما مرحلة مواجهة الوجود الروسي في اليمن الجنوبي، وتجلَّى بوضوح في حرب صيف 94م وخروج دولة الجنوب عن المعادلة السياسية وجد تلك التنظيمات بيئة خصبة بل أصبح شريكة بالنظام السياسي الحاكم وتعد مرحلة في ما بين عام2011م إلى 2022؛ من أكثر المراحل تبلورًا وظهورًا وشكلت خطرًا كبيرًا على حياة الشعب الجنوبي بشكل خاص ودول الجوار بشكل والإقليم والعالم بشكل عام، لا سيما بعد حرب 2015 حين سلمت السلطات اليمنية معظم محافظات الجنوب (عدن- حضرموت- شبوة- أبين- لحج- المهرة) للتنظيمات الإرهابية المدعومة من الأطراف المتصارعة على السلطة باليمن واستطاعت تلك التنظيمات المحظورة أن تضع لها موطئ قدم وبمساندة من السلطات اليمنية في صنعاء بكافة مكوناتها السياسية والعسكرية؛ بغرض تحقيق أغراض سياسية دنيئة؛ مستغلة الغطاء الديني لتشريج جرائمها الإرهابية؛ فتعرض المجتمع الجنوبي لعدد من الجرائم الإرهابية التي ما زالت حتى اللحظة تحصد أرواح الأبرياء وتدمر حياة كثير من أبناء هذا الشعب العظيم والصابر في مواجهة هذا العدو الدولي المشترك وصار شعب الجنوب يقدم أرواح أبنائه وأمواله وممتلكاته وحرياته للخطر.

انطلاقاً من قناعتها المبدئية بضرورة التصدي لظاهرة الإرهاب من خلال الجهود الإقليمية والدولية، لمواجهة الإرهاب إدراكاً من مسؤولية القائد الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية تجاه الشعب الذي أصبح ضحية لتلك العمليات الإرهابية والتي هي ليست وليدة اللحظة بل بدأت منذ بداية التسعينيات وفي الحرب الأخيرة بدأت تأخذ أبعاداً وأشكالاً وصوراً غير مألوفة بمجتمعنا الجنوبي خاصة ومحيطنا الإقليمي والدولي عامة، وتماشياً مع الأهداف السامية لأهداف ثورة شعب الجنوب أقرّت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الاستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب والتنسيق مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية وغيرها من الدول العربية التي اكتوت بنيران تالك التنظيمات الإرهابية والتي دعتها الضرورة إلى سن التشريعات والمعاهدات التي تحد من ظاهرة الإرهاب، ونحن في دولة الجنوب جزء لا يتجزأ من هذا النسيج العربي نؤمن ونصدق على كل الاتفاقيات العربية والدولية المختصة بمكافحة الإرهاب.

أهمية الدراسة

إن رصد وتتبع ظاهرة الإرهاب ونشأتها ومراحل تطورها بالعالم بشكل عام واليمن خاصة أمر تدعو إليه ضرورة الواقع وواجب الضمير الإنساني والديني والوطني، فكل الباحثين والمهتمين والفاعلين بالمجتمع معنيون برصد وتتبع ظاهرة الإرهاب وتحليل أبعادها ومخاطرها حتى لا ينبت الإرهاب والعنف ببنية المجتمع نبتا ويصبح ثقافةً وسلوكًا يمارس دون أن يجد له رادعا، ومن المسلم أن ظاهرة الإرهاب أصبحت من أكثر الظواهر شيوعًا وخطرًا وهذا ما جعل دراستنا أمرًا ملحًا تمليه قوة الحضور واتساع الطرح.

وتتمثل أهمية الدراسة بأنها تتناول قضية خطيرة ومؤثرة على حياة الشعوب وواقعهم السياسي والديني والاقتصادي والعسكري والفكري لا سيما أن الحرب مع هذا العدو ما زالت مستمرةً ما لم يُقضَ عليه وتجفف منابعه الفكرية والمادية؛ بالإضافة لذلك تحقيق أهداف وطنية ودينية وفكرية لدى الأجيال القادمة مجذرة من تلك النبة الشيطانية العابرة للقارات وتوضيح مدى آثارها التدميرية ضد الإنسان والأوطان بغرض الوصول إلى مجتمع خال من العنف والتطرف والإرهاب.

وتكمن أهمية الدراسة بأنها تجسد التضحيات التي قدمها شعب الجنوب العربي في مواجهة تلك العصابات الاجرامية وما خلفته تلك المواجهة غير المتكافئة من خسائر بالأرواح وما تلتها من حالة رعب وخوف في اذهان المجتمع.

أهداف الدراسة

تسعى الدراسة لتحقيق عدد من الأهداف هي:

  1. إبراز الدور الوطني للقوات المسلحة والامن والمقاومة وفئات المجتمع الجنوبي في مكافحة هذا العدو الايديولوجي الموجة ضد الإنسان والأوطان.
  2. كشف الدور الذي لعبته دول التحالف العربي في مواجهة تلك الفئة الضالة واستئصالها من محافظات الجنوب.
  3. نشر الوعي داخل صفوف المجتمع بخطر التطرف والإرهاب وتوظيف الدين لأغراض سياسية بحتة، والعمل الدؤوب لخلق وعي مجتمعي من خطر تلك العصابات والوصول مجتمع خال من العنف والتطرف والإرهاب.
  4. إبراز التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب الجنوب في سبيل استئصال تلك الآفة الدولية الإجرامية.

النتائج والتوصيات

أولا: النتائج:

بالنسبة لشعوب المنطقة فإن فرق الموت تعددت وأصبح القتل مجاني وعلى قارعة الطريق. ثمة خطورة في أن تصبح تلك التنظيمات مشروعاً بالمنطقة إذا أن ظل الخذلان الذي تعرض له الجنوب العربي ومشروعه التحرري، بهذه المرحلة، حيث استهدف المجلس الانتقالي وما زال يستهدف؛ لأن حامله الأساسي هم الجنوبيون واستهدفت المقاومة لأن معظم محتواها من أبناء الجنوب ومن المعلوم للجميع لا يمكن للمنطقة أن تتعافى من ظاهرة الإرهاب إلا بالتخلص من جماعة الاخوان المسلمين ومليشياتها الارهابية في الجنوب؛ لكونهم النواة الداعمة لتلك التنظيمات الإرهابية.

وهناك عدد من النتائج التفصيلية هي الآتي:

  1. كشفت الدراسة أن حجم المسؤولية التي تحملها المجلس الانتقالي الجنوبي كبيرة جدا وتعد مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية مهمة دولية تحتاج إلى جهود مكثفة لكونها أصبحت لها تحالفات محلية وإقليمية ودولية.
  2. كشفت الدور الوطني الجنوبي الكبير التي بذلته القوات المسلحة والمقاومة الجنوبية في مواجهة تلك المليشيا الارهابية في سبيل كل مدن الجنوب (عدن لحج ابين حضرموت شبوة الضالع).
  3. كشفت الدور المحوري لدولة الامارات العربية المتحدة في دعم المكون السياسي والعسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي دار تلك المعارك البطولية ضد تلك المليشيا الارهابية الاجرامية.
  4. كشف الدراسة قوة التشريعات العربية بمواجهة الارهاب وكيف اسهمت تلك الدول وفي مقدمتها مصر والامارات بمحاربة حركات الاسلام السياسي المتطرف.
  5. أن التشريعات الدولية كثفت المعاهدات والاتفاقيات التي تجرم ظاهرة الارهاب وتجفف منابعه ومكافحة بكل الوسائل والطرق بسبيل القضاء عليه.
  6. شكلت حركتا الحوثي والإخوان باليمن خطرًا حقيقًا على الأمن والسلم الدوليين مما جعلها في مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة الجنوبية خلال فترة الحرب وحد اللحظة.
  7. أسهمت الامارات بالدعم والمساندة والتدريب للأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب لتأمين مختلف المناطق والتصدي لخطر التنظيمات المتطرفة، وأسهمت بالتصدي لتنظيمي القاعدة وداعش اللذين كانا يتمددان في محافظات الجنوب المحررة لمحاولة السيطرة على مدن رئيسية.
  8. أن الارهاب باليمن تم توظيفه توظيفا سياسيا من قبل القوى السياسية والدينية والقبلية والعسكرية باليمن للسيطرة على ثروة محافظات الجنوب في سبيل تموين الارهاب في الجزيرة العربية والعالم.
  9. عمل المجلس الانتقالي الجنوبي على اتخاذ عديد الإجراءات لمواجهة التنظيمات الإرهابية بهدف تقويض قدرتها على ارتكاب العمليات الإجرامية.
  10. أن الجنوب أصبح في مواجهة مباشرة مع الإرهاب منذ صيف العام الأول لتوقيع مشروع اتفاقية الوحدة اليمنية بين البلدين الجارين حتى هذه اللحظة.
  11. شكلت عمليات سهام الشرق وسهام الجنوب والسهم الذهبي والفصيل من اهم العمليات العسكرية في مواجهة تلك التنظيمات الضالة.

ثانيا: التوصيات:

  • وضع خطة استراتيجية شاملة لمكافحة التنظيمات الارهابية تتضمن المكافحة الوقائية والمكافحة العلاجية والمكافحة الاستئصالية.
  • تفعيل التشريعات الوطنية الجنوبية ذات الصلة بمُكافحة الإرهاب.
  • -تفعيل دور الحماية الوقائية الفكرية والأيدولوجية في سبيل مكافحة الافكار المتطرفة.
  • -تطوير الاجراءات الامنية والاستخباراتية للقوات المختصة بمكافحة الارهاب.
  • التنسيق المستمر مع لجنة مكافحة الارهاب بالأمم المُتحدة على نحو يُحقق مُكافحة فعالة وشاملة لظاهرة الإرهاب تعزيز سُبُل التصدي للطرق المُستحدثة في مجال تمويل الإرهاب.
  • التنسيق مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) والكيانات الإقليمية والعربية لإدراج وإصدار نشرات حمراء للقيادات والكوادر والعناصر الهاربة على المستوى الدولي.
  • إدراج أبرز العناصر الهاربة خارج البلاد على القوائم وتجميد أموالهم والعمل على تحجيم قدراتهم بتنفيذ مخططاتهم العدائية الموجهة للساحة الداخلية.
  • التوسع بإبرام اتفاقيات التعاون الأمني مع الدول لتنسيق وتطوير التعاون الأمني بمختلف المجالات لاسيما مكافحة الإرهاب.
  • التشبيك مع الدولة العربية والاقليمية التي تبنَّت الدولة بدساتيرها مُكافحة الإرهاب لكونه يُعد التزاماً على عاتقها لحماية أمنها القومي.
  • الإرهاب يستهدف حماية أحد المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وهو الحق بالحياة في إطار مُقاربتها الشاملة لمكافحة الإرهاب. لذا يتوجب على الجمعية الوطنية تبني هذه المسألة لما لها تأثير كبير بالمجتمع الدولي.
  • انطلاقا من الالتزام الدستوري والمعاهدات والاتفاقيات الدولية الاقليمية والعالمية بمُكافحة الإرهاب يتوجب القيام بما يُحقق مُكافحة فعالة وشاملة لظاهرة الإرهاب بكافة أبعادها، كما استهدفت التشريعات تعزيز سُبُل التصدي للطرق المُستحدثة بمجال تمويل الإرهاب.
  • الاهتمام بكافة وسائل المواجهة الفكرية الدعوية والتثقيفية والتوعوية الوقائية والمعالجة الشاملة في سبيل مقاربة فكرية لاستقطاب الشباب المغرر بهم وحماية الشباب من مخاطر الإرهاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى