الجنوب.. حلم خلافة تركية بعمامة إيرانية

تحليل سياسي يستعرض المطامع التركية والإيرانية في جنوب اليمن

  • كيف أثار الإخوان قضية سقطرى والمهرة وشبوة وعدن؟
  • من هي الأدوات القطرية الإيرانية في الجنوب وكيف تدعمها الدوحة والإخوان؟
  • انتفاضة ربيع اليمن.. كيف حولها الإخوان الى خدمة المطامع التركية والقطرية؟
  • من الذي مكَّن الحوثيين دون قتال من صنعاء وما دور الأموال القطرية في تسليح الحوثيين؟
  • هل ساند الإخوان عاصفة الحزم بشكل صادق.. أين هي انتصاراتهم؟

عدن24 | تحليل خاص

تأزم المشهد السياسي في اليمن، بعد أن دخلت تركيا وقطر وإيران بشكل قوي في الجنوب المحرر، في مسعى للحصول على نفوذ، خاصة بعد عرقلة تحرير مدينة الحديدة وحصول الحوثيين على شرعنة لبقاء الميناء بعيداً عن سيطرة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.

فمع دخول معركة الحديدة مرحلة الحسم خلال الأشهر الماضية رمى تحالف قطر وإيران وتركيا بثقله في الجنوب، من خلال تحريك بعد الأدوات التي حاولت اثارة العديد من القضايا من بينها القضية العدنية وقضية المخفيين قسراً، وخروج قيادات على صلة بتنظيم القاعدة للحديث عن انتهاكات للتحالف العربي في عدن.

كما تقول السلطات الحكومية في الجنوب أن اثارة قضية سقطرى والمهرة وشبوة وعدن كلها كان الهدف منها ارباك التحالف والحصول على مكاسب عسكرية في شمال اليمن، وسياسية في الجنوب.

وتقدم قطر أموالاً عن طريق شخصيات كانت ولا تزال على علاقة وثيقة بإيران وحزب الله لإثارة الفوضى وتمكين حلفاء الدوحة من السيطرة على عدن بعد إزاحة القوى الجنوبية التي تطالب بالاستقلال.

وترفع هذه القوى شعارات مناهضة للتحالف العربي بدعوى أنه يريد احتلال البلاد في حين أن مهمة هذه القوى هي التمكين لإحتلال قادم تبدو أهدافه الواضحة أنها ضد الجنوب وتطلعات أهله.

 

فقطر التي يقاطعها جيرانها، كانت من أبرز دول الحلف التي دعمت الحوثيين بل أن ثورة انتفاضة 11 فبراير التي امتطاها الإخوان ساهمت في وصول الحوثيين الى صنعاء دون قتال، وهو ما يفسر دعمها لتلك الأطراف المرتبط بإيران لإعادة سيطرة حلفاء الدوحة في مأرب على نفط شبوة وحضرموت وميناء عدن.

يؤكد التحالف العربي تورط الدوحة في تزويد الحوثيين بالأسلحة والأموال، على الرغم من أنها شاركت ضمن عملية عاصفة الحزم، قبل أن يتم اعفاء قواتها من المشاركة جرّاء إعلانها المطالبة بحوار مع إيران بشأن مليشيات الحوثي التي تتبعها في اليمن، وهو الأمر الذي اعتبرته السعودية والإمارات ومصر والبحرين انتهاكاً للسيادة العربية وأعلنت هذه الدول مجتمع على قطع العلاقة مع الدوحة التي سارعت الى إعادة بناء التحالف الثلاثي.

سارعت قطر الى دعم تركيا التي واجهت أزمة انهيار العملة التركية، وقدمت دعماً مالياً لإيران التي تواجه هي الأخرى أزمة مالية ناهيك عن تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإزاحة نظام الملالي.

وسعى قطر لإفساح المجال لأنقرة للعب دور محوري في جنوب اليمن المحرر والرافض للمشاريع الإيرانية والقطرية، فتركيا التي أنشأت قاعدة عسكرية في الصومال تسعى لإنشاء أخرى في جزيرة سقطرى الجنوبية.

ترفع انقرة شعار إقامة دولة الخلافة الإسلامية، والتي سبق للزعيم الديني الإخواني عبدالمجيد الزنداني وبشر بها في العام 2011م، حين قال ان إقامة دولة الخلافة الإسلامية سوف يتحقق في العام 2022م.

ويهدف الحلف الثلاثي الى احتلال البلدان العربية من خلال حلم إقامة دولة الخلافة الإسلامية، ويتحدث الناشط الحقوقي اليمني محمد علي علاو، في هذا الصدد قائلاً ” إن إيران وتركيا اتفقا على إعادة احتلال بلاد العرب، من خلال الاتفاق الأخير بينهما على تقاسم واحتلال دول المنطقة العربية من جديد.

وأشار علاو إلى أن الصفقة الإيرانية التركية تضمنت أن يقوم الإخوان المسلمين المتواجدين بقطر وتركيا، بتسليم اليمن لإيران عبر سلطة الحوثيين، مقابل أن يتم تسليم شمال سوريا وشمال العراق لتركيا والإخوان.

أضاف علاو، أنه بالمقابل ستقوم الدولتان بضمان التعايش بين التنظيمين في اليمن من خلال تقاسم النفوذ والسلطة، كما اتفقتا على العمل المشترك بينهما على إزاحة أي نفوذ أو تواجد لشرعية الرئيس اليمني عبد الهادي منصور ولحزب المؤتمر الشعبي العام والحراك الجنوبي وبقية القوى السياسية اليمنية.

وأكد رئيس رابطة المعونة، أن هذا يعني بوضوح أن سقوط مديرية صرواح غربي محافظة مأرب اليمنية، من يد قوات شرعية هادي التي كان يسيطر عليها الإخوان، بيد الحوثيين بشكل مفاجئ، إنما هي أول ثمار هذا الاتفاق بين أسيادهما في طهران واسطنبول، لافتاً إلى أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت غير السارة في هذا الإطار لأغلب اليمنيين.

وشدد على أن الأيام المقبلة ستشهد تسليم الإخوان لمدن “تعز، مأرب، والجوف”، إلى إخوانهم الحوثيين تنفيذاً لاتفاق تركيا وايران.

ووافق الإخوان الذين يتحكمون في شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي على تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة غير أنه اتضح لاحقاً أن عملية التسليم لم تتم الا ّبطريق تسليم حوثي لحوثي أخر، الأمر الذي يفسر أن الإخوان فضلوا أن يبقى الميناء بحوزة الحوثيين الحلفاء على أن  يذهب الى قبضة قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات وقوات العمالقة الجنوبية وحراس الجمهورية والمقاومة التهامية.

ترفض قطر أي دور لنظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في الجنوب، فهي من تبنت ومولت الانتفاضة ضد نظام حكم، فقد دعمت قطر الثورة ضد النظام اليمني، غير أن الإخوان الذين حكموا بعد صالح فشلوا في أول مهمة، بعد أن وجدوا أنفسهم في مواجهة مع الشعب الذي كان يطمح في الانعتاق، بل أنهم ذهبوا الى ابرام صفقة سياسية مع زعيم الحوثيين في كهوف جبال صعدة في العام 2014م.

لم يجن اليمن من ثورة 11 فبراير 2011م، سوى الدمار والخراب والحرب التدميرية، لكن ما يمكن الاشارة اليه هو الحرب أن شمال اليمن الذي أصبح ايرانيا بامتياز، فأن حرب أخرى يخوضها الموالون لقطر بهدف اسقاط الجنوب بيد حلفاء الدوحة، ليصبح اليمن (شمال وجنوب) بيد إيران وحليفتها وتخرج السعودية والإمارات من المشهد دون فائدة.

فقطر التي قدمت الشمال اليمني هدية لإيران، تبحث اليوم عن مساعدة من طهران لإسقاط الجنوب بيد قواتها المتواجدة في مأرب أو تلك التي هزمت مؤخراً في عدن على يد القوات الجنوبية التي أحبط انقلاباً قطرياً إيرانياً في عدن يقودها مسؤولون في الحكومة، مطلع يناير من العام 2018م.

 

الجنوب الذي بات اليوم الحليف الأبرز للتحالف العربي، بات مهدداً بالسقوط بيد الإخوان الموالين لقطر، وهو ما يعني انتصار التحالف الثلاثي.

ليس أمام التحالف العربي من خيار غير ابعاد الجنوب عن مطامع الإخوان ومنح المجلس الانتقالي حق ادارته، والتركيز على معركة استعادة الشمال، ما لم فأن الحفاظ على الجنوب هو دفع تهديدات إيران وحليفتها قطر بعيداً، خاصة في ظل الحرب الإعلامية التي تدور بين العرب وحلفاء مشروع الخليج الفارسي.

تعترف مراكز أبحاث تركية أن قطر قد تلعب دوراً محورياً في اليمن، وهو ما يعني أن محاولة تمكين الإخوان والحوثيين معاً.

فالإخوان الذين إقامة دولة مصغرة للتنظيم الممول قطرياً في مأرب، كانت تعز عبارة عن جغرافيا يتقاسمها الإخوان مع الحوثيين بعد إزاحة القوى السلفية المناهضة للفكر الحوثي والإخواني، فالحرب التي يقول الإخوان أنهم يخوضونها ضد الحوثيين لم تسفر عن تحرير أي بلدة في الشمال بما في ذلك صرواح التي جرى تسليمها مؤخراً للحوثيين بالتزامن مع بدء تسليم ميناء الحديدة لطرف محايد.

وتقول العديد من المصادر في تعز أن تركيا سبق لها وقدمت دعماً كبيراً للإخوان في المدينة بالتنسيق مع الدوحة، وقد أعلنت أنقرة عن استقبالها لمئات اليمنيين الذين ينتمون إلى تنظيم الإخوان.

ويقيم العديد من زعماء الإخوان أبرزهم حميد الأحمر التاجر اليمني الشهير والناشطة الإخوانية توكل كرمان وغيرهم من القيادات التي تنشد ما يسمى بدولة الخلافة الإسلامية.

وتؤكد العديد من المعلومات أن حميد الأحمر بات يجمع أموال باسم دعم المقاومة الفلسطينية من خلال تزعمه رابطة برلمانيون من أجل القدس، وتسعى أنقرة عن طريق الأحمر الى التمدد تجارياً واقتصادياً في دول المطلة على البحر العربي وخليج عدن.

وقالت تركيا أنها سهلت عملية دخول اليمنيين الى أراضيها بالتنسيق مع الحكومة اليمنية التي يسيطر عليها الإخوان، بدعوى مساعدة اليمن، حيث قال وزير الخارجية التركي، إن حكومة بلاده تعطي القضية اليمنية أولوية خاصة، وستدعم اليمن في مختلف المحافل والمجالات.

وتُقدم تركيا عبر وكالة التعاون والتنسيق التابعة لرئاسة الوزراء التركية (تيكا)، والهلال الأحمر التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية، ووقف الديانة التركي، مشروعات وبرامج إغاثية وتنموية، في مختلف المحافظات اليمنية.

وكالة أنباء الأناضول زعمت مؤخراً أنّ تقدم تركيا، التي تعاني من أزمة اقتصادية، قدّمت هبة قيمتها 100 مليون دولار  لعدن، دون أن تكشف الحكومة اليمنية عن أين ذهبت تلك الأموال.

وتبدو وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) ذراع تركيا السياسي الإنساني، الذي يهيئ للتدخل في شؤون العديد من الدول تحت زعم المساعدات الإنسانية التي تقدمها هنا وهناك.

وتبرر تركيا لنفسها التدخل في شؤون الدول الأخرى، وترفع شعارات المساعدات الإنسانية والإغاثية كأقنعة لتدخلاتها، وتحاول أن توهم بأن التدخل في شؤون الدول على الطريقة التركية، هو لتقديم المساعدات ورفع الأضرار ومراعاة الجوانب الإنسانية، وتحاول أن توحي بأن لا مصالح سياسية وجغرافية لها جرّاء ذلك في تلك الدول.

وتتبنى تركيا خطاباً مناهضاً للتحالف العربي ودوره في اليمن، من خلال وسائل إعلام إخوانية تبث من إسطنبول التركية، بأموال قطرية تركية، وتسعى هذه الوسائل الى تحشيد الرأي العام اليمني ضد التحالف العربي الذي تعتبره احتلال، وتتركز الحرب الإعلامية التركية القطرية على الجنوب المحرر من الحوثيين، والبعيد عن سلطات الإخوان.

واعترف حزب الإصلاح اليمني (إخوان اليمن)، بعزمه إعادة السيطرة العسكرية والأمنية على العاصمة الجنوبية عدن، مؤكداً بان عدم نهوض العاصمة منذ تحريرها يعود الى سبب منع الحزب من القيام بدوره.

وكان حزب الإصلاح الحليف الأبرز لنظام الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، قد سيطر على عدن عسكرياً في أعقاب مشاركة مليشياته ضمن قوات صالح خلال اجتياح الجنوب منتصف تسعينات القرن الماضي، بل أن حزب الإصلاح هو صاحب الفتوى الدينية التي أجازت قتل الجنوبيين ونهب ممتلكاتهم بدعوى إنهم ماركسيون.

وشدد الموقع الرسمي لحزب الإخوان في اليمن “الصحوة نت”، في مقالة بعنوان ” ثنائي قوة الشرعية عدن و مجلس النواب” على أهمية أن يعود مجلس النواب اليمني الى عدن لممارسة أعماله من هناك”.

وعبر الموقع عن مخاوفه من أن لا يتمكن البرلمان من القيام بمهامه، قائلاً “إن أخوف ما يخيف أن يعود المجلس للانعقاد في عدن بدون رؤية واضحة ولا همة وطنية ثورية، تسقط مشروع الكهنوت و تؤسس لبناء يمن ديمقراطي موحد، فيكون بذلك مثل الإعلان عن أن عدن العاصمة المؤقتة للدولة، ثم حيل بينها و بين القيام بمهامها”.

وقال الموقع “أنها فرصة تاريخية لعدن في أن تقود مسيرة الوطن (اليمن)”.وقلل الموقع من أهمية انتصار عدن على الحوثيين، زاعماً أن عدم نهوض المدينة الى منع الحزب الإسلامي من القيام بدوره.

وهاجم الموقع القوى الجنوبية التي تطالب بالاستقلال ووجّه، معترفاً بأن عدم اهتمام الحكومة الشرعية بالعاصمة يعود الى أن  (القوى الجنوبية) كانت عاملاً من عوامل إعاقة أن تستلم عدن دورها وتنهض.

ويتهم جنوبيون حزب الإصلاح بالوقوف وراء أعمال العنف التي أعقبت تحرير عدن في يوليو 2015م، عقب خمسة أشهر من القتال الشرس الذي خلف آلاف القتلى والجرحى أغلبهم مدنيون جنوبيون.

وشهدت عدن هجمات إرهابية أودت بحياة المئات من أفراد المقاومة الذين كانوا يعتزمون الانضمام الى قوات الأمن والشرطة، الأمر الذي فسر على أن الإخوان لا يرغبون في بناء قوات عسكرية جنوبية، وهو ما تبين لاحقاً خلال محاولة التنظيم المستمرة حل قوات الحزام الأمني والنخبة المتخصصة في مكافحة الإرهاب.

إذن.. الجنوب أمام مرحلة صعبة فالمطامع التركية الإيرانية القطرية وجدت لها أذرع في الجنوب، ناهيك عن الدور الخبيث لإخوان اليمن في الإبقاء على الحوثيين شمالاً، فلا إنجازات تحققت للإخوان في الحرب ضد الحوثيين، غير أن ميناء الحديدة بقي مع الحوثيين بعد أن سلمته المليشيات قوات عسكرية تدين بالولاء لحلفاء ايران.

وأصبحت المطامع التركية الإيرانية القطرية في الجنوب تتضح بشكل كبير، فهذه المطامع التي يستعرضها حلفاء التحالف الثلاثي بشكل يومي في الاعلام، تؤكد أن الجنوب في خطر وان هجمات إرهابية قد يتعرض لها في حالة واختار هذا التحالف العنف سبيلاً للتحقيق مآربه.

فقضية السيادة على حزيرة سقطرى، كان الهدف منها إزاحة القوات التي تتشكل من أبناء الجزيرة وتسليمها لقوات تدين بالولاء للجنرال علي محسن الأحمر، وتحديداً قوات الإخوان في سيئون حضرموت.

فالإخوان لم يساندوا التحالف بشكل صادق، والدليل أنه لا يوجد أي انتصار حقيقي ضد الحوثيين في أي من جبهات الشمال الكثيرة.

إن حلم دولة الخلافة الإسلامية التركية سوف يكون هذه المرة بعمامة إيرانية فيما اذا نجحت الدوحة وطهران في فرض الاخوان كقوة عسكرية ومليشاوي في الجنوب الرافض للطرفين.

الجنوبيون يقولون أنهم ينتظرون حرباً ثالثة على بلادهم، وهو ما يوحي باقترابها، باقتراب قوات مأرب من السيطرة على شبوة وحضرموت.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى