لارا الظراسي .. امرأة كأنها فراشة تهيم مع نسمات الفجر، وكاتبه لاتعرف المستحيل

عدن24 | خاص

امرأةٌ قويّةٌ ، كاتبة ٌ طموحة لها رونقها وتميزها الخاص ، تتميز بشفافية في المشاعر ورقة الإحساس ، والحنان الذي يتدفق كالأنهار ، لهذا كانت الكتابة لديها وسيلة من وسائل التعبير الراقية التي تترجم الكثير مما عجز لسان المرأة عن البوح به، فتدهشك بعض كتاباتها وأنت تبحر في “زرقاء عدن ” بما فيها من الجراءة والصدق ، وكمية المشاعر ، وذلك لكثر ما يواجهها من مواقف وأحداث يومية ، تؤثر عليها ، فلا تجد أمامها إلاَّ أن تمسك القلم بيدها ، لتخط حروفاً من حبر الألم والمعاناة ، منطلقة ومُطْلِقة لخيالها العِنان كي تحلقَ في هذا الفضاءُ الواسعُ والرحب ، لتترجم نبضات القلب الصادقة على ورق أبيض ، فترتسم منه لوحة ممزوجة بالألآم والآمال الكبيرة ،وأحلام لا تعرف المستحيل.
استطاعت أن تعبرَ إلى العلى رغم الصعوبات ، فأصبحت من الأقلام التي تَقْطُرُ ذهباً ، في التميز والإبداع ، لها إطلالة مميزة دافئة ، وتملك قلم معانيه رنانة تنفد إلى أعماق القلب ، لإنها تكتب بمشاعر جيَّاشة وعنفوان قوي ، يكمن عنفوانها في قوة عاطفتها فتنهمر حروفها كالسيل ،لايمكن الوقوف في وجهها، وتحديداً عندما تتميز بالجراءة والصدق.
إنها الإعلامية الأديبة ابنة عدن البارة لارا الظراسي.
شخصية ثقافية بارزة ، حازت على جائزة دبي الثقافية ، وغردت في الكثير من الصحف العربية والمحلية ، وكانت واجهة مشرِّفة لليمن حيث مثلته في العديد من اللقاءات الإبداعية.

س: من لارا الظراسي ؟
يصعب جداً الإجابة على هذا السؤال ، من أنا؟! قضيت حياتي المهنية كصحفية وبعدها كمذيعة تلفزيونية، وخلال مشواري المهني كنت دائماً من أوجِّه الأسئلة، دائماً من اخترع مساحات الضوء في ضيوفي ونجومي ، ولله الحمد دائماً أجد ألف طريقة لإكتشاف ضيوفي من زاويتي الخاصة – كما أقول دائماً من زاوية لارية- ولم أفكر أبداً أن أكون تحت مقصلة سؤال اعتدت طرحه على الآخرين، الآن معكم أتذوق السؤال لأول مرة ، وسأحاول أن أجيب عمن أكون ..
– أنا لارا ابنة البحر ، عندما فتحت عينيّ اكتشفت أن أبي من أبناء الشيخ عثمان ، وأمي من بنات المنصورة ، وكانت ريمي هي بيتي .
-أنا ابنة التفاصيل الصغيرة في عدن، لهذا أنا الحناء المبهجة في أصابع العجائز ، أنا العمامة البيضاء التي يضعها جدي الذي لم أعرفه ، ولهذا دائما أتخيل أن كل عجوز يسير إلى المسجد هو جدي.
-كانت السنوات الثلاث الأولى من حياتي في الشيخ عثمان و المنصورة ، وبين الحوافي الضيقة رأيت قلوباً كبيرة ومحبة، كنت من الجيل الذي يذهب لشراء ”المقصص“ من بيت جدة مسك، ومن الجيل الذي لحق آخر معلامة في الشيخ عثمان ”معلامة الست خدوج“، كانت أمي تشير إلى سينما وتقول عندما تكبري سأخذك إلى السينما ولكن السينما انتهت في عدن قبل أن أكبر .
– من أنـا .. أنا ضحكات الأطفال وهم يركضون خلف كرة صغيرة تبحث عن هدف ، أنا عرق الصيادين الباحثين عن لقمة شريفة في جوف البحر ، أنا الحنين الموجود في أغاني محمد سعد عبدالله وأحمد قاسم و المرشدي و البهجة الموجودة في صوت أحمد يوسف الزبيدي .
-أنا الشيدر الستان و الدرع و الويل و المصرّ، وكل تفاصيل مديتني عدن،
-لايمكن أن أجد إجابة عني خارج مدينتي الساحرة عدن .

س: ماسر سعادتك ؟

أمي …سر سعادتي سعيدة حسين محمد الشيباني، أجمل أم وأحن أم ، أنا لا أقول هذا تحيزاً لأنها أمي، ولكن لأنها صنعت لارا الظراسي أمي روضت وحش صغير في البيت وحولته إلى لارا الظراسي التي تعرفونها.
منذ البداية كانت تشعر أني مختلفة، كنت طفلة عنيدة وذكية، أمي علمتني أن أحب القراءة ، كانت دائما تهتم بدروسي ، تهتم بجعلي إنسان أفضل ،كانت تركز جداً على فكرة التهذيب، لدرجة وأنا في الابتدائية كنت أعتقد أن كل الرجال في الحافة عمومي، وكل النساء خالاتي وكنت أعتقد انهم فعلا أهلي، نرثهم ويرثوننا.
أمي علمتني أهم ميزة وهي الرضا ، الرضا دائما بقضاء الله ، و التشبت بالأمل
مهما كانت الحياة صعبة، الله يعطيها الصحة و العافية وطول العمر يارب العالمين.
بقول لكم قصة: عندما كنتُ طفلةً كانتْ أمّي ترفضُ فكرةَ الضفيرة ..كانت تقولُ: إجعلي شَعركِ يطيرُ عالياً ..إجعليه يرقصُ بوقع أقدامكِ .. إجعليهِ يلامسُ الشمس وَيضحكُ مع الريح و يغنّي لكِ..وأنا كنتُ أريدُ أن أشبه زميلاتي في المدرسة ..أريدُ ظفيره …أريدُ ظفيره … ليتني تركتُه يطيرُ.
عندما كبرتُ اتّفقْنا هي وأنا …أن أجعلَ أفكاري ..أحلامي …كلماتي ..رقصاً يلامسُ حدودَ السماء

س- لارا الظراسي بين الكتابة الأدبية والإعلامية؟

نتحدث أولاً عن الكتابة :
– في موضوع الكتابة والأدب، حقيقة يوجد العديد من الأساليب الكتابية، وأنا أفضلُ الغرائبية في القصص، السحرُ الموجودُ في الساحل، لغزُ الرجال الذي يركبون البحرَ ويعودون بألفِ روحٍ وجنيةٍ ، أحبُّ الكتابة عن وجع النساءِ، فرحهن، مشاكلهن، حياتِهن المُعقدة جداً في مجتمعٍ يؤمنُ أن الرجلَ فضيلةٌ، وأننا عوراتٌ ناقصات..
جدّتي كانتْ تقولُ لي هذا المثل وهي تمْشطُ شعري كل يومٍ وأنا طفلةٌ: “الناقةُ ناقةٌ مهما هدَرَتْ” ..! وكنتُ أردُّ عليها: والجملُ هل سيتحول إلى ديناصور إذا هدر َ.؟!!..كانت لا تجدُ إجابةً ..تغضبُ ..تصمتُ، وتسكبُ همَّها في ظفيرتي الصغيرة.
– يجبُ أن أعترفَ أني أكتبُ لأتحرّرَ، أكتبُ لأتنفّسَ بصوتٍ عالٍ، أكتبُ لأن الكتابةَ متعةٌ حقيقةٌ لا يضاهيها إلا الرقصُ تحتَ المطر، وبما أننا لا نرى المطرَ كثيراً قرّرتُ أن أحترفَ الكتابةَ..
– حاولت أن أترجم هذا من خلال مجموعتي القصصية (زرقاء عدن) التي فازت بجائزة دبي الثقافية (زرقاء عدن) في آخر دورة للجائزة.
و المجموعة القصصية كانت عبارة عن حكايات نساء من بلادي، فالواقع دائماً هو شرارة الإبداع، الكتابة هي رئة المجتمعات التي تتنفس من خلالها الحياة ،فنحن نكتب عن أوجاعنا، أفراحنا وحياتنا، الأدب ترجمة للواقع في قالب تشويقي ممتع مليئة بالعاطفة والجمال و المتعة.

– عن الإعلام أقول:

أنا خريجة ماجستير إعلام قسم صحافة، بدأت حياتي كصحفية ، وبعدها انتقلت للعمل كمذيعة ، معدة ومقدمة برامج في قناة الغد المشرق ، التلفاز كان له الفضل ان أزور كل أهل اليمن في بيوتهم، التلفاز مازال العلبة السحرية التي جعلتني أقرب لأهلي ووطني.
العمل التلفزيوني ممتع جداً ومرهق جداً أيضاً، ولكني أؤمن أن خدمة الناس و إسعادهم أهم وأنبل المهن في هذه الحياة.
أحاول أن أكون إضافة جيَّدة لعالمنا الإعلامي، أنا مجرد محاولة لإظهار بلادنا كما تستحق إعلامياً.
في الحقيقة التلفاز سرقني من طباعة ديواني الأول ، سرقني من الكتابة الأدبية ، ولكن مايصبرني أني أتعامل مع برنامجي (إطلالتي مع لارا ) كقطعة من روحي أتعامل معه كبرنامج أدبي ثقافي شعبي ، أحاول أن أسلط الضوء على اليمن التي أحبها وأومن بها .

س- اكتبي مالا يعرفه أحد عن لارا ؟

معناها إسمحوا لي أن أعرّفَكم بـ لارا ولكن بطريقتي :عندما جئتُ إلى هذا العالمِ اكتشفتُ أني الطفلةُ البكْرُ في عائلتي …لهذا كانَ أبي يُلقّبُ أبا لارا ، وأمي الجميلةُ كالقمرِ كانت أم لارا..وبيتُنا ذاك الواقفُ في الزاويةِ هو بيتُ لارا، العائلةُ والأصدقاءُ والجيرانُ ….كانوا يقولون هذه عائلةُ لارا، كانتْ أياماً جميلةً …. أيامُ لارا ، وعندما جاءَ أخي الوحيدُ ، خلعوا عني ترفَ الألقابِ ، رموني في سلّةِ الأرقام ، أصبحتُ رقماً عادياً باهتاً ، بلا معنى .
سلبوا عرشي وأهدُوه لأخي، أصبح أبي …أبا محمدٍ ،و أمي …أمَّ محمدٍ ، وأنا …أختَ محمدٍ ، وبيتُ الزاوية بيتَ محمدٍ ، هل استسلمتُ ؟ …لا ….لم أكن لأفعلَ هذا.
عندما كنتُ ألعبُ في شارعِنا، ويسألنُي أحدُ المارة: هل هذا بيتُ أبي محمدٍ ؟، أجيبُ بقوةٍ وبصدقٍ: لا هذا بيتُ أبي لارا، يضحكُ ويتركُني.
وإذا دقتِ البابَ علينا زائرةٌ: أمُّ محمدٍ موجودة؟ تكون إجابتي الغاضبةُ التي تسابقُ دموعي: قصدُكِ أمُّ لارا تبتسمُ وتتجاوزني إلى الداخل .
مع الوقتِ ومع كثرةِ خيباتِ الأمل و اكتشافي كلَ يومٍ أنني أُنثى، أقلُ كثيراً من ذلكَ الذكرِ الموجودِ في بيتِنا… في عائلتِنا …في مدرستِنا …في شارعِنا … في عالمِنا ..
بدأتُ أكبرُ ، وكلُ شيءٍ يتقزّمُ من حولي لم أعدْ أعبأُ بالألقابِ .
هكذا كبُرتُ برغبةٍ عارمةٍ للتّحدي في أن أجدَ لي مكاناً في هذا العالمِ الذكوري.
بدأتُ أبحثُ عن مجالٍ أتميّز به، مجالٍ لا يذكّرنُي إني أقلُ من الآخر
بدأتُ البحثَ عن الذاتِ مبكّراً جداً .
كنتُ أبحثُ عن الخلاصِ وأنا طالبةٌ في الابتدائية.!

أولاً : فكّرتُ بالرسمِ، بدأتُ بالرسم، ولكني وجدتُ موهبتي عاديةً جداً، لا ترتقي للفضاءِ الذي أريدُ أن أكسرَه.
فتوجّهتُ للقراءةِ والكتابة، واكتشفتُ أني أملكُ موهبةَ الحكْي …أعتقدُ أني ورثتُها عن جدتيّ ” صالحة وبركة “القراءةُ عالجتْنِي كثيراً من غربةِ الواقع الذي رفضني، القراءةُ بنتْ لي مدناً من الخيال، أدخلتني إلى حياةٍ أخرى و ثقافةٍ أخرى ومشاعرٍ أخرى، عرفّتْني على نساءٍ قوياتٍ، ملكاتٍ ..كاتباتٍ ..مخترعاتٍ، نساءٍ غيّرنَ التأريخَ والجغرافيا ووجهَ الحياة.
زرتُ الأزقةَ في بريطانيا مع “تشارلز ديكنز” وأنا التي أقبعُ في البيتِ كأيِّ أنثى متسلسلةٍ بالعيبِ، تذوقتُ طعمَ الثلج في رواياتِ “أميلي برونتي” وأنا التي أسكنُ الشمسَ في أقصى الجنوبِ. حفظتُ شوارعَ القاهرة من رواياتِ نجيب محفوظ – حتى أنني عندما زرتُها لم أشعرْ بالغربةِ وكأني نشأتُ في تلك الحواري وبين ضجيجِها، عرفتُ الشامَ من ياسمين نزار قباني.
بدأتُ أكتبُ وأقرأُ، ومع الوقتِ بدأتُ أتميّزُ، كنتُ أنشرُ قصصي في الصحفِ وأنا في الثانويةِ العامة، وفي الجامعة كانت لي مساحةٌ قصصيةٌ مرتين أسبوعياً في جريدة “الأيام” أهمّ الجرائدِ العدنية في تلك الفترة.
بدأتُ مشواري الأدبي كقاصةٍ وشاعرة.

كادر عن لارا الظراسي :

المؤهل الدراسي :
*ماجستير إعلام من كلية الإعلام في جامعة الشارقة ، رسالتي في الماجستير كانت بعنوان ” الرهانات الإعلامية والثقافية والأخلاقية لتغطية الجريمة في مواقع الصحف اليمنية في شبكة الانترنت.”
* بكالوريوس إعلام / تخصص صحافة ، درست ثلاث سنوات من دراستي الجامعية في مصر.

الخبرة المهنية :
* عملت صحفية في عدد من الصحف اليمنية و المصرية و الإماراتية .
*عملت مديرة تحرير لمجلة صناعية (صناعة الإمارات).
*مذيعة ومقدمة برامج في قناة الغد المشرق لبرنامج( إعرف بلدك ) و( إطلالتي مع لارا)

*الكتابات والمشاركات الأدبية :
* أُخترت عام 2015-2016م لأكون شخصية العام الثقافية لليمن وضميره الثقافي في المهجر
* حصلت على درع التميز الذهبي 2016م من مجلس المرأة العربية في دورته الثالثة .
* فازت مجموعتي القصصية” زرقاء عدن” في جائزة دبي الثقافية لعام 2015.
* طبعت مجلة الرافد الثقافية مجموعتي القصصية ووزعتها مجاناً.
* كنت أمتلك مساحة أسبوعية في الصفحة الثقافية في صحيفة “الأيام” لنشر قصصي القصير، أثناء دراستي الجامعية.
* نشرت بعض أعمالي في الكتاب السنوي لكلية الآداب، وهذا الكتاب متخصص بأفضل القصص القصيرة في عدن .
* فزت في المركز الثالث بأفضل قصة قصيرة عن جامعة عدن .
* نشرت الكثير من القصص في الصحف العربية و المحلية مثل ” الإتحاد الإماراتية – دبي الثقافية – الرافد – العديد من الصحف والمواقع المصرية و المغربية– والمواقع الثقافية على شبكة الانترنت، مثل”تحليق” و” جسور” المعنيتين بالثقافة.
* عملت العديد من الدورات في وزارة الثقافة الإماراتية لكتابة القصة القصيرة .
* استضافني “إتحاد كتاب وأدباء الإمارات” لقراءة قصصي في فرعها في أبو ظبي.
*أقمت أمسية شعرية في بيت الشعر في الشارقة.
*مثلت اليمن في ( ملتقي الإمارات للإبداع الخليجي)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى