خالد البري يكتب: السلوك المشين لفلول العثمانيين

 

بقلم: خالد البري

وقائع متشابهة حدثت في القاهرة وسويسرا والمغرب وإسطنبول والدوحة خلال السنتين الأخيرتين. إسلامجية يُضبطون في ممارسات أخلاقية تناقض ما يدّعون إليه. لم تتشابه الوقائع فقط، بل تشابه أيضاً رد الفعل: كلهم لا يعتذرون عما فعلوه، ولا أقروا به. كلهم اختلقوا أكاذيب مكشوفة يبرئون بها أنفسهم. كلهم حوّلوا أنفسهم إلى ضحايا مؤامرة من أطراف أخرى. والأدهى أن قواعدهم الشعبية تواطأت معهم على نشر تلك الأكاذيب. القيادات المؤثرة في التيار تواطأت معهم واستمرت في إذاعة الأكاذيب. لا نبذت الفعل ولا رفضته. لا يمكن أن يكون الموضوع مجرد مصادفة. لا بد من سبب يجعل الإسلامجي يمعن في الكذب. لا يعتذر. لا يقر وينزوي، أو يقر ويتحدى بأن تلك حريته الشخصية. والسبب أن الجماعة لا تطيق كلفة سقوط القناع الديني. هو بالنسبة لها عدة الساحر، وماكياج المهرج. لو سقط خربت المهمة، أو بانت الحقيقة المنفّرة المجرّمة. كلهم، قادة وقاعدة ودائرة، يعرفون ذلك. كلهم يعرف أنه على ثغرة من ثغرات هذا القناع، لا ينبغي أن يُرى الوجه الحقيقي من قِبله.
في الواقعة الأخيرة، التي تخص مقدم برامج «يوتيوب» ملتحياً ومرتبطاً بالآلة الإعلامية القطرية، وزّعت اللجان الإلكترونية تعليقاً انتشر بين قواعدهم الشعبية: «لا يهم ما يفعله. ما دام يناضل ضد النظام». يقصدون النظام السياسي في مصر. الترجمة: لا يهم التزامه الديني، ما دام -سياسياً- يؤدي الغرض. والتعليق يخص تسريبات كشف سلوك المذيع المناقض تماماً لمظهره، ولما يدعو إليه.
لكن حتى هذه العبارة -معارضة النظام السياسي- تضع الغرض السياسي في خانة الغرض المشروع، وتجعل من الواحد فيهم «صاحب رأي». فهل هذه الحقيقة أم مجرد تمويه آخر؟
الغرض المعلن من هذه الجماعة السياسية هو إقامة نظام سياسي يصفونه بالإسلامي. لتحقيق هذا الغرض هناك وسائل عدة منها «معارضة النظام السياسي»، ومنها «الإرهاب المسلح»، ومنها وصف الديمقراطية بالكفر، ومنها أيضاً رفع شعارات الديمقراطية. منها معارضة الاقتصاد «الربوي» في بلد، ومنها دعم الاقتصاد «الربوي» في بلد. معارضة السياحة في بلد، ودعمها في بلد. الوسائل تتلاقى وتتناقض. لتحقيق الغرض: «إقامة نظام سياسي يصفونه بالإسلامي». مرة أخرى: هل في هذا ما يعيبهم؟
انتبه. نحن لم نتمكن من الغرض بعد. إنما نقترب منه. هنا تبرز أهمية القناع.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى