للتاريخ.. محمد بن زايد وجيش الإمارات العظيم

كتب ـ هاني مسهور

في الرقعة الجغرافية من جنوب الجزيرة العربية ثمة شعب سيزاحم الشعب الإماراتي ويشاركه مشاعر الفخر والاعتزاز في القادم من الأيام، فليس هنالك من مجال أمام شعب الإمارات للتفاوض على هذه الحقيقة التي لن تنتزع من محافظات الجنوب اليمني العربي الذي بدوره سيورث للأجيال أفعال رجال القوات المسلحة الإماراتية في حرب «عاصفة الحزم» وفصولها المتوالية.

قد يتعجب أبناء الشعب الإماراتي من هذه الحقيقة، لكنهم عليهم أن يقرؤوا رواية أبطالهم في ميدان الحرب من أبناء عدن والمكلا وشبوة ولحج وأبين والضالع والحديدة، فالرواية المحكية عند محافظات الجنوب ليست كما جاءت في نشرات الأخبار والتقارير الصحفية وغيرها عن غزو «حوثي» لمدينة عدن وسيطرة «الدواعش» على السواحل الحضرمية والجبال الشبوانية والأبينية، هذه رواية قاصرة عن حقيقة واقع المناطق الجنوبية الذي كان منزوعاً من الكرامة حتى وطأت أقدام أول ضابط إماراتي على تراب هذه المناطق.

كصحفي عاش أكثر من ثلاثين عاماً في دهاليز هذا اليمن، فإن حادثة سقوط محافظات الجنوب لم تكن في انقلاب «الحوثي» عام 2014 فهذا اجتزاء للحقيقة التي تقول إن هذه المحافظات تعاني منذ عام 1994، هناك كان أيضاً للإمارات موقف وحديث يجب أن يروى لتكتمل صورة المشهد.

ولاشك أن سفك الدماء واستباحة الأرض وتفشي الإرهاب كان ثمناً باهظاً يدفعه سكان محافظات الجنوب اليمني على مدى سنوات حتى انقلب «الحوثي» في شمال اليمن. كان انقلاباً وعبثاً وانكشافاً لوجوه لطالما تخفت، بعدما هرب من هرب وتركَ عدن فريسة لـ«الحوثيين»، ولم تكن عدن الوحيدة بل تُركت أبين ولحج وشبوة وحضرموت فرائس لـ«الدواعش» والتنظيمات الإرهابية التي أنجبها الأفغان العرب بعد حرب عام 1994، كانت محافظات الجنوب اليمني بلا حول ولا قوة، وكانت أيام الحرب الأولى في 2015 أشبه ما تكون كهجوم وحوش على فريسة، لم تعد تملك من شيء غير قلب يدعو ربه الغوث والنجاة من أنياب تلك الوحوش الضارية.

وبأخلاق الفرسان، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الأمر لجنوده ليوفوا بالعهد لشعب استغاث، فكانت الملحمة في أرض عدن الثائرة.

الرابع عشر من يوليو 2015 كانت طلائع القوات المسلحة الإماراتية إلى جانب المقاومة الجنوبية تكتب تاريخاً عربياً باسم عملية «السهم الذهبي». وهناك في عدن استعاد العرب انتصاراتهم بعد سنوات من انتصار الجيش المصري الكبير في يوم العبور الكبير عام 1973، الدم العربي الذي خضّب تراب سيناء، عاد في عدن يخضب الأرض العربية بقيادة الجيش الإماراتي في سجل آخر مازالت فصوله لم تُحك بعد.

علي الطنيجي وعبدالسلام الشحي وغيرهما من ضباط القوات المسلحة الإماراتية كانوا طلائع القوة التي تشكلت من العدم في هذه المحافظات، فكانت السهم الجارح والسيف القاطع بين ما مضى وما سيأتي بعد تحرير عدن، فكانت لحج وأبين وشبوة وقبل الجميع ظلت الضالع شاخصة فهي العرين لأسود محافظات الجنوب اليمني التي كسرت غزو «الحوثين» قبل «عاصفة الحزم»، فالضالع استثناء آخر في إقليم انتفض وأطلق جناحيه كصقر عربي حر يأبى الانكسار في زمن فيه شيخ عالية همته كصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وجنوده البواسل.

العميد الركن مسلم الراشدي ضابط إماراتي آخر، بل صقر من الصقور المخلصين، كان على موعد معركة أخرى في جانب آخر من المعركة، ففي صحراء حضرموت جمع أبناءها وعلمهم رمي الرماح فكانت النخبة الحضرمية درعاً من الدروع التي سجلت انتصاراً هائلاً بتحرير الساحل الحضرمي وانتزاع جوهرتها المكلاوية من «الدواعش» والتنظيمات التكفيرية الضالة، ما سجلته القوات المسلحة الإماراتية من نصر في تحرير المكلا من الإرهاب احتاجت فيه دول العالم لحلف من ثلاثين جيشاً لتحرير الموصل العراقية، بينما فعلها الإماراتيون بقواتهم المدعومة من نخبة حضرموت، ولتأتي بعدها الإشادات الدولية والأميركية على جهد الجيش الإماراتي في مكافحة الإرهاب كشهادات تثبت نجاح الخطط والتدريب والعمليات القتالية.

بعد كل شبر يتحرر في اليمن، وحتى منذ تدشين سد زايد في مأرب، عليك أن تسجل يد الإمارات و«هلالها» الذي جاء حاملاً الرحمة والدواء والماء وكامل الكرامة للناس الذين وقعوا ضحية في بلد تكالبت عليه أزمات عقود من حروب وصراعات، فالهلال الأحمر الإماراتي و«مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية» كانا كتفاً بكتف مع الإنسان المحتاج الذي بكى حرقة يوم غادَرَ هلال الإمارات لأنه يعرف أن لا شيء أصدق من وعودهم وأجود من عطائهم.

في مطلع المقال، قلنا سيتعين على شعب الإمارات العربية المتحدة أن يرضى بأن يشاركه اليمنيون افتخاره بقوات الإمارات وصقورها المخلصين، ولم تكن «مليونية الوفاء للإمارات» في عدن والمكلا وسقطرى سوى مشهد مليوني سيظل ساكناً في أفئدة شعب يعرف تماماً أن الفارس محمد بن زايد جاء في زمن آخر ليكتب فصلاً آخر لموقف والده، فالفرسان يتوارثون فروسيتهم، وعندما يوفون بوعودهم التي قطعوها يكونون يسددون عهوداً قطعوها، فلشعب الإمارات وقيادته وأنتم تحتفون كل صباح بشهدائكم وجيشكم العظيم هناك في عدن والمكلا ولحج والضالع وأبين وشبوة شعب آخر سيشارككم فخركم والاعتزاز بكم حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فما بين الشعوب دماء شهداء ووعود وعهود في الرقاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى