النازحون في صنعاء.. بين سطوة الحوثي وغضبة المطر

”نمت أنا وعيالي على الماء“، بهذه الجملة اختصرت اليمنية مرام عبد الله وصف ما عانته هي وأطفالها بعد أن داهمت مياه الأمطار خيمة النزوح التي يعيشون بها غرب مدينة صنعاء.

وتعيش مرام مع أطفالها الخمسة في خيمة صغيرة بتجمع يضم 33 أسرة غربي مدينة صنعاء، بعد أن تركها زوجها ترعى الأطفال والتحق بصفوف ميليشيات الحوثي للقتال مقابل أجر زهيد ”مفترض“ يسد به جوع أطفاله.

وقالت مرام في حديثها لـ“إرم نيوز“ إن زوجها انخرط في صفوف الحوثيين قبل خمسة أشهر بعد أن زار المخيم قيادي ميداني في ميليشيا الحوثي، حيث وعد كل شخص يقاتل معهم بسلة غذائية شهرية تصرف لأسرته.

وعد، بحسب مرام، كان كفيلا بأن يحمل الأب العاجز عن سد جوع أطفاله، روحه على أكفه لينخرط بصفوف الحوثيين للقتال، ولكن السلة لم تكن سوى ”كذبة حوثية“.

”بعد شهر من ذهاب زوجي للقتال في صفوف الحوثيين، صرفت لنا الميليشيات سلة غذائية كانت الأولى والأخيرة“، هذا ما قالته مرام التي نزحت برفقة عائلتها قبل ثلاث سنوات من إحدى ضواحي مدينة الحديدة.

وبعيدا عن الغذاء، تبقى صورة الخيمة المشققة والمياه المتدفقة، أكثر ما يؤرق مرام، لا سيما أن الأمطار الموسمية على الأبواب.

وقالت مرام إن موسم الأمطار تحول إلى معاناة لا تتوقف.. المطر ينزل على رؤوسنا والبرد يجمد أطرافنا.

رسم الحزن في وجهها علامات واضحة، وحول الوجه الأسمر للفتاة الثلاثينية، إلى امرأة تجاوزت الستين من عمرها.

وقال المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية – وهي مؤسسة أنشأتها جماعة الحوثي بعد سيطرتها على صنعاء – إن عدد النازحين وصل إلى 4 ملايين و495 ألفاً و558 نازحا حتى نهاية فبراير 2021.

ورغم اعتراف ميليشيا الحوثي بصعوبة الوضع الإنساني إلا أنها رمت بالعراقيل في طريق تقديم الخدمات الإنسانية التي تتبناها المنظمات العاملة في المجال الإنساني والإغاثي في اليمن.

ومع بداية موسم الأمطار الذي تأخر هذا الموسم، تجد الكثير من تجمعات النازحين صعوبة في التعايش مع الوضع الجديد والتكيف مع الهطول المتواصل للأمطار، ما يتسبب بتهدم المساكن الشعبية والمباني التي بنيت من الطين، بالإضافة الى تمزق خيام النازحين وتكوين برك داخل مساكنهم.

في حي السائلة بمدينة صنعاء، تعيش أكثر من 43 أسرة من اليمنيين ذوي البشرة السوداء، أو من يطلق عليهم محلياً اسم ”المهمشين“، مهددين بين الفترة والأخرى بجرف السيول مساكنهم البسيطة.

وهذا ما يخاف منه ناصر عبده السالمي، وهو من سكان المخيم القدماء.

وقال السالمي لـ“إرم نيوز“ ”قبل ثلاث سنوات: ”ارتفع منسوب السيل وجرف بعض الخيام، لكن الحمد لله لم يتضرر أحد من السكان، وهذا العام نخاف أن يتكرر الأمر ذاته“.

وأشار إلى تضرر الخيام وبعض المساكن التي بنيت بشكل بدائي في المخيم بسبب الأمطار التي بدأت قبل عدة أيام فقط، متسائلاً عما تحمله الأيام من مفاجآت بسبب الأمطار.

وما بين سطوة ميليشيا الحوثي وغضبة المطر، يعيش النازحون اليمنيون في ترقب محفوف بالخوف مما هو قادم.

وتشير التقديرات الدولية إلى أن أكثر من 20 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الإنسانية في عام 2021، في حين تشير التقديرات إلى أن 12.1 مليون يمني منهم بحاجة ماسة وطارئة للمساعدات.

وتطرق أحد التقارير الدولية إلى أن ”جميع مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية، تأثرت بالأزمة الإنسانية التي تضرب البلاد“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى