تضحياتنا تاجٌ على جبين التاريخ لا قيدٌ في يد الطامعين..

كتب / أدهم الغزالي:
منذ أن وُئدت دولة الجنوب في صيف 1994م تحت جنازير الدبابات لم يُسجّل التاريخ لحظة خنوع واحدة في ذاكرة هذا الشعب ومنذ أن اجتاحت جحافل الغزو العاصمة عدن مركز القرار والسيادة توالت التضحيات الجِسام فداءً لهُويةٍ طُمست ودولةٍ نُسفت وكرامةٍ مُزّقت تحت سطوة الغدر والقهر.
لكن الجنوب هذا الكيان الجريح لم يُسقط رايته ولم يساوم على عزته فكل بيت في الجنوب قدّم شهيدًا وكل أسرة تحمّلت وجع الفقد لا من أجل سلطة ولا جاه ولكن من أجل كرامة وسيادة وهوية ودولة.
لماذا قدّم الجنوبيون كل هذه التضحيات؟
الجواب لأنهم أرادوا: استعادة السيادة لا التبعية واستعادة الكرامة لا الذل واستعادة الكبرياء لا الانكسار.
لقد قدّم الجنوبيون تضحياتهم من أجل أن تكون هناك مدارس للتعليم الحقيقي لا دكاكين للربح التجاري، ضحّوا لأجل أن يُعالج الفقير في مستشفى عام لا أن يُهان على أبواب المستوصفات الخاصة، ضحّوا من أجل أن يكون الكهرباء والماء والدواء حقًا إنسانيًا لا سوقًا تجاريًا بيد الفاسدين، لقد ضحى الجنوبيين من أجل أن تُكسر عصابات النهب لا أن تُكافأ، من أجل أن يُحاكم الفاسد لا أن يُلمّع ، من أجل أن تعلو راية الدولة لا رايات المصالح من أجل أن تُقام العدالة لا أن تبقى سطورًا مهملة في شعارات جوفاء.
شعب الجنوب لم يُضحِّ ليُسرق حلمه في وضح النهار، لم ينزف الجنوبيون دماءهم ليُستبدل الاستعمار الخارجي باستغلال داخلي، لم يصبروا سنوات القهر ليأتِ اليوم من يُجدد دوائر الفساد ويُفصّل مصالحه على مقاس أرواح الشهداء.
التضحيات لم تكن عبثية ولم تكن صدفة بل كانت إعلانًا واضحًا إننا شعبٌ قرر أن يعيش حرًّا أو لا يعيش على الإطلاق.
من لم يحمل دم الشهداء في عنقه فهو غريب عن هذه الأرض ومن لم يفهم لماذا خرجنا في الساحات وواجهنا الرصاص بصدور عارية فهو لا يستحق أن ينطق باسم الجنوب ومن يظن أن الجنوب سيقبل العيش في ظل من ينهب ويُفسد ويتاجر فهو لم يقرأ تاريخنا ولا يعرف أن هذا الشعب حين يغضب… يقتلع الجبال.
في الختام نقولها كما قالها شهداؤنا في الميدان: لن نعود إلى زنزانة الوحدة ولن نُساق إلى مزرعة الفساد ولن تُباع تضحياتنا في أسواق السياسة فنحن شعب الجنوب ضحّينا لنحيا بكرامة وسنمضي حتى استعادة دولتنا كاملة السيادة والهوية والقرار.
والله المستعان