الذكرى الـ31 لفك الارتباط: نهاية وحدة مغدورة وبداية مشروع استقلال جنوبي متجدد

عدن 24 – تقرير: فاطمة اليزيدي:


21 مايو.. لحظة التحول وميلاد القرار الجنوبي
تحمل ذكرى 21 مايو 1994 دلالات وطنية وسياسية عميقة في الوعي الجمعي الجنوبي، إذ لا يُنظر إليها كحدث عابر أو مجرد ذكرى عاطفية، بل تُعد نقطة تحول مفصلية في مسار القضية الجنوبية. ففي ذلك اليوم، أعلن الجنوبيون فك ارتباطهم بالجمهورية اليمنية، بعد أن تحولت وحدة 22 مايو 1990 من مشروع شراكة طوعية بين دولتين إلى حرب شاملة اجتاحت الجنوب وألغت أسس التعايش والعدالة.
لقد جاء قرار فك الارتباط كرد فعل على ما وصفه الجنوبيون بـ”خيانة الوحدة”، بعد أن تحولت إلى وسيلة للهيمنة والسيطرة، ووجد الشعب الجنوبي نفسه أمام خيار تاريخي: أن يصوغ مستقبله بيده.
قوة جنوبية متماسكة.. جيش وأمن في جاهزية تامة
لم يعد الجنوب اليوم كما كان في الماضي؛ فالمعادلة العسكرية والأمنية تغيّرت جذرياً. وتمكنت القوات المسلحة الجنوبية من بناء منظومة دفاعية وأمنية محترفة، مدرّبة ومجهزة بأحدث الوسائل، وتتمتع بأقصى درجات الجاهزية واليقظة.
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية أن الجنوب يمتلك اليوم قوة رادعة وفاعلة قادرة على التصدي لأي تهديدات، قائلاً: “القوات الجنوبية تمثل اليوم الدرع الحصين لمشروع الاستقلال، ولن تعود عجلة التاريخ إلى الوراء”.
جنوب يواجه الحصار.. وقيادة تواجه التحديات
في ظل التدهور الخدمي والضغوط الاقتصادية المتصاعدة، تُحمّل القيادة الجنوبية – ممثلة بالمجلس الانتقالي – مسؤولية التعامل مع ما تصفه بـ”حرب الخدمات” التي تُدار من خارج الجنوب، كأداة لإضعاف الروح الوطنية وإعاقة تطلعات الاستقلال.
ورغم تعقيدات المشهد، تؤكد القيادة الجنوبية على التزامها بالتخفيف من معاناة المواطنين، وكشف الجهات التي تحاول تقويض الحلم الجنوبي، واستثمار الأزمات لإعادة إنتاج الفوضى والهيمنة.
مشروع وطني بديل.. نحو دولة جنوبية فيدرالية
بمناسبة الذكرى الـ31 لإعلان فك الارتباط، أطلق ناشطون وسياسيون جنوبيون حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #الذكرى31لفك_الارتباط، مؤكدين أن “الوحدة” التي قامت في 1990 قد انتهت عملياً بعد حرب 1994.
وشدد المشاركون في الحملة على أن المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، يمثل حامل القضية الجنوبية ويمضي بخطى ثابتة نحو استعادة دولة جنوبية فيدرالية ذات سيادة، مستنداً إلى مؤسسات سياسية وعسكرية وأمنية تؤهله لذلك.
إعلام وتفاعل.. أصوات تؤرخ وتحلل
شهدت هذه المناسبة تفاعلاً إعلامياً واسعاً، حيث عبّر العديد من الناشطين عن موقفهم تجاه الوحدة والانفصال. وكتب الناشط أرسلان السليماني: “حين تُغتال الشراكة بالحرب، يتحول الدفاع عن الهوية إلى واجب وطني. إعلان فك الارتباط عام 1994 لم يكن عبثاً، بل صرخة ضمير جنوبي في وجه الطغيان”.
في السياق ذاته، قال منصور السومحي: “الوحدة انتهت فعلياً منذ اجتياح الجنوب، والحديث عنها اليوم إنكار للتاريخ ولجراح شعب بأكمله”. وأضاف الناشط عسكر الجحافي: “من الحرب إلى إعلان فك الارتباط، مروراً بالحراك والمقاومة، وحتى تأسيس المجلس الانتقالي، سنوات طويلة من النضال صقلت الوعي الجنوبي وعززت إيمانه بالاستقلال”.
وتحدث خالد عن “دماء الشهداء التي روت طريق الخلاص”، فيما اختتم سعيد ضمداد بالقول: “نستذكر الماضي لبناء مستقبل لا مكان فيه للوحدة المفروضة، بل لدولة جنوبية ذات سيادة”.
فك الارتباط.. خيار استراتيجي راسخ
في هذا اليوم، يستحضر الجنوبيون لحظة مصيرية أعلنوا فيها رفضهم لمشروع وحدة تحوّل إلى كابوس. لم يكن القرار عاطفياً، بل نتاج تراكم من الإقصاء والانتهاكات، جعل من فك الارتباط هدفاً استراتيجياً لا تراجع عنه.
ويؤكد الجنوبيون أن تجاهل القضية الجنوبية أو فرض حلول تتجاوز إرادة الشعب، لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمات وفتح جبهات جديدة للصراع. والحل – بحسبهم – يكمن في الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره، ضمن عملية سياسية شفافة برعاية دولية، تكفل التمثيل العادل للجميع دون وصاية أو إقصاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى