الانتقالي الجنوبي في الذكرى الـ(56) لثورة 14 أكتوبر.. مكاسب سياسية وانتصارات عسكرية

  • عتاب ناري من المملكة لمسؤولي الشرعية اليمنية.. ما مضمونه؟
  • هكذا استفزت حكومة الإخونج التحالف العربي والأخير يرد على الاتهامات الباطلة
  • ماذا قال أبناء الجنوب عن تلك الانتصارات؟ وهل تكون مقدمة لحكم ذاتي في الجنوب؟
  • نائب الرئيس: حوار جدة الأمل لتوحيد الجهود للقضاء على ما تبقى من مشروع إيران في منطقتنا
  • د. الخبجي: ما كان في الأمس مستحيلًا صار اليوم ممكنًا ومتاحًا والمكاسب لا تأتي دفعة واحدة
  • م. الكاف: الانتقالي الجنوبي يريد الوصول بالجنوب إلى بر الأمان
  • العثمان: حوار جدة استطاع أن يدفع باتجاه توافق قوي بين التحالف والمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي والذي أضفى على الانتقالي شرعيته في الجنوب وعدن بصفة خاصة بعيدا عن شرعية اللا شرعية المعطلة لأي وفاق واتفاق
  • الجعدي: حوار جدة لم يكن حواراً فقط بل هو أكثر من ذلك.. هو باعتقادي قبل أن يكون حواراً كان اختباراً من أشقائنا في التحالف لعقولنا وأعصابنا وقدرتنا على الصبر
  • العولقي: ما بين إشاعة “تم احتواؤها” والإشاعات حول “حوار جدة” حقق الانتقالي الشيء الكثير بواقعية سياسية.. والقادم أجمل

عدن24| خاص

من النكران إلى الاعتراف، من عدم التفاوض إلى التفاوض، هكذا بدأ المشهد عند حكومة الشرعية المهترئة التي صجت آذاننا بأنها لن تتفاوض مع الانتقالي الجنوبي، وفي الأخير تؤكد مصادر متعددة أن التفاوض في حوار جدة شهد تقدمًا كبيرًا بين الانتقالي الجنوبي وتلك الحكومة الكاذبة التي تنصلت من وعودها وأصبحت إقطاعية من اللصوص والمجرمين والسرق.

المفاوضات شهدت “تقدما كبيرا” حسب مراقبين، بإشراف وإدارة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، التي شكلت ضغطا لتقويم اعوجاج بعض مسؤولي الشرعية، خاصة بعد إصرارهم على توقيف الخدمات التي هي حق للمواطنين بالمحافظات الجنوبية، كما ردت دول التحالف على المزاعم التي يوجهها بعض المسؤولين في حكومة الإخونج للتحالف وإصرارهم على حرف مسار المعركة عن جوهرها وهدفها الحقيقي.

وذكرت مصادر مطلعة أن المفاوضات وصلت لمسودة أولية تشير إلى أن تتولى حكومة الشرعية إدارة المحافظات المحررة جنباً إلى جنب مع المجلس الانتقالي الجنوبي، المفوض شعبيا، وأن يكون توفير الخدمات للمواطنين حقًا وليس مجالًا للمساومة من أي طرف، وأن يتم إعفاء حكومة الشرعية الإخونجية من الجوانب الأمنية والعسكرية، وأن تتولى قوات الحزام الأمني مسؤولية الأمن تحت إشراف التحالف العربي، وأن تعود قوات النخبة الشبوانية لحماية شبوة وأمنها كما كان عليه الوضع سابقا.

كما ساند تلك الانتصارات السياسية للانتقالي الجنوبي انتصارات للمقاومة الجنوبية البطلة على الأرض في جبهات الضالع ضد الميليشيات الحوثية.

وتأتي هذه الانتصارات السياسية والعسكرية في ظل احتفالات الجنوبيين بالذكرى الـ(56) لثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م، حيث عبّر المواطنون الجنوبيون عن فرحتهم بما يحققه المجلس الانتقالي الجنوبي من انتصارات سياسية وعسكرية.

وحاولت بعض الأطراف الإعلامية والمطابخ الإخونجية تصوير الأحداث على أن قيادة الانتقالي تبحث عن مناصب للتشكيك بمصداقيتها ونزاهتها عند شعبها.

ويرى بعض المحللين أن الأطراف المعادية للجنوب تبحث الآن عن طريقة لمحاولة إرباك المجلس الانتقالي بعدما تيقنت أن نجاح حوار جدة يضرب الشرعية ويزيح حزب الإصلاح وإرهابهم عن الجنوب وعن شبوة وعن وادي حضرموت.

كما يحاول الإخونج التهيئة لنشر إشاعات واتهامات من قبيل إن قيادة الانتقالي تريد مناصب أو تريد سلطة، وهذا أمر يريد به الأعداء إثارة إشاعة وإرباك الانتقالي؛ لأن الانتقالي كسب رهان خوضه حوار جدة بجدارة بعدما كانت الشرعية والإخوان يراهنون على أن الانتقالي هو من سيفشل حوار جدة، وبالتالي يدخل بصدام مع السعودية. وهذا الأمر هو ما سيمكن الإخوان من شن حربهم على الجنوب.

ويرى مراقبون أن حوار جدة وجّه صفعة للإخوان وسيرحلون من شبوة ووادي حضرموت أيضا ولن يتمكنوا من العودة للجنوب؛ بل إن معركتهم ستكون في صنعاء.

والحقيقة التي تحاول بعض الأطراف عدم الإفصاح عنها هي أن السياسة هزمت الإخوان بعدما هزموا عسكرياً. والانتقالي انتصر في المعركة دون أن يدفع بقواته للحرب فاحتفظ بها، ومن خلال حوار جدة ينال دعما أقوى للعمل على تثبيت واقع الجنوب وتهيئة لكي يكون دولة.

وأشار بعض المراقبين أن حوار جدة سياسي وليس عسكري وهو ليس لحل القضية الجنوبية وإنما لحل الخلافات التي نشأت بين الجنوبيين وبين شرعية الفنادق.

وأضافوا: “لم يخسر الجنوب شيئاً في حوار جدة؛ بل هو الكاسب أما الشرعية فهي الخاسرة بكل الأحوال، فقد نال الانتقالي اعترافا دوليا بأنه ممثل القضية الجنوبية وأصبح طرفا شرعيا وتمكن الانتقالي من فرضه كقوة سياسية وتثبيت واقع سيطرته الميدانية من خلال حوار جدة.

كما أشار بعض المراقبين أن الانتقالي الجنوبي وضع القضية الجنوبية في خط المسار الصحيح داخل أروقة دول العالم والدول العظمى ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ومن خلال اتفاق حوار جدة سيكون الانتقالي هو صاحب اليد الطولى في الجنوب والشرعية هي اليد المرتعشة.

ومن أهم مخرجات حوار جدة:

– سترحل قوات الشرعية وحزب الإصلاح من شبوة ووادي حضرموت والمنافذ بما فيها منفذ الوديعة إلى الجبهات. وستحل محلها قوات جنوبية حضرمية وشبوانية.

– محاربة الإرهاب تم إيكال ملفه إلى المجلس الانتقالي وقوات الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب والحزام الأمني والنخب والتي ستصبح قوة رسمية ومرقمة وتعمل لأجل الجنوب ودعم القوات الجنوبية بإمكانيات ضخمة، فهي الوحيدة التي تقاتل الحوثي وإيران وتستطيع التصدي لهما وتحمي الجنوب الذي يهم في المقام الأول دول التحالف العربي.

– الوضع الاقتصادي سينال اهتماما كبيرا من قبل السعودية والإمارات ودعم مباشر يشرف الانتقالي على النهوض بالوضع الاقتصادي والمؤسسات الجنوبية والخدمات.

-الانتقالي سيشرف على السلطات المحلية في المحافظات الجنوبية ويديرها بدعم التحالف العربي.

أما مسالة مشاركة الانتقالي بالحكومة فهو هدف فقط يأتي لغرض إيجاد دعم داخل الحكومة للخطوات الإدارية التي سيقوم بها الانتقالي على مستوى المحافظات. بحيث لا تعطل الشرعية ولا تعيق عمل السلطات المحلية.

مسألة عودة الشرعية يقصد بها عودة (الحكومة الجديدة التي ستكون حكومة حرب مصغرة من 20 وزيرا شماليا وجنوبيا يختارهم التحالف) وسيكونون في معاشيق فقط وممنوع خروجهم وذلك فقط لتسيير الأمور الإدارية مؤقتاً حتى تنتقل الإدارة إلى الانتقالي  . وهذه خطة دولية لسحب البساط بشكل تدريجي من الشرعية.

وأشار بعض المراقبين أنه يجب أن يعي أبناء الجنوب أن السياسة تقوم بالعمل وفق أدوات ووسائل تعتمد على القدرة في الكسب السياسي وإصلاح الأمور وفق رؤي القادة وقدرتهم على التعاطي مع الأوضاع المحيطة والترجمة الفعلية للواقع الذي أفرزته التغيرات، وفي حوار جدة سيطرت الأفكار السياسية على كل الجوانب الأخرى، فصار حوارا سياسيا بامتياز لمعالجة خلافات سياسية ذات بعد مرحلي يؤسس لتفاهمات مستقبلية تقوم على حماية الواقع العسكري والامني بالجنوب وإيجاد الحلول والتفاهمات لبقية النقاط التفصيلية.

كما تمكن الانتقالي من إدارة هذا الأمر بحنكة وظهر أن قياداته بمستوى إدارة دولة وتناسقهم مع الأوضاع الإقليمية والدولية والمصالح المتعلقة بذلك في الجنوب خاصة واليمن عامة.

وقال معالي نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي “هاني بن بريك”: “إن ثقتنا بالتحالف العربي بقيادة السعودية لا حدود لها، وسننتصر بإذن الله رغما عن كل المؤامرات والدسائس التي تريد إفشال التحالف وإنجاح المشروع الإيراني”.

وأضاف: “حوار جدة الأمل لتوحيد الجهود للقضاء على ما تبقى من مشروع إيران في منطقتنا، والمجلس الانتقالي لم يحِد أبداً عن هذا الهدف ولن يحيد عنه”.

كما نشر عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو وفده في حوار جدة السعودية الدكتور ناصر الخبجي منشورا على صفحته في فيسبوك، يوم الجمعة، وتضمّن عدة رسائل حاول الخبجي إيصالها وتوضيحها للجنوبيين وبقية الأطراف المحلية والخارجية.

وجاء في منشور الخبجي: “تمسك بالأمل وثق بنفسك.. ما كان في الأمس مستحيلا صار اليوم ممكنا ومتاحا.. والمكاسب لا تأتي دفعة واحدة.. والأهداف العظيمة لا تمس ولا تقبل المساومة؛ بل تنتزع بالإرادة والحكمة والعقل والصبر.. وضرورة التفاعل الإيجابي مع معطيات الحاضر والواقع التي تعد جسر عبور إلى المستقبل الآمن.. كن مستعدًا وغادر الماضي وسلبياته.. ثق أن القادم أفضل”.

ووفقا لمراقبين ومحللين سياسيين فإن منشور الخبجي يحتوي على رسائل عديدة، لعل أهمها يكمن أن حوار جدة القائم منذ أكثر من شهر في السعودية لن يحقق كافة المكاسب والأهداف المأمولة للجنوبيين.

وحثّ الخبجي الجنوبيين بالتمسك بالأمل وتعزيز الثقة بالنفس وبقياداتهم، مشيرا بأن الجنوب قطع شوطا كبيرا وحقق ما كان بالأمس حلماً يصعب تحقيقه.

وجدد الخبجي تأكيده أن الأهداف العظيمة – ويبدو بأنه يقصد ما يعرف بالثوابت الوطنية والمتمثلة باستقلال الجنوب – لا تقبل المساومة، لكنه قال بأن تحقيقها يتم من خلال انتزاعها بالإرادة والحكمة والعقل والصبر، في إشارة بأن مطلب الاستقلال غير مطروح حاليا على طاولة المفاوضات وأن هناك جولات قادمة ميدانية وسياسية من أجل انتزاع وتحقيق هذا المطلب، وفقا للمراقبين.

كما جدد الخبجي إلى التأكيد بأن المعطيات الجديدة على الأرض فرضت واقعاً جديداً لابد من التفاعل الإيجابي معه كونه جسر العبور للمستقبل المأمول، وهي رسالة للداخل والخارج.

ودعا الخبجي الجنوبيين، في ختام منشوره، إلى الاستعداد لمواجهة القادم الذي وصفه بأنه أفضل من الماضي وسلبياته.

كما قال عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي “عدنان الكاف”: “إن المجلس الانتقالي الجنوبي بنضاله وحواراته المحلية والإقليمية والدولية يريد الوصول بالجنوب إلى بر الأمان – وتابع الكاف في تغريدة له على حسابه ”تويتر” – من خلال تفهّمه لكل الشواغل الداخلية والخارجية بما يتناسب مع تحقيق المصلحة العليا للجنوب التي تتقاطع مع مصلحة الإقليم في الحفاظ على السلم الأهلي وأمان طرق الملاحة ومكافحة الإرهاب”. وقال الكاف في تغريدة أخرى: “ينبغي أن يكون واضحا للجميع أن قضية الجنوب قضية تحرر وطني ونضال خاضه الجنوبيون منذ سنوات طويلة”. وأضاف: “هي قضية خالدة في ضمير أبناء شعبنا وليست محلاً لا للتفاوض ولا للانتقاص من حقوقنا المشروعة”. واختتم الكاف بالقول: “فلا قيمة لنا إن كان الجنوب بأيدٍ غير أبنائه”.

رئيس تحرير صحيفة العروبة الأستاذ/ سامي العثمان قال: “في تصوري أن حوار جدة استطاع أن يدفع باتجاه توافق قوي بين التحالف والمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، والذي أضفى على الانتقالي شرعيته في الجنوب وعدن بصفة خاصة، بعيدا عن شرعية اللا شرعية المعطلة لأي وفاق واتفاق!”.

الأستاذ/ فضل الجعدي، نائب الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي، قال: “حوار جدة لم يكن حواراً فقط؛ بل هو أكثر من ذلك، هو باعتقادي قبل أن يكون حواراً كان اختباراً من أشقائنا في التحالف لعقولنا وأعصابنا وقدرتنا على الصبر.. وهو ما تجاوزناه بنجاح كبير.. لأننا اقتدينا بالنبي أيوب عليه السلام”.

الأستاذ/ سالم ثابت العولقي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، قال: “يتعامل المجلس الانتقالي بسياسة المنطق، وتتعامل شرعية الإخوان بسياسة المطابخ الإعلامية؛ لذا حقق الانتقالي الكثير من النقاط السياسية، وذهبت منتجات المطابخ الإعلامية أدراج الرياح”.

وأضاف: “ما بين إشاعة “تم احتواؤها” والإشاعات حول “حوار جدة” حقق الانتقالي الشيء الكثير بواقعية سياسية.. والقادم أجمل”.

الناشط الإعلامي وعضو الجمعية الوطنية وضاح بن عطية، قال: “من يعتقد أن القوى اليمنية، بما فيهم الحوثي والشرعية، يؤمنون بالحوار ويوفون بالعهود سوف يقع في الفخ؛ لأن التاريخ القديم والحديث أثبت أن تلك القوى المتسلطة إذا مدت يدها للحوار فإنها تجهز نفسها للحرب”.

وأضاف: “شخصيا متيقن ١٠٠% أن الشرعية ستعمل ضد مخرجات حوار جدة”.

الكاتب والباحث الجنوبي/ أنيس الشرفي قال: “لتأمين مشاركة جنوبية فاعلة في التصدي لجماعة الحوثي الإيرانية ومكافحة الإرهاب وتدعيم منظومة الأمن والسلم الدوليين في جغرافيا حيوية هامة للعالم، يجب أن يسهم حوار جدة بتأمين حاضنة جنوبية داعمة تبدأ بتمكين الجنوبيين من إدارة أرضهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا دون تدخل قوى صنعاء وأدواتها”.

كما قال منصور صالح، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي: “إن الحوار مع الحكومة الشرعية مازال مستمرا، وهناك مبادرة وضعتها الرياض على طاولة المفاوضات – تتكتم على بنودها- لكنها لم تحظ بعد بموافقة الحكومة الشرعية التي يبدو موقفها متذبذبا وغير واضح حتى الآن، ما أدى إلى تعطيل الوصول إلى اتفاق”.

وأضاف: “بغض النظر عن نتائج حوار جدة، فإن الأوضاع في المحافظات الجنوبية لن تكون كما كانت قبل انطلاقه، بعد أن تكشفت الكثير من خبايا الحكومة الشرعية التي أثبتت عدم رغبتها في الوصول إلى حلول لإنهاء الأزمة، بل وضعت نفسها في موقف محرج بين تجاوبها مع مبادرة التحالف أو انتقالها إلى المحور القطري الإيراني التركي، الذي يعرقل المواجهة مع الحوثيين”.

وأشار صالح إلى أن المجلس الانتقالي يقبل بإدارة ذاتية للجنوب حتى انتهاء المعركة مع المتمردين الحوثيين، وانتصار مشروع عاصفة الحزم، ثم الجلوس في مفاوضات للحل الشامل، وتعامل المجلس بمسؤولية مع جهود التحالف العربي، ويأمل من الحكومة الشرعية أن تغادر “مربع الخذلان وعدم الارتهان لمشاريع معادية للمشروع العربي”.

وأضاف أنه “في حال فشل المفاوضات فإن المجلس الانتقالي والجنوبيين بشكل عام لديهم قضيتهم التي ضحوا كثيرا من أجلها، وسيدافعون عنها حتى الانتصار، والبحث عن السلام القائم على حق أبناء الجنوب في استعادة دولتهم وتقرير مستقبلهم السياسي يعد الرغبة الأولى بالنسبة إلينا”.

ويرى مراقبون أن إطالة أمد مفاوضات جدة يبرهن على أن هناك أطرافا إقليمية تحاول عرقلة لملمة صفوف المعسكر المناوئ للحوثيين، وظهر ذلك في تهرب الحكومة الشرعية من الحوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي خلال دعوة الحوار الأولى في أغسطس الماضي، واستمرار المراوغات بعد الدعوة الثانية.

ولا ينفصل ذلك عما يجري في العاصمة العمانية مسقط في الوقت الراهن أيضاً، عبر مشاركة أعضاء من الحكومة الشرعية في حوارات مباشرة مع قيادات حوثية وبعض التيارات الجنوبية المدعومة من إيران، في محاولة لتشكيل تكتل سياسي يمني مناهض للتحالف العربي.

ويرى القيادي بالمجلس الانتقالي الجنوبي أن تلك المفاوضات تكشف مدى التفكك الذي وصلت إليه الحكومة الشرعية، وما يجري في مسقط “أمر غير مطمئن ويجري برعاية إيرانية قطرية، وهدفه الأساسي إثارة القلائل في محافظات الجنوب، وأن المخطط تشارك فيه أيضا عدّة حركات معادية للتحالف العربي في المهرة، وبعض قيادات شبوة المحسوبة على حزب الإصلاح”.

وأوضح صالح أن مؤامرات الحكومة الشرعية التي تعمل تحت سطوة حزب الإصلاح (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) على قراراتها، بدأت منذ تحرير المحافظات الجنوبية من الميليشيات الحوثية في يوليو 2015، إذ كان الاتفاق على أن تكون الحكومة المتواجدة في عدن نقطة انطلاق لإنهاء الانقلاب الحوثي، باعتباره لا يهدد الجنوب فقط إنما يشكل تهديدا لليمن كله وبلدان الخليج، لأنه أداة إيران في المنطقة.

وأشار إلى أن الحكومة بدلا من أن تنطلق لاستعادة الشرعية في صنعاء، حوّلت معاركها للالتفاف حول الانتصارات التي حققها أبناء الجنوب على العناصر الإيرانية، وأفشلت مهام قادة المقاومة الجنوبية الذين جرى تعيينهم في بعض المناصب العسكرية وقطعت الميزانيات عنهم، وأوقفت ترقيات العسكريين الذين شاركوا بفاعلية في المعارك ضد الحوثيين، في حين أجرت حركة ترقيات واسعة لأكثر من 100 ألف عسكري لم يقاتلوا من الأساس في مأرب.

بالتوازي مع ذلك تعاني محافظات الجنوب من انهيار الخدمات العامة، على رأسها المياه والكهرباء والوقود، بالرغم من أنها تشكل 80 بالمائة من إجمالي ثروات اليمن، وهو ما جعل أبناء الجنوب يدركون أن هناك سياسة عقاب تمارس ضدهم بسبب رفضهم تمكين عناصر الإصلاح والتنظيمات الإرهابية من المحافظات الجنوبية مرة أخرى.

وأكد منصور صالح أن المجلس الانتقالي الجنوبي بالتعاون مع التحالف العربي يحاول أن يخفف من حدة الأزمات التي تعاني منها المحافظات الجنوبية، بعد هروب قيادات الحكومة الشرعية، وبالتالي فإن حالة الخدمات لم تكن في يوم من الأيام أحسن حالا مما هي عليه الآن، في الوقت الذي يرحب فيه أبناء الجنوب بتوزيع الثروات على مختلف المحافظات باعتبار أن المجلس الانتقالي يعترف بشرعية عبدربه منصور هادي.

ولدى أبناء الجنوب شعور بأن شح الثروات الطبيعية في الشمال وانحسار المساحة الجغرافية التي تبلغ ثلث مساحة المحافظات الجنوبية، يدفعان القوى الإقليمية المتحالفة مع بعض المكونات الشمالية إلى تقوية نفوذها في الجنوب، بعد أن فشلت الحكومة الشرعية في استعادة عدد من المحافظات التي فقدتها بفعل الميليشيات الحوثية، وصعوبة مهمة وصولها إلى صنعاء وسط الآلية الحالية لقوات الجيش اليمني.

وهو ما يجعل صالح يؤكد أن هناك رؤية واضحة للمجلس الانتقالي تتعلق باستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة بحدود 21 مايو من عام 1990، بعد أن ثبت للعالم أجمع فشل مشروع الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية، وتحولت هذه الوحدة إلى احتلال. وإذا فشلت جميع المسارات السياسية فإن شعب الجنوب يملك السيادة على أرضه ولديه من القدرات والقوة ما يكفي للدفاع عن ذاته ومستقبله.

وقال صالح إن المجلس الانتقالي استطاع أن يقضي على التنظيمات الإرهابية التي كانت تتخفى وراء المسميات الأمنية الموجودة في عدن، وعلى رأسها ألوية الحماية الرئاسية التي كانت معسكراتها “ثكنات عسكرية للتنظيمات الإرهابية التي تشكلت من بعض الجهاديين الذين ذهبوا قبل سنوات إلى صعدة، ولم تكن هذه العناصر منتمية من قبل إلى المؤسسة العسكرية اليمنية، وهي بالأساس تخضع لسيطرة نائب الرئيس علي محسن الأحمر”.

ولفت إلى أن التحالف العربي يدرك جيداً أن أبناء الجنوب لم يواجهوا خلال أحداث عدن قوات الحكومة الشرعية، بل دخلوا في حرب مباشرة مع تنظيمات إرهابية كانت تهدد أمن الجنوب بشكل عام، مشددا على أن “توفر هذه المعلومات لدول التحالف جعلها تتدخل في الأزمة بشكل إيجابي في محاولة لإنهاء الأوضاع التي تسببت في توفير الملاذ الآمن لتلك العناصر الإرهابية”.

ووصف صالح الأوضاع الأمنية في العاصمة عدن بـ ”الجيدة جدا”. واعتبر أن ذلك ينعكس أيضا على غالبية مناطق محافظة أبين، مشيرا إلى أن جهود الأجهزة الأمنية الجنوبية مستمرة في اتجاه الحفاظ على المصالح الخاصة والعامة وهناك حالة من الارتياح الكبير لدى أبناء المدينتين.

وحققت القوات المسلحة الجنوبية في الضالع انتصارات متتالية على الحوثيين مكنتهم من التوغل في عمق المناطق الشمالية بهدف تأمين الحدود من وصول الأسلحة الثقيلة إلى الميليشيات الحوثية التي كانت تستهدف الأحياء السكنية، وهو ما مكّن أبناء الجنوب من تكبيد العناصر الموالية لإيران خسائر فادحة على مستوى المقاتلين، بينهم قادة بارزون.

وأضاف أن هناك في الاتجاه الآخر جهودا متواصلة لإنعاش الوضع الاقتصادي والوفاء باحتياجات الخدمات الأساسية والجوانب الثقافية والرياضية وكل ما يعزز فرص الحياة الطبيعية والانتقال بمعيشة المجتمع إلى الأفضل في ظل الغياب التام لحكومة الشرعية.

وبحسب نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن الوضع مغاير تماما في محافظة شبوة التي سقطت بيد ما أسماه بالتحالف الثلاثي (الإصلاح والتنظيمات الإرهابية والقبائل)، ما مكّن الجماعات الإرهابية من العودة مُجدَّدا واستعادة مواقعها التي كانت تسيطر عليها قبل الهزيمة التي تلقّتها على يد “قوات النخبة الشبوانية”.

ولفت إلى أن شبوة تحوّلت إلى ثكنة عسكرية للقوات الشمالية ومعها الجماعات الإرهابية القادمة من مأرب تاركة معركتها الأساسية مع ميليشيا الحوثي التي تبسط سيطرتها على أغلب مساحة محافظة مأرب، ما جعل المحافظة الجنوبية الغنية بالثروات تعاني من عمليات النهب والفساد ومن الانفلات الأمني والاغتيالات اليومية التي لا تتوقف.

وأفصح صالح عن إعادة إعداد “القوات الشبوانية” بصورة جديدة تمكّنها من استعادة المحافظة؛ لأن سقوطها بيد العناصر الإرهابية كان بسبب تسليحها بأسلحة خفيفة تشبه التي تستخدمها قوات الشرطة المدنية، في مواجهة أسلحة ثقيلة ودبابات وقذائف صواريخ كانت بحوزة قوات الجيش اليمني في مأرب، ما يجعل عملية المقاومة على أشدها حاليا، في ظل تنفيذ عمليات يومية تساهم في الاستعداد للمعركة.

وتأسست النخب الجنوبية (الشبوانية والحضرمية) بدعم من قوات التحالف العربي للمساهمة في تحرير محافظات الجنوب من عناصر القاعدة وداعش والميليشيات الموالية للحوثيين مطلع عام 2016، ولعبت النخبة “الحضرمية” دوراً هاماً في تحرير ساحل محافظة حضرموت من قبضة تنظيم القاعدة في أبريل 2016، فيما تأسست قوات النخبة “الشبوانية” ضمن قوات الحزام الأمني في أغسطس 2017، وتمكنت من بسط نفوذها على كامل جغرافيا المحافظة، ضمن عملية “السيف الحاسم”، في فبراير 2018.

وكشف صالح أن تأسيس الأجهزة الأمنية الجنوبية جرى على أساس وطني من خلال رؤية عسكرية شاملة شاركت فيها قوات التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تأسس بناؤه التنظيمي وبالتوازي مع ذلك دشن البناء العسكري المكون من المقاومة الجنوبية والأحزمة الأمنية والنخب الجنوبية، بجانب جهوده السياسية الخارجية التي استطاعت أن تحقق اختراقاً مهماً على صعيد الاهتمام بالقضية الجنوبية على المستوى الدولي.

وشدد القيادي الجنوبي على أن المجتمع الدولي أضحى ينظر إلى المجلس الانتقالي على أنه أبرز قوة في الجنوب، في ظل غياب بعض المكونات التي صارت هشّة من الناحية السياسية نتيجة عدم قدرتها على تحقيق الإجماع حولها.

ورد صالح على الانتقادات الموجهة إلى المجلس الانتقالي بعدم انفتاحه على باقي المكونات الجنوبية قائلا: “إن المجلس منفتح على كل القوى الجنوبية، وفي الأساس يضم في إطاره كل المكونات والكيانات السياسية والحزبية الجنوبية، ولا يستطيع أي كيان أن يقول إنه غير ممثل في المجلس”.

وأضاف أن رئيس المجلس اللواء عيدروس الزبيدي دائما يؤكد على أنه سيحاور كل جنوبي يريد الحوار، ويقول “من لم يستطع أن يصل إلينا سنذهب إليه”، وبناءً على ذلك فالحوار متواصل مع كل القوى والشخصيات الجنوبية بهدف توحيد الجبهة الداخلية الجنوبية المؤمنة بحقوق ومطالب شعب الجنوب.

وفي المقابل يرى أن هناك محاولات للتشويش تقوم بها الحكومة الشرعية والأحزاب المسيطرة عليها لإنشاء ما تسميه بالمكونات الجنوبية التي لا وجود ولا حضور لها على الأرض بهدف إظهار عدم اتحاد الجنوبيين على مطلب التحرير والاستقلال، في إشارة إلى “الائتلاف الوطني الجنوبي”، في حين أن الواقع مختلف، وكشفه قطاع واسع من الجنوبيين بالتفافهم حول المجلس وتأكيد تفويضه للتعبير عن إراداتهم.

وأوضح أن المجلس تعرض لعدة محاولات، من قبل أطراف إقليمية وداخلية، لإفساد علاقته بدول التحالف العربي، وسعت الحكومة الشرعية، من خلال رفضها خوض أولى جولات الحوار مع المجلس الانتقالي، أن تضعه في موقف الرافض لأي حوار تالٍ، غير أن الوعي بهذا المخطط أفشله، ولم يجد المجلس غضاضة في أن يذهب مرة أخرى إلى الرياض من أجل التفاوض، بل إنه سارع بقبول مبادرات التحالف العربي التي طرحها لإنهاء الأزمة في الجنوب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى