تقرير خاص | ثورة 14 أكتوبر بين الأمس واليوم.. ماذا تحقق للجنوبيين؟

  • منذ الوحدة اليمنية عاش الجنوب حالة من التهميش والاضطهاد وتم تسريح موظفي الدولة وأغلقت جميع المؤسسات والمصانع والمنشئات في الجنوب العربي
  • يعد “المجلس الانتقالي الجنوبي” في الوقت الحالي الكيان السياسي “الوحيد” الذي يمثل الجنوبيين

عدن24 | خاص

في مثل هذا اليوم من عام 1963م اندلعت ثورة 14 أكتوبر في الجنوب العربي ضد الاستعمار البريطاني، وكانت بداية انطلاقتها من جبال ردفان، بقيادة الشهيد راجح بن غالب لبوزة، الذي استشهد مع مغيب شمس يوم الثورة، حيث استمرت الحملات العسكرية الغاشمة التي شنتها السلطات الاستعمارية لمدة ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، وعلى إثرها تشرد الآلاف من المدنيين العزل.

وكانت “الأرض المحروقة” هي السياسة التي اتّبعتها القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان، وخلفت كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال غير الإنسانية.

وظهرت الجبهة القومية للتحرير، وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل في عقد الستينيات من القرن العشرين، وعمليات هذه الفصائل ضد الإنجليز عرفت بثورة 14 أكتوبر. حاول الإنجليز التوصل لحل وسط مع هذه الجماعات ووجدوا أنفسهم يخوضون حربا على جبهتين: محاولة إفشال الجمهورية في الشمال، والفصائل المعادية للإنجليز في الجنوب.

وكان السبب في احتلال بريطانيا لمدينة عدن هو موقعها الاستراتيجي، فبعد أن أرسلت بريطانيا الكابتن هينز، أحد ضباط البحرية، لدراسة الموقع الجغرافي لمدينة عدن ومدى أهميتها الاستراتيجية، أشار في تقريره إلى ضرورة احتلال عدن لأهميتها الاستراتيجية.

انسحاب القوات البريطانية

وبعد استعمار دام لأكثر من مائة عام، ظهرت حركات مقاومة للاستعمار، مثل: جبهة التحرير القومية المدعومة من المصريين، وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل، وعندما ألقى عناصر من جبهة التحرير القومية قنبلة في 10 ديسمبر من العام 1963م، أدت إلى مقتل المندوب البريطاني السامي، أعلنت بعدها حالة الطوارئ.

واستمرت هجمات الفصائل حتى انسحبت القوات البريطانية من عدن في 30 نوفمبر عام 1967م قبل الموعد المقرر من قبل رئيس الوزراء البريطاني هارولد ويلسون، حيث أعلن أن بريطانيا ستنسحب عام 1968، وبعد خروجهم قامت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية

قامت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أو اليمن الجنوبي، بعد جلاء آخر جندي بريطاني من عدن، وضُمت مشيخات المحمية الشرقية في حضرموت إلى الدولة الجديدة، وكانت دولة اشتراكية بنظام الحزب الواحد، وكان يطلق عليها في الفترة بين 30 نوفمبر 1967 و1 ديسمبر 1970 “جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية” حتى غُيِر إلى “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، وكان قيامها في فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وسقطت بسقوط السوفييت.

وتولى قحطان الشعبي رئاسة الدولة باقتصاد منهار، فقد غادر العمال المدنيون ورجال الأعمال، وتوقف الدعم الإنجليزي، كما أُغلقت قناة السويس عام 1967 مما قلل عدد السفن العابرة لعدن بنسبة 75%.

فقد كانت الجبهة القومية للتحرير تحوي قرابة 4.000 عضو وعدد قليل من القادة تتلقى تعليما جامعياً. كانت الجبهة منقسمة لقسمين: يميني ويساري، اليمينيون وقائدهم قحطان الشعبي لم يريدوا إحداث تغييرات كبيرة في البنية الاجتماعية والاقتصادية السائدة، واتخذوا موقفا متحفظاً تجاه تحرير كل الأراضي العربية من الاستعمار، ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني ومساندة الأنظمة الاشتراكية حول العالم لمقاومة الإمبريالية وقوى الاستعمار في العالم الثالث، كما كان يروّج القسم اليساري من جبهة التحرير، وعارضوا إنشاء قوات شعبية واقتراحات لتأميم الأراضي، ولم يكونوا مشغولين بصراع الطبقات الاجتماعية، فقحطان أراد استمرار المؤسسات الموجودة وتطويرها.

أما القسم اليساري أراد تحولاَ اجتماعيا واقتصاديا يخدم الشريحة الواسعة من الكادحين عوضاً عن الأقلية الثرية، على حد تعبيرهم.

وفي 20 مارس 1968م عزل قحطان كل القيادات اليسارية من الحكومة وعضوية الحزب، وتمكّن من إخماد تمرد قادته من الفصائل اليسارية في الجيش في شهر مايو نفس العام.

كذلك واجه قحطان الشعبي تمردات جديدة من أطراف يسارية في أشهر: يوليو, وأغسطس, وديسمبر من عام 1968 ذلك أن كل الدول العربية استقبلت الجبهة القومية للتحرير استقبالا بارداً.

وفي 16 يونيو 1969، قام قحطان بفصل وزير الداخلية محمد علي هيثم، ولكن هيثم بعلاقاته مع القبائل والجيش تمكن من التحالف مع محمد صالح العولقي وأعادوا تجميع القوى اليسارية التي فرّقها الرئيس قحطان الشعبي وتمكنوا من اعتقاله ووضعه رهن الإقامة الجبرية في 22 يونيو من نفس العام.

بعدها تم تشكيل لجنة رئاسية من خمسة أشخاص: سالم رُبيِّع علي – الذي أصبح رئيسا – ومحمد صالح العولقي، وعلي عنتر، وعبد الفتاح إسماعيل، ومحمد علي هيثم، الذي أصبح رئيسا للوزراء.. وقاموا بـ: إصدار دستور جديد، تأميم البنوك الأجنبية وشركات التأمين، وغيروا اسم الدولة إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تماشيا مع منهج الماركسية اللينينية الذي انتهجوه، وتم تأسيس اقتصاد مخطط مركزيا.

وكان سالم ربيع علي يريد تبني منهجاً عملياً أكثر وفق نصيحة الصينيين، وكان يريد علاقات طبيعية مع الدول الغربية؛ بل في عهده تأسست العلاقات بين اليمن الجنوبي والسعودية عام 1976، كان الرئيس سالمين يطمع لمزيد من الدعم السوفييتي، فعقد العلاقات مع السعودية أقلق السوفييت ودفعهم لزيادة المساعدات، ولكن العلاقات مع السعودية توترت من جديد عام 1977 عقب اغتيال رئيس اليمن الشمالي إبراهيم الحمدي.

ويُعتقد أن سالم ربيع علي دبر عملية اغتيال أحمد حسين الغشمي انتقاماً لإبراهيم الحمدي، فخضع سالم ربيع علي لمحاكمة سريعة انتهت بإعدامه وتولي عبد الفتاح إسماعيل رئاسة اليمن الجنوبي، وتوترت العلاقات مع شمال اليمن كثيراً أيام فتاح لدعمه المتواصل للفصائل المعارضة لعلي عبد الله صالح.

وتمكّن علي ناصر محمد من إجبار عبد الفتاح إسماعيل على الاستقالة لـ”أسباب صحية” ونُفي إسماعيل إلى موسكو بعد أقل من سنتين على توليه الرئاسة.

الصراعات في الجنوب

مع إعلان الاستقلال، الذي شاركت فيه قوى سياسية وفكرية مختلفة، أُعلن عن قيام “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” وعاصمتها عدن. إلا أن البلاد دخلت في صراعات دامية بين تياري الثورة: “الجبهة القومية” و”جبهة التحرير”، حُسمت لصالح الأولى، حيث عملت حكومة بريطانيا على تسلميها مقاليد الحكم وتهميش جبهة التحرير.

وأدارت “الجبهة القومية” البلاد بفكر يميني، لكن سرعان ما دبَّ الصراع داخلها وأطيح بأول رئيس للبلاد قحطان الشعبي في 22 يونيو 1969، بقيادة سالم ربيع علي (سالمين). بعد ذلك بسنوات قُتل (سالمين) من قبل الرفاق في 26 يونيو 1978، وهو العام ذاته الذي أعلن فيه عن قيام الحزب الاشتراكي اليمني، ولم ينتهِ الصراع بين الرفاق على السلطة حتى توج بأحداث 13 يناير 1986.

فقد أقدم حراس علي ناصر محمد على مهاجمة المكتب السياسي للحزب الاشتراكي في عدن، وهو ما فجّر حرب 1986 الأهلية في الجنوب، كان ضحايا الهجوم من محافظتي لحج والضالع، فأقدم عسكريون من هذه المحافظات على استهداف أبناء محافظتي أبين وشبوة على أساس أنهم متعاونون مع علي ناصر محمد الذي كان سبب هروب ونزوح مئات الآلاف من المدنيين والعسكريين لشمال اليمن منهم عبدربه منصور هادي.

فحرب 1986، أو الحرب الأهلية في الجنوب، هي حرب أهلية اشتعلت في 13 يناير ودامت شهرًا واحدًا في اليمن الجنوبي، نتيجة لرغبة أنصار الرئيس السابق عبد الفتاح إسماعيل في الإطاحة بحكومة علي ناصر محمد، وتسببت الحرب في الكثير من الأضرار، فقد قُتل فيها الآلاف من قيادة الحزب الاشتراكي وكوادره، في مقدمتهم عبد الفتاح إسماعيل، وعلي عنتر، وعلي شايع هادي، في حين غادر علي ناصر محمد وزمرته الجنوب نازحاً مع كافة العناصر الموالية له إلى الشمال، وكانت التصفيات الدموية خلال الأحداث تتم وفق فرز مناطقي.

ولكونه حليفًا لإسماعيل، تولى علي سالم البيض الرئاسة بعد حرب 1986 والتي انتهت بفرار الرئيس السابق علي ناصر واختفاء إسماعيل.

الوحدة اليمنية واجتياح الجنوب

بدأت الجهود من أجل الوحدة عام 1988، وعلى الرغم من أن حكومات الشطرين قد أعلنت موافقتها على الاتحاد عام 1972، إلا أن التقدم الذي أُحرز كان ضئيلًا، حيث توترت العلاقات بين البلدين كثيرًا، وفي 22 مايو عام 1990م تحققت الوحدة اليمنية ووقع اتفاقيتها ممثلو النظامين، في الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) والشمال (الجمهورية العربية اليمنية).

وفي عام 1994م ونتيجة صراع سياسي حاد استمر طوال الفترة بين نظامي البلدين، وصلت الأمور في صيف 1994م إلى درجة المواجهة المسلحة بين الطرفين شمالا وجنوبا مما أدى إلى اجتياح الجنوب في 1994، وكان النظام في الجنوب قد اختار بعد وقت قصير من اندلاعها خيار الانفصال التام وإلغاء اتفاق الوحدة، بينما بقي النظام في الشمال متمسكا بهذا الاتفاق ويرفض إلغاءه، وانتهت الحرب في 7 يوليو 1994 بانهيار النظام في الجنوب وهروب قياداته وبقاء اتفاق الوحدة في ظل هيمنة من نظام الحكم في الشمال على اليمن الموحد.

بعدها عاش الجنوب حالة من التهميش والاضطهاد وتم تسريح موظفي الدولة وأغلقت جميع المؤسسات والمصانع والمنشئات في الجنوب العربي من قبل نظام الحكم في الشمال، واتبعت ساسة التفريق بين الصف الجنوبي، وعمدت على تدمير مقدرات الجنوب، وجعل الجنوب وثرواته تحت سيطرتهم وهيمنتهم، كما ذهبت لتجهيل الجنوبيين وتدمير البنية التعليمية في الجنوب خاصة الجامعات، مما أُنشئ حالة من الاستياء بين أوساط الجنوبيين، وظهرت حركات تطالب باستعادة دولة الجنوب وهويته، ووصف البعض نظام الحكم في الشمال بـ”الاحتلال”، حتى وصل الجنوبيون إلى تأسيس الحراك الجنوبي المطالب بفك الارتباط أو الحكم الذاتي للجنوب.

تأسيس الحراك الجنوبي

الحراك الجنوبي هو حراك شعبي في جنوب اليمن بدأ بكيان جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين المسرحين من عملهم، وطالب الحراك الجنوبي النظام الحاكم بالمساوة وإعادة المسرحين العسكريين والمدنيين، ويطالب الحراك الجنوبي منذ 7 يوليو 2007 بالاستقلال لجنوب اليمن والذي يعتبرونه بلداً محتلًا بالقوة العسكرية من قبل اليمن الشمالي.

فمنذ عام 2007 نظّم مواطنون من جنوب اليمن اعتصامات ومسيرات ومظاهرات احتجاجاً على المعاملة التي يتلقونها من قبل الحكومة المركزية التي يسيطر عليها الشماليون، بما في ذلك فصل الجنوبيين من العمل المدني والأمني، وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات.

وبقدوم عام 2008 راح الكثير من أبناء جنوب اليمن يطالبون بالانفصال واستعادة استقلال دولة اليمن الجنوبي، وقالت هيومن رايتس ووتش: “إن قوات الأمن، والأمن المركزي اليمني على الأخص، لجأت إلى ارتكاب انتهاكات موسعة لحقت بالجنوب، منها القتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والضرب وقمع حريات التجمع والتعبير واعتقال الصحفيين وآخرين”.

هذه الانتهاكات أدّت لخلق أجواء من الخوف، لكنها أيضاً زادت من ضيق الجنوبيين وإحساسهم بالغربة، ويقولون إن الشمال يستغلهم اقتصادياً ويهمشهم سياسياً، كذلك إفلات قوات الأمن من العقاب على الهجمات غير القانونية ضد الجنوبيين، زاد من المشاعر الانفصالية في الجنوب وألقى بالبلاد في دوامة من القمع والاحتجاجات، أدت بدورها إلى المزيد من القمع.

وفي أبريل 2008 اعتقلت قوات الأمن 12 من قيادة الحراك الجنوبي وقامت باحتجازهم إلى أن عفا عنهم الرئيس صالح في سبتمبر، وكان من بين تلك الزعامات: أحمد بن فريد، وعلي الغريب، وحسن باعوم، وعلي مُناصر، وآخرون.. وأمضوا ستة أشهر في سجن الأمن السياسي اليمني في زنازين تحت الأرض، حسب تقرير هيومن رايتس ووتش، ثم حوكموا بعد ذلك بناءً على اتهامات مبهمة سياسية الدوافع تتمثل في “المساس بالوحدة” و”التحريض على الانفصال”.

العملية الديمقراطية في ظل الوحدة

أعلن الرئيس صالح في 17 يوليو 2005، أنه لن يرشح نفسه للرئاسة في انتخابات عام 2006، وأكد قراره في 21 يونيو 2006 بينما كان يلقي خطاباً على أعضاء حزبه، وتبع هذا الإعلان مظاهرات لأنصاره لطلب إعادة ترشيح نفسه في انتخابات 2006، واستجاب صالح لذلك وأعلن أثناء كلمته أمام أنصاره في صنعاء في 24 يونيو 2006 أنه سيرشح نفسه في الانتخابات، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يقوم فيها صالح بعكس قرارة بعدم الترشيح؛ حيث أنه فعل ذلك في انتخابات عام 1999، التي حصل فيها على 96.3 بالمائة من الأصوات، بينما حصل نجيب قحطان الشعبي على 3.7 بالمائة من الأصوات.

وفي 2 يوليو 2006 أعلن تكتل أحزاب اللقاء المشترك مرشحهم للانتخابات المهندس فيصل بن شملان، وكان فيصل بن شملان وزيراً للنفط في الحكومة الاشتراكية قبل الوحدة.

واغتيل عادل المجيدي، ابن شقيق المرشح أحمد المجيدي، في 29 أغسطس 2006، بمنزله برصاص مسلحين مجهولين، وكان عادل المجيدي يقود الحملة الانتخابية لعمه في محافظته الأصلية محافظة لحج.

يوم 12 سبتمبر 2006، لقي 51 شخصا على الأقل مصرعهم وأصيب أكثر من 200 بجروح عندما تدافعوا في استاد مملوء بالآلاف من مؤيدي الرئيس اليمنى علي عبد الله صالح والعمال والطلاب الذين أقلتهم الباصات إلى الاستاد للاحتشاد.

ويوم الانتخابات حدثت بعض أعمال العنف، ووفقا للمعارضة توفي ثمانية أشخاص في الاشتباكات، وقتل حسن خالد، مرشح الحزب الناصري في الانتخابات المحلية، في اشتباك مع أنصار الحزب الحاكم في محافظة تعز.

ووفقا للنتائج الأولية فاز صالح بـ 82% من الأصوات، وحصل فيصل بن شملان على 16%، وقال مسؤول في الانتخابات أن المشاركين في الانتخابات بلغ حوالي 5 مليون شخص من أصل 9.200 مليون ناخب.. واعترضت المعارضة على النتيجة وقالت إن مرشحها بن شملان حاز ما بين 40% و60%، ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات إلى إجراء انتخابات “حرة ونزيهة” ولكن قالت إنه في بعض مراكز الاقتراع كان هناك ترهيب للناخبين وانتهاك لسرية الناخبين، والمشاركة في الانتخابات دون بلوغ السن القانونية.

النتائج اللاحقة، بعد فرز (17,000 من أصل 27,000) من صناديق الاقتراع، لا يزال صالح محتكر الأغلبية الساحقة، بـ 3.40 مليون صوتا مقابل 880,000 صوتا لابن شملان، وهددت المعارضة بمظاهرة ضخمة إذا استمر الاحتيال.

وأظهرت النتائج النهائية في 23 سبتمبر فوز صالح بنسبة 77.2% وحصول فيصل بن شملان على نسبة 21.8% من أصوات الناخبين. أعلن بن شملان بعد ذلك قبوله بالنتائج، على الرغم من أنه قال “إنها لا تعكس إرادة الشعب”، وأدلى صالح اليمين الدستورية لولايته الجديدة في 27 سبتمبر 2006.

ثورة الشباب في 2011م

عمّت ثورة الشباب معظم المدن اليمنية مطلع عام 2011م، مطالبة برحيل الرئيس صالح وإسقاط النظام، ولم يكن الجنوب معنيا بهذه الثورة بشكل كبير، إلا أن بعض الأطراف الجنوبية أيدت وناصرت هذه الثورة، لكن الكثيرين ظلوا متمسكين بمطلب الاستقلال، ولم يسلم الجنوبيون من تبعات الثورة الشبابية وانحراف مسارها بعد انضمام الأحزاب السياسية إلى ركب الثورة وعلى رأسهم حزب الإصلاح اليمني، فقد شهدت اليمن والجنوب أحداثا دامية وانفلاتا أمنيا أثناء الثورة وبعدها، حتى وصل إلى انقلاب الحوثيين في صنعاء على شرعية هادي الذي تسلم السلطة بعد أن تنحّى الرئيس صالح في عام 2012م.

اجتياح الجنوب في 2015م

بعد أن انقلب الحوثيون على الرئيس هادي وطُرِد إلى عدن، قامت الميليشيا الحوثية وقوات تابعة للرئيس السابق صالح بغزو الجنوب بحجة محاربة الإرهاب المتمثل بداعش والقاعدة، وقاموا بمحاربة الجنوبيين ومحاولة السيطرة على المؤسسات الحكومية في الجنوب، كما قاموا بقصف المدنيين وقتل العزل، وشبت حرب استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، دافع فيها الجنوبيون على أرضهم وعرضهم.

ومع بداية الاجتياح أعلن التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، عن عاصفة الحزم ومحاربة الحوثيين وأذناب إيران والإرهاب بكل أنواعه في اليمن، بعد أن طلب الرئيس هادي العون والسند من دول الجوار في حماية الشرعية والشعب اليمني من جماعات إرهابية تريد السطو على السلطة ومقدرات البلاد.

وتم تحرير عدن في الـ27 من رمضان، ثم تحررت كافة مناطق الجنوب من الغزو “الحوثي عفاشي”، إلا أن الجنوب لم يرتح فقد شهدت مدن الجنوب، عقب التحرير، الكثير من العمليات الإرهابية والاغتيالات والقتل والاختطافات، في عملية ممنهجة لسلب الجنوب أمنه واستقراره.

ولم يستسلم الجنوبيون للأمر الواقع فقد قاموا بمساندة الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ببناء قوات أمنية وعسكرية جنوبية خالصة ممثلة بالحزام الأمني والنخب الجنوبية، لحماية الجنوب والجنوبيين.

تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي

دعا اللواء عيدروس الزبيدي في مؤتمر صحفي، يوم 10 سبتمبر 2016 ، كافة القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية إلى العمل على إنشاء كيان سياسي جنوبي يوازي القوى السياسية في شمال اليمن، بحيث يكون هذا الكيان الناشئ الممثل لتطلعات الجنوبيين في أي استحقاقات سياسية من أجل الحل السياسي في اليمن، تم الترتيب والتحضير لهذا الكيان بعيداً عن الإعلام طيلة أشهر.

إقالة عيدروس الزبيدي وبعض القادة الجنوبيين من مناصبهم في حكومة الشرعية اليمنية كوّن حالة من السخط الشعبي، واعتبر الكثير من الجنوبيين ذلك قفزاً على تضحياتهم ومحاولةً لإجهاض مشروع التحرير والاستقلال، فتداعوا للاحتشاد رفضاً للقرارات يوم 4 مايو 2017، وتمخّض عن ذلك الاحتشاد ما سمي بـ”إعلان عدن التاريخي” الذي خوّل اللواء عيدروس الزبيدي بإنشاء مجلس سياسي جنوبي استجابة لتطلعات الجنوبيين وتحقيقا لما دعا إليه سابقا.

تبع ذلك الإعلان تشكيل الهيئة الرئاسية للمجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الزبيدي تاريخ 11 مايو 2017، ثم اجتمع مئات الآلاف من الجنوبيين من كافة محافظات الجنوب في عدن فيما أطلق عليه مليونية 21 مايو لتأييد المجلس المعلن وتفويضه شعبياً لتمثيل الجنوب.

ويعد المجلس الانتقالي الجنوبي في الوقت الحالي الكيان السياسي الوحيد الذي يمثل الجنوبيين، حيث لم يجد الجنوب ممثلا يتفق عليه الجميع، خاصة منذ قيام الوحدة اليمنية، ولعب المجلس دورا كبيرا في إيصال صوت الجنوبيين إلى العالم وإقناعهم بأحقية القضية الجنوبية، كما كان له دور فعال في خدمة المجتمع الجنوبي، وكذا تمكن من لملمة الصف الجنوبي حوله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى