تقرير خاص | الجنوب.. الواقع يفرض نفسه

– لماذا لا تدفع الدول المتقدمة نحو إجراء استفتاء تحت إشراف دولي لمعرفة ما يريده الجنوبيون؟

– حجم التظاهرات الأخيرة في حضرموت وشبوة وسقطرى وأبين أثبت أن نسبة كبيرة من الجنوبيين تريد فك الارتباط مع الشمال

– حكومة الإخونج التي يديرها معين عبدالملك أصبحت جثة هامدة وما جرى في الفترة الأخيرة هو ظهور بوادر تحللها وتفسخها بعد سيطرة حزب الإصلاح الإخونجي عليها

 

عدن24| خاص

منذ عقود خلت ولازال أبناء الجنوب العربي يرفعون صوتهم عاليا ويتظاهرون ويتطلعون لتحقيق حلمهم باستعادة دولتهم دولة “الجنوب العربي”.

حجم التظاهرات الأخيرة في حضرموت وشبوة وسقطرى وأبين أثبت أن نسبة كبيرة من الجنوبيين تريد فك الارتباط مع الشمال، وبدل الخوض في جدل عقيم حول حجم التأييد الشعبي لذلك لماذا لا تدفع الدول المتقدمة نحو إجراء استفتاء تحت إشراف دولي لمعرفة ما يريده الجنوبيون؟

ويتساءل البعض: ما هي المشكلة في أن تكون للجنوب العربي دولة؟ هل هذا غريب على منطق الأشياء؟ ألم تكن هناك في السابق دولة جنوبية تحت مسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية؟ ألم يخرج الملايين من الجنوبيين في أكثر من مناسبة لتأييد خيار الانفصال عن اليمن؟ فأين تكمن المشكلة بالضبط؟

إرادة شعبية واضحة

إرادة السكان في الجنوب واضحة ومؤكدة في الرغبة في فك الارتباط والعودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل عام 1990. فلماذا يتم تجاهل هذا الأمر من قبل المجتمع الدولي والإصرار على الإبقاء على الوضع الحالي الذي ثبت أنه لم يجلب أي منفعة لا للجنوب ولا لليمن نفسه؟

بل من واجب جميع الأطراف أن تحترم حق الجنوبيين في ذلك، وأن تهيئ الظروف المناسبة لتحقيق انفصال سلمي وحضاري، كما جرت الوحدة نفسها، ودون الحاجة إلى حروب ونزاعات، ودون الإضرار بمصالح اليمن أو الجنوب أو منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية.

ولا يوجد ضمان، بالطبع، بأن مشاكل الجنوب ستحل بالانفصال، أو أن الجنوبيين قد لا يعانون بسبب الظروف التي سوف يتم فيها الانفصال، ولكن المبدأ الأساسي يظل صحيحا وهو ضرورة احترام إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها.

الشرعية.. جثة هامدة!

حكومة الإخونج، التي يديرها معين عبدالملك، أصبحت جثة هامدة، وما جرى في الفترة الأخيرة هو ظهور بوادر تحللها وتفسّخها فحسب، بعد سيطرة حزب الإصلاح الإخونجي على مفاصل الشرعية اليمنية.

وتعتبر المملكة العربية السعودية جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً؛ نظراً إلى مواقف الجماعة من حرب الخليج، ومسؤوليتها عن إدخال الفكر الحزبي والسياسي إلى الفضاء الخليجي، وعلاقتها الوثيقة مع النظام الإيراني -العدو الأول لمملكة الحزم- واندفاعها في حراك الخريف العربي.

ويرى مراقبون أن اتفاق الانتقالي الجنوبي والمملكة العربية السعودية من الجماعة يعود إلى أسباب، من بينها دعمهم للإرهاب وارتباطهم بالتنظيمات الإرهابية والداعشية وتأييدهم للثورات وولاؤهم لثلاثي الشر (قطر،تركيا،إيران) واندفاعهم في مساندتها وتلقيهم دعماً لحرف الثورات عن مساراتها والتي أثرت وقتها على العلاقة بين السعودية والجماعة، ثم جاءت المشاركة القوية للإخوان في الثورات العربية لتلقي برميلا من الزيت على نار الخلاف مع السعودية.

يضاف إلى ذلك الرؤية الجديدة للأمير محمد بن سلمان  القائمة على التوازن بين الطابع الديني والطابع الدنيوي في المملكة، ومحاربة الإخوان والتنظيمات الإرهابية، بما يقتضيه ذلك من تخلص من علاقتها السابقة وتحالفاتها السالفة معهم، والمواجهة مع الخصوم السياسيين الذي يرى بن سلمان في مقدمتهم الإخوان المسلمون.

شرعية حاضنة للإرهاب

بات الجنرال العجوز محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني، متورطا في الدفع بعناصر القاعدة والإخوان لشن هجمات فاشلة في الجنوب وسط تحذيرات من تغلغل الإرهاب في أجهزة الحكومة.

وكشفت التطورات العسكرية والميدانية الأخيرة في الجنوب العلاقة المريبة بين جماعات الإرهاب وجهات بارزة في الحكومة الشرعية.

وظهر اعتماد الحكومة اليمنية الواضح على مقاتلين من تنظيمات متشددة كالقاعدة في محاولات فاشلة لاجتياح مدن كالعاصمة عدن ومحافظة أبين ومواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي.

واقع جديد

وقال مركز مدار للدراسات أن الجنوب يعيش واقعا جديدا منذ ما يقرب من خمس سنوات، وتحديدا بعد أن تمكنت المقاومة الجنوبية بمساعدة التحالف العربي من طرد المليشيات الحوثية وقوات الجيش اليمني المتحالفة معها في يوليو 2015م من عدن وبعض المناطق الجنوبية الأخرى، التي شُنت الحرب عليها من قبل تلك المليشيات، ودارت فيها مواجهة شرسة مع المقاومة الجنوبية دامت قرابة ستة أشهر.

ومنذ ذلك التاريخ تشهد الساحة السياسية الجنوبية نشاطاً واسعاً على الصعيدين السياسي والعسكري (تحديدا) تقف خلف هذا النشاط عدد من المحركات والمحددات التي تدل في الأصل إلى خلفية تصور الجنوبيين بوصفهم ذو هوية وطنية مستقلة عن الشمال، جرى إخضاعهم قسرا لهوية غير هويتهم بعد الانقضاض على مشروع الوحدة الذي أُعلن عام 1990م، بين جمهوريتي اليمن (الشمال والجنوب) واجتياح الجنوب بالحرب عام 1994م، ومنذ انتهاء الحرب، دخل الجنوب عهدا جديدا من الانتهاكات، إذ تعرضت جميع قطاعات المجتمع في الجنوب لانتهاكات وتدمير ممنهج ومستمر، عانى من خلاله الجنوبيون كثيراَ من الممارسات التي اتسمت بصفة معاملة المحتل لها.

ويعيش الجنوب منذ ذلك التاريخ واقعا غير مسبوق من الانتهاكات لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني، إذ مارس نظام صنعاء أبشع طرق الاستبداد في كل المجالات من قتل وأسر وتعذيب وملاحقة وتشريد وترويع وتدمير، شملت جميع مقومات الجنوب وطمس هويته، وإلغاء جميع مكونات ومؤسسات المجتمع التي كانت قائمة قبل هذا التاريخ، والتي شكلت الذاكرة الوطنية للمجتمع لسنوات طويلة، حيث تم استبدلها بمفاهيم ومسميات جديدة لا تمت لثقافة الجنوب بصلة، كما قام نظام صنعاء على تسريح وطرد المئات من الموظفين العسكريين والمدنيين من أعمالهم، وحرمان المواطنين من حقوقهم السياسية والاقتصادية، الأمر الذي دفعهم للمطالبة باستعادة دولتهم وفك ارتباطهم عن صنعاء والحفاظ على هويتهم الوطنية المستقلة.

حراك ثقافي وسياسي

إن ما يجري حاليا في الجنوب من حراك ثقافي وسياسي لم يكن بمعزل عن الحقبة التاريخية السابقة المذكورة أعلاه، وهي الحقبة التي تلت حرب 1994م. إذ تلتقي القوى الشمالية مجتمعة بموقفها الواحد ضد إرادة الجنوبيين، وإن ما تمارسه الشرعية أو مليشيات الحوثي أو جماعة الإخوان من أعمال تجاه الجنوب اليوم تؤكد موقفهم الواحد، حتى وإن تباينت مواقفهم العامة ورؤاهم الفكرية أو اختلفت وسائلهم، إلاّ أنها في المحصلة الأخيرة مجتمعة تجاه الجنوب، تحمل نفس الهدف الذي يرى أن يبقى الجنوب في دوامة صراعات لمشروعهم المتمثل في استئناف إخضاع الجنوب وضمه إلى الشمال مجددا، وخير برهان على ذلك هو ما أقدمت عليه الشرعية والإخوان في محاولة غزوهم للجنوب الأخيرة في 28 أغسطس الماضي، عندما تحركت القوات من مأرب صوب عدن التي رأت أولوية اقتحام عدن قبل صنعاء لتنوب عن المليشيات في مواجهة القوات التي ناصرت الشرعية والتحالف العربي. إلا أن إرادة الجنوبيين، المتمثلة في مقاومة هذا الواقع المتجسد في تفاعلهم وحراكهم الاجتماعي ونضالهم السلمي طوال السنوات الماضية، اكتملت بخروجهم العلني في حرب 2015م وتلاحمهم مع التحالف العربي ومشاركتهم الفاعلة في هذه الحرب.

فرص جديدة

مثلت مرحلة ما بعد يوليو 2015م، بنظر الجنوبيين، فرصة جديدة للتخلص من الواقع الذي فُرض عليهم قبل هذا التاريخ، وجاءت انتصاراتهم في هذه الحرب معززة لإرادتهم ونضالهم الذي أكد للملأ فاعليتهم القتالية وشراكتهم المبدئية مع قوى التحالف تكللت بانتصارهم كقوة مكنتهم من محاربة الإرهاب الذي فشل نظام صنعاء لسنوات طويلة في محاربته.

لقد شكل قرار الشرعية 2015م، الذي اعتبر مدينة عدن عاصمة مؤقتة للدولة اليمنية، مدخلاً للحكومة الشرعية في محاولتها الالتفاف على انتصارات المقاومة الجنوبية والتآمر على الجنوب ومشروعه الوطني، ومن ثم العمل على إبقاء المحافظات المحررة غير مستقرة، فقد تخلت الحكومة عن واجباتها تجاه من ناصرها في هذه المحافظات التي تعاني اليوم من تدهور كبير في أوضاعها المعيشية والخدمية.

وأعلنت المليشيات الحوثية من صنعاء الحرب على شرعية الرئيس هادي الذي يقف معه تنظيم الإخوان باليمن، حيث بدأت الحرب بهجمات الطيران على الرئيس هادي في مقر إقامته الجديدة في العاصمة عدن، والتي وصلها في 22 يناير 2015م، بعد أن تمكن من الانفلات من الإقامة الجبرية المفروضة عليه في صنعاء. وادعت المليشيات بأن حربهم تتجه ضد الدواعش في المناطق الجنوبية كمبرر لاجتياح مدينة عدن والمناطق الجنوبية لتجعل منها مسرحاً للحرب.

استنفرت كل القوى الجنوبية لمواجهة هذه الحرب الظالمة التي تتمثل في القوى الطائفية المرتبطة بإيران وقوات الحرس والجيش التي اجتاحت الجنوب في 1994م. وبعد تدخل قوات التحالف العربي، بناءً على طلب الحكومة الشرعية، وجدت الشرعية هنا قوات تساندها على الأرض (السلفيون والحراكيون والجيش الوطني من أبناء الجنوب) الذين تقاطعت مصالحهم المشتركة في هذه الحرب، وهو الأمر الذي ساعد على تحقيق النصر في المناطق الجنوبية بعد خمسة أشهر من الحرب. بينما لم يتم أي تقدم في جبهات المحافظات الشمالية من قبل قوات الشرعية المتمثلة بالمقاومة الشعبية والجيش الوطني وقوات الإخوان التي يبلغ قوامها 54 ألف مقاتل.

وتعاملت سلطات الشرعية الموالية للرئيس هادي في عدن بحذر شديد مع قوى الحراك وطلائع المقاومة وعناصر الجيش الجنوبي الذي تم إبعادهم منذ 1994م، إذ أبدوا استعدادهم جميعا لمواجهة المليشيات الانقلابية، كان الرئيس هادي غير مبالٍ بتلك الحالة، ولم يأخذوا بالنصائح المقدمة لهم من قبل الكثيرين ممن ترددوا عليه يطالبونه بانضمامهم للجان الشعبية والتي تم تشكيلها قبل بدء الحرب، وبعد مرور شهر تقريبا من وجود الرئيس في عدن خرج في 21 مارس بخطاب أعلن عن مواصلة مهمته لإدارة دولة اليمن الموحد من العاصمة الموقتة عدن. وفي اليوم التالي رد عليه عبدالملك الحوثي بخطاب اعتبر أن مهمة الرئيس قد انتهت، معلنا التعبئة العامة ودعا الشعب لملاحقة ما أسماهم بالدواعش والإرهابيين المتحالفين مع هادي.

في 25 مارس كان الوضع مرتبكاً كثيراً في عدن، حيث كثفت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من الأخبار المفبركة “الحرب النفسية” التي تتداول حول سقوط العند واعتقال وزير الدفاع واثنين من كبار الضباط، وفي هذا اليوم اختفت اللجان الشعبية فجأة من عدن، وكذلك اختفى الرئيس هادي عن الإعلام وتضاربت الأخبار عن مكان وجوده بعد قصف الطيران على دار الرئاسة في معاشق، اتضح فيما بعد بأن خروج الرئيس كان عبر الحدود البرية إلى سلطنة عمان، وظهر في مؤتمر القمة العربي في 28 مارس بالقاهرة.

في 26 مارس وبعد أن اختفى الرئيس أقدمت العناصر التي كانت تحرس الرئاسة ومنزل الرئيس والقوات المتواجدة في ملعب 22 مايو بنهب هذه المواقع، وفي هذا اليوم تجمّع الكثير أمام بوابة جبل حديد بهدف أخذ الأسلحة بعد أن امتنع المسؤولون عن توزيعها للمقاومة. يذكر بأن هناك لجنة شُكلت لتوزيع الأسلحة إلاّ إنها اكتفت بصرف الأسلحة للمقربين وسحب أجزاء منها لشخصيات قيادية ذهبت بخزنها في أماكن خاصة، وهو الأمر الذي دفع المتجمهرون أمام بوابة معسكر جبل حديد إلى اقتحام المخازن ونهب ما تمكنوا من نهبه بعد فرار الحراسات. كان يوما مؤلما بذلك المنظر المخيف للناس وهي تتكدس في الموقع وأمام بوابات الخزائن، استمر النهب إلى اليوم الثاني، وتم تفجير المخازن وراح ضحيته أكثر من 160 شخصاً.

ظهور المقاومة الجنوبية

وكانت أول طلائع المقاومة في عدن قد ظهرت تتصدى لعناصر الأمن المركزي والجيش، الموالين للحوثي، عندما انتشروا في بداية الأمر في جولة القاهرة وخط التسعين وجولة كالتكس، وأقبلت مجموعة من الكتيبة التابعة للواء 31 ميكا والمرابطة في معسكر بدر الملاصق للمطار والذين كانوا قد أعلنوا ولاءهم للرئيس هادي، حيث تقدموا للسيطرة على مطار عدن المدني، مما دفع بشباب المقاومة في مواجهة هذه القوات، وتم أسر حوالي 26 فرداً من أفراد المقاومة.

يذكر أن بعضاً من شباب المقاومة في عدن قد تمكنوا من الحصول على السلاح من مخازن جبل حديد مما ساعد هم للانضمام للمقاومة للدفاع عن أنفسهم ومدينتهم. كما تصدت المقاومة لقوات الحوثي في محافظة الضالع وخاضت معها معارك شرسة تمكنت هذه المقاومة من تحقيق أولى الانتصارات على الأراضي الجنوبية. ووجدوا أنفسهم بين خيارين هما:

إما أن يتركوا الجنوب لمليشيات الحوثي والقوات اليمنية المتحالفة معها، والتي معظمها هي من اجتاح الجنوب خلال 21 عاما الماضية، وأن تجتاحه مرةً ثانية، وإخضاع الجنوب لمرحلة جديدة من الاستبداد، ربما تكون أسوأ من المرحلة السابقة. وإما أن يتصدروا الموقف لمقاومة المليشيات للدفاع عن (الأرض والدين) على أمل أن تفضي هذه الحرب إلى واقع جديد يمثل لهم مدخلاً نحو تحقيق مطلبهم باستقلال الجنوب. يذكر بأن قطاعا واسعا من الشباب ظلوا ينادون بحمل السلاح لمقاومة الواقع المفروض عليهم بعد أن سئموا التظاهرات السلمية.

قوات الحماية الرئاسية وقوات الحزام الأمني

وتشكلت قوات الحماية الرئاسية بقرار رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة رقم (32) لسنة 2012م قضى بتشكيل أربع ألوية، تتبع عملياتيا رئاسة الجمهورية، وتتمتع باستقلالية إدارية ومالية.

جاء القرار بعد تولي الرئيس هادي الحكم كرئيس بهدف إنشاء قوة عسكرية تابعه للرئيس بعد اكتشافه بأن القوات العسكرية المختلفة في صنعاء لا تخضع له ولا تأتمر بأمره.

بعد الانتصارات التي حققتها المقاومة الجنوبية مع التحالف العربي استشعرت حكومة الشرعية، وعلى وجه الخصوص جناح الإخوان، مخاطر هذه المقاومة، وخوفاً من أن تشكل واقعا جديدا بديلا عنها، خصوصا مع عدم تقدم المقاومة والجيش الوطني في المحافظات الشمالية المحسوبة أغلبها على قوات الإخوان، حيث تم عودة بعض قيادات الشرعية إلى عدن، عملت على احتواء المقاومة الجنوبية عبر محاولة تفتيتها وإظهار وتسويق بعض العناصر الثانوية بالمقاومة بوصفهم قياداتها، هذا من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى تم إعادة تأسيس ألوية الرئاسة في عدن، ووجه نائب الرئيس بتجنيد حوالي ثلاثة ألف شاب وضمهم إلى ألوية الرئاسة. يظهر أن مهمتها كانت لمواجهة قوات الدعم والإسناد وقوات الحزام الأمني والذي تم تأسيسها بعد الحرب بقرار رئاسي وبدعم من التحالف لتأمين المحافظات المحررة ومكافحة الإرهاب.

تأسيس قوات الحزام الأمني

وتشكل الحزام الأمني في مارس/آذار 2016 بعد تحرير مدينة عدن وبقية المحافظات الجنوبية من قبضة مليشيا الحوثي وحلفائها بثمانية أشهر تقريبا. وقد أدى ذلك الوضع إلى حالة فراغ أمني في المدينة ومحيطها بعد انهيار التشكيلات العسكرية والأمنية التي تدار من قبل نظام صنعاء. وفي غمرة ذلك الفراغ والتدافع الأمني وتشتت المقاومة الجنوبية، وتوزعها في اتجاهات وجبهات مختلفة، الأمر الذي أدى إلى حدوث عدد من العمليات الإرهابية في المدنية طالت بعض الشخصيات من قيادات المقاومة الحقيقيين والضباط الأمنيين والقضاة وعلى رأسهم الحادث الإرهابي الذي استهدف محافظ عدن الأسبق اللواء جعفر سعد، حينها أدركت قوات التحالف والمقاومة الجنوبية مخاطر هذا الوضع الناشئ في عدن وبعض المحافظات الجنوبية المحررة، حيث تم تأسيس الحزام الأمني في عدن ومحيطها جنوبا متألفا في البداية من لواءين عسكريين لحماية المدينة. وساهمت قوات الحزام الأمني بشكل كبير في مواجهة قوى الإرهاب واستقرار الأوضاع الأمنية.

أحداث المطار 2017م

وفي فبراير2017 نشبت اشتباكات بين قوات الحماية الرئاسية التابعة للرئيس هادي وقوات حماية المطار بسبب رفض مدير حماية المطار في ذلك الوقت “المقدم صالح العميري” قراراً من الرئيس هادي بإقالته من منصبه، فبعث قائد الحماية الرئاسية بحملة عسكرية لإجباره على تنفيذ القرار، لكن طائرات حربية إماراتية تدخلت لوقف قوات الحماية الرئيسية، وتم حلّ الأزمة بتدخل سعودي بتعيين شخص جديد لحماية المطار.

أحداث 28\29يناير 2018م

وأمام تردي الأوضاع العامة في عدن والمحافظات المحررة، وبعد تمادي الحكومة الشرعية واستفزازها للمواطن الجنوبي وتهميش قوى المقاومة الجنوبية الحقيقية، ونصبها العداء لقضية الجنوب والمجلس الانتقالي، لم يتحمل المواطن الجنوبي هذا الوضع، بعد كل التضحيات التي قدمها أبناء الجنوب في الحرب، حيث دعت النقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني في بيان لها إلى تظاهرات شعبية سلمية في عدن يوم 18يناير تحمّل فيها الحكومة الشرعية مسؤوليتها الكاملة تجاه تردي الأوضاع في عدن والمناطق المحررة عامة.

وأعلن نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في بيان شديد اللهجة رداً على بيان النقابات ومؤسسات المجتمع المدني عشية الدعوة للمظاهرة، وتوعد فيه المتظاهرين، حيث أمر بنشر قوات الشرطة والحرس الرئاسي في شوارع ومداخل عدن وحول الساحة المقرر أن تشهد فيها التظاهرات السلمية، وأقدم جنود من اللواء الرابع والثالث حماية رئاسية في منطقة دار سعد لتقطع المواطنين المتجهين إلى ساحة التظاهر، وانتشرت قوات الحرس الرئاسي والقوات الخاصة في مداخل المدن والطرقات لمنع المواطنين من التوجه للمظاهرة السلمية، وهذا يذكر المواطنين بما كانت تمارسه قوات الرئيس السابق قبل 2015م، كما أقدمت عناصر من قوات الحماية الرئاسية واللواء 39 في معسكر بدر بإطلاق النار المباشر على المواطنين المتجهين إلى الساحة أسفرت عن سقوط عدد من الشهداء مما دفع بقوات الدعم والإسناد والحزام الأمني للرد على ذلك، وجرت اشتباكات مباشرة بينهما في أكثر من مكان في عدن تمكنت قوات الدعم والإسناد والحزام الأمني من السيطرة على الوضع في اليوم الثاني ووصلت قواتهم إلى مقر الحكومة الشرعية في معاشق، حيث يتواجد بعض أعضاء الحكومة هناك، وتدخلت قوات التحالف العربي بوقفهم القوات في بوابة مقر الحكومة، ودعت جميع الأطراف إلى وقف القتال والجلوس على طاولة الحوار.

أبو اليمامة يرتقي شهيداً

في الأول من أغسطس 2019م، استشهد القائد العسكري العميد أبو اليمامة قائد اللواء الأول دعم وإسناد في معسكر رأس عباس عندما كان يستعد لافتتاح حفل تخرج الدفعة الأولى من اللواء (12صاعقة) ودفعة من اللواء الثالث إسناد. وقبل بدء الحفل بدقائق خرج أبو اليمامة إلى جوار المنصة على ضوء استلامه لمكالمة هاتفية، انطلق الصاروخ ليصيب القائد أبو اليمامة و17 شخصا من أفراد اللواء.

ويعد القائد أبو اليمامة من أبرز الضباط الجنوبيين المشهود بكفاءته العسكرية وشجاعته النادرة ومواقفه في محاربة قوى التطرف والإرهاب.

كان هذا الحدث بمثابة زلزال هزّ الجنوب، انتفض الشارع الجنوبي غاضبا على مقتل أبو اليمامة، وخيّم الحزن الشديد على الناس، حيث أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً سياسياً هاماً حول مقتل هذا القائد وحذر فيه بأن هذه العملية مؤامرة اشتركت بها قوات عديدة منها الحوثي بتواطؤ الشرعية.

وفي 4 أغسطس أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مؤتمر صحفي متلفز بياناً أوضح فيه بعض التفاصيل الذي توصل إليها فريق التحقيق حدد فيه طريقة الاغتيال وأهدافها.

وفي اليوم التالي أعلن عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الشيخ عبدالرب النقيب دعوته للقبائل الجنوبية للحشد في عدن واتخاذ موقف تجاه ذلك. كما دعت النقابات ومؤسسات المجتمع المدني المواطنين إلى الاحتشاد في ساحة العروض في خور مكسر للتعبير عن رفضهم لاستمرار مسلسل اغتيال القيادات الجنوبية، حيث شهدت ساحة العروض بمدينة عدن أكبر تظاهرة شعبية تلبية لتلك الدعوات في يوم 7 أغسطس وصدر عن الحشد الشعبي بيانا هاما حمّل فيه الحكومة مسئوليتها تجاه تدهور الأوضاع في الجنوب وجدد تمسكه وتفويض للمجلس الانتقالي بإدارة الجنوب.

وفي 8 أغسطس تم تشييع جثمان العميد أبو اليمامة وسبعة عشر شخصا آخرين استشهدوا بنفس الحادث إلى مقبرة القطيع في كريتر، وتحت غضب المشيعين الذين هتفوا بطرد الحكومة من عدن، عندما تجمع بعضهم بالقرب من الطريق المؤدية إلى معاشق والقريبة للمقبرة، باشرت قوات الحماية الرئاسية بإطلاق الرصاص عن المواطنين المشيعين، وسقط حوالي أربعة شهداء في ذلك اليوم، حيث أدى هذا الحادث إلى توتر الأوضاع العسكرية بين قوات الحرس واللواء 39 جيش، وبعض أفراد من القوات الخاصة والنجدة من جهة وقوات الانتقالي من جهة ثانية، ودارت بينهم مواجهات مسلحة لتشمل مناطق مختلفة في عدن، وتمكنت القوات التابعة للمجلس الانتقالي من إحكام السيطرة على الكثير من المواقع في عدن كانت تابعة للحرس الرئاسي.

أحداث شبوة

في 21أغسطس 2019م اندلت اشتباكات مسلحة في محافظة شبوة بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الشرعية، الذي ينتمي أغلبها لحزب الإصلاح جناح الإخوان في اليمن، واستمرت المعارك لصالح الانتقالي إلى يوم 25 أغسطس، وبعد تعزيز قوات الشرعية بالقوات المتواجدة في محافظة مأرب تمكنت هذه القوات من السيطرة على المحافظة. وتكمن أهمية محافظة شبوة من كونها غنية بالنفط الذي تذهب عائداته المالية لصالح الحكومة الشرعية في مأرب؛ لذا لا غرابة أن يستميت حزب الإصلاح في القتال من أجل الاحتفاظ بمحافظة شبوة ومنعها من السقوط في يد المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يمكّن الانتقالي من تصاعد وتعزيز دوره على امتداد الساحة الجنوبية.

تثير أحداث شبوة جملة من الاستفسارات حول تحرك قوات حزب الإصلاح من مأرب والسماح لها من قبل التحالف باتجاه شبوة في الوقت الذي كان الأجدر بهذه القوات التحرك باتجاه صنعاء وتحريرها من الحوثي بعد أكثر من أربع سنوات من الركود والنوم في جبهة مأرب!

وهذه القوات هي عبارة عن خليط من عناصر إخوانية وإرهابية تتبع تنظيم داعش والقاعدة، فإذا ما تمكنت هذه القوات من فرض سيطرتها على المحافظة ومنشآتها النفطية ستشكل خطرا قادما يهدد دول التحالف نفسها والأمن المحلي والإقليمي والعالمي وتقوض حالة الأمن والاستقرار التي تنعم به محافظة شبوة والمحافظات المجاورة منذ إحكام السيطرة عليها من قبل قوات النخبة الشبوانية.

تدخلت المملكة العربية السعودية ودعت الأطراف إلى وقف الحرب، وأصدر المجلس الانتقالي بياناً رحب فيه بمضامين البيان السعودي – الإماراتي المشترك الصادر 26 أغسطس، 2019م، مجدداً التزامه باستمرار الشراكة مع دول التحالف العربي في محاربة المشروع الإيراني في المنطقة المتمثل في ميليشيات الحوثي، وكذا مشاركته في مكافحة الإرهاب، وحمّل البيان الحكومة اليمنية المسؤولية الكاملة عن استهداف قوات النخبة الشبوانية وإعادة تمكين التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة في محافظة شبوة بعد أن تم تأمينها من قبل قوات النخبة الشبوانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى