صحيفة دولية: الانتقالي الجنوبي يلوّح بالانسحاب من الشرعية

عدن24| العرب:


قال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي إن المجلس لن ينتظر إلى ما لا نهاية، وأنه قد يراجع جميع قراراته إذا لم تسع الحكومة إلى حل مشكلة الخدمات في العاصمة عدن، وهو ما فُهم على أنه تلويح بالانسحاب من الشرعية اليمنية بما في ذلك حكومة أحمد عوض بن مبارك ومن مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي.

ويأتي تلويح الزُبيدي في مسعى لتهدئة الغضب الواسع لدى أنصار المجلس الانتقالي وسكان مناطق الجنوب من أداء الحكومة وتغاضيها عن أولوية حل مشكلة الخدمات التي باتت مشكلة كبيرة في الجنوب، ما أحرج المجلس الانتقالي وعرّضه للانتقادات والاتهام بالتساهل وعدم الضغط على حكومة بن مبارك للإيفاء بتعهداتها ضمن مقاربة الشراكة التي تم التوصل إليها بعد التوقيع على اتفاق الرياض بين الشرعية والمجلس.

وقال الزُبيدي بعد إشرافه على اجتماع ضم قيادات من الانتقالي ووزراءه في الحكومة إن استمرار الوضع القائم لم يعد مقبولا، والمجلس لن ينتظر إلى ما لا نهاية تجاه فشل الحكومة وعجزها، واستمرار تدهور الأوضاع. وأضاف أن تردي الأوضاع المعيشية يحتّم على المجلس إعادة النظر في جميع قراراته وخطواته المستقبلية، ولديه القدرة على تحمّل مسؤولياته الوطنية تجاه شعب الجنوب.

حكومة بن مبارك تحتكم إلى أجندة سياسية تقوم على فكرة توريط الانتقالي في الشراكة وإرباك علاقته مع الشارع الجنوبي، والتشكيك في فكرة الاستقلال

وتلويح الزُبيدي بالانسحاب من الشراكة، وربما تعليق مشاركته فيها في مرحلة أولى أو سحب وزرائه، هو رسالة إلى أنصاره تفيد بأن المجلس لم يتخل عن مطالبه، وأن سكوته كان موقفا مؤقتا بهدف إقامة الحجة على الحكومة وإعطاء مسوغ قوي لقيادة الانتقالي في حال قررت فض الشراكة، وتجنب أي لوم من السعودية راعية اتفاق الرياض وما أنتجه من شراكة سياسية وحكومية.

ومنذ البداية كانت هناك شكوك في إيفاء الحكومة بتعهداتها لحل مشكلة الخدمات، خاصة في عدن التي هي مركز المجلس الانتقالي والعاصمة التي تستقر فيها الأجهزة الحكومية، واستقرارها كان سيعطي انطباعا بوجود حكومة قوية يسهّل أداؤها حراك الحل السياسي والمفاوضات بين الشركاء.

وتحتكم حكومة بن مبارك إلى أجندة سياسية تقوم على فكرة توريط الانتقالي في الشراكة وإرباك علاقته مع الشارع الجنوبي، والتشكيك في فكرة الاستقلال من خلال الإيحاء بأن قادة المجلس الانتقالي غير قادرين على الحكم ولا يستطيعون حل الأزمات، وهم دائما في حاجة إلى دعم الشمال ومساعدته.

وضمن سياسة الإرباك وزرع العراقيل، تعمل حكومة بن مبارك على التسويف بما في ذلك الالتزام بالمناصفة في التعيينات، حتى تجعل عمل الانتقالي مرتبطا بمطاردة تفاصيل المناصفة سياسيا وعسكريا بدل التفكير في تنزيل بقية تفاصيل الشراكة، وخاصة تحسين ظروف الجنوبيين المعيشية.

واتهم القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح الطرف الشريك في مجلس القيادة الرئاسي بأنه خلال العامين الماضيين لم يكن جادا في تنفيذ مخرجات مشاورات الرياض وتسبب في الكثير من الخلافات.

وأوضح صالح، في حديثه لوكالة سبوتنيك الروسية الثلاثاء، أن مخرجات اتفاق الرياض في أبريل 2022 “نصت على المناصفة بين الجنوب والشمال، في تولي المناصب العليا في مجلس القيادة والحكومة وباقي مؤسسات الدولة، وذلك في محاولة لتحقيق حالة من التوازن في إدارة المرحلة الحالية حتى الوصول إلى تسوية شاملة، وحل يرتضيه شعب الجنوب لقضيته العادلة”. وأضاف الطرف الشريك “مارس عبثًا في الوظيفة العامة للدولة، من خلال تمكين المقربين وإعادة تدوير الفاسدين على حساب الكفاءات والتوافق الذي تم التوقيع عليه”.

وتعتقد أوساط سياسية يمنية أن انسحاب المجلس الانتقالي من مخرجات اتفاق الرياض أمر وارد جدا ما لم تتدخل السعودية، باعتبارها الضامن لتنفيذ الاتفاق، من أجل الضغط على الطرف المقابل ودفعه إلى الإيفاء بتعهداته، وخاصة تحييد سكان محافظات الجنوب عن الصراع السياسي وعدم اتخاذهم ورقة ضغط لتحصيل تنازلات من المجلس.

ومن خلال الشراكة سعى المجلس الانتقالي إلى تحقيق استقرار اجتماعي في مناطق سيطرته بأن تتولى الحكومة المدعومة من السعودية توفير الرواتب لقيادات وأعضاء المجلس وللموظفين الحكوميين وكذلك تأمين الخدمات الاجتماعية الضرورية، لكن ذلك لم يتحقق، وهو ما يفسر زيادة الدعوات بين الجنوبيين إلى الانسحاب من اتفاق الرياض.

وفتحت الشراكة مع الحكومة والتغاضي عن غياب التمويلات التي وعدت بها الطريق أمام انتقاد المجلس الانتقالي على تفضيله مصالح قياداته على مصالح الجنوبيين، وقد اعتبر المنتقدون أن الحكومة قامت بتوظيف قيادات عسكرية وسياسية جنوبية وقدمت إليها رواتب مجزية، ما جعلها تسكت وترضى بالأمر الواقع. وفكرة دمج القيادات في مؤسسات الشرعية تثير مخاوف الجنوبيين لأنها تمهد لتخليهم عن مطلب الاستقلال.

وأكد اللواء أحمد سعيد بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي، قبل أيام، أن الشراكة مع الشرعية كانت أحد الأخطاء الكبرى التي ارتكبها الانتقالي ودفعته إلى أن يتحمل جزءا كبيرا من فاتورة الفساد والانتقاد والزج به في وحل نقص الخدمات وتدهور الاقتصاد، داعيا المجلس إلى “اتخاذ خطوات جادة تعيد له الزخم الشعبي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى