تقرير : شهداء الإمارات.. حائط صد لمواجهة الإرهاب

بتضحياتهم الطاهرة وبدمائهم الذكية يسطر شهداء الإمارات ملحمة فداء خالدة تحاصر الإرهاب وتنشر السلام بالعالم، دعما للأشقاء ونصرة للحق.

تضحيات وبطولات يخلد بها شهداء الوطن اسم بلادهم بأحرف من نور في تاريخ الإنسانية كدولة رائدة في نشر السلام ومكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار في العالم.

شهداء الإمارات في الصومال

وقبل أيام قليلة، ودعت الإمارات ومعها العالم الحر 4 من شهدائها من منتسبي القوات المسلحة صعدت أرواحهم إلى بارئها إثر تعرضهم لعمل إرهابي في الصومال، أثناء أدائهم مهام عملهم في تدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، التي تندرج ضمن الاتفاقية الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية الصومال في إطار التعاون العسكري بين البلدين.

وكانت وزارة الدفاع الإماراتية قد أعلنت السبت 10 فبراير/شباط الجاري عن استشهاد 3 من منتسبي القوات المسلحة الإماراتية وضابط من قوة دفاع البحرين وإصابة 2 آخرين استشهد أحدهما بعد الوصول إلى أرض الإمارات الأحد.

والشهداء الأربعة هم: العقيد محمد المنصوري، والوكيل/ 1 محمد الشامسي، والوكيل/ 1 خليفة البلوشي، والعريف سليمان الشحي.

ووريت جثامينهم الطاهرة في أرض الإمارات، لكن تضحياتهم ستظل شاهدة على تضحيات أبناء الإمارات في نصرة الحق ومكافحة الإرهاب.

تضحيات لم ولن تذهب سدى، بعد أن حققت القوات المسلحة الإماراتية إنجازات لا تخفى على أحد، وأكد خبراء أن جهود الإمارات أسهمت على نحو كبير في تحقيق الجيش الصومالي انتصارات ميدانية متسارعة على حركة الشباب أغنى وأخطر التنظيمات الإرهابية في أفريقيا والمرتبطة بتنظيم “القاعدة” الإرهابي، مشددين على أن فقدان الحركة لمناطق واسعة في وسط البلاد خلال العام الماضي من أبرز الدلائل على أهمية التعاون بين مقديشو والإمارات.

رسالة مهمة

استشهاد أبناء الإمارات في ميادين الحق والواجب لن يثني دولة الإمارات العربية المتحدة أبدا عن الاستمرار في الدفاع عن الأشقاء والأصدقاء، والعمل دائما على نشر السلام، هكذا أكدت القيادة الإماراتية في نعيها لشهداء الوطن الأبرار.

وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في تغريدة عبر حسابه في موقع “إكس”: “رحم الله شهداء الإمارات الذين قدموا أرواحهم وهم يؤدون واجبهم في دعم الأمن والاستقرار في الصومال الشقيق. تضحيات شهدائنا لن تُنسى وسنستمر في العمل من أجل السلام في المنطقة”.

رسالة هامة من القيادة الإماراتية للعالم، تلقي الاطمئنان والسكينة في قلوب الأشقاء والأصدقاء، وتقذف الرعب في قلوب المتطرفين وجماعات الإرهاب، لإدراكهم جيدا الدور الرائد الذي تقوم به دولة الإمارات في مواجهة الإرهاب في العالم.

محاكمة الإخوان بالإمارات

ضمن أحدث تلك الجهود على الصعيد المحلي، يتم حاليا محاكمة 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي في الإمارات، بعد أن تمت إحالتهم يوم 6 يناير/كانون الثاني الماضي إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (محكمة أمن الدولة)، لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي دولة الإمارات.

وضمن أحدث جلسات المحاكمة قبل نحو أسبوع، كشفت النيابة أن المتهمين تورطوا في تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي تحت مسمى “تنظيم لجنة العدالة والكرامة” بهدف إثارة الشارع وإراقة الدماء من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الدولة واختلاق الصدام والعنف مع أجهزة الأمن.

ومن المقرر أن تواصل المحكمة الاستماع لمرافعة النيابة العامة بجلسة تعقد الخميس المقبل.

خطوة جديدة ضمن جهود دولة الإمارات الشاملة لمحاربة الإرهاب، جنبا إلى جنب مع مبادراتها الرائدة لتعزيز التسامح لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف وعلى الوسائل التي تقود إليه.

مبادرة تاريخية

وضمن أحدث مبادراتها في هذا الصدد، اعتمد مجلس الأمن الدولي في يونيو/حزيران الماضي قراراً تاريخياً، اشتركت في صياغته كل من دولة الإمارات وبريطانيا، حول التسامح والسلام والأمن الدوليين، والذي يقر للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية والتطرف يمكن أن يؤدي إلى تفشي هذا الداء وتصعيده، وتكرار النزاعات في العالم.

دبلوماسية الوساطات

استشهاد 4 من أبناء الإمارات في الصومال في سبيل نشر السلام، جاء في وقت تمضي فيه الإمارات قدما على أكثر من صعيد، وبشكل متواز ومتزامن، في دبلوماسيتها الحكيمة الساعية لنشر السلام وتعزيز الأمن والسلم في مختلف أرجاء العالم.

مسارٌ تؤكد عبره الدولة أن تضحيات شهدائها لم تذهب سدى، بل أضحت منارة تستلهم منها الأجيال على مر الزمان معنى الفداء والولاء للوطن وقيادته الرشيدة والعمل دائما لرفعة الوطن في مختلف الميادين.

وضمن أحدث جهود دبلوماسيتها الناجحة، أتمت الإمارات قبل 5 أيام وساطة ناجحة لتبادل الأسرى بين كييف وموسكو، هي الثالثة خلال شهر، تتوج بها جهودها الإنسانية والدبلوماسية المتواصلة لحل الأزمة الأوكرانية.

ونجحت وساطة إماراتية، 8 فبراير/شباط الجاري في إنجاز صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، عاد بموجبها 100 جندي إلى روسيا، مقابل استعادة كييف لعدد مماثل من أسراها لدى موسكو.

ويأتي نجاح الوساطة بعد أسبوع من نجاح وساطة إماراتية مماثلة تم بموجبها عودة 195 جنديا إلى روسيا، مقابل استعادة كييف لعدد مماثل من أسراها لدى موسكو، استبق ذلك بنحو شهر نجاح وساطة لدولة الإمارات في 3 يناير/كانون الثاني الماضي، عاد بموجبها 248 جنديا إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا أكثر من 200 أسير، فيما تعد إحدى أكبر عمليات تبادل للأسرى بين الجانبين منذ بداية الأزمة في فبراير/شباط 2022.

ثلاث وساطات إماراتية ناجحة بين روسيا وأوكرانيا خلال نحو شهر، تحمل أبعادا إنسانية وسياسية ودبلوماسية هامة، تعطي بارقة أمل نحو حل أزمة تلقي بتأثيراتها على أمن واستقرار العالم، وتبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات وتواصل ريادتها الدولية وثقة العالم، وتقديره لقيادتها ولجهودها ووساطاتها.

نجاحات تتوالى لترسخ مكانة دولة الإمارات كلاعب أساسي وشريك مهم في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي، انطلاقا من رسالتها الحضارية وإرثها التاريخي الراسخ الذي يقوم على التعاون والعمل الإنساني ونشر التسامح والأخوة.

حفظ السلام.. محطات تاريخية

يأتي هذا فيما تتواصل حاليا عملية «الفارس الشهم 3» التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العمليات المشتركة في وزارة الدفاع ببدئها لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة ضمن مبادرات إنسانية ودبلوماسية عديدة لدعم القطاع.

وتعد تلك العملية أحدث الأمثلة على الأدوار الإنسانية التي تقوم بها القوات المسلحة الإماراتية، إلى جانب دورها البارز في عمليات حفظ السلام الدولية، تجسيدا للدور الفاعل لسياسة الدولة الخارجية في نشر السلام وتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون للمحتاجين في مناطق الصراعات.

ومنذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرست الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي.

دور لا تزال دولة الإمارات ماضية فيه تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وخلال العقود الماضية، شاركت الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، من أبرزها:

– المشاركة عام 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.

– المشاركة ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي، وقدّمت الإمارات 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.

– ترجمة لالتزامها بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت دولة الإمارات عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة إلى هذا البلد الأفريقي، للمشاركة في “عملية إعادة الأمل” ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.

– ساهمت دولة الإمارات في العديد من المشروعات الإنسانية بهدف المساعدة في إعادة الإعمار في البوسنة، وأعطت الأولوية لمساعدة الطلاب وفتح المدارس وإعادة بناء المساجد.

– أقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم “كوكس” بألبانيا، إضافة إلى مشاركتها في عمليات حفظ السلام هناك.

وكانت الإمارات الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.

– في عام 2001، كان للقوات الإماراتية الدور الأهم في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام.

– المشاركة ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان “إيساف” عام 2003، وبلغ عدد أفراد قواتها المسلحة المشاركة في القوة أكثر من 1200 فرد، حيث لعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار في البلد الآسيوي.

– إثر الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها عام 2011، شاركت دولة الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.

وفي عام 2014، استشهد الملازم أول طارق الشحي في حادث التفجير الإرهابي بمنطقة الدية في البحرين، حيث كان يعمل ضمن قوة “أمواج الخليج” في مملكة البحرين، المنبثقة عن اتفاقية التعاون الأمني الخليجي المشترك، مسجلا بدمائه ملحمة بطولة جديدة.

– انضمت دولة الإمارات إلى التحالف الدولي ضد “داعش” الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا إيمانا منها بأهمية التعاون الدولي لحفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.

– في مارس/آذار 2015، شاركت دولة الإمارات في عملية “عاصفة الحزم” التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث سطّر الجنود الإماراتيون ملاحم بطولية دفاعا عن عروبة اليمن وحماية لأمنه واستقراره.

وفي يوليو/تموز 2015، استُشهد الملازم أول عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي (24 عاما)، ابن منطقة الفوعة في مدينة العين، كأول شهيد إماراتي في عملية “إعادة الأمل” للتحالف العربي، لدعم الحكومة الشرعية.

– في يناير/كانون الثاني 2017، قدمت الإمارات مجموعة جديدة من الشهداء في المجال الإنساني والدبلوماسي.

وطالت يد الإرهاب الغاشمة 5 دبلوماسيين أثناء تنفيذهم مجموعة من المهام الإنسانية والخيرية والتنموية في إقليم قندهار جنوب أفغانستان.

ولحق بهم في فبراير/شباط من العام ذاته جمعة عبدالله الكعبي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى أفغانستان، سفير شهداء الإنسانية، متأثرا بجراح أصيب بها في التفجير الإرهابي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى