الحوثي يعيد قراصنة الصومال للواجهة.. وجهان لإرهاب واحد


أعادت هجمات مليشيات الحوثي البحرية للأذهان عمليات قرصنة الصوماليين للسفن التجارية في باب المندب قبل تدخل تحالف دولي متعدد الجنسيات لردعها.

فرغم اختلاف الأوضاع والأهداف فهناك اشتراك في الوسائل، حيث يسعى الحوثيون لتهديد حركة التجارة العالمية وتهديد الملاحة مثلما كان يفعل القراصنة الصوماليون بين 2007 و2010، لكن بهدف جمع المال، وفق خبراء.

وقال خبراء، في تصريحات منفصلة لـ”العين الإخبارية”، إن “العالم اليوم يدفع ثمن إخراج الحوثيين من قوائم الإرهاب، رغم أن هذه المليشيات ليست سوى عصابة مسلحة لا تختلف عن عصابات القرصنة في خليج عدن وباب المندب”.

وحذر الخبراء الغرب والمجتمع الدولي من “استمرارهم بعدم تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية”، قائلين إن “ما يقوم به الحوثيون اليوم في البحر الأحمر، هو نتيجة التقاعس عن رفض تصنيفهم كمنظمات إرهابية تستوجب الردع”.

وسائل واحدة

وكشفت الوقائع التي نفذها الحوثيون في البحر الأحمر وباب المندب لا سيما قرصنة السفينة غلاكسي ليدر الشهر الماضي، عن تفوق مليشيات الحوثي على القراصنة الصوماليين بحجم الوسائل المستخدمة في القرصنة.

وفيما تركزت أعمال القراصنة الصوماليون على اختطاف السفن أو الصعود على متنها والهجوم عليها، فإن مليشيات الحوثي وصلت إلى استخدام طائرات هيلكوبتر وصواريخ كروز المضادة للسفن وطائرات مسيرة برؤوس متفجرة.

كما أن هدف قراصنة الصوماليين اقتصر على إجبار مالكي السفن أو الدول على دفع الأموال، فيما استهدفت أعمال الحوثيين “حصد مكاسب سياسية” وتكريس نفوذهم ونفوذ داعميهم في البحر الأحمر وباب المندب والمنطقة.

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وحتى الشهر الجاري، نفذ الحوثيون أكثر من 100 هجوم بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية ضد 10 سفن تجارية تتبع أكثر من 35 دولة مختلفة، بما فيها اختطاف السفينة التجارية غلاكسي ليدر وطاقمها الدولي المكون من 25 فردا كرهائن.

وجوبهت العمليات الحوثية بتدخلات دولية وصلت إلى مرحلة التحالفات لضمان سريان الحركة الملاحية والتجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن بسلاسة وأمان، وهو ما تمثل بإعلان واشنطن مبادرة حارس الازدهار الإثنين الماضي، والذي ألجمت هجمات الحوثيين.

تنسيق مع عصابات صومالية

واستبقت مليشيات الحوثي تشكيل واشنطن تحالفا بحريا متعدد الجنسيات، بالتنسيق مع زعماء عصابات صومالية وفي القرن الأفريقي بهدف تكثيف أعمال القرصنة.

وعلمت “العين الإخبارية” من مصادر أمنية أن “3 من كبار زعماء عصابات التهريب، وهم صوماليان وثالث من جيبوتي، وصلوا إلى مدينة الحديدة الخاضعة للحوثيين في (5 ديسمبر/كانون الأول الجاري)”.

وذكرت المصادر أن “زعماء عصابات التهريب عقدوا لقاءات مع قيادات حوثية لتنسيق عمل مشترك بينهم وبين المليشيات خلال المرحلة المقبلة، حيث تضمنت “أجندة اللقاءات تجنيد قراصنة أفارقة للعمل مع المليشيات الحوثية في البحر الأحمر وتدريب القراصنة على استخدام أسلحة بحرية وأنظمة خرائط وتعقب حديثة”.

وأكدت المصادر أن “المليشيات الحوثية كثفت من استعداداتها من أجل موجة تصعيد في البحر الأحمر من خلال قواتها البحرية وكذلك مجاميع فرختها لتنفيذ عمليات في البحر الأحمر، إضافة الى القراصنة الأفارقة الذين تنسق معهم لتنفيذ أجندتها في البحر الأحمر وباب المندب”.

ابتزاز العالم

ووفق مراقبين فإن الفوارق الكبيرة في الإمكانيات بين الحوثيين والقراصنة الصوماليين لاستهداف السفن لن تغير من طبيعة القرصنة، وهو ما دفع المجتمع الدولي لتشكيل تحالف بحري دولي للتعاطي مع الاعتداءات الحوثية الأخيرة على السفن مثلما تمت مواجهة هجمات القراصنة الصوماليين سابقا.

ويرى وكيل وزارة الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية عبداللطيف الفجير أن كل تهديدات الحوثي هي عبارة عن ابتزاز للمجتمع الدولي سياسيا بحثا عن مكاسب ونفوذ دولة إقليمية فقط، في إشارة إلى اختلاف هدف المليشيات مع القراصنة الصوماليين الذين يسعون للمال فقط.

وأضاف، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن “كل ما تقوم به هذه المليشيات من قرصنة فهي محاولة لاستعطاف الشارع اليمني والذي قد وصل حد الاحتقان من تصرفاتها بذريعة نصرة غزة، وأن الحل الناجع يكون بإعادة تصنيفها منظمة إرهابية وردعها كما تم ردع القراصنة الصوماليين”.

وفيما يتعلق برفض المجتمع الدولي تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، يقول: “وأما بالنسبة للولايات المتحدة فلن تصنف الحوثي كإرهابية؛ لأن الإدارة الأمريكية هي من أخرجتها من القائمة وشجعتها على أعمالها الإرهابية”.

تأمين المياه الإقليمية

من جهته، اقترح الخبير العسكري العميد صالح بلال أن عالم اليوم يحتكم إلى المصالح والترابط التجاري بين الدول، وهذه المصالح تفرض نفسها على القوى الدولية حتى تتعاون فيما بينها لتأمين المياه التي تقع في إطارها الجغرافي.

وأكد الخبير العسكري لـ”العين الإخبارية” أن القوات الجنوبية والمقاومة الوطنية على استعداد تام لتأمين الممر الدولي في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن عملية التأمين هذه لن تتم إلا عبر القوات الموجودة على الأرض.

وقال الخبير العسكري إن ذلك يتم من خلال دعم دولي وإقليمي لاستعادة جاهزية هذه القوات المحلية لضبط سيطرتها على المياه الدولية، حيث تستمر الملاحة التجارية والدولية بشكل طبيعي، يضمن استمرار المصالح التجارية العالمية ويعم السلام في هذه المنطقة.

مهام دفاعية

من جهته، قال الباحث السياسي اليمني أحمد شوقي إن التحالف الدولي المشكل لمجابهة الحوثيين سيضطلع بمهام دفاعية، وليس الردع كما فعل مع القراصنة الصوماليين، مشيرا إلى أهداف متعددة حملتها هجمات الحوثي.

وأكد، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن “ردع الحوثيين هو ما يفترض أن يكون؛ لأن التحالف الدولي لن ينجح في تأمين الملاحة البحرية ما لم يتم توجيه ضربة تشل قدرات الحوثيين العسكرية، وهو ما يتطلب عمليا تخطيطا دقيقا وجهودا مركزة وحسابات سياسية وعسكرية معقدة والمزيد من الوقت”.

وقال إن “هناك حالات يمكن لهجمات المليشيات أن تتوقف فيها بعد إطلاق حارس الازدهار، ولكن لن يكون الإعلان عنها السبب في توقفها، من هذه الحالات دفع إيران إلى إيقاف الحوثيين، وقد نجحت الولايات المتحدة في تحييد إيران وإلزامها بعدم التدخل، لكنها لم تلزمها حتى الآن بمنع عمليات الحوثي في البحر الأحمر”.

وأضاف أن “عمليات الحوثي في البحر الأحمر لا علاقة لها بحرب غزة، بل لها علاقة بعدة أمور، أولها: الاحتقان الداخلي اليمني، ورغبة الحوثيين في إخراس الأصوات الناقدة لهم بعيد الهدنة التي تم توقيعها قبل نحو عامين، والثاني رغبة الحوثيين في الحصول على شرعية شعبية ما تعوضهم عن افتقارهم للشرعية الدستورية”.

كما ترغب “المليشيات بتحسين شروط التفاوض في التسوية المقبلة، وذلك من خلال هذه الأعمال العدائية والتي يعرفون جيداً أنه لن يتم الرد عليها لأسباب تتعلق بانشغال أمريكا بمشاكل أكبر لا تريد أن تصرف الانتباه عنها”.

كذلك تستهدف، وفقا لشوقي، “الضغط على الأمريكيين لسحب حاملة الطائرات أيزنهاور والأسطول البحري المرافق لها والتي فرض ما يشبه الحصار البحري على إيران في مياه الخليج العربي بعد اجتيازها مضيق هرمز وسيطرتها نارياً عليه، وهو ما يعني تهديدا لطهران”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى