٢٢ مايو والشّطحات الرعناء

كتب / علي ثابت القضيبي :

قبل أيام من ٢٢ مايو، وهذا اليوم كان من المفروض أنه ذكرى الوحدة التي انتهت أصلا على أرض الواقع، ولأنّ جُل الشمال الذي توحّد معنا محتلاً من الحوثي/ إيران، عدا نتفين في مأرب وتعز، وخلال ذلك تفاقم هذيان محموم وصخب قطاع عريض من شارعنا الجنوبي على خلفية الدعوة للاحتفاء بهذه المناسبة المنتهية في قاعة كورال بعدن، والأمر بمجمله مثيرا للشفقة والرثاء ولا شك.

فعلاً المثير للشفقة أن يشتاط أخوتنا الجنوبيون غضباً لأنّ ثمّة من أرضهم محتلة ويدعون للاحتفاء بمناسبةٍ قد انمحت من سطور التاريخ أصلاً، خصوصاً وهذا الغضب قد طفحت تخريجاته في وسائل التواصل ومن ناس بعضهم لهم ثقلهم، فمنهم من دعا الى اجتياح الجموع الجنوبية لقاعة كورال وقلبها رأساً على عقب خلال الاحتفال، وكثيرون دعوا إلى طرد السلطويين الشماليين الذين دعوا إلى هذا الاحتفال، وآخرين بالغوا وطالبوا بطرد كل الشماليين من جنوبنا.. إلخ.

هكذا صخبت وسائل التواصل خلال هذه الفترة، ولا تفتح جروب إلا ويصمٌ أذانك مثل هذا الصخب، فلماذا كل هذا؟ وأولاً لأنه من الأحرى بهؤلاء الداعين الى الاحتفاء أن يحرروا أراضيهم ومنازلهم من الحوثي إن كانوا رجالاً جادين حقاً، وثانياً: لأنّ قيادتنا في الانتقالي قد وقّعت مواثيق بوساطة إقليمية وعلينا احترامها جميعاً، ثم ماذا في هذه الدعوة السخيفة للاحتفاء بهذا الـ٢٢ مايو الذي انتهى أصلاً؟

طوال الفترة المنصرمة ومنذ تحرير جنوبنا، فقد دأبت السلطة السابقة على الاحتفاء الخجول والمتواري بهذا الـ٢٢ مايو ، وكان الاحتفال يقتصر على مجموعة تصخب في صالة مغلقة في فندق، وتلقى الخطب والهذيان الفارغ وينتهي الأمر، فماذا في هذا؟ لا شيء طبعاً، وفي جنوبنا خرجت جموع وفعاليات جنوبية مهذبة تحتفل بذكرى فك الارتباط في شبوة ولحج، وهذا إيجابي الى حدٍ ما وظاهر ولا شك.

لكن إذا أردنا كجنوبيين أن نقول لهؤلاء المحتفين بالوحدة: لا، أو لا مكان لاحتفائكم هذا هنا، فإنه كان من الأحرى بكل بيت وعقار جنوبي أن يرفع علم الجنوب على سكنه في هذا اليوم، ففي هذا أبلغ تعبير للرفض القاطع لهذه الوحدة، بل هو يشبه الاستفتاء إلى حدٍ بعيد، لكن ليس بالهذيان والعنتريات الهوجاء في وسائط التواصل الاجتماعي كما حدث.

لقد تغيّر مسار التاريخ اليوم تماماً، وحتى بوجود المجلس الرئاسي الجامع للشمال والجنوب في رأس السلطة، ولكن الشمال بلا أرضية يتكئ عليها ليقول لنا أنا هنا، كما أن التاريخ القديم يحدثنا بأنه عندما احتل الأحباش اليمن، وأراد سيف بن ذي يزن طردهم فلم يقاتل معه الشماليون، ولكنه ذهب ليستنجد بفارس (إيران) ومنحته ٦٠٠ سجينا قاتلاً ولصاً، وهم من حرّروا اليمن من الأحباش، واليوم ليطردوا الحوثي/ إيران فليذهبوا إلى الأحباش ليقاتلوا لهم ويطردوهم، ولأنّ الشماليين لن يقاتلوا أصلاً، وهذا يقوله لنا تاريخهم والشواهد الحية التي أمام أعيننا الآن، فلا نحفل أو نهتم بالدعوة إلى الاحتفاء بيومٍ اندثر في الواقع من سطور التاريخ، أليس كذلك؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى