ما المتوقع من زيارة الحوثيين إلى الرياض؟

للإجابة على هذا السؤال، ينبغي الإحاطة التامة والمتمكنة من حيثيات وجذور وأسباب الأزمة في اليمن المركبة والمزمنة والمعقدة.

تعود هذه الأزمة بدرجة رئيسية إلى أزمة وحرب الشمال ضد الجنوب عام ١٩٩٤م ، وهنا يكمن جوهر المشكلة وأسها وأساسها..

.وما الأزمات والحروب التي تلتها إلا نتيجة واستمرارا لها، وان اختلفت المسميات أو القوى الفاعلة والمفعولة الرئيسية منها والثانوية.

لذلك لا تكفي هذه الأزمة والحروب طاولة مفاوضات واحدة وحل واحد بل طاولات عديدة وحلول عدة، وقد تحتاج أيضا إلى تجزأة وفكفكة عقد الحل.
وأي حل أو حلول تستهدف القفز على الواقع أو تجاهل الأسباب الرئيسية للأزمة والحروب لن يكتب لها النجاح.

وأمام تعقيدات المشهد العسكري والسياسي أو بهدف تعقيده أكثر يحاول المخرج أو السيناريست، اللجوء إلى تجزئة الحلول أو حصر الأطراف المعنية على أمل فكفكة العقد الثانوية في السلسلة.

أوجه الأزمة والحروب:
١- انقلاب الحوثيين في ٢١ يناير ٢٠١٥م على الرئيس المنتخب هادي بحسب التوافق بين القوى السياسية اليمنية، وعلى اتفاق السلم والشراكة نفسه الذي فرضه ووقعه الحوثيون أيضا في ٢١ ديسمبر ٢٠١٤م أفرز أزمة الصراع والحرب بين الحوثيين وسلطة الشرعية..وهذه الحرب حسمت في الشمال لصالح الحوثيين في أيام معدودة…فهربت سلطة الشرعية وأحزابها إلى عدن ومن ثم إلى الخارج…بدلا من الدفاع عن الشمال وتحربره من الحوثيين.

٢- هجوم الحوثيين الغادر على الجنوب في ٢١ مارس ٢٠١٥م كشف عن الإتجاه الرئيسي والحقيقي للحرب والهدف والقاسم المشترك لكل قوى الشمال بقيادة الحوثيين هذه المرة ، ألا وهو القضاء على الحراك الجنوبي وإعادة احتلال الجنوب.

٣- استفزاز الحوثيين (حلفاء ايران)، للسعودية وتهديداتهم لها على حدودها الجنوبية إضافة إلى طلب الرئيس هادي…أفرز الوجه الثالث للحرب بين الحوثيين والسعودية…فكان قرار المملكة بتشكيل التحالف العربي ل”دعم واستعادة الشرعية في اليمن”.

واذا كان التحالف قد نجح في تحرير الجنوب خلال عدة أسابيع، اعتمادا على المقاومة الجنوبية وشعب الجنوب الرافض للحوثيين والتواق إلى التحرر من وحدة القوة الغاشمة واستعادة دولته…فإن التحالف قد فشل في تحرير الشمال اعتمادا على مقاومة كان يقودها حزب الإصلاح (إخوان اليمن)، وهو الذي لم يقاوم الحوثيين منذ تحركهم من صعدة وحتى دخولهم صنعاء وكل محافظات الشمال.

لذلك ما جرى ويجرى من حوارات ومفاوضات في مسقط وصنعاء والرياض بما في ذلك ما حدث في ظهران الجنوب ٢٠١٦م بين الحوثيين وضباط ومسؤولين سعوديين وكذلك إعادة العلاقات السعودية الإيرانية هي معنية فقط بالوجه الثالث للحرب المتعلق بوقف اعتداءات الحوثيين على أراضي المملكة والامارات بالصواريخ الموجهة والطيران المسير مقابل وقف ضربات طيران التحالف على الاهداف الحوثية…

والجدير بالذكر أيضا ان مفاوضات جنيف واستوكهولم والكويت جرت في مسار آخر وهو مسار المباحثات بين الحوثيين والشرعية وباشراف اممي.

أما يتصل باتفاق الرياض ٢٠٢٠م ومشاورات الرياض الذي نجم عنه إعلان الرياض في ٧ أبريل ٢٠٢٢م…فقد كان الهدف منه تحديد ورسم حدود العلاقة بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي كممثل عن شعب الجنوب…وارساء مبدأ المناصفة شمال وجنوب خلال هذه المرحلة الانتقالية التي تسبق الحل النهائي.

الخلاصة:
١- ما يمكن أن تحققه الوساطة العمانية هو تهدئة الجبهة الحوثية السعودية كنتيجة للمصالحة الإيرانية السعودية وكرغبة مشتركة للطرفين للتفرغ للمشاريع الاقتصادية الكبيرة ولحلحلة ولمواجهة الأزمات الاخرى الإقليمية والدولية.

ومن المؤكد أن يتم التطرق إلى تمديد الهدنة والقضايا الإنسانية…على أن يتم التوافق حول ذلك مع أطراف الشرعية وخاصة الانتقالي والمبعوث الأممي والرباعية.
٢- حل الصراع بين الحوثيين والمملكة يمكن أن يساهم في فتح حوار بين الحوثيين والجناح الشمالي في الشرعية برعاية المملكة لتقاسم السلطة في الشمال .

٣- مرحلة الحل النهائي والجذري هي طاولة مفاوضات ثنائية بين الجنوب والشمال برعاية إقليمية وربما دولية للوصول إلى فض الصراع الدائر منذ حرب ١٩٩٤م بين الشمال الذي يصر على فرض الوحدة بالقوة على الجنوب الذي يرفض بدوره هذه الوحدة رفضا مطلقا ويطالب باستعادة دولته.

العميد الركن/ ثابت حسين صالح

*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى