في السحور بركة

_ عدنان حسن الخطيب

إن السُّحور مستحب، وطعامه بركة، فقد حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، بأحاديث كثيرة منها قوله: «تسحروا فإن في السحور بركة». [رواه البخاري ومسلم]. والأمر أمر استحباب لا أمر إيجاب بالإجماع. والسَّحور: (بفتح السين) هو ما يؤكل وقت السحر، أما السُّحور: (بضم السين) فهو الفعل نفسه، يعني: القيام بالأكل في ذلك الوقت.

ويستحب تأخير السحور إلى ما قبل الفجر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن نبيّ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وزيد بن ثابت رضي اللَّه عنه تسحرا، فلما فرغا من سحورهما قام نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، إلى الصلاة فصلى. فقلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: كقدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً [رواه البخاري ومسلم].

وعليه فإن تعجيل السحور من منتصف الليل خلاف السنة. والإنسان إذا تسحر نصف الليل ثم آوى إلى فراشه فوت على نفسه منافع كثيرة. ففي السَّحر والسُّحور بركة عظيمة ومنافع تعود على الصائم بخيري الدنيا والآخرة، ومنها:

  • اتباع السنة، وما من شك في أن البركة في اتباع السنة، والمتسحر إذا نوى بسُحوره امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بفعله، كان سحوره عبادة، يحصل له به أجر بهذه النية، وإذا نوى الصائم بأكله وشربه تقوية بدنه على الصيام والقيام كان مثاباً على ذلك أيضاً، ففي الحديث الصحيح: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» [رواه البخاري ومسلم].
  • التقوي على العبادة، والاستعانة على طاعة الله تعالى أثناء النهار. وفي الحديث الشريف: «استعينوا بطعام السحر على صيام النهار، وبقيلولة النهار على قيام الليل» [رواه ابن ماجه والحاكم].
  • الاستيقاظ وقت السَّحر، حيث يغتنم المسلم ذلك الوقت، وقت تنزل الرحمة للذكر والدعاء والصلاة، وهو وقت صلاة الله والملائكة على المتسحرين، ففي الحديث الشريف: «إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» [رواه أحمد]. ولربما اغتنم ما تبقى من الوقت بصلاة ركعتين أو بصلاة الوتر، وقد قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً﴾ [سورة الإسراء: 79].
  • الاستعداد لصلاة الفجر بالوضوء أو الاغتسال أو غير ذلك مما يحتاج إليه بقصد التبكير إلى المسجد وإدراك الجماعة، فمن حرص عليها فهو في حفظ الله ورعايته، ففي الحديث الصحيح: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله» [رواه مسلم].

وأخيراً فإن المحافظة على تأخير السحور دليل على بقاء الخيرية في هذه الأمّة؛ وذلك لقول النبي: «لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر» [متّفق عليه].

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى