في الحرب.. الزراعة خيار للهروب من شبح البطالة في لحج

لحج / محيي الدين الصبيحي:
عاد “طه غانم” إلى قريته المقيلة شمال محافظة لحج، قادماً من محافظة المهرة التي عمل فيها خلال سنوات الحرب في أعمال شاقة يدوية لأجل كسب لقمة العيش.
بعد سنوات من العمل الشاق لم يستطع “طه” جمع الكثير من المال أثناء عودته إلى قريته وأسرته، فغربته عن أسرته وأهله كانت صعبة في ظل الأوضاع المعيشية التي خلفتها الحرب العبثية التي تقودها ميليشيا الحوثي –ذراع إيران في اليمن- منذ سنوات.
بعد عودته إلى القرية قرر “طه” أن لا يتركها مجدداً، وأن يعود إلى للعمل بالأرض الزراعية التي تركها، على أمل أن تسهم الزراعة في إزاحة البطالة والفقر من حياته التي عاشها متنقلاً بين المناطق اليمنية.

بداية ناجحة
بدأ طه في أول الأمر بزراعة مادة البقل ليتفاجأ بعدها بحجم المردود الذي جناه من أول إنتاج ليقرر بعدها الاستقرار في قريته وزراعة مختلف الأصناف الزراعية وبيعها في أسواق مديرية المضاربة في لحج.
يقول طه لـ”نيوزيمن”: “إن زراعة حقل صغير من مادة البقل تجعلك تجني من خلفها مئات الملايين دون كد أو تعب كالذي كنت أبذله في العمل الشاق، وهو ما جعلني أستمع لنصيحة والدي في الاعتماد على الأرض في وقت الأزمات”.
مع كل صباح يغادر “طه” منزله نحو سوق الحيمة الشعبي لعرض ما يزرعه من منتج البقل أو الليم، عائداً في ظهيرة كل يوم وقد باع غالبية إنتاجه ليبدأ التخطيط لليوم التالي، مشيراً أن هذه التجربة علمته معنى الأرض وأهميتها للإنسان، وحققت له الكثير ما لم يحققه في سنوات.

العودة للزراعة
ليس طه هو الوحيد الذي لجأ للزراعة للهروب من البطالة وانعدام مصادر الدخل في ظل الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي بالبلد. الشاب الحسن علي، في العشرينات من عمره، دفعه وجود مضخة لأحد أقاربه لاستغلالها من خلال زراعة الأرض خلال العام الماضي سواءً بزراعة الفاكهة أو الخضروات والسمسم والأعلاف.
وقال الحسن إن التجربة كانت مفيدة وحققت له إنتاجا طيبا رغم المصاعب التي واجهها.
بدأ الحسن علي مؤخراً بزراعة السمسم بعد انتهاء موسم زراعة الأعلاف، وسيبدأ قريبا بزراعة البطيخ التي تجد رواجا كبيرا في شهر رمضان القادم. حيث يؤمل الكثير من الشباب في المردود الذي يحققه مزارعو البطيخ خلال ليالي الشهر الفضيل، إذ يعد من مكونات الوجبة الرئيسة لمادة الإفطار في رمضان.
بيد أن ما يشغل الحسن والكثير من الشباب ممن يتخذ من الزراعة فرصة لكبح جماح البطالة هو عدم الاستقرار في أسعار المشتقات النفطية، بالإضافة للأمراض الفطرية التي تقضي أو تخفف من كمية الإنتاج للمحاصيل الزراعية.
ويرون أن المنظومة الشمسية هي الخيار الأمثل والتي اتجه لنهجها بعض المزارعين في الآونة الأخيرة لتخفيف كمية الاستهلاك للمشتقات النفطية وعدم استقرار أسعارها، بيد أن المنظومة الشمسية تحتاج لكلفة كبيرة وهو ما يمني المزارعون النفس به في الحصول عليه قريبا بما يسهم في حل معضلة غلاء المشتقات.

مشكلات تعيق المزارعين
بالرغم من عودة الكثيرة للقطاع الزراعي للهروب من الضائقة المالية والوضع الاقتصادي المتدهور، إلا أن المزارعين في اليمن عموماً يعانون الكثير من المشكلات والصعوبات لعل أبرزها ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وأجور حراثة الأرض وارتفاع تكاليف الأسمدة. وهذه الأسباب أثرت بشكل كبير على كميات المحاصيل المعروضة في الأسواق المحلية من خضروات وفواكه وحبوب، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعارها على المواطنين ناهيك عن عزوف آخرين عن مواصلة الزراعة والاتجاه إلى أعمال أخرى.
خبراء في قطاع الزراعة والبحوث الزراعية في اليمن طالبوا بسرعة إعادة إحياء الجمعيات التعاونية الزراعية، من أجل دعم الزراعة في ظل تبعات الحرب الحوثية المدمرة التي أكلت الأخضر واليابس.
ويرى خبراء اقتصاد وباحثون زراعيون ضرورة توفير الدعم للمزارعين لدعم الاستثمار في إنتاج الغذاء المحلي في اليمن، الأمر الذي سيساهم في تخفيف حدة الأزمات الغذائية التي تعاني منها البلاد. أضف إلى ذلك إيجاد شراكة استثمارية واسعة بين القطاعين العام والخاص لانتشال القطاع الزراعي ومساعدة المزارعين في شراء وتسويق محاصيلهم ومنتجاتهم وتعظيم العائد من إنتاجهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى