التلاحم الوطني وقت الحروب

كتب / أحمد راشد الصبيحي:

عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية كانت بريطانيا ضمن الحلف الغربي ورئيس وزرائها تشرشل، وفي تلك الفترة تولت العرش الملكة إليزابيت وهي صغيرة بعد وفاة ابيها الذي كان ملكا على بريطانيا العظمى، كانت ملكة بريطانيا إليزابيت  رغم صغر سنها عند اندلاع الحرب العالمية الثانية تقوم بواجبها تجاه شعبها، لم تكن في تلك الوقت تقضي أوقاتها في رفاهية واستمتاع أو في الملاجئ بل كانت جندية متطوعة لإسعاف الجرحى وتقدم العون للأسر التي فقدت منازلها  بسبب القصف، وكانت توفر لهم المأوى والطعام، إنه التلاحم بين القيادة والشعب أثناء الحرب، مما عزز من مكانتها واحترامها بين شعبها في المملكة المتحدة.

هل قادتنا اليوم على اطلاع بتاريخ الحروب السابقة ليعرفوا ماذا تفعل القيادات عند اندلاع الحرب؟ فالأمر ليس فقط حمل سلاح ولبس الميري والرتب، هناك أسر  قدمت أولادها شهداء في الحرب وصارت مكلومة على أمرها؛ لأن الراتب  الذي تتقاضاه لا يكفي لدبة زيت وكيس أرز بينما القادة يستلمون ملايين الريالات السعودي من التحالف مكافأة لهم بما تحقق من انتصارات وبطولات في أرض الجنوب، والواقع يقول غير ذلك، فالفضل للشهداء الذي قدموا حياتهم لله ثم من أجل الجنوب، وكذلك الجرحى منهم مبتور الساق والآخر مبتور اليد ومنهم المقعد، جميعهم كان لهم الأدوار البطولية والتضحيات لكي ينعم الجنوب بالأمن والخير، وحدهم فقط من يستحق كل هذه الأموال والترقيات والمكافآت، لكن للأسف  نجد القادة العسكريين يعيشون في بذخ وترف وأرصدة بنكية واستثمارات وشراء الفلل والمنازل والسفريات إلى مصر وأثيوبيا وغيرها من  البلدان، هل هذا هو التلاحم الوطني عند الحروب؟ وأسر الشهداء والجرحى والجندي رواتبهم لا تفي بأدنى متطلبات العيش الكريم، إن بناء الشعوب وازدهار الأوطان لا يأتي من قادة يلهثون خلف المكاسب المالية والمناصب، بل تبنى الأوطان بقادة ورجال دولة مخلصين لأوطانهم وشعوبهم.

كما أن الأمر لا يختلف بالنسبة لمجلس القيادة وكذا القيادة المدنيين والوزراء الغارقين بالفساد إلا من رحم الله، وحياتهم بذخ ورفاهية وثراء وغير مكترثين لحياة ومعاناة الشعب.

كثير ما نشاهد مواقف مؤلمة لبعض الأسر العفيفة والشريفة تذهب للمطاعم لعلها تجد بعض بقايا الطعام لتأخذه لأطفالها وقد أنهكهم الجوع.

ما قامت به ملكة بريطانيا العظمى إليزابيت مجرد مثال للواجب الوطني والأخلاقي والإنساني تجاه شعبها.

رسالتي لكل قائد أن يقرأ في تاريخ الحروب وسيرة العظماء وأولهم  سيرة نبينا محمد صلى الله وعليه وسلم وصحابته مليئة بالعبر والتضحيات والأمانة والإخلاص والصدق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى