استدامة الاحتفال بتاريخ ثورة 14 أكتوبر

كتب / عادل العبيدي :

بسبب عدم نضوج الأسباب الموضوعية والذاتية لثورة 26 سبتمبر أثناء تفجير حدثها، ولكونها لم تحدث تغييرات شاملة لصالح الشعب الشمالي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولأن القبيلة كانت هي التي استلقفت ثورة 26 سبتمبر واحتضنتها ومن ثم تسخيرها لمصالحها ومصالح مشائخها، ها هي احتفالات ذكرى ثورة 26 سبتمبر تتلاشى وتكاد أن تختفي عند عامة شعب الشمال، حيث اختزل الاحتفال بذكراها الستين في مديريتين فقط في محافظة مأرب، الذي كان احتفالا للمزايدة فقط لا غير.

وشعب الجنوب اليوم يحتفل عن بكرة أبيه من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا بالذكرى الـ59 لثورة 14 أكتوبر، فما الذي جعل هذا الشعب الجنوبي العظيم يتمسك وبقوة في جعل الاحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر مستدامًا ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً؟

إن الترابط الوثيق المستدام الذي كان بين شعب الجنوب مع الأرض الجنوبية والهوية الجنوبية هو الذي جعل الاحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر من كل عام مستدامًا، وبذات الحماس القوي والزخم الثوري الشعبي في كل احتفال، فرغم أن الاستعمار البريطاني قد ظل جاثمًا على أرض الجنوب طيلة 129 عامًا إلا أن هذه المدة الطويلة لم تستطع زحزحة أو خلخلة أو سلب انتماء الأجيال الجنوبية إلى أرضهم وهويتهم الجنوبية، حيث وخلال سنوات الاستعمار البريطاني للجنوب تعاقبت الكثير من الثورات الجنوبية ضد الاستعمار البريطاني إلى أن جاءت ثورة 14 أكتوبر 1963م التي بها استطاع الجنوبيون طرد المحتل البريطاني من أرضهم في 30 نوفمبر 1967م.

كما أن التغييرات الجذرية التي حصلت في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية  بعد نيل الاستقلال والتي كانت جميعها في صالح خدمة ومعيشة شعب الجنوب من خلال التطلع إلى رسم معالم دولة جنوبية مدنية حديثة متطورة التمس خيراتها جميع فئات الشعب الجنوبي في مختلف مجالات الحياة من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا جعل الشعب الجنوبي يتمسك بشكل قوي وبعنفوان زخم شعبي كبير في استدام احتفالاته اليوم بذكرى ثورة 14أكتوبر.

لم تكن قليلة ولا سهلة تلك المؤامرات من قبل دولة الجمهورية العربية اليمنية وبعض الدول العربية التي حاولت استهداف الأرض الجنوبية والهوية الوطنية الجنوبية، وكيف أن أولئك المتآمرين ومن خلال مؤامراتهم تلك استطاعوا أن يخترقوا سيادة القرار السياسي الجنوبي باسم الجبهة الوطنية اليمنية الذين تم منح قيادتها وأعضائها والمواطنين الذين هربوا إلى الجنوب بحجتها وذريعتها كافة حقوق وواجبات المواطن الجنوبي، على اعتبار أنها جبهة مناهضة للنظام السياسي في الشمال، الذين عملوا على دغدغة مشاعر وعواطف قيادة الجنوب باسم اليمننة والقومية العربية ورفع شعار تحقيق الوحدة اليمنية حتى وصل الحال بالجنوب أرض وشعب وهوية وقيادة إلى ما وصلوا  إليه بعد تحقيق ما تسمى الوحدة اليمنية وما كان فيها من اعتداءات وسيطرة عسكرية على الأرض وإقصاء وتهميش وتسريح وضم وإلحاق وتضييع للهوية الوطنية الجنوبية.

لكن ورغم تلك الظروف العسيرة جدًا التي عاشها شعب الجنوب تحت وطأة الاحتلال اليمني إلا أن شعب الجنوب وبما يكنُّه من مشاعر الحب والانتماء الصادق إلى الأرض والهوية الجنوبية لم يستسلم ولم يخضع ولم ينسَ مناسباته الوطنية، حيث كان وما أن يحل تاريخ مناسبة وطنية كبيرة كثورة 14 أكتوبر وكيوم الاستقلال 30نوفمبر إلا ويجعل كل الجنوب في ليلة المناسبة شعلة لهب واحدة فوق الجبال وعلى الطرقات وفي الحوافي ، كما كان يخرج إلى الساحات باحتفالات ومهرجانات شعبية جنوبية كبيرة جدا متحديا نظام الاحتلال مذكرا إياه أن الجنوب شعب وأرض وهوية وتاريخ لن تستطيع أي قوة على الأرض نكرانها أو إلغائها أو محوها أو تضييعها .

وها نحن اليوم نحتفل بالذكرى الـ 59 لثورة 14 أكتوبر ونحن على وشك استعادة دولة الجنوب المستقلة فإن كل ذلك يؤكد مدى قوة الترابط الوثيق بين الشعب الجنوبي مع الأرض والهوية الوطنية الجنوبية التي تحلى بها الشعب الجنوبي جيل بعد جيل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى