مليشيات الحوثي تجبر القضاة على رفع الإضراب وتمهد لحل نقابتهم


أجبرت الميليشيات الحوثية نادي القضاة على رفع الإضراب الذي استمر نحو ثلاثة أسابيع للمطالبة بمحاكمة قاتل أقدم على قتل أحد القضاة، ووضع حد للتدخل في عملهم، بعد أن هددتهم بحل ناديهم، ووعدتهم بتنفيذ مطلب صرف رواتبهم شهريا، وإيقاف حملة التحريض عليهم، لكنها رفضت مطلب حل ما تسمى «المنظومة العدلية» التي شكلها محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الميليشيات.

وبحسب ما قاله قاضيان لـ«الشرق الأوسط» فإن قيادة النادي وضعت في مواجهة خيارين إما انتزاع بعض المطالب وإما مواجهة حل النادي واستنساخ نادي قضاة آخر يوالي سلطة الحوثيين، بعد أن فشلت كل مساعي القضاة للقاء قائد الميليشيات عبد الملك الحوثي، وانحياز ما يسمى مجلس القضاء إلى جانب منظومة الحوثي العدلية.

وأوضح القاضيان أن قيادة النادي واجهت حملة من الإرهاب والترويع والتخوين، ويجزم المصدران أن المعركة لم تنته لأن الحوثيين ينون حل النادي بحجة أن تأسيسه وانتخاب قيادته تم دون الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الشؤون الاجتماعية، وأنه غير شرعي ومهدوا لذلك ببيان صدر عما يسمى مجلس النواب وصف فيه نادي القضاة بأنه غير شرعي.

ويقول قاض آخر إن سلطة الحوثيين ستعمل اليوم أو غداً على استهداف النادي عبر الدفع بأحد محاميها لرفع دعوى قضائية عليه إلى مجلس القضاء الأعلى الذي تسيطر عليها عناصر الحوثي، ليقوم المجلس بدوره بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وبعدها سيقومون بإعلان حل النادي.

ويؤكد القاضي أن هناك «خطة معدة مسبقاً لإظهار قرار حل النادي كإجراء قانوني وقضائي، لا كإجراء سلطوي متعمد»، ويكشف القاضي أن قيادة النادي حاولت اللقاء بزعيم الميليشيات للشكوى مما يفعله ابن عمه عبر «المنظومة العدلية» من تدخل سافر في شؤون السلطة القضائية والدفع بوسائل إعلام يمولها للتحريض على القضاة واتهامهم بالفساد لكنه لم يرد على طلبهم، ولهذا استعانوا بمجلس القضاء للخروج بماء الوجه.

إلى ذلك يؤكد القاضي محمد علي أن نادي القضاة كيان نقابي أعطى بنشاطه الأخير في الأيام الفائتة جرعة إنعاشية للحياة النقابية، وأياً كانت النتائج، إلا أنه يخشى أن تسلك سلطة الحوثيين مسلك تعطيل الكيانات النقابية النشطة وإفقادها دورها، في حين يقدم المحامي حسين عبد الله قراءة مغايرة ويقول إنه بغض النظر عن كيفية إنهاء الإضراب، إلا أن الإضراب أوصل رسائل عديدة وقوية، ومنها أن القضاة وأعضاء النيابة والمحامين متحدون وأقوياء في المواجهة، وعندهم القدرة يوما ما لانتزاع حقوقهم كاملة والحفاظ على استقلال القضاء وهيبته.

ويرى المحامي أن إضراب القضاة كسر روتين الخضوع والاستسلام الكامل الذي طغى على كافة القطاعات رغم مصادرة حقوق الجميع تحت ذريعة الحرب. وقال إن الإضراب ثبت شرعية ومشروعية قيادة القضاة ممثلاً بناديهم والتفاف الجميع حوله.

غير أن مصادر قضائية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن النقاشات التي تمت خلف الكواليس بين القضاة وقيادة الميليشيات كانت لقاءات تهديد بحل النادي وإرهاب القضاة باستهدافهم من خلال ما قالوا إنها ملفات بحوزة مخابرات الميليشيات.

ولذلك – بحسب المصادر – أفضت اللقاءات أخيرا إلى قبول الميليشيات بطلب الانتظام بدفع الرواتب شهريا، وإيقاف الحملة الإعلامية ضد القضاة، لكن الميليشيات رفضت مطلب إغلاق القنوات والمحطات الإذاعية التي شاركت في التحريض عليهم أو التحقيق مع الإعلامي محمد العماد الذي يتولى مهمة إدارة هذه الشبكة التي تمول من القيادي محمد الحوثي، كما أن الحوثي رفض بشكل قاطع حل المنظومة العدلية ومحاكم التفتيش التي شكلها للتحقيق واستجواب العاملين في القضاء.

وكان نادي القضاة أصدر بيانا غامضا أعلن فيه وقف تعليق العمل في المحاكم والنيابات ابتداء من تاريخ 18 سبتمبر (أيلول)، ودعوة جميع القضاة بالعودة إلى عملهم، وطالب قيادة الحوثيين بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وقال إنه يترقب عن بصر وبصيرة ما تم إنجازه، وما احتاج إتمامه لبعض الوقت، كلاً في مجال اختصاصه، وسيقول كلمته عقب كل ذلك، لا سيما ما تم الاتفاق عليه مع مجلس القضاء الأعلى في الاجتماع المشترك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى