صناعة فوبيا الإمارات.. “سقطرى.. أبوظبي.. تل أبيب”!

كتب / صالح علي الدويل باراس :

في سياق صناعة فوبيا يمنية ضد الإمارات تتنوع ما بين تغريدات وهاشتاقات في تويتر  وكتابات في الفيس بوك وكتابات صحفية وأنها محتلة تريد السيطرة على السيادة والموانئ والجزر والثروات، وكأن تلك الثروات والموانئ جعلت اليمن مثل “سلطنة بروناى” وجاءت الإمارات واستحوذت عليها بينما هي ثروات ومصالح موانئ كان تتبادلها عصابات فساد تجاري وعسكري وقبلي وأمني أوصلت السواد الأعظم من الشعب إلى ما تحت خط الفقر فصارت دولة فاشلة قاصرة بلا سيادة تحت الفصل السابع.

من الكتابات ما كتبه الأستاذ “حسن عبدالوارث”  بعنوان “سقطرى..أبوظبي.. تل أبيب” – ونشروه على أوسع نطاق في مواقع التواصل – استعرض محاولات بريطانيا أن تكون سقطرى وطنًا لليهود، وهذا معروف تاريخيا، لكنه أراد تأصيل نتيجة بأن الإمارات جاءت كجواز مرور لتسليمها لإسرائيل والتفريط في الأمن القومي اليمني والعربي، وهي خلاصة تحمل شحنة تهويل بإسرائيل التي صارت “عنوان” تصفيات تعبوية لأي فشل.

 لا شك أن سقطرى محط أطماع دولية، وإسرائيل من الطامعين، لكن ربط تحقيق أطماعها بالإمارات توظيف سياسي،  فالإمارات ليست صاحبة سيادة استعمارية كبريطانيا أو فرنسا أيام المجد الاستعماري حتى تسلمها أو تعطي امتيازات فيها مثلما سلمت بريطانيا فلسطين، فتواجدها ضمن تحالف عربي بتفويض دولي استند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة للتدخل في بلد فاشل عصفت به الحرب، لذا فصفة الاحتلال أو البيع أو التأجير منتفية كانتفاء قولهم إن الإمارات ستسلم مفاتيح الأمن العربي لإسرائيل، في سياق خطاب تعبوي متعدد المستويات لفشلهم في تحقيق أدنى نصر ضد الحوثي وفشل محاولات التعويض جنوبا ما خلق لهم حالة “رهاب” لحرف الرأي العام المحلي والعربي عن تحديد من المسؤول عن الفشل وتضلله بأن الإمارات متعاونة مع العدو الإسرائيلي.

لسقطرى أهمية جيواستراتيجية عالمية، وتامين تجارة النفط من أهم استراتيجيات العالم، والإقليم منتج نفط يهمه تأمين طرق الملاحة، وفي هذا المساق يأتي اهتمام التحالف بسقطرى في ظل تحلل دولة الوحدة اليمنية إلا من تغريدات ناشطي أحزابها وضجيجهم الإعلامي.

إسرائيل يهمها موقع سقطرى الاستراتيجي كأهمية تواجدها في البحر الأحمر، لكن إنشاء قواعد يحتاج اتفاقات ولو شكلية من “سيادة ما” وليس من تفويض أممي أشبه بالرعاية على قاصر، وتأمينها يهم العالم كله بقدر أهمية تأمين باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس لأنها “رئات تنفس” العالم، وفي هذا السياق يمكن تفسير التواجد الإماراتي فيها.

إعادة التذكير بأن سقطرى أحد أوطان بديلة لليهود سعت بريطانيا فيها ليس إلا توظيفًا للتاريخ، والوصول لتلك الاستنتاجات لا يعني صحتها، فقد سعت الدوائر البريطانية السياسية والاستخباراتية مع الدوائر الصهيونية قبل وعد بلفور إلى إيجاد وطن بديل، منها محاولة اليهودي “مردخاي مانويل نوح ” بإيجاد وطنا لليهود في منطقة تسمى “ارارات” في جزيرة غراند على نهر نياجارا، ومشروع تشمبرلين عام 1903 أن تكون “أوغندا” وطنا بديلا، ثم مقترح بريطانيا بأن تكون “البحرين والأحساء” وطنا بديلا، وكذا كانت “مدغشقر” أحد الأوطان البديلة، وكلها كانت بدائل لم يُكتب لها النجاح كغيرها والتذكير بأن بريطانيا سعت لجعل سقطرى وطنًا لليهود لا يعني أن الإمارات ستسلم سقطرى لإسرائيل إلا في سياق مكايدات أحزاب يمنية للإمارات ليس إلا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى